الموضوع: أفي الله شك؟
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 25-07-2021, 04:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أفي الله شك؟

أفي الله شك؟ (7)















الشيخ عبدالله محمد الطوالة




الحمد لله، الحمد لله خالق كل شيء وهاديه، ورازق كل حي وكافيه، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 123]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا رب لنا سواه، ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 87]، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، النبي المصطفى، والقدوة الـمجتبى:





والله ما ذرأ الإله وما برى

خَلقا ولا خلقًا كأحمد في الورى



فعليه صلى الله ما قلم جرى

أو لاح بَرقٌ في الأباطح أو سرى










والآل والصحب الكرام أولي النهى، والتابعين وتابعيهم، ومن اقتفى، وسلم تسليمًا كثيرًا أنورا؛ أما بعد:



فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أن الموت يعمُّنا، والقبور تضمُّنا، وأرض القيامة تجمعنا، والله جل جلاله يحكم بيننا، وهو خير الحاكمين؛ ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [المائدة: 48].







معاشر المؤمنين الكرام، هذه هي الحلقة السابعة والأخيرة من سلسلة حلقات "الرد على الملحدين"، وأود ابتداءً أن أذكِّرَ بالمغالطات التي بنى عليها الملحدون عقيدتهم الإلحادية، فالملحدون حين جحدوا وجود الخالق جل وعلا واستبدلوه بالصدفة والطبيعة، ثم زعموا أن الكون أزلي قديم لا بداية له ولا نهاية، ثم فسَّروا نشأة الحياة ووجود الكائنات الحية بنظرية النشوء والارتقاء، والتي تسمى نظرية داروين، وملخصها أن جميع الكائنات الحية نشأت في بداياتها من أصل واحد، وهو كائن بدائي دقيق، يسمى "وحيد الخلية"، ظهر هذ الكائن البدائي فجأةً من العدم، وتكوَّن بزعمهم في المستنقعات، ثم أخذ يتغير ويتطور ويترقى، عبر ملايين السنين، حتى وصل إلى كل أشكال وأنواع الحياة الموجودة الآن، بما فيها الإنسان وسائر الحيوان، وتزعم هذه النظرية الخيالية أن صفات وأعضاء الكائنات الحية تتغير باستمرار، وأنها تتطور وترتقي مع مرور الزمن، مكوِّنةً طَفَراتٍ جديدة، تُمكِّن الكائن الحي من التكيف مع بيئته، والحياة بشكل أفضل، وبالطبع فكل هذه الطفرات والتغيرات تحدث صدفةً، وبدون أي ترتيب سابق، ثم إن هذه الطفرات الناشئة منها المفيد ومنها غير المفيد؛ فإن كانت مفيدةً استمر توريثها في الأجيال القادمة، وإن كانت غير مفيدة، فإنها تنقرض وتفنى، هكذا - يا عباد الله - استبدل الملحدون الجاحدون وجودَ الخالق تبارك وتعالى بهذه النظريات الخرافية، وحيث إننا سبق وأن أثبتنا أن الكون ليس بأزليٍّ ولا قديم، وأن له بدايةً وله نهاية، ودلَّلنا على وجود الخالق جل وعلا بشتى أنواع الأدلة، وردَدْنا على شُبَهِ الملحدين الكاذبة، وبيَّنَّا مغالطاتهم الزائفة، وتدليسهم الباطل، ولم يتبقَّ إلا محورٌ أخير لتكتمل أدلة الحق الدامغة، وتنقطع حُجَجِهم الباطلة من كل وجه، وهو محور الأسئلة التي يعجز الملحدون أن يجيبوا عنها، وتبين في نفس الوقت تهافُتُ مذهبهم، وبطلان معتقدهم؛ وحيث إن هناك أسئلةً كثيرةً جدًّا، فقد انتقيْتُ منها عشرة أسئلة فقط، وحرصت أن تكون أسئلةً واضحةً مباشرةً، ليس فيها تدليس ولا مغالطة، ومع ذلك، فلن يستطيع أي ملحد أن يجيب عنها، ما لم يؤمن بوجود الخالق جل وعلا، نسأل الله العظيم أن يَرُدَّ كل ضالٍّ إلى جادَّة الحق والصواب.







السؤال الأول: يزعُمُ الملحدون أن الطبيعة وعبر ملايين السنين هي التي خلقت كل الموجودات بكل هذا الدقة والإتقان، وهي التي تُسيِّر كل شيء بانضباط وثبات عجيب، فلماذا لا تتواصل الطبيعة مع مخلوقاتها؟ لمَ لا تبين لهم مرادها وغايتها من كل ذلك؟ السؤال بطريقة أخرى: كيف تستطيع الكائنات التي خلقتها الطبيعة بزعمهم أن تفعل ما لا تفعله الطبيعة الخالقة؟ كيف تستطيع الكائنات المخلوقة أن تتواصل مع بعضها، وأن تعرف أهدافها وحكمةَ ما تقوم به من أعمال وإنجازات، بينما تظل الطبيعة الخالقة - كما يزعمون - بدون أي تواصل مع مخلوقاتها؟ ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115].







سؤال ثانٍ: يزعم الملحدون أن الصدفة هي التي أوجدت كل الكائنات الحية، وأن الطفرات والتغيرات الناشئة هي التي جعلتها تتطور وترتقي، وأن هذه الطفرات تحدث كثيرًا وباستمرار، والسؤال هنا: لماذا توقفت هذه الصدفة تمامًا عن إيجاد كائنات جديدة، والعلم الحديث رغم تقدم وسائله وإمكانياته لم يستطع أن يسجِّل حالة نشوء كائن جديد بطريقة جديدة؟ ونضرب لذلك مثلًا: لماذا لم يستمر تطور الإنسان إلى مخلوق آخر أرقى وأفضل منه، رغم مُضِيِّ وقت طويل، ورغم أنه يملك الآن من الوسائل المساعدة، والعلوم المتقدمة ما لم يكن يملكه وقت تطوره الأول كما يزعمون؟ بل لماذا لم يتمكَّن العلم بكل وسائله من رصد تكوُّنِ أي طفرة، أو تغير حديث لأي كائن حي، سواء كانت طفرةً مفيدةً أو غير مفيدة، في الطبيعة أو حتى في المختبر؟







سؤال ثالث: يزعم الملحدون أن الحيـاة على الأرض بدأت بظهور كائن بدائي دقيق يسمَّى "وحيد الخلية"، نشأ كما يزعمون في المستنقعات في ظل ظروف مناخية وبيئة كيميائية مناسبة، والسؤال المحير هو: لماذا لم يستطع العلماء رغم كل ما وصلوا إليه من تقدم علمي كبير، ووسائل تقنية مذهلة، أن يُنشِئوا خليةً حيةً جديدةً من العدم؟ السؤال بصورة أبسط: لماذا لم يتمكن العلماء بالرغم من سعيهم الدؤوب وحرصهم الكبير، أن يهيئوا بيئةً وظروفًا مناسبةً تصلح كما زعموا لنشوء الخلية من العدم مرةً أخرى، سواء في الطبيعة أو في المختبر؟ والجواب من القرآن: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾ [الحج: 73].







سؤال رابع: من المعروف علميًّا أنه لا يزال هناك أنواع كثيرة من الخلايا البدائية المسماة بوحيدة الخلية، لا تزال كما هي، لم تتغير منذ ملايين السنين، فلماذا لم تتطور، أو تنقرض؟







سؤال خامس: يزعم الملحدون والمُصدِّقون بنظرية النشوء والارتقاء، أن الانسان تطوَّر من سلالة قرد، والسؤال المحير: لمَ لا يوجد قابلية لأن يتزاوج آخر القرود تطورًا مع الإنسان؟ لماذا لا يوجد قابلية لأن يتزاوج رجل بقردة، أو قرد بامرأة، كما يحدث بين الخيول والحمير، وبين الأسود والنمور، وبين الكلاب والذئاب؛ لأنها من فصيلة واحدة؟







سؤال سادس: هناك أكثر من ثلاثة آلاف نوع من القرود المختلفة، كل نوع منها له شكله، وله تركيبه وله أنسجته المختلفة، فلماذا بقيَتْ هذه القرود قرودًا ولم تتطور كما تطور الإنسان، رغم وجود الإمكانية كما يزعمون؟ وفي المقابل فإن جميع سلالات البشر القديمة والحديثة لها نفس الشكل والتركيب، وجيناتها وأنسجتها كلها متطابقة تمام التطابق؛ مما يعارض بصورة صارخة عملية التطور المزعومة.







سؤال سابع: بحسب نظرية الارتقاء، فإن هناك فارقًا هائلًا، هناك قفزة تطورية ضخمة بين تكوين الإنسان وتكوين أرقى القرود، ومن ثَمَّ فلا بد للملحدين أن يسلِّموا بوجود كائن آخر بينهما، كائن مميز، يكون أرقى من القرود، وأدنى من الإنسان، ليَسُدَّ هذا الفارق الهائل بينهما، وهذا الكائن المميز يفترض أنه ظهر قبل الإنسان، وأنه كان في وقته هو الأفضل والأقوى والأذكى والأكثر تواجدًا؛ لأنه حسب زعمهم سيرتقي ويتطور ليصبح إنسانًا، والسؤال القاصم للظهر: أين هو هذا الكائن المميز؟ لمَ لا يوجد له أي أثر مادي؟ وعلى فرض أنه انقرض لسبب ما، فأين هي بقاياه وآثاره؟ كيف استطاع العلم الحديث أن يجد بقايا حيوانات منقرضة أقدم منه زمنًا، وأقل تطورًا، كالديناصورات والماموث، ولم يجد لذلك الكائن المميز أي أثر؟ السؤال بطريقة أخرى: إذا كان الإنسان قد تطور من سلالة قرد كما يزعمون، فلماذا لا توجد قرود قريبة الشبه بالإنسان ولو جزئيًّا؛ مثلًا: لمَ لا توجد قرود تعيش واقفةً على قدميها كالإنسان، لمَ لا توجد قرود تستطيع الكلام ولو بشكل بدائي، لمَ لا توجد قرود ببشرة وجلد يشبه جلد الإنسان؟ وغيرها من التساؤلات المشابهة.







سؤال ثامن: يزعم الملحدون أن وسيلة التطور في المخلوقات هي حدوث الطفرات الجديدة، ويزعمون كذلك أن مما يساهم في ظهور وبقاء هذه الطفرات، حاجة الكائن الحي لهذا التغير، والسؤال: لمَ لا يولد أطفال مُختَتِنون، مع أن اليهود والمسلمين يختنون أبناءهم منذ آلاف السنين؟ ولمَ لا يزال شعر الإبطين ينبت بنفس الطريقة، رغم أن أكثر الناس يُزيلونه باستمرار؟ ولماذا لا تزال الزائدة الدودية موجودة عند جميع البشر، بالرغم من أنها - كما يزعمون - عضو زائد لا فائدة منه؟







سؤال تاسع: من المعروف علميًّا أن الحيوانات لا تميز بين الألوان، ولا تعرف معنى الجمال، فلماذا تختار بعض الحيوانات ألوانًا وأشكالًا جميلةً جدًّا تتزين بها كالطاووس وبعض الطيور الأخرى، علمًا بأن هذه الصفات ليست ضروريةً لبقائها؟







السؤال العاشر: أغلب أجهزة الكائن الحي مركبة من عدة أعضاء، كالجهاز الهضمي والتنفسي والتناسلي، وهي تعمل بنظام الوحدة المتكاملة؛ فإما أنها ظهرت بكامل أعضائها دفعةً واحدةً، وإما أن تطورها كان يسير بخطة معلومة محددة، وكلاهما ينافي التطور العشوائي المزعوم.







تلك عشرة أسئلة كاملة، فيا أيها الملحدون، هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، وهاكم برهاننا فإنا صادقون؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [لقمان: 10، 11].







بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ويا فوز المستغفرين!







الحمد لله، كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه؛ أما بعد:



فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين، ومِنَ ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18].







معاشر المؤمنين الكرام، ينطلق المؤمن في حياته من فطرة سَوِيَّةٍ، وعقيدة نقية، تغمر قلبه بالطمأنينة، وتملأ نفسه بالسكينة، وتمنح روحه الرَّوْحَ والراحة، وتُنير عقله بصرًا وبصيرةً، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40]، والمؤمن يُوقِن أن في القلب شَعَثًا لا يلُمُّه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يُزيلها إلا الأنس بطاعته، وفيه حزن لا يُذهِبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا إدامة ذكره، وفيه نيران حسرات لا يُطفئها إلا الرضا بقضائه وقدره، وفيه فاقةٌ لا يسدُّها إلا محبته والإنابة إليه، وصدق الله إذ يقول: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].









بك أستجير فمن يجير سواكا

فأجِرْ ضعيفًا يحتمي بحماكا



يا مُدرِك الأبصار والأبصار لا

تدري له ولكُنْهِهِ إدراكا



إن لم تكن عيني تراك فإنني

في كل شيء أستبين علاكا



يا منبت الأزهار عاطرة الشذا

هذا الشذا الفوَّاح نفح شذاكا



يا غافر الذنب العظيم وقابلًا

للتَّوْبِ قلبُ تائبٍ ناجاكا



يا رب عدت إلى رحابك تائبًا

مستسلمًا مستمسكًا بعُراكا



إني أويتُ لكل مأوًى في الحياة

فما رأيت أعز من مأواكا



وبحثت عن سر السعادة جاهدًا

فوجدت هذا السر في تقواكا


يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.75 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.14%)]