عرض مشاركة واحدة
  #1548  
قديم 15-12-2013, 07:34 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبـــــع الموضوع السابق (3 )
قصة إسلام مراد هوفمن

بعد الصلاة، يقوم المرء بشغف شديد بالتسبيح بحمد الله، مستخدما إما مسبحة مكونة من ثلاث وثلاثين او من تسع وتسعين حبة، واما اصابع يده مرددا في همس: "سبحان الله وبحمده" او "الشكر لله" و"الحمد لله"، و"الله اكبر"، ولعلنا نلاحظ انه ـ خلافا للمسيحية ـ تتعدد اشكال التسبيح والدعاء في الاسلام.
واذ كانت للدعاء مكانته الرئيسية، فان الانصراف عن الدعاء الى الله يصير نوعا من نقص الايمان، لان "الله قريب يجيب دعوة الداعي اذا دعاه". (انظر: سورة 2 آية: 186).
وكما انه ليس للدعاء صورة او قالب محدد، فليس له ايضا موقع او زمن محدد، ولا يشترط ان يكون باللغة العربية، وهو في حالته المثلى ذكر دائم لله. وهذا الذكر الدائم لله هو ما يجتهد فيه متصوفة المسلمين. ولقد قمت انا ماري شيميل بجمع قدر كبير من هذه الاذكار والادعية الاسلامية الجميلة.
ويرجع الى التصوف الاسلامي الفضل في تماسك وعدم تفكك الاذكار والادعية الاسلامية شكلا ومضمونا، بدءا من المتصوف الاندلسي ابن عربي في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي وحتى فريثجوف شؤون في عصرنا الراهن. فلم يتحلل الصوفيون الاسلاميون الحقيقيون على الاطلاق من الشكليات المفروضة، وانما قاموا بعقلنتها. فها هو ذا شوؤن يقول في موضع آخر: "ان المسلم ـ وبصفة خاصة من يتبع السنة حتى في ادق واصغر تفريعاتها ـ يعيش في شبكة من الرموز..."، ومن يحمل هذا في قلبه لا يترك صلاته تتحول الى روتين. وسواء اديت الصلاة في مسجد شيعي في هامبورج، او في مسجد مبني بالطوب اللبن (الطوب الاخضر) وجذوع النخيل في واحة فيجيج شرق المغرب، او في المسجد الاموي في دمشق بفسيفسائه المبهرة، فان الصلاة واحدة، فقد تعلموها على يد معلم واحد (وهو ما حدث بالفعل). وهذا التوحد الشكلي يوفر الهدوء والطمأنينة اللازمين للتركيز التام.
علاج أعراض التوتر المعاصر
تنطوي الصلاة في الاسلام، بالاضافة الى جانبها الروحي، على بعد مادي ملموس، فضلا عن بعد سياسي محتمل. فالمرء يحتاج الى وقت طويل حتى يتعلم كيف يجلس على قدميه مسترخيا على ارض صلبة، دون ان يتعرض لتقلصات عضلية، مدركا ان وضع القدمين عاريتين في الوضع المناسب أيسر منه وهما داخل الجوارب. ولكن الجلوس على الارض دون حراك لساعات طويلة على نحو ما يفعله اخوتنا في الشرق امر لم يعد بمقدورنا ان نتعلمه في سن متقدمة.
ومن المؤكد، ان الصلاة في الاسلام تفيد في علاج اعراض التوتر المعاصر، الذي لا يحتاج الى وقت طويل لتحليل ومعرفة اسبابه. فالانسان المعاصر لا يعمل من حيث الكم، فيما يختص بالعمل العضلي بصفة خاصة، اكثر مما كان يعمل في ما مضى من الزمن، بل ان العكس هو الصحيح. اما الجديد، فهو السرعة التي تجري بها كل الاحداث وتجري بها كل الاعمال، بواسطة التلكس والفاكس والبريد الالكتروني والانترنت والبريد السريع ـ والتي ترهق المرء. فالناس يساورهم القلق من احتمال فقدان السيطرة على الامور ومداهمة المواعيد لهم، والخوف من الفشل، ويزيد تعاطي الخمور والتدخين والاقراص المخدرة والاقراص المنشطة الامر سوءا. ولقد ارتفعت تكاليف علاج انسداد الشرايين عند من يشغلون وظائف الادارة العليا، الى درجة انهم اصبحوا يرغمون على القيام باجازات اجبارية. وكذلك تتناول البرامج التدريبية لمديري شؤون العاملين التغذية الحيوية المرتدة، والتأمل الاستشرافي، وضرورة اكتشاف الفرد بنفسه لطقوس الشاي اليابانية كوسائل للتخلص من التوتر والقلق.
التحرر الداخلي
ومقولتي في المقابل، هي ان الصلاة الاسلامية تحقق كل هذا واكثر منه، اذ انها لا تساعد المؤمن على التوقف عن التفكير والاسترخاء فحسب، وانما تساعده ايضا على تحقيق تحرره الداخلي من سحر المال والجاه والمنصب. فبينما يجد الاميركي الذي يعيش تحت ضغوط مختلفة انه امام خيارين لا ثالث لهما: اما الحرب واما الهروب بالانتحار، يختار المسلم اختيارا ثالثا هو ان يفيض مع الاشياء، أي يتوكل المسلم على الله. فبفضل الصلاة الاسلامية لا يستطيع مسلم حقيقي ان يكون متوترا مؤرقا، ولا ان يكون مصدرا للتوتر والارق.
انني اعرف تماما عما اتحدث. فلقد كان بمقدوري ان اعرف كل العوامل التي تسبب الضغط والتوتر والارق من خلال عملي مديرا لقسم حلف شمال الأطلسي والدفاع في وزارة الخارجية الألمانية في الفترة من عام 1979 إلى عام 1983، ومن خلال عملي مديرا لادارة المعلومات الخاصة بخطر التهديدات بالعدوان في حلف شمال الاطلسي ببروكسل في الفترة من عامي 1983 ـ 1987.
ابتداء من عام 1980، لم اعد احمل معي في رحلات العمل سوى سجادة للصلاة وبوصلة (صنع تايوان)، لتحديد اتجاه القبلة، وان كنت على يقين بأن منشفة نظيفة تفي بالغرض، وان الله ليس غربيا ولا شرقيا، اذ (فأينما تولوا فثم وجه الله) (سورة البقرة: الآية 115). وراحت ايامي تتشكل اكثر فأكثر تبعا لمواقيت الصلاة، وليس تبعا للساعة التي تسبب القلق والتوتر. فعندما يتواعد المرء مع مسلمين، فانه لا يواعدهم "الساعة الثالثة والربع"، وانما يواعدهم لوقت غير محدد الى حد ما "بعد صلاة الظهر"، او "بعد صلاة المغرب".
ومجمل القول انني وجدت عين الصلاة تلك الطمأنينة والتحرر الداخلي الذي ينتزع المسلم من الضغوط كافة، لانه يستطيع ان ينتزعه من عالم يقاس الوقت فيه بالمال، والمال فيه هو كل شيء.
عندما تعرضت في عام 1992 لحملة طعن وتجريح شرسة في وسائل الاعلام بسبب ايماني، لم يستطع بعض من زملائي ان يفهم عدم اكتراثي بهذه الحملة (او انهم اعتبروه نوعا من الكبرياء والغطرسة)، وكان من الممكن العثور على تفسير لهذا السلوك من جانبي في الآية الخامسة من سورة الفاتحة (إياك نعبد وإياك نستعين).
في تلك الاثناء، صارت الصلاة بالنسبة لي عنصر تنظيم لحياتي على جانب كبير من الاهمية، حتى انني لم اعد ارغب العيش في بلد لا استطيع ان اسمع فيه نداء المؤذن الجميل للصلاة كما هو الحال في فاس، وفي اسطنبول مرة اخرى اخيرا.
لاحظت مرارا ان الصلاة المنزهة عن الغرض يمكن، بحكم طبيعتها، ان تصير عنصرا سياسيا. فإلى ما قبل اقدام الجبهة الاسلامية في الجزائر على العمل العلني في عام 1988، كان اتباعها قد بدأوا يتجنبون المساجد الخاضعة لاشراف الحكومة (كما يتجنب كثيرون من الاتراك العاملين في المانيا المؤسسات التابعة لوزارة الاديان التركية)، فاسلامهم الموازي ينعكس في صلاة موازية ايضا. ففي البليدة، على سبيل المثال، ادينا الصلاة في عام 1987 في مسكن خاص مجاور للمسجد مباشرة، بدلا من ان نصلي في المسجد. وبالمثل، كان من المظاهر المميزة ان تدخل المسجد مجموعات من الشباب، قبل او بعد صلاة الظهر بوقت قصير، لتصلي في احد الاركان كمجموعة مغلقة، وخلف امام خاص، وهذه هي ذات الظاهرة التي لاحظتها في سبتمبر (ايلول) عام 1994 في مسجد سنان باشا بحيى بارباروس في اسطنبول.
كانت النتائج السياسية باهرة، عندما ارادت حكومة جبهة التحرير الوطني الجزائري ان تدلل، في احد المساجد بالقرب من ميناء الجزائر يوم عيد الاضحى عام 1988، على مدى ما صارت اليه من تدين وورع. فلقد غضب الشعب بأكمله (او سخر)، عندما تبين له على شاشات التلفزيون ان عناصر قيادية من حزب الوحدة الاشتراكي تجهل بشكل واضح كيفية اداء الصلاة، ولم تمض سوى شهور قلائل حتى اصيبت جبهة التحرير الوطني في شهر اكتوبر (تشرين الأول) عام 1988 بهزيمة قاسية، في انتفاضة شعبية، بينما اكتسبت الجبهة الاسلامية للانقاذ وضع حزب شرعي.
لإنسان بفضل قدرته على التفكير وإعمال عقله يفاخر بأنه أعظم المخلوقات
يحكي المفكر الاسلامي الدكتور مراد هوفمان السفير الألماني السابق في رحلته الايمانية في هذه الحلقة عن أبرز مظاهر تحوله الى الاسلام، هو رفضه لاحتساء الخمر واختفاء زجاجة النبيذ الأحمر من فوق مائدة طعامه، اهتداء بتعاليم دينه الجديد الذي يحرم الخمر. ويقول هوفمان: "لقد ظننت في بادئ الأمر انني لن استطيع النوم جيدا دون جرعة من الخمر في دمي، بل ان النوم سيجافيني من البداية. ولكن ما حدث بالفعل كان عكس ما ظننت تماما. فنظرا لأن جسمي لم يعد بحاجة الى التخلص من الكحول، أصبح نبضي أثناء نومي اهدأ من ذي قبل. صحيح ان الخمر مريح في هضم الشحوم والدهون، لكننا كنا قد نحينا لحم الخنزير عن مائدتنا الى الأبد، بل ان رائحة هذا اللحم الضار (المحرم) أصبحت تسبب لي شعورا بالغثيان".
وهكذا جعل الاسلام هوفمان يفيق من سكره لعبادة ربه، التزاما بما حرمه الله عليه، وطاعة يلتمس بها مرضاة الله تعالى. وهنا نواصل معه هذه الرحلة الايمانية التي قادته الى النجاة من الهلاك في الآخرة.
د. هوفمان: الخمر ولحم الخنزير أكبر عائقين في طريق انتشار الإسلام بألمانيا
يعترف الدكتور مراد هوفمان انه كان خبيرا بالخمور قبل اعتناقه الاسلام، حيث يقول: كنت في جاهليتي الشخصية (زمن الظلام) قبل اعتناقي الاسلام خبيرا بالخمور حتى انني كنت أحدد أنواع الأنبذة الحمراء المدهشة بمجرد تذوقها بطرف لساني، وكان التمييز بين أنواع الخمور "الذكورية" و"الأنثوية" أيسر منه بين الانواع المختلفة داخل كل مجموعة منهما، حيث يتطلب الأمر بالنسبة لكل حالة تحديد الزيت الأثيري الخاص بها عن طريق التذوق. ولقد اتاحت لي الحياة الدبلوماسية، وبصفة خاصة حفلات العشاء الرسمية في ختام مؤتمرات وزراء حلف شمال الأطلسي، فرصة هائلة لاكتساب هذه الخبرة. ولقد تدربت بنشاط وجد لأنمي وأدرب ملكة التفرقة والتمييز بين أنواع النبيذ. واثناء عملي بباريس في عام 1967، كنت في عطلة نهاية الاسبوع أحجز عن طريق دليل ميشلان منضدة في أحد المطاعم ذات النجمة الواحدة، وكنت اختار النبيذ بواسطة الهاتف، وأطلب فتح الزجاجة على الفور، حتى يتأكسد النبيذ بدرجة كافية، ويصل الى كامل نضجه ومذاقه عند وصولي الى المطعم. وكنت في المساء اختار قائمة طعامي بما يناسب النبيذ وليس العكس.
التحريم القرآني للخمر
عندما كنت اشغل منصب المستشار الاول بالسفارة في بلغراد، في عامي 1977ـ 1978، كنت اقيم حفلات اختبار وتذوق للنبيذ، ادعو اليها الاصدقاء. وكنت اعرض على ضيوفي كيف يمكن عن طريق سقف الحلق تحديد انواع الكروم والتربة وطرق القطف وطرق التخمير والسنة، مستخدما انواعا من النبيذ الابيض عديم اللون، كنت قد جلبتها من متاجر متخصصة، ومن مناطق مختلفة، وكنت "كتربوي" اعرض انواع النبيذ على نحو تتابع فيه انواع تجمع بينها صفات مشتركة، وتميز بعضها بصفات اخرى. ولقد تطورت قدرات بعض ضيوفي، في واقع الامر، بحيث استطاعوا بعد سابع محاولة للتذوق ان يميزوا بين انواع النبيذ المختلفة تبعا لمعايير مختلفة.
لقد وجدت مع ذلك ان التحريم القرآني للخمر والمخدرات ليس ضرورة اجتماعية فحسب، وانما هو ايضا منفعة شخصية للفرد، اذ يمكنه ان يكون متيقظا صافي الذهن دائما. ومن ثم، انهيت هذه المرحلة من حياتي مرة واحدة، وإلى الابد، فان الانسان، بفضل قدرته على التفكير وإعمال عقله، يفاخر بأنه اعظم المخلوقات. فنحن البشر نستطيع ان نمعن التفكير في العالم من حولنا وفي احوالنا، وان نتصرف بحكمة، وهذه الصفات التي ترقى بنا، هي ذات الصفات التي ندمرها على نحو منتظم بتعاطي الخمور والمخدرات، ونحن بذلك نمتهن انفسنا ونحط من قدرتنا داخل المنظومة الكونية، وننحدر بالتالي الى مكانة ادنى من مكانة الحيوانات، التي لا يغيب عنها وعيها ابدا. فادمان تعاطي الخمور والمخدرات نوع من التشويه الذهني الذاتي. وكانت مديرة منزلي الصربية في بلغراد مثالا منذرا لي، اذ كانت تعود دائما الى ادمان الخمر، حتى بعد علاج لفترات طويلة.
ان مشهد مدمني تعاطي الخمر مشهد مهين، يبعث على الاكتئاب، ويثير الشفقة، وكثيرا ما يقدم هؤلاء على الانتحار، وهم يعلمون حقيقة حالهم، ولكنهم لا يستطيعون الرجوع عما هم فيه، لان الخمر سلبتهم العزيمة والارادة والقدرة على اتخاذ القرار. من النادر ان تجد عدد مدمني الخمر في المجتمع الاحدث في المدن التركية الكبيرة اقل من عددهم في المانيا. فهم يمسكون ـ من وقت الظهيرة ـ بكأس الراكيا في يد، وبالسيجارة في اليد الاخرى، مبرهنين بذلك على انهم لم يعودوا سادة انفسهم، وهم من الناحية الدينية، يمارسون بذلك نوعا من الشرك بالله، لأن الخمر ونيكوتين الدخان اهم عندهم من كل ما عداهما في العالم بمن في ذلك ربهم الذي خلقهم. فهم يستطيعون ـ في ظنهم ـ ان يعيشوا بدونه، ولكن ليس بدون الراكيا.
يهدف القرآن من وراء التحريم المطلق للخمر الى منع البدء في تعاطيها، حيث لا يبدو ضارا في حالة احتساء كأس واحدة. فالكأس الواحدة لا تبدو خطيرة في الظاهر يمكن في يوم ما ان تصبح كؤوسا عديدة، ومن المعتاد الا يرى المدمن انه معرض للخطر، وان يقدم ما لا حصر له من الاعذار والحجج لتبرير اعتياده التدخين او احتساء الخمر، في هذا الوقت بصفة خاصة، ومن ذلك كون المدمنين سعداء او تعساء، يعانون من ضغط العمل او في اجازة منه، جماعة او فرادى، مرضى او اصحاء، جوعى او شبعى.
لقد واجهت كرئيس مسؤول هذه المشكلة، فكنت، عندما انبه احد العاملين معي حتى قبل احتسائه الخمر بيوم واحد، كنت اعد معتديا على حقه في ان يعبر عن شخصيته بحرية (واواجه بذلك مشكلة مع مستشار شؤون العاملين). ومع ذلك، كان مستشار شؤون العاملين نفسه يستطيع ان يتأكد في اليوم التالي ان الموظف المعني صار في واقع الامر مدمنا للخمر. ومن ثم، فانه يعد رسميا من هذه اللحظة مريضا بادمان الخمر.
ان من لا يتعاطى الخمر، اذا وجد بين سكارى، سرعان ما يكتشف انه في مكان خطأ، اذ يرى هؤلاء انفسهم ظرفاء ومبدعين وقادرين على التخيل. ولقد استطعت ان اثبت لنفسي عكس ذلك تماما، عندما قمت بعزف مقطوعات موسيقية بذاتها على احدى الآلات النحاسية وتسجيلها ثلاث مرات. وكنت بين المرة والاخرى احتسي كأسين من ويسكي البربون من النوعية المفضلة لدي قبل اسلامي. وكان توقعي: ان عزفي سيكون افضل في كل مرة احتسي قبلها الويسكي، لكن جهاز التسجيل كشف الحقيقة الصاعقة!
شعرت بخجل شديد من سلوك بعض مواطنيّ ونحن على متن احدى طائرات شركة لوفتهانزا، في طريقنا الى جدة. فكنا كلما اقتربنا من السعودية بمناخها الشديد الجفاف، ازداد طلبهم وبالحاح شديد للخمر حتى انهم طلبوا من المضيف اربع زجاجات في وقت واحد ـ كما لو ان المرء يستطيع ان يجتر الخمر بعد ذلك كالجمل، ولقد كان مشهدهم مخزيا، وهم يغادرون الطائرة حاملين في ايديهم شجرة عيد الميلاد مغلفة بالبلاستيك ويترنحون من السكر.
واثبت في هذه الوقائع انه قد لا يكون هناك عائق في طريق انتشار الاسلام في المانيا اقوى من التحريم القرآني للخمر ولحم الخنزير. فلن يتنازل الألماني في بافاريا ولا في كولونيا عن طعامه المفضل من لحم الخنزير، ولا عن خمره المفضل.
وتجد الألماني يتغنى بجمال الفتيات التركيات، وبحق المرء في تعدد الزوجات اذا اراد، ورغبته بالتالي في ان يكون تركيا. ولكنه سرعان ما يعدل عن هذه الرغبة، ويصرخ بأنه لا يريد ان يكون تركيا لان الاتراك لا يشربون الخمر. وما كان يمكن ان يكون مجديا على الاطلاق ان يصير تركيا، وان كان الاتراك يتعاطون الخمر الآن، اذ يعاقب القانون في تركيا حاليا على تعدد الزوجات ولا يعاقب على تعاطي الخمر.
ان المسلم، بتناوله كوبا من الماء او العصير بين اناس يحتسون الخمر، يفسد عليهم بهجتهم، لان ما يفعله ينطوي على عقاب معنوي لهم. لذلك، اصبح من النادر بعد اعتناقي الاسلام ان ندعى، زوجتي وانا، الى حفلات خاصة او الى حفلات رقص، وكأن المرء لا يسعد الا بالخمر، وهكذا، اصبحنا معزولين "منبوذين".
اختلاف البيئة المناخية
كثيرا ما يساق اختلاف البيئة المناخية كحجة ضد التحريم الاسلامي للخمر ولحم الخنزير في مجتمعنا (المجتمع الالماني) بدعوى ان هذا التحريم لا يناسبه مناخيا. وهذه حجة تفتقر الى المنطق، فالحقيقة ان اضرار الخمر في العصر التكنولوجي اكبر بكثير منها في القرن السابع، حيث كان اقصى ما يمكن ان يحدث للمخمور هو ان يسقط من فوق صهوة جواده، او ان يعتدي بالضرب على زوجته واطفاله، او ان يقطع اوتار سيقان الجمل، (كان وقوع حدث شرير من هذا القبيل مناسبة لنزول احدى آيات تحريم الخمر في القرآن).
وما يزال النساء والاطفال يتعرضون اليوم للضرب تحت تأثير الخمر. وكذلك تسقط الطائرات اليوم تحت تأثيره. ولقد تسبب قائد احدى الناقلات البحرية تحت تأثير الخمر في وقوع اسوأ كارثة بيئية حتى الآن. وعلى الرغم من توفر احصاءات عن حوادث الطرق وحوادث المصانع، فانه لا يمكن تقدير الخسائر البشرية والمادية التي تصيب المجتمع الغربي بسبب ادمان الخمر والمخدرات. وفي بعض المستشفيات التركية، تتجاور اقسام علاج الادمان واقسام علاج الامراض العقلية، لما ينطوي عليه ذلك من انذار، ان عاجلا او آجلا، هذا اذا ما دمر العقل قبل ان يتوقف الكبد عن أداء وظائفه.
لقد كنت واحدا من ضحايا حوادث المرور التي تقع تحت تأثير الخمر، ففي نهاية عام دراسي في كلية الاتحاد بشينيكتادي بولاية نيويورك، قمت بجولة في الولايات المتحدة الاميركية "بطريقة الاوتوستوب". (اي ايقاف السيارات والانتقال بها مجانا من موقع الى آخر). وفي اثناء هذه الجولة، تعرضت يوم 28 من يوليو (تموز) عام 1951 لحادث سيئ بالقرب من هول سبرنجز بولاية مسيسيبي، فبينما كنا في طريقنا على الطريق السريع من اتلانتا بولاية جورجيا الى ممفيس في ولاية مسيسيبي، ظهر امامنا ونحن على مقربة من غايتنا شبح. ولا اتذكر شيئا عما حدث بعد ذلك. ولكني علمت في ما بعد ان هذا الشبح لم يكن سوى سيارة اصطدمت بنا، كان سائقها ومرافقه قد احتسيا كميات كبيرة من الخمر في تنيسي، التي تسمح باحتسائه اثناء القيادة، قبل ان يتوجها الى مسيسيبي التي تمنع احتساءه اثناءها.
وكانت خسائرنا اقل فداحة من خسائرهم، لاننا كنا نركب سيارة شيفروليه مصنوعة في عام 1941، اي قبل الحرب، وكانت اشد متانة من السيارة التي كانوا يركبونها وهي شيفروليه من انتاج عام 1943 اي اثناء الحرب.
ولقد تبين لي بوضوح ان ذراعي المصابة الآن، والتي كنت اضعها على وسادة المقعد الخلفية، قد وقتني مما هو اكثر، وكان من الواضح ايضا انني ما كنت لأنجو لو ان قامتي كانت اقصر بمقدار ثمانية سنتيمترات فقط، لانني كنت سأنكفئ في هذه الحالة على انفي وعيني بسرعة حوالي 160 كيلومترا في الساعة. ومع ذلك، كانت خسارتي في هذا الحادث تسع عشرة من اسناني. وبعد انتهاء الجراح من خياطة ذقني وشفتي السفلى، سألني قائلا: انه من الممكن اصلاح وجهي بعد سنوات عن طريق اجراء عملية تجميل، واضاف قائلا: "ان مثل هذا الحادث لا ينجو منه في الواقع احد، وان الله يدخر لك يا عزيزي شيئا خاصا جدا".
ولقد كنت افكر في هذا الامر، وانا اتجول في هول سبرنجز بذراع مربوطة وضمادة تحيط بالذقن وفم مخيط. وكنت افكر في ما أرفه به عن نفسي في يوم عيد ميلادي العشرين. ولكن كل شيء كان يؤلمني.. تناول الطعام او الشراب، او التنزه، او الاجابة عن الاسئلة، واخيرا ذهبت لأقص شعري، فهذا على الاقل لا يؤلم. ولم ادرك المغزى الحقيقي لنجاتي وبقائي على قيد الحياة الا بعد ثلاثين سنة، عندما اشهرت اعتناقي للاسلام.

يتبـــــــــــــــع


 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.07 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.10%)]