عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 29-07-2021, 03:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل

وَهْوَ بِالْخَلْقِ رَاحِمٌ وَكَرِيمٌ
وَهْوَ مَوْلاَكَ بَيْنَ دُنْيَا وَدِينِ

ونلمح ممَّا سبق أنَّ باشراحيل لم يرثِ أباه رثاءَ العوام، الباكين، الجزعين، المتخلِّين عن إيمانهم لحظةَ الفراق، ولكنَّه كان في رثائه ثابتَ الجنان، قويَّ الإيمان، رابطَ الجأش، مُستعصمًا بحبل الله المتين، قانعًا أنَّ والدَه يَحيا في ظلالِ الخلد وملك لا يبلى، ويَحتسبه عند مولاه.
أمَّا ألفاظُه هنا، فهي ألفاظُ الإسلام، والتربية الإيمانية التي نشأ عليها؛ حيث تفيض قصائدُه الرثائية بروح الرِّضا التام بما كتبه الله له، وما ابتلاه به، وهو في هذا الشعور يسير على النَّهجِ الإسلامي، وعلى سمت الشعر الملتزم، شكلاً ومعنى.
ويُفاجئنا باشراحيل - كعادته - بقصيدة من أفضل ما كتب، في رثاء والده - يرحمه الله - وكأنَّها قصة حياة للإنسانية جَمْعاء، أو هي قصة باشراحيل مع رمز التُّقى والعفاف والخير والبِرِّ والإحسان، رجل المواقف الصعبة، الذي برحيله رحلت المكارم، إنها قصة الأخلاق الإنسانية في أرفع صورها:يَوْمٌ مِنَ الْأَيَّامِ طَابَ لَنَا السَّهَرْ
بَيْنَ الْبَيَادِرِ وَالْجَدَاوِلِ وَالزَّهَرْ

طَيْرٌ تَعَوَّدَنِي يَنُوحُ عَلَى الشَّجَرْ
لَمْ أَدْرِ أَنَّ الطَّيْرَ يُنْذِرُ بِالْقَدَرْ

وَأَنَا وَإِخْوَانِي الْأَمَاجِدُ فِي سَفَرْ
مَا بَيْنَ خِدْرِ الشَّمْسِ نَسْتَحْيِي الْعُمَرْ

نَتَقَاسَمُ الْأَنْفَالَ مِنْ طَلْعٍ أَغَرّْ
نُهْدِيهِ لِلْمَلأِ الْمُخَدَّرِ بِالضَّرَرْ

كُنَّا وَكَانَ الشَّيْخُ بِالْوَجْهِ النَّضِرْ
فِي مَهْمَهٍ وَالْحُبُّ فِي غَدِنَا انْتَصَرْ

وَعُيُونُ سَيِّدِنَا عَلَيْنَا تَنْبَدِرْ
وَهُوَ الْمُطَاعُ وَأَمْرُهُ فِيمَا أَمَرْ

الْأُمْسِيَاتُ وَصُورَةٌ تَجْلُو الصُّوَرْ
مَنْ يَفْتَحُ التَّارِيخَ يَسْتَقْرِي الذِّكَرْ



ويبهر باشراحيل القارئ بكمِّ الصفات والسمات التي قلَّما تجتمع إلا للعظماء من أفاضل الناس، ومن أجل هذا تسابقت الأفلاكُ والأجرام في الحديث عن مَزاياه وأفضليَّته، ومكانته الرفيعة، كحكيم من حكماء العرب:قَالَتْ حُرُوفُ الشَّمْسِ عَلِّمْنَا النَّظَرْ
عَقْلٌ تَوَقَّدَ بِالنُّضُوجِ وَبِالْفِكَرْ

قَالَ الْهِلاَلُ وَقَدْ تَغَشَّاهُ الْخَضِرْ
هَذَا حَكِيمُ الْعَصْرِ فِي يَوْمِ الْفِتَرْ


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.51%)]