عرض مشاركة واحدة
  #314  
قديم 23-11-2022, 09:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,616
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(300)
الحلقة (314)
صــ 383إلى صــ 390





4265 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا المحاربي عن الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه ، عن عائشة قالت : كانت إحدانا إذا كانت حائضا أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تأتزر ، ثم يباشرها . [ ص: 383 ]

ونظائر ذلك من الأخبار التي يطول باستيعاب ذكر جميعها الكتاب

قالوا : فما فعل النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فجائز ، وهو مباشرة الحائض ما دون الإزار وفوقه ، وذلك دون الركبة وفوق السرة ، وما عدا ذلك من جسد الحائض فواجب اعتزاله ، لعموم الآية .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : إن للرجل من امرأته الحائض ما فوق المؤتزر ودونه ، لما ذكرنا من العلة لهم .
القول في تأويل قوله تعالى ( ولا تقربوهن حتى يطهرن )

قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك . فقرأه بعضهم : " حتى يطهرن " بضم " الهاء " وتخفيفها . وقرأه آخرون بتشديد " الهاء " وفتحها .

وأما الذين قرءوه بتخفيف " الهاء " وضمها ، فإنهم وجهوا معناه إلى : ولا تقربوا النساء في حال حيضهن حتى ينقطع عنهن دم الحيض ويطهرن . وقال بهذا التأويل جماعة من أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

4266 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا ابن مهدي ومؤمل قالا حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " ولا تقربوهن حتى يطهرن " ، قال : انقطاع الدم . [ ص: 384 ]

4267 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن سفيان - أو عثمان بن الأسود - : " ولا تقربوهن حتى يطهرن " ، حتى ينقطع الدم عنهن .

4268 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا عبيد الله العتكي عن عكرمة في قوله : " ولا تقربوهن حتى يطهرن " ، قال : حتى ينقطع الدم .

وأما الذين قرءوا ذلك بتشديد " الهاء " وفتحها ، فإنهم عنوا به : حتى يغتسلن بالماء . وشددوا " الطاء " لأنهم قالوا : معنى الكلمة : حتى يتطهرن ، أدغمت " التاء " في " الطاء " لتقارب مخرجيهما .

قال أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأ : ( حتى يطهرن ) بتشديدها وفتحها ، بمعنى : حتى يغتسلن - لإجماع الجميع على أن حراما على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع دم حيضها حتى تطهر .

وإنما اختلف في " التطهر " الذي عناه الله تعالى ذكره ، فأحل له جماعها .

فقال بعضهم : هو الاغتسال بالماء ، لا يحل لزوجها أن يقربها حتى تغسل جميع بدنها .

وقال بعضهم : هو الوضوء للصلاة .

وقال آخرون : بل هو غسل الفرج ، فإذا غسلت فرجها ، فذلك تطهرها الذي يحل به لزوجها غشيانها . [ ص: 385 ]

فإذا كان إجماع من الجميع أنها لا تحل لزوجها بانقطاع الدم حتى تطهر ، كان بينا أن أولى القراءتين بالصواب أنفاهما للبس عن فهم سامعها . وذلك هو الذي اخترنا ، إذ كان في قراءة قارئها بتخفيف " الهاء " وضمها ، ما لا يؤمن معه اللبس على سامعها من الخطإ في تأويلها ، فيرى أن لزوج الحائض غشيانها بعد انقطاع دم حيضها عنها ، وقبل اغتسالها وتطهرها .

فتأويل الآية إذا : ويسألونك عن المحيض قل هو أذى ، فاعتزلوا جماع نسائكم في وقت حيضهن ، ولا تقربوهن حتى يغتسلن فيتطهرن من حيضهن بعد انقطاعه .
القول في تأويل قوله تعالى ( فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " فإذا تطهرن فأتوهن " ، فإذا اغتسلن فتطهرن بالماء فجامعوهن .

فإن قال قائل : أففرض جماعهن حينئذ؟

قيل : لا .

فإن قال : فما معنى قوله إذا : " فأتوهن " ؟

قيل : ذلك إباحة ما كان منع قبل ذلك من جماعهن ، وإطلاق لما كان حظر في حال الحيض ، وذلك كقوله : ( وإذا حللتم فاصطادوا ) [ سورة المائدة : 2 ] ، وقوله : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) [ سورة الجمعة : 10 ] ، وما أشبه ذلك .

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " فإذا تطهرن " .

[ ص: 386 ]

فقال بعضهم : معنى ذلك ، فإذا اغتسلن .

ذكر من قال ذلك : 4269 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : " فإذا تطهرن " يقول : فإذا طهرت من الدم وتطهرت بالماء .

4270 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثني ابن مهدي ومؤمل قالا حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " فإذا تطهرن " ، فإذا اغتسلن .

4271 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا عبيد الله العتكي عن عكرمة في قوله : " فإذا تطهرن " ، يقول : اغتسلن .

4272 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن سفيان - أو عثمان بن الأسود : - " فإذا تطهرن " ، إذا اغتسلن .

4273 - حدثنا عمران بن موسى حدثنا عبد الوارث حدثنا عامر عن الحسن : في الحائض ترى الطهر ، قال : لا يغشاها زوجها حتى تغتسل وتحل لها الصلاة .

4275 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم : أنه كره أن يطأها حتى تغتسل - يعني المرأة إذا طهرت .

وقال آخرون : معنى ذلك : فإذا تطهرن للصلاة .

ذكر من قال ذلك :

4276 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا ليث عن طاوس ومجاهد أنهما قالا إذا طهرت المرأة من الدم فشاء زوجها أن يأمرها [ ص: 387 ] بالوضوء قبل أن تغتسل - إذا أدركه الشبق فليصب .

قال أبو جعفر : وأولى التأويلين بتأويل الآية ، قول من قال : معنى قوله : " فإذا تطهرن " ، فإذا اغتسلن ، لإجماع الجميع على أنها لا تصير بالوضوء بالماء طاهرا الطهر الذي يحل لها به الصلاة . وإن القول لا يخلو في ذلك من أحد أمرين :

إما أن يكون معناه : فإذا تطهرن من النجاسة فأتوهن .

فإن كان ذلك معناه ، فقد ينبغي أن يكون متى انقطع عنها الدم فجائز لزوجها جماعها ، إذا لم تكن هنالك نجاسة ظاهرة . هذا ، إن كان قوله : " فإذا تطهرن " جائزا استعماله في التطهر من النجاسة ، ولا أعلمه جائزا إلا على استكراه الكلام .

أو يكون معناه : فإذا تطهرن للصلاة . وفي إجماع الجميع من الحجة على أنه غير جائز لزوجها غشيانها بانقطاع دم حيضها ، إذا لم يكن هنالك نجاسة ، دون التطهر بالماء إذا كانت واجدته أدل الدليل على أن معناه : فإذا تطهرن الطهر الذي يجزيهن به الصلاة .

وفي إجماع الجميع من الأمة على أن الصلاة لا تحل لها إلا بالاغتسال ، أوضح الدلالة على صحة ما قلنا : من أن غشيانها حرام إلا بعد الاغتسال ، وأن معنى قوله : " فإذا تطهرن " ، فإذا اغتسلن فصرن طواهر الطهر الذي يجزيهن به الصلاة .
[ ص: 388 ] القول في تأويل قوله تعالى ( فأتوهن من حيث أمركم الله )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " فأتوهن من حيث أمركم الله " .

فقال بعضهم : معنى ذلك : فأتوا نساءكم إذا تطهرن من الوجه الذي نهيتكم عن إتيانهن منه في حال حيضهن ، وذلك : الفرج الذي أمر الله بترك جماعهن فيه في حال الحيض .

ذكر من قال ذلك :

4277 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية عن محمد بن إسحاق قال : حدثني أبان بن صالح عن مجاهد قال : قال ابن عباس في قوله : " فأتوهن من حيث أمركم الله " ، قال : من حيث أمركم أن تعتزلوهن .

4278 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : " فأتوهن من حيث أمركم الله " ، يقول : في الفرج ، لا تعدوه إلى غيره ، فمن فعل شيئا من ذلك فقد اعتدى .

4279 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة في قوله : " فأتوهن من حيث أمركم الله " ، قال : من حيث أمركم أن تعتزلوا .

4280 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : حدثنا أبو صخر عن أبي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير أنه قال : بينا أنا ومجاهد جالسان عند ابن عباس : أتاه رجل فوقف على رأسه فقال : يا أبا العباس - أو : يا أبا الفضل - أن لا تشفيني عن آية المحيض؟ قال : بلى! فقرأ : " ويسألونك عن المحيض " [ ص: 389 ] حتى بلغ آخر الآية ، فقال ابن عباس : من حيث جاء الدم ، من ثم أمرت أن تأتي .

4281 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن أبي زائدة عن عثمان عن مجاهد قال : دبر المرأة مثله من الرجل ، ثم قرأ : " ويسألونك عن المحيض " إلى " فأتوهن من حيث أمركم الله " ، قال : من حيث أمركم أن تعتزلوهن .

4282 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " فأتوهن من حيث أمركم الله " ، قال : أمروا أن يأتوهن من حيث نهوا عنه .

4283 - حدثنا ابن أبي الشوارب قال : حدثنا عبد الواحد قال : حدثنا خصيف قال حدثني مجاهد : " فأتوهن من حيث أمركم الله " ، في الفرج ، ولا تعدوه .

4284 - حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " فأتوهن من حيث أمركم الله " ، يقول : إذا تطهرن فأتوهن من حيث نهي عنه في المحيض .

4285 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن سفيان - أو : عثمان بن الأسود - : " فأتوهن من حيث أمركم الله " باعتزالهن منه .

4286 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " فأتوهن من حيث أمركم الله " ، أي : من الوجه الذي يأتي منه المحيض ، طاهرا غير حائض ، ولا تعدوا ذلك إلى غيره . [ ص: 390 ]

4287 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد عن قتادة في قوله : " فأتوهن من حيث أمركم الله " ، قال : طواهر من غير جماع ومن غير حيض ، من الوجه الذي يأتي [ منه ] المحيض ، ولا يتعداه إلى غيره قال سعيد : ولا أعلمه إلا عن ابن عباس .

4288 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع في قوله : " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " ، من حيث نهيتم عنه في المحيض وعن أبيه ، عن ليث عن مجاهد في قوله : " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " ، من حيث نهيتم عنه ، واتقوا الأدبار .

4289 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا ابن إدريس قال : سمعت أبي ، عن يزيد بن الوليد عن إبراهيم في قوله : " فأتوهن من حيث أمركم الله " ، قال : في الفرج .

وقال آخرون : معناها : فأتوهن من الوجه الذي أمركم الله فيه أن تأتوهن منه . وذلك الوجه ، هو الطهر دون الحيض . فكان معنى قائل ذلك في الآية : فأتوهن من قبل طهرهن لا من قبل حيضهن .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.71 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.78%)]