عرض مشاركة واحدة
  #311  
قديم 23-11-2022, 10:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(297)
الحلقة (311)
صــ 359إلى صــ 366






القول في تأويل قوله تعالى ( ولو شاء الله لأعنتكم )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : ولو شاء الله لحرم ما أحله لكم من مخالطة أيتامكم بأموالكم أموالهم ، فجهدكم ذلك وشق عليكم ، ولم تقدروا على القيام باللازم لكم من حق الله تعالى والواجب عليكم في ذلك من فرضه ، ولكنه رخص لكم فيه وسهله عليكم رحمة بكم ورأفة .

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " لأعنتكم " . فقال بعضهم بما : -

4203 - حدثني به محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن قيس بن سعد - أو عيسى عن قيس بن سعد - عن مجاهد شك أبو عاصم في قول الله تعالى ذكره : " ولو شاء الله لأعنتكم " لحرم عليكم المرعى والأدم . [ ص: 359 ]

قال أبو جعفر : يعني بذلك مجاهد : رعي مواشي والي اليتيم مع مواشي اليتيم ، والأكل من إدامه . لأنه كان يتأول في قوله : " وإن تخالطوهم فإخوانكم " ، أنه خلطة الولي اليتيم بالرعي والأدم .

4204 - حدثني علي بن داود قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : " ولو شاء الله لأعنتكم " ، يقول : لو شاء الله لأحرجكم فضيق عليكم ، ولكنه وسع ويسر فقال : ( ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ) [ سورة النساء : 6 ]

4205 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة : " ولو شاء الله لأعنتكم " ، يقول : لجهدكم ، فلم تقوموا بحق ولم تؤدوا فريضة .

4206 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع نحوه إلا أنه قال : فلم تعملوا بحق .

4207 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي : " ولو شاء الله لأعنتكم " ، لشدد عليكم .

4208 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قول الله : " ولو شاء الله لأعنتكم " ، قال : لشق عليكم في الأمر . ذلك العنت .

4209 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قوله : " ولو شاء الله لأعنتكم " ، قال : ولو شاء الله لجعل ما أصبتم من أموال اليتامى موبقا .

وهذه الأقوال التي ذكرناها عمن ذكرت عنه ، وإن اختلفت ألفاظ قائليها فيها ، فإنها متقاربات المعاني . لأن من حرم عليه شيء فقد ضيق عليه في ذلك [ ص: 360 ] الشيء ، ومن ضيق عليه في شيء فقد أحرج فيه ، ومن أحرج في شيء أو ضيق عليه فيه فقد جهد . وكل ذلك عائد إلى المعنى الذي وصفت من أن معناه : الشدة والمشقة .

ولذلك قيل : " عنت فلان " إذا شق عليه الأمر ، وجهده ، " فهو يعنت عنتا " ، كما قال تعالى ذكره : ( عزيز عليه ما عنتم ) [ سورة التوبة : 128 ] ، يعني ما شق عليكم وآذاكم وجهدكم ، ومنه قوله تعالى ذكره : ( ذلك لمن خشي العنت منكم ) [ سورة النساء : 25 ] . فهذا إذا عنت العانت . فإن صيره غيره كذلك ، قيل : " أعنته فلان في كذا " إذ جهده وألزمه أمرا جهده القيام به " يعنته إعناتا " . فكذلك قوله : " لأعنتكم " معناه : لأوجب لكم العنت بتحريمه عليكم ما يجهدكم ويحرجكم ، مما لا تطيقون القيام باجتنابه وأداء الواجب له عليكم فيه .

وقال آخرون : معنى ذلك : لأوبقكم وأهلككم .

ذكر من قال ذلك :

4210 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا طلق بن غنام عن زائدة عن منصور عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال : قرأ علينا : " ولو شاء الله لأعنتكم " ، قال ابن عباس : ولو شاء الله لجعل ما أصبتم من أموال اليتامى موبقا .

4211 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يحيى بن آدم عن فضيل - وجرير عن منصور وحدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن منصور عن الحكم [ ص: 361 ] عن مقسم عن ابن عباس : " ولو شاء الله لأعنتكم " قال : لجعل ما أصبتم موبقا .
القول في تأويل قوله تعالى ( إن الله عزيز حكيم ( 220 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : إن الله " عزيز " في سلطانه ، لا يمنعه مانع مما أحل بكم من عقوبة لو أعنتكم بما يجهدكم القيام به من فرائضه فقصرتم في القيام به ، ولا يقدر دافع أن يدفعه عن ذلك ولا عن غيره مما يفعله بكم وبغيركم من ذلك لو فعله ، ولكنه بفضل رحمته من عليكم بترك تكليفه إياكم ذلك وهو " حكيم " في ذلك لو فعله بكم وفي غيره من أحكامه وتدبيره ، لا يدخل أفعاله خلل ولا نقص ولا وهي ولا عيب ، لأنه فعل ذي الحكمة الذي لا يجهل عواقب الأمور فيدخل تدبيره مذمة عاقبة ، كما يدخل ذلك أفعال الخلق لجهلهم بعواقب الأمور ، لسوء اختيارهم فيها ابتداء .
[ ص: 362 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في هذه الآية : هل نزلت مرادا بها كل مشركة ، أم مرادا بحكمها بعض المشركات دون بعض ؟ وهل نسخ منها بعد وجوب الحكم بها شيء أم لا ؟

فقال بعضهم : نزلت مرادا بها تحريم نكاح كل مشركة على كل مسلم من أي أجناس الشرك كانت ، عابدة وثن كانت ، أو كانت يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو من غيرهم من أصناف الشرك ، ثم نسخ تحريم نكاح أهل الكتاب بقوله : ( يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات ) إلى ( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) [ سورة المائدة : 4 - 5 ]

ذكر من قال ذلك :

4212 - حدثني علي بن واقد قال : حدثني عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " ، ثم استثنى نساء أهل الكتاب فقال : ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب ) حل لكم ( إذا آتيتموهن أجورهن ) .

4213 - حدثنا محمد بن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح عن الحسين [ ص: 363 ] بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة والحسن البصري قالا " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " ، فنسخ من ذلك نساء أهل الكتاب ، أحلهن للمسلمين .

4214 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " ، قال : نساء أهل مكة ومن سواهن من المشركين ، ثم أحل منهن نساء أهل الكتاب .

4215 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد مثله .

4216 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع قوله : " ولا تنكحوا المشركات " إلى قوله : " لعلهم يتذكرون " ، قال : حرم الله المشركات في هذه الآية ، ثم أنزل في " سورة المائدة " ، فاستثنى نساء أهل الكتاب فقال : ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن ) .

وقال آخرون : بل أنزلت هذه الآية مرادا بحكمها مشركات العرب ، لم ينسخ منها شيء ولم يستثن ، وإنما هي آية عام ظاهرها ، خاص تأويلها .

ذكر من قال ذلك :

4217 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " ، يعني : مشركات العرب اللاتي ليس فيهن كتاب يقرأنه .

4218 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا [ ص: 364 ] معمر عن قتادة قوله : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " ، قال : المشركات من ليس من أهل الكتاب ، وقد تزوج حذيفة يهودية أو نصرانية .

4219 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن قتادة في قوله : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " ، يعني مشركات العرب اللاتي ليس لهن كتاب يقرأنه .

4220 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع عن سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير قوله : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " ، قال : مشركات أهل الأوثان .

وقال آخرون : بل أنزلت هذه الآية مرادا بها كل مشركة من أي أصناف الشرك كانت ، غير مخصوص منها مشركة دون مشركة ، وثنية كانت أو مجوسية أو كتابية ، ولا نسخ منها شيء .

ذكر من قال ذلك :

4221 - حدثنا عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني قال : حدثنا أبي قال : حدثنا عبد الحميد بن بهرام الفزاري قال : حدثنا شهر بن حوشب قال : سمعت عبد الله بن عباس يقول : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء ، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات ، وحرم كل ذات دين غير الإسلام وقال الله تعالى ذكره : ( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله ) [ سورة المائدة : 5 ] وقد نكح طلحة بن عبيد الله يهودية ، ونكح حذيفة بن اليمان نصرانية ، فغضب عمر بن الخطاب رضي الله عنه غضبا شديدا ، حتى هم بأن يسطو عليهما . فقالا نحن نطلق يا أمير المؤمنين [ ص: 365 ] ولا تغضب ! فقال : لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن ، ولكن أنتزعهن منكم صغرة قماء .

قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله قتادة : من أن الله تعالى ذكره عنى بقوله : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " من لم يكن من أهل الكتاب من المشركات وأن الآية عام ظاهرها خاص باطنها ، لم ينسخ منها شيء وأن نساء أهل الكتاب غير داخلات فيها . وذلك أن الله تعالى ذكره أحل بقوله : ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) - للمؤمنين من نكاح محصناتهن ، مثل الذي أباح لهم من نساء المؤمنات .

وقد بينا في غير هذا الموضع من كتابنا هذا ، وفي كتابنا ( كتاب اللطيف من البيان ) : أن كل آيتين أو خبرين كان أحدهما نافيا حكم الآخر في فطرة العقل ، فغير جائز أن يقضى على أحدهما بأنه ناسخ حكم الآخر ، إلا بحجة من خبر قاطع للعذر مجيئه . وذلك غير موجود ، أن قوله : ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب ) ناسخ ما كان قد وجب تحريمه من النساء بقوله : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " . فإذ لم يكن ذلك موجودا كذلك ، فقول القائل : " هذه ناسخة هذه " ، دعوى لا برهان له عليها ، والمدعي دعوى [ ص: 366 ] لا برهان له عليها متحكم ، والتحكم لا يعجز عنه أحد .

وأما القول الذي روي عن شهر بن حوشب عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنه : من تفريقه بين طلحة وحذيفة وامرأتيهما اللتين كانتا كتابيتين ، فقول لا معنى له - لخلافه ما الأمة مجتمعة على تحليله بكتاب الله تعالى ذكره ، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم . وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من القول خلاف ذلك ، بإسناد هو أصح منه ، وهو ما : -

4222 - حدثني به موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال : حدثنا محمد بن بشر قال : حدثنا سفيان بن سعيد عن يزيد بن أبي زياد عن زيد بن وهب قال : قال عمر : المسلم يتزوج النصرانية ، ولا يتزوج النصراني المسلمة .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.96 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (1.57%)]