عرض مشاركة واحدة
  #312  
قديم 23-11-2022, 09:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,845
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(298)
الحلقة (312)
صــ 367إلى صــ 374






وإنما ذكره عمر لطلحة وحذيفة رحمة الله عليهم نكاح اليهودية والنصرانية حذارا من أن يقتدي بهما الناس في ذلك ، فيزهدوا في المسلمات ، أو لغير ذلك من المعاني ، فأمرهما بتخليتهما . كما :

4223 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : حدثنا الصلت بن بهرام عن شقيق قال : تزوج حذيفة يهودية ، فكتب إليه عمر : " خل سبيلها " فكتب إليه : " أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها ؟ " ، فقال : " لا أزعم [ ص: 367 ] أنها حرام ، ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن " .

وقد : -

4224 - حدثنا تميم بن المنتصر قال : أخبرنا إسحاق الأزرق عن شريك عن أشعث بن سوار عن الحسن عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا .

فهذا الخبر - وإن كان في إسناده ما فيه - فالقول به ، لإجماع الجميع على صحة القول به أولى من خبر عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب .

فمعنى الكلام إذا : ولا تنكحوا أيها المؤمنون مشركات غير أهل الكتاب حتى يؤمن فيصدقن بالله ورسوله وما أنزل عليه .
[ ص: 368 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ولأمة مؤمنة خير من مشركة )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " ولأمة مؤمنة " بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله ، خير عند الله وأفضل من حرة مشركة كافرة ، وإن شرف نسبها وكرم أصلها . يقول : ولا تبتغوا المناكح في ذوات الشرف من أهل الشرك بالله ، فإن الإماء المسلمات عند الله خير منكحا منهن .

وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في رجل نكح أمة ، فعذل في ذلك ، وعرضت عليه حرة مشركة .

ذكر من قال ذلك :

4225 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم " ، قال : نزلت في عبد الله بن رواحة ، وكانت له أمة سوداء ، وأنه غضب عليها فلطمها . ثم فزع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بخبرها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ما هي يا عبد الله ؟ قال : يا رسول الله ، هي تصوم وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله . فقال : [ ص: 369 ] هذه مؤمنة ! فقال عبد الله : فوالذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها ! ففعل ، فطعن عليه ناس من المسلمين فقالوا : تزوج أمة ! ! وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم ، فأنزل الله فيهم : " ولأمة مؤمنة خير من مشركة " و" لعبد مؤمن خير من مشرك " .

4226 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني الحجاج قال : قال ابن جريج في قوله : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " ، قال : المشركات - لشرفهن - حتى يؤمن .
القول في تأويل قوله تعالى ( ولو أعجبتكم )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : وإن أعجبتكم المشركة من غير أهل الكتاب في الجمال والحسب والمال ، فلا تنكحوها ، فإن الأمة المؤمنة خير عند الله منها .

وإنما وضعت " لو " موضع " إن " لتقارب مخرجيهما ، ومعنييهما ، ولذلك تجاب كل واحدة منهما بجواب صاحبتها ، على ما قد بينا فيما مضى قبل .
[ ص: 370 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك ، أن الله قد حرم على المؤمنات أن ينكحن مشركا كائنا من كان المشرك ، ومن أي أصناف الشرك كان ، فلا تنكحوهن أيها المؤمنون منهم ، فإن ذلك حرام عليكم ، ولأن تزوجوهن من عبد مؤمن مصدق بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله ، خير لكم من أن تزوجوهن من حر مشرك ، ولو شرف نسبه وكرم أصله ، وإن أعجبكم حسبه ونسبه .

وكان أبو جعفر محمد بن علي يقول : هذا القول من الله تعالى ذكره دلالة على أن أولياء المرأة أحق بتزويجها من المرأة .

4227 - حدثنا محمد بن يزيد أبو هشام الرفاعي قال : أخبرنا حفص بن غياث عن شيخ - لم يسمه - قال أبو جعفر : النكاح بولي في كتاب الله ، ثم قرأ : " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " برفع التاء .

4228 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة والزهري في قوله : " ولا تنكحوا المشركين " ، قال : لا يحل لك أن تنكح يهوديا أو نصرانيا ولا مشركا من غير أهل دينك .

4229 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج قال قال ابن جريج : " ولا تنكحوا المشركين " - لشرفهم - " حتى يؤمنوا " .

4230 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح عن الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة والحسن البصري : " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " ، قال : حرم المسلمات على رجالهم - يعني رجال المشركين .
[ ص: 371 ] القول في تأويل قوله تعالى ( أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ( 221 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " أولئك " ، هؤلاء الذين حرمت عليكم أيها المؤمنون مناكحتهم من رجال أهل الشرك ونسائهم ، يدعونكم إلى النار يعني : يدعونكم إلى العمل بما يدخلكم النار ، وذلك هو العمل الذي هم به عاملون من الكفر بالله ورسوله . يقول : ولا تقبلوا منهم ما يقولون ، ولا تستنصحوهم ، ولا تنكحوهم ولا تنكحوا إليهم ، فإنهم لا يألونكم خبالا ولكن اقبلوا من الله ما أمركم به فاعملوا به ، وانتهوا عما نهاكم عنه ، فإنه يدعوكم إلى الجنة يعني بذلك يدعوكم إلى العمل بما يدخلكم الجنة ، ويوجب لكم النجاة إن عملتم به من النار ، وإلى ما يمحو خطاياكم أو ذنوبكم ، فيعفو عنها ويسترها عليكم .

وأما قوله : " بإذنه " ، فإنه يعني : أنه يدعوكم إلى ذلك بإعلامه إياكم سبيله وطريقه الذي به الوصول إلى الجنة والمغفرة .

ثم قال تعالى ذكره : " ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون " ، يقول : ويوضح حججه وأدلته في كتابه الذي أنزله على لسان رسوله لعباده ، ليتذكروا فيعتبروا ، ويميزوا بين الأمرين اللذين أحدهما دعاء إلى النار والخلود فيها ، والآخر دعاء إلى الجنة وغفران الذنوب ، فيختاروا خيرهما لهم . ولم يجهل التمييز بين هاتين إلا غبي [ غبين ] الرأي مدخول العقل .
[ ص: 372 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " ويسألونك عن المحيض " ، ويسألك يا محمد أصحابك عن الحيض .

وقيل : " المحيض " ، لأن ما كان من الفعل ماضيه بفتح عين الفعل ، وكسرها في الاستقبال ، مثل قول القائل : " ضرب يضرب ، وحبس يحبس ، ونزل ينزل " ، فإن العرب تبني مصدره على " المفعل " والاسم على " المفعل " ، مثل " المضرب ، والمضرب " من " ضربت " ، " ونزلت منزلا ومنزلا " . ومسموع في ذوات الياء والألف والياء ، " المعيش والمعاش " و" المعيب والمعاب " ، كما قال رؤبة في المعيش :


إليك أشكو شدة المعيش ومر أعوام نتفن ريشي


وإنما كان القوم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر لنا - عن الحيض ، لأنهم كانوا قبل بيان الله لهم ما يتبينون من أمره ، لا يساكنون حائضا في بيت ، ولا يؤاكلونهن في إناء ولا يشاربونهن . فعرفهم الله بهذه الآية ، أن الذي عليهم في أيام حيض نسائهم أن يجتنبوا جماعهن فقط ، دون ما عدا ذلك من [ ص: 373 ] مضاجعتهن ومؤاكلتهن ومشاربتهن ، كما : -

4231 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " ويسألونك عن المحيض " حتى بلغ : " حتى يطهرن " فكان أهل الجاهلية لا تساكنهم حائض في بيت ، ولا تؤاكلهم في إناء ، فأنزل الله تعالى ذكره في ذلك ، فحرم فرجها ما دامت حائضا ، وأحل ما سوى ذلك أن تصبغ لك رأسك ، وتؤاكلك من طعامك ، وأن تضاجعك في فراشك ، إذا كان عليها إزار محتجزة به دونك .

4232 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع مثله .

وقد قيل : إنهم سألوا عن ذلك ، لأنهم كانوا في أيام حيضهن يجتنبون إتيانهن في مخرج الدم ، ويأتونهن في أدبارهن ، فنهاهم الله عن أن يقربوهن في أيام حيضهن حتى يطهرن ، ثم أذن لهم - إذا تطهرن من حيضهن - في إتيانهن من حيث أمرهم باعتزالهن ، وحرم إتيانهن في أدبارهن بكل حال .

ذكر من قال ذلك :

4233 - حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال : حدثنا عبد الواحد قال : حدثنا خصيف قال : حدثني مجاهد قال كانوا يجتنبون النساء في المحيض ويأتونهن في أدبارهن ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأنزل الله : " ويسألونك عن المحيض " إلى : " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " - في الفرج لا تعدوه . [ ص: 374 ]

وقيل : إن السائل الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك كان ثابت بن الدحداح الأنصاري .

4234 - حدثني بذلك موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي .
القول في تأويل قوله تعالى ( قل هو أذى )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : قل لمن سألك من أصحابك يا محمد عن المحيض : " هو أذى " .

" والأذى " هو ما يؤذى به من مكروه فيه . وهو في هذا الموضع يسمى " أذى " لنتن ريحه وقذره ونجاسته ، وهو جامع لمعان شتى من خلال الأذى غير واحدة .

وقد اختلف أهل التأويل في البيان عن تأويل ذلك ، على تقارب معاني بعض ما قالوا فيه من بعض .

فقال بعضهم : قوله : " قل هو أذى " ، قل هو قذر .

ذكر من قال ذلك :

4235 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي قوله : " قل هو أذى " ، قال : أما " أذى " فقذر .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.76%)]