عرض مشاركة واحدة
  #312  
قديم 10-04-2008, 09:02 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبــــع موضوع .... الطب ومكانته في التشريع الإسلامي

وعن جابر رضي الله عنه عن النبي eقال: (لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله تعالى) رواه مسلم.
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله eقال: (ما خلق الله من داء إلا وجعل له شفاء علمه وجهله من جهله إلا السام، والسام الموت) رواه ابن ماجة.
في هذه الأحاديث إثبات للمداواة وحث عليها وتعريف بأنها سبب للشفاء. وأن الأدوية ليست سوى أسباب خلقها الله وسائل للشفاء والأخذ بسنة الله في كونه. وفي قوله e(علمه من علمه وجهله من جهله) حث للأطباء المسلمين على البحث والاستقصاء لاكتشاف أدوية للأمراض التي لم يعرف لها بعد دواء ناجع واستخراج أدوية أفضل من سابقتها. وفي تأكيد النبي eأن لكل داء دواء. تقوية لنفس المريض عندما يستشعر بنفسه وجود دواء لدائه. يقوى به رجاؤه وترتفع معنوياته ويذهب توهمه الذي هو عدو آخر بعد المرض.
وقد علق النبي eالبرء بموافقة الدواء للداء، فللأدوية مقادير معينة تفعل بها يجب ألا تزيد عنها ولا تنقص. وفي هذا حث للأطباء المسلمين على زيادة معرفتهم ومهارتهم في الطب وعلومه ليتسنى لهذه المعرفة أن تصيب الداء بالمقدار المناسب من الدواء.
والتداوي بصورة عامة سنة من سنن الإسلام،يشهد بذلك فعل النبي eوأقواله وإذا حدث التباس فهو من فهم سقيم أو ناقص، فإن الرسول eق
هو المبلغ لشرع ربه قولاً وفعلاً: أما أقواله eفما أوردناه أعلاه، ونذكر منها ما وراه أسامة بن شريك قال: كنت عند رسول الله eوجاءت الأعراب فقالوا: يا رسول الله أنتداوى؟ فقال: نعم يا عباد الله تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء غير داء واحد. قالوا ما هو؟ قال: الهرم.
كما أن وصفات النبي eالعديدة والتي سنذكرها على صفحات هذا الكتاب لتشير إلى مشروعية التداوي بل وسنيته. ومن ذلك إرسال النبي eبعض الأطباء إلى أصحابه. فقد ورد عن جابر رضي الله عنه قال: (بعث رسول الله eإلى أبي بن كعب طيباً فقطع منه عرقاً ثم كواه عليه) رواه مسلم.
وأما فعله eففيهأحاديث كثيرةمنها ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن رسول الله eاحتجموهو محرم في رأسه من شقيقة كانت به)وما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه (رمي في أكحله فحسمه النبي eبمشقص، ثم ورمت فحسمه الثانية)والمشقص سهم له نصل طويل.
فهذه الأحاديث تدل على أن التداوي سنة ولقد اتفق العلماء على جوازه بل أن عموم الأمر بالتداوي يدل على أنه أعلى من مرتبة الإباحة فإن اقل مراتب الأمر: الندب.
وقد ذهب الشافعية إلى أن التداوي أفضل من تركه وإل هذا ذهب أربعة من كبار أئمة الحنابلة (ابن الجوزي وابن يعلى وابن عقيل وابن هبيرة) مخالفين إمامهم وعزا النووي مذهب أفضلية التداوي إلى جمهور السلف وعامة الخلف وذهب الحنفية والمالكية إلى أن التداوي مباح، لا بأس بالتداوي وتركه. وذهب ابن حنبل إلى أن ترك أفضل حيث يقول: العلاج رخصة وتركه أعلى منه. والدليل عنده ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس أن امرأة جاءت إلى النبي eفقالت: ادعالله أن يشفعني فقال: إن شئت دعوت الله فشفاك وإن شئت صبرت ولك الجنة. قالت: يا رسول الله لا بل أصبر) وما أخرجه البخاري عن النبي eقوله: (سبعون ألفاً من أمتي يدخلون الجنة لا حساب عليهم: الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون).
ويرى الكحال ابن طرخان أن النبي eأمر بالتداوي، وأقل مراتب الأمر الندب والاستحباب ومما يستدل على ذلك أن النبي eكان يديم التطبب في حال صحته ومرضه.
أما حال صحته eفباستعمال التدبير الحافظ لها مثل الرياضة وقلة التناول من الطعام وإكحال عينيه بالإثمد كل ليلة وتأخير صلاة الظهر في زمن الحر بقوله: (أبردوا بها) وأما تداويه عليه الصلاة والسلام فثابت بالأحاديث الكثيرة. مما يثبت ما ذكره من تداوي رسول الله eومداوته تطببه في صحه ومرضه، ولم يكن يداوم رسول الله eإلا على الأفضل.
ويؤكد الدكتور النسيمي ـ ونحن معه ـ أن اختلاف السلف حول أفضلية التداوي إنما هو لواقع الطب في زمانهم من ضعفه وكثرة ظنياته. أما إذا نظرنا إلى ما توصل إليه الطب الحديث، وإلى ما ورد من أحاديث في المداواة، ودعوة الإسلام أصلاً إلى حفظ النفس. فإننا نستطيع أن نقول أن التداوي تعتريه الأحكام الخمسة والله أعلم:
1ـ إنه مباح في المباحات إذا لم يغلب على الظن فائدته. كما في مداواة معظم أنواع السرطانات وخاصة إذا انتشرت ولم تكافح في بدئها.
2ـ إنه مندوب تجاه استعمال الأدوية التي يغلب على الظن فائدتها. سواء في شفاء المرض أو تلطيف أعراضه.
3ـ إنه واجب تجاه استعمال الأدوية قطعية الإفادة بإخبار الأطباء، إذا خاف المريض أو طبيبه أن يقعده المرض عن القيام بواجباته أو إذا خاف على حياته أو تلف عضو من أعضائه.
4ـ إنه مكروه عند استعمال الأدوية المكروهة مع توفر الأدوية المباحة.
5ـ إنه محرم عند استعمال أدوية محرمة دون الاضطرار إليها.
وعلى هذا فإن المريض إذا علم يقيناً، أو بغلبة الظن بحصول الشفاء من المداواة، وقد حكم الأطباء بأن حالته خطرة وأن حاجته للدواء أصبحت أمراً ضرورياً، وأنها كحاجته للطعام والشراب، بحيث لو تركه فقد جعل معرضاً للهلاك فإن إقدامه على المداواة يعتبر واجباً شرعياً يأثم بتركه.
ونص الشافعية على لسان الإمام البغوي: (إذا علم الشفاء في المداواة وجبت) وقال ابن تيمية في مجال التداوي (وقد يكون منه ما هو واجب، وهو ما يعلم أنه يحصل بع بقاء النفس لا بغيره، كما يجب أكل الميتة عند الضرورة ، فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء).
الرأي بأن التداوي تعتريه الأحكام الخمسة قال به حجة الإسلام الغزالي في (إحياء علوم الدين)، كما أرجحه ابن تيمية رحمه الله حين قال في فتاويه (والتحقق أن منه مات هو محرم، ومنه ما هو مكروه، ومنه ما هو مباح، ومنه ما هو مستحب، وقد يكون منه ما هو واجب).
وتعليقاً على الأدوية المحرمة يقول البغدادي: (ثم قد تكون العلة مزمنة ودواؤها موهوم، ومن شرب دواء سمياً أو مجهولاً فقد أخطأ لقوله e: (من سم نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جنهم) متفق عليه.
التداوي والتوكل:
إن تناول العلاج لا ينافى التوكل، الذي هو في حقيقته ملاحظة القلب عند تعاطي الأسباب، بأن الفعال المطلق هو الله سبحانه، وأنه هو الشافي وحده، إذ لا تأثير للدواء دون إذن منه سبحانه. وعلى هذا فإن تناول الدواء لا ينافي حقيقة التوكل، كما لا ينافي دفع الجوع بالأكل، بل إن حقيقة التوحيد وكمال اليقين لا تتم إلا بمباشرة الأسباب الني نصبها الله مقتضيات لمسبباتها. وإن تعطيلها يقدح في التوكل نفسه لأن في ذلك إهمالاً للأمر الشرعي بالتداوي.
والتداوي أيضاًَ لا يتنافى مع الإيمان بالقدر. فعن أبي خزامة قال: (قلت يا رسول الله، أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئاً؟ فقال: هي من قدر الله [2].
ففي هذا الحديث إبطال قول من أنكر التداوي متعللاً بالقضاء والقدر وبقول الله تعالى: (وإذا مرضت فهو يشفين) ويقال لأمثاله: إن قولك هذا يوجب عليك أن لا تباشر سبباً من الأسباب التي تجلب المنفعة أو تدفع الضرر، وفي هذا خراب الدين والدنيا وفساد العالم. وهذا لا يقوله إلا دافع للحق، معاند له.
وفي هذا المجال يقول البغدادي: (فالتسبب ملازم للتوكل فإن المعالج الحاذق يعمل ما ينبغي ثم يتوكل على الله في نجاحه ونعمائه، وكذلك الفلاح يحرث ويبذر ثم يتوكل على الله في نمائه ونزول الغيث. وقد قال تعالى: (خذوا حذركم) وقال عليه الصلاة والسلام: (اعقلها وتوكل) رواه الإمام أحمد.
أما الإمام الغزالي فيقول: (أما من ترك التداوي أو تكلم في تركها، كما يروى عن أبي بكر رضي الله عنه وبعض السلف، فالجواب بأمور:
الأول: أن يكون المريض تداوى فلم تفده الأدوية ثم أمسك أو أن علته لم يكتشف لها دواء ناجع.
الثاني: أو أن يكون ما قاله لا ينافي التداوي وإنما هو تذكيره بالقدر، أو أن يكون قد لاحظ في الحاضرين من يلقي اعتماده على الدواء فلتا يتعلق قلبه بالله فكان جوابه جواب الحكيم.
الثالث: أن يكون المريض قد كوشف بقرب أجله.
وعلى أحد هذه الوجوه يحمل ما ورد عن أبي بكر لمات قبل له: لو دعونا لك طبيباً فقال: الطبيب قد نظر إلي فقال: إني فعال لما أريد.
الرابع: أن يكون مشغولاً بذكر عاقبته عن حاله، فقد قبل لأبي الدرداء: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي. قيل فما تشتهي؟ قال: مغفرة ربي. قيل: ألا ندعو لك طبيباً؟ فاقل: الطبيب أمرضني فقد تأولها الغزالي بأن تألم قلبه خوفاً من ذنوبه كان أكثر من تألم بدنه بالمرض.
وفي تعليقه على حديث (لكل داء دواء) قال الإمام النووي: (فيه إشارة إلى استحباب الدواء، وفيه رد على من أنكر التداوي من غلاة الصوفية محتجاً بأن كل شيء بقضاء وقدر فلا حاجة إلى التداوي، لأن التداوي أيضاً من قدر الله، وكالأمر بالدعاء وقتال الكفار).
مراجع البحث
1ـ الإمام الغزالي: عن كتابه (إحياء علوم الدين).
2ـ الإمام النووي: عن كتابه (المجموع).
3ـ ابن ألأثير الجزري: عن كتابه (جامع الأصول في أحاديث الرسول e).
4ـ د. محمود ناظم النسيمي: عن كتابه (الطب النبوي والعلم الحديث)
5ـ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك وكتابه~: (التداوي والمسؤولية الطبية)
6ـ الإمام ابن تيمية وكتابه (مجموع الفتاوي).
7ـ ابن قيم الجوزية وكتابه (الطب النبوي).
[1])ذكره صاحب مختار الصحاح، وذكره ابن حجر العسقلاني في كتابه (تلخيص الجبير) نقلاً عن غريب الحديث لابن قنيبة (أغربوا لا تضووا).[2] رواه ابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.75 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.36%)]