عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27-09-2022, 07:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي القيادة.. هل تعني السيطرة على الآخرين؟

القيادة.. هل تعني السيطرة على الآخرين؟



رشا عرفة



قد يظن البعض أن القيادة هي التحكم في الآخرين، وفرض السيطرة عليهم، أو الأنانية في إبراز الذات، دون أن يعوا أن القيادة عكس العنجهية وفرض السيطرة على الآخرين، فهي تبنى على احترام الذات، وتقدير الآخرين، والثقة بالنفس، وتحمل المسؤولية، والقدرة على إدارة الأمور، والنجاح في الحياة، والتأثير الإيجابي فيمن حولنا- وأن هناك فرقا كبيرا بين قائد يتولى مسؤولية مجموعة ما، يقوم على تلبية كل احتياجاتها، وفي الوقت ذاته يكون حازما مع من يخل بقانون هذه المجموعة، وبين قائد آخر كل ما يحركه هو حب السيطرة على الآخرين، فالأول يكون همه مصلحة الجماعة، عكس النموذج الثاني الذي يكون همه الأول إرضاء ذاته، وغالباً ما يقوده حب السيطرة إلى الاستبداد، وهذا النموذج لا يصلح قائدا، ومهما طالت مدة قيادته حتما ستنتهي.

القيادة هي:


والقيادة كما عرفها الداعية والخبير الإداري الدكتور طارق سويدان، هي القدرة على تحريك الناس نحو الهدف، فهي مكونة من ثلاثة عناصر: وجود هدف يُحَّرك الناس إليه، ووجود مجموعة من الأفراد يحركهم القائد، ووجود قائد لديه قدرات خاصة كي يستطيع التأثير في الناس، وبالتالي فلا بد للقائد أن يكون قدوة، لكي يسعى بأفراده ومرؤوسيه نحو الهدف، وإلا كانت أقواله في طريق، وأفعاله في طريق آخر.

سمات القائد:


لكن ترى ما هي السمات الواجب توافرها في القائد الناجح؟ وهل سمات الشخص المحب للسيطرة تختلف عن سمات القائد؟ وكيف نستطيع تعليم أبنائنا منذ الصغر فن القيادة؟، هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال هذا التقرير.

هناك سمات خاصة لا بد أن تتوافر في القائد الناجح حتى يستطيع تحقيق هدف من يرأسهم، منها: التفوق العلمي والذكاء وسرعة البديهة، الثقة بالنفس، الطموح والهمة العالية والنشاط، القدرة على العطاء المتواصل والالتزام بالمسؤوليات أياً كان نوعها، قوة الشخصية، القدرة على التخطيط وتحديد الأهداف، واتخاذ القرارات، والتأثير الإيجابي في الآخرين، القدرة على الإقناع وإدارة المجموعة، التواضع والأمانة والصدق، ومراعاة مشاعر الآخرين ورغباتهم وعدم التعصب للرأي وللرؤية الشخصية، وأن يكون لديه حضور، وألا يكون مستبدا برأيه يستمع لآراء الآخرين، وعدم اتخاذ القرارات بمفرده، وأن يتمتع بعقلية منظمة تستطيع التخطيط والتنظيم والمراقبة.


حب السيطرة:


وهذه السمات تختلف بالطبع عن السمات التي يتميز بها الشخص المحب للسيطرة، فهؤلاء الأشخاص يريدون أن يفرضوا آراءهم على الآخرين، كما يمتاز هؤلاء الأشخاص بقلة الصبر، والغضب السريع إذا لم تنتهي الأمور كما يحبون، وقَد يصبحوا عصبيين خاصة عندما ترفض نصائحهم أولا تنفذ، أو يكون هناك اختلاف في الرأي مع الآخرين، وغالباً ما يشعر زملاؤهم في العمل، أو رؤساؤهم، أو أصدقاؤهم، أو أفراد عائلتهم بالإحباط عندما يكونوا قريبين منهم، لأن المسيطرين في كثير من الأحيان يحاولون فرض وجهة نظرهم عليهم، والتقليل من شأنهم.

الأطفال وحب السيطرة:


والنزعة إلى السيطرة وحبّ الظهور، هي نزعة فطرية لازمت الإنسان منذ نشأة الكون، فكان هناك رؤساء القبائل وغيرهم، وهذه صفات تكون محمودة إذا كانت تُعنى بشؤون المرؤوسين وتحقق أحلامهم، والطفل بطبيعة تكوينه كإنسان ليس بعيداً عن حب نزعة الرئاسة والقيادة، حيث تظهر هذه النزعة عند الطفل في البداية كشكل من أشكال حب السيطرة والظهور، وقد تبدأ روح القيادة عند الطفل في المنزل، فيفرض سيطرته على إخوته، ويلقي عليهم الأوامر والتعليمات، إما بسبب أنه أكبرهم في حالة غياب الأب، أو لشعورٍ في داخله بأنه أقدرهم ويجب عليهم الانصياع له، أو لأنّ والده قد كلّفه بذلك، وحب السيطرة عند الطفل يكون محمودا إذا لم يزد عن الحد، لذا وجب على المربين ترشيد هذه النزعة، وتربية أطفالهم على أن القيادة شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي الذي لا بد منه.

كيف نعلم أطفالنا فن القيادة:


وسمة القيادة هي إحدى السمات الهامة، التي يتمنى معظم الآباء والأمهات أن يتحلى بها أبناؤهم، فهذه الصفة تساعد الأبناء على النجاح في كافة المجالات، فهي تؤهلهم لأن يكونوا أصحاب شخصية قوية قادرة على اتخاذ القرارات، وتحدي العقبات التي تعترض طريقهم، لذا يجب على الآباء أن يعدوا أبناءهم ليكونوا قادة ناجحين يمتلكون صفات القائد الناجح، حيث يقومون بتعريفهم بالمعنى الصحيح للقيادة، وأنها ليست حب السيطرة والتحكم في الآخرين، وعليهم تعليم أبنائهم، وتحبيبهم في العلم والتعلم والمعرفة، فلا يكتفون بالحصول على شهادات تؤهلهم للعمل، بل يجب عليهم دعم الأبناء للارتقاء بالعلم والدرجات الأكاديمية والإنجازات العلمية، وتربية الأبناء على المطالعة وحب الاكتشاف، وعليهم أيضا إشباع احتياجاته العاطفية من حب وحنان وعاطفة واستقرار عائلي حتى يوجه الأبناء طاقاتهم إلى التطور والارتقاء، وعليهم أن يكونوا قدوة لهم، وأن يتحلوا بصفات حميدة، كالصدق، والأمانة، وحب الغير، ومساعدة المحتاجين، وتحمل المسؤولية، والقدرة على اتخاذ القرار، وعليهم تربيتهم منذ الصغر على الاستقلال والثقة بالنفس، وتشجيعهم على القيام بالأنشطة الاجتماعية، التي تساعدهم على التعرف على الآخرين، وتعلمهم كيفية التعامل مع الغير، وعليهم الحرص على عرض النماذج القيادية لأطفالهم سواء من خلال الحوار، أومن خلال القصص، أو اللقاء بهم والاستماع لفكرهم وإنجازاتهم، ليصبحوا قادة ناجحين يفيدون أنفسهم ومجتمعهم.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.89 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.22%)]