عرض مشاركة واحدة
  #557  
قديم 04-05-2008, 09:00 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الفطريات الزقية والمن على البشرية


( تحويل محتوى رمال الصحراء إلى بروتين حيوي مغذي )
الدكتور نظمي خليل أبو العطا
علمنا في مقال سابق عن الفطريات البازيدية (Basidiomycota) كيف يحول فطر عيش الغراب Agaricus (Mushroom) القش ومصالحة القصب ونشارة الخشب إلى بروتين غني بالأحماض الأمينية الأساسية.
واليوم نحدثكم عن البروتين الناتج من رمال الصحراء من دون عناء من الانسان وهو أحد أنواع المن التي أنعم الله بها على البشرية, وقد احتار الناس في هذا الأمر الغريب والعجيب إذ كيف يخرج من بين رمال الصحراء أغنى أنواع البروتين على هيئة كتل لينة حلوة الطعم طيبة الرائحة ومن شدة العجب سماها الناس بجدري الأرض أو بنت الرعد لأنها تظهر عقب المطر بمدة وبعد الرعد والبرق وامتنع البعض عن تناولها لجهالة مصدرها لهم وعشقها الآخرون خاصة في الصحراء العربية في بلاد الخليج والمشرق العربي وسموها بالكمأة وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين .
والمن هو كل شيء ينبت من غير تكلف وجهد من الانسان بتمهيد للأرض وبذر للبذور وري ورعاية.
قال الأصفهاني(1) : وأما المن في قوله تعالى: ( وأنزلنا عليكم المن والسلوى ) البقرة57 فقد قيل : المن شيء كالطل فيه حلاوة يسقط على الشجر , والسلوى : طائر , وقيل : المن والسلوى : كلاهما إشارة إلى ما أنعم الله به عليهم , وهما بالذات شيء واحد لكن سماه منا بحيث إنه امتن به عليهم , وسماه سلوى من حيث إنه كان لهم به التَسَليَ .
والكمأة من أغلى المنتجات الطبيعية الناتجة من بيئة الصحراء حيث يباع الكيلوجرام الواحد من الأصناف المتميزة بثمن عشر كيلوجرام من اللحم الضاني.
ويطلق عليها اسم الفجع أو الفقع (جمع فقعة) في بعض مناطق الخليج والجزيرة العربية على الكمأة (2) , وكلمه كمأة تعني الشيء المستتر, وقد عرفت الكمأة منذ عهد قدماء المصريين واليونانيين والأفارقة والأوروبيين والهنود الحمر والأسيويين.
ويرجع الاهتمام العالمي بالكمأة(3) إلى ندرتها, وكذلك إلى القيمة الغذائية والقيمة الأقتصادية لها وفي سنة (1984م) أنتجت ليبيا حوالي (3000)كجم, وفي فرنسا سنة (1979م) أنتج حوالي 18طناً ووصل سعر الكيلوالواحد (500 ) دولاراً وفي الولايات المتحدة (800) دولار , ويصل سعر الكيلوالواحد إلى 6.700.000 ليرة إيطالية وتباع في ليبيا بخمسة دنانير للكيلو , وفي دول الخليج تصل إلى عشرة دنانير للأنواع المتميزة أي ما يعادل أكثر من 30 دولار.
وللكمأة(Truffles) قيمة غذائية كبرى فهي تحتوي في بعض أنواعها الناتجة من الصحراء السعودية 27.20% من وزنها بروتين , 7.40% دهن , 13% ألياف , 5.4% رماد وهي تحتوي الأحماض الدهنية الأساسية وتحتوي حمض الأسكوربيك الفيتاميني والريبوفيلافين والبوتاسيوم والكالسيوم والماغنيسيوم والزنك والنحاس والحديد والمنجنيز وهي مصدر جيد للحديد والزنك وفيتامين B1 , B2 والنياسين.
من هنا كانت الكمأة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم من المن الذي من الله به على عباده دون زرع وسقي وفلاحة وقد ثبت أنها تحتوي مضادات الحيوية لذلك كان ماءها شفاء للعين كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم .
ولكن ماعلاقة الكمأة بالفطريات الزقية ؟!
الكمأة أحد أجناس الفطريات الزقية (Ascomycota ) التي حدثناكم عنها عند الحديث عن الأعفان في خدمة الانسان, والفطريات البازيدية في خدمة البشرية وهناك ثلاثة أجناس مشهورة منها في العالم هي (Tuber ) و (Terminia ) و (Terfezia) ومنه الأنواع التالية: , Tuber rufum , Tuber magnatum Tuber melanosporium , Tuber aestivum , Tuber bramale ,

والفطريات الزقية (Ascomycota ) أو (Ascomycetes ) أو (Ascomycotina ) هي شعبة (Class ) من مملكة الفطريات (Kingdom : Fungi) في التصنيف الخماسي لواتيكر كما قلنا في المقالات السابقة .
وتتميز الفطريات الزقية بأن تكاثرها الجنسي يعطي ثماني جراثيم زقية (Ascospores ) داخل تراكيب تشبه القربة أو الزق (Ascus ) تتجمع في تركيب ثمري زقي (Ascocarp )
يأخذ العديد من الأشكال منها المغلق الدائري تماماًَ (Cleistothecium ) ومنها المفتوح قليلاً (Perithecium ) ومنها المفتوح تماما (Apothecium ) .
ويتبع الفطريات الزقية فطر الخميرة Saccharomyces المستخدمة في تخمير العجين وفطر البنسليوم Penicillium المنتج للمضاد الحيوية البنسللين وفطر الأسبرجيلاس Aspergillus وهما من الأعفان التي حدثناكم عنها في موضوع الأعفان في خدمة الإنسان ومن الفطريات الزقية فطر الكمأة أو الفجعة.
وتوجد الجراثيم الزقية داخل ثمرة الفقع التي نأكلها، وهذه الجراثيم تظر في الصحراء دون نمو إلى أن يشاء الله سبحانه وتعالى بنزول المطر وحدوث البرق ونزول بعض المركبات النايتروجينية المثبتتة بالشرارة الكهربائية في الجو فتبدأ بذور وحبوب بعض النباتات الزهرية الحولية في الإنبات، وتفرز هذه النبات الزهرية بعض المستخلصات الجذرية في التربة المحيطة بها، فتنبه جراثيم الكمأة تستحدثها على الإنبات فتنبت تلك الجراثيم أحادية المجموعة الصبغية(n) وتعطي الخيوط الفطرية موجبة (+) النوع والخيوط الفطرية سالبة (-) ليعطي في النهاية الجسم الثمري الذي ينموا يتضخم تحت سطح التربة معطياً الكمأة التي نأكلها.
وتكون الكمأة مع بعض النباتات الزهرية المتكافلة معها علاقة تبادل منفعة في تركيب جذري يسمى (الميكورايزا ) (Mycorhizae) حيث يقوم النبات الزهري بإمداد الفطر بالمواد الغذائية الناتجة من البناء الضوئي (Photosynthesis) كالمواد الكربوهدراتية والدهنية، ويقوم الفطر بخدمة النبات الزهري بتوسيع شبكة الشعيرات الجذرية الإمتصاصية الفطرية التي تعوض النبات الزهري عن شعيراته الجذرية التي لم تستطع أن تتكون في ظروف الصحراء القاحلة، وبذلك يساعد الفطر النبات على إمتصاص الماء والمواد الغذائية المعدنية من التربة التي فتتها وحللها وأذابها الفطر بأحماضه القوية كما يحلل الفطر المواد السامة في التربة ويحمي النبات الزهري من آثارها المميتة ومن النباتات الزهرية المتكافلة مع فطرة الكمأة:

الحندقوق Medicago laciniata والشيح Artemesia compesta
ولسان الحمل Plantago albica والليبيم Leypeum spartum
والأرقة Helianthemum sp
وذلك يجود فطر الكمأة في المحيط الجذري والبيئة المحيطة بتلك الأجناس من النباتات الزهرية، لأن هذه النباتات الزهرية تفرز حصارات محفزة لإنبات جراثيم الفطر وتساعدها على التغذية والنمو والتكاثر كما سبق .
وبذلك يكون الله سبحانه وتعالى قد سخر هذه الفطريات الزقية في خدمة البشرية ومن عليها بها حيث يتم إنتاج كميات هائلة تقدر بالأطنان منها في الصحراء القاحلة، وما تبقى في الصحراء دون جمع يصبح مصدرا للجراثيم للأعوام القادمة، لذلك نحن نحذر من الجمع الجائر لتلك الفطريات وعلى الدول العربية والإسلامية أن تنظم جمع هذه الفطريات وتعتني بأمكان تجمعها ونموها .
كما سخر الله سبحانه وتعالى النباتات الزهرية المكافلة مع الفطر للإمداده بالمواد الغذائية، وسخر الفطر لخدمة النبات الزهري، وسخرهما لخدمة الإنسان.
وهناك العديد من الدراسات التي أدت إلى نتائج إيجابية لزراعة الكمأة في صوب زراعية، وفي مختبرات ومعامل مهيئة لذلك، فسبحان من سخر هذه المخلوقات الصغيرة للعيش في الصحراء القاحلة وتحويل محتواها الميت إلى هذه الكمأة الحية(الرحمن على العرش أستوى له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرا )طه : 5-6.
والكمأة من الكائنات الحية تحت الثرى.
وتأكل الكمأة بعد تقطيعها وتحميرها في زيت الزيتون أو تأكل مسلوقة أو تضاف إلى الأطعمة، وتضاف إلى اللحوم الحمراء ولحوم الطيور لتحسين طعمها وتصنع منها الحلويات وتضاف إلى الألبان والأيس كريم، وتجفف الكمأة وتوضع في المشروبات ويصنع منها العديد من الأكلات ومن الكمأة أصناف وأنواع وأجناس وألوان منها القرمزي، والقشدي، والكريمي والأبيض الفاتح والكبير الحجم والصغير والمتوسط ومنها ما يصل إلى وزن 2.5كغ بطول 50سم وعرض 20سم وقد حثر أحد السوريين عام 1997م على كمأة تزن كيوغرام وبيعت يومها بـ 980ل.س في مزاد علني وسبحان القائل (قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ) فصلت 9-10 (انظر التفاصيل ي كتابنا آيات معجزات من القرآن وعالم النبات وكتابنا معجزات حيوية.

ـــــــــــــــــ
1. The fungi ,B.S.mehrotra ,Oxford and IBH puplishing Co .New Delhi.
لمزيد من المعلومات عن الكمأة أنظر :
2. The Encyclopedia of Mushrooms Colin Dickinson and Johnlucas(p:118-129).
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.87 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.82%)]