عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 16-10-2021, 03:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية

وحينما سيطرت المفاهيم القومية الضيقة للعروبة، وجدنا الأمة ترجع إلى سالف عهدها قبل الإسلام: تقاطُع وتدابُر:
مزَقٌ.. ونهتف: أمة عربيةٌ
عجبًا.. ولَهجة بعضنا عجماءُ!

وسيوفُنا عربيةٌ لكنَّما
بشفارِها قد ذُبِّح الأبناءُ[19]



إن الأخوَّة الحقة التي يستشعرها صاحب العقيدة، هي أخوة العقيدة لا أخوة النسب والطين والدم، ثم ها هو ينظر إلى الشرق الأقصى كما نظر من قبل إلى أقصى الغرب؛ ليحس بأخوة كل مَن أضاءت سماءه شمس العقيدة:
كفْكِف دموعك فالطريق طويلُ
دَرْبُ الشهادة قاتلٌ وقتيلُ

قَدرٌ بأن نلقى القذائفَ عُزَّلاً
ونلوكَ مُرَّ الصبرِ وهو جميلُ

كفكف دموعكَ فالجراح عزاؤنا
ودمُ الشهادة في الدُّجى قنديلُ

لا بد من قطف الثمارِ فهذه
شمسُ العقيدة فجرُها مأمولُ[20]



وفي أجواء غربة العقيدة تُصبح مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وذكرياتها الخالدة لدى المسلم المعاصر الملتزم المغترب، مَعلمًا من معالم الضياء، وظلاًّ يستروح فيه الغريب عبق التاريخ وذكريات الإسلام العظيمة؛ يقول الشاعر في قصيدة "أم المدائن" التي نوردها هنا كاملة:
تحيةً معطَّرة
إليكِ يا مدينتي المنورة
تحية الطيور والأقاح
تحية الندى
إليك يا مدينةَ الهدى
إليك يا مدينةَ الرسول
إليك يا ناصعة الجبين
يا طيبة الفروعِ والأصول
تحية الغراسْ
إليك يا طاهرة الأنفاسْ
• •
من أرضك الطهورِ يا حبيبة
تدفقتْ مواكب العروبة
تألق الإسلامْ
وفاضتِ المواسمُ الخصيبة
• •
أيتها المدينة الضياءْ
أيتها البخور والعطور والمآذن الشماءْ
أيتها الضحى النديُّ..
والتلاوةُ التي تَسكب في رماد عمرنا الأنداءْ
ماذا أقول عن شعوبنا الغثاءْ؟
شعوبنا التي تموت كل عام مرتينْ
وتخسر الرهان مرتينْ؟
ماذا أقول عن مسارح الخصام والصدامِ...
والدماء والأشلاءْ؟
ماذا أقول عن خيولنا العجفاءْ؟
خيولُنا التي تدور حول نفسها
وتطحن الهواءْ؟
• •
أيتها المدينة الجميلةُ البهية
يا قلعة الإيمانْ
أيتها الحنان والأمانْ
أيتها الحنجرة التي منذ توثب التاريخ...
وهي ترتلُ القرآنْ
وتمنحُ الوجود سحرهُ
وتمنح البيان أنصع البيانْ
• •
من خضرة القباب..
كانت خضرة القلوب والزيتون والرمانْ
ماذا أقول عن براثن الشيطانْ
تغوص في دمائنا؟
ونحن لا نملك إلا أن نقول: كان يا ما كانْ
• •
على ثراك قد مشى رسولُنا الأمين
وضجَّت الملائكة
وفي ثراك أينعت غراسنا المباركة
وأرهف التاريخ سمعهُ
كم بطلٍ أدار للشروق وجهَهُ
وأعلن الشهادة
كم حرة تبلج الصباحُ فوق سيفها
وأصبحت في جيدنا قلادة
وكم جبين مثل دفق النور في الظلام...
يسكب العبادة
أيتها المدينة الأثيرةُ، العريقة الريادة
أيتها الغمامْ
على رسولنا الأمين أفضلُ الصلاةِ والسلامْ[21]

وهكذا نجد محاور الغربة في هذا الديوان تدور حول هذه المحاور الأربعة، التي تتمثل في غربة قضية فلسطين من منظورها الإسلامي، وغربة الفلسطيني المهاجر الذي أُخرج من داره وماله، وغربة الفنان والمفكر والشاعر، الذي يحمل همَّ هذه القضية وغيرها من قضايا الإسلام، ثم يكون المحور الرابع غربة أصحاب العقيدة الذين قال عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "طوبى للغرباء".


[1] "الديوان"، (ص 88).

[2] "الديوان"، (ص 89 - 90).

[3] "الديوان"، (ص 91).

[4] "الديوان"، (ص 92).

[5] "الديوان"، (ص93).

[6] "الديوان"، (ص 93).

[7] "الديوان"، (ص 94 - 95).

[8] "الديوان"، (ص 95).

[9] "الديوان"، (ص 71 - 72).

[10] "الديوان"، (ص 72 - 73).

[11] "الديوان"، (ص 74).

[12] "الديوان"، (ص 20).

[13] "الديوان"، (ص 20).

[14] "الديوان"، (ص 21).

[15] "الديوان"، (ص 22).

[16] "الديوان"، (ص 23).

[17] "الديوان"، (ص 90).

[18] "الديوان"، (ص 90).

[19] "الديوان"، (ص 91).

[20] "الديوان"، (ص 103).

[21] "الديوان"، (ص 30 – 33).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.91 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.79%)]