عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-03-2023, 10:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي أبي والإدمان على الإنترنت

أبي والإدمان على الإنترنت
الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل


السؤال:

الملخص:
شاب يذكُر أن أباه أدمَن الإنترنت، واعتزَل العائلة كلَّها، فلا يكلِّم أحدًا، وأصبَح عصبيًّا جدًّا، ويسأل: ماذا يفعل معه؟

التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أبي رجلٌ في منتصف العقد السادس مِن عُمره، منذ أن حمل جوالًّا به إنترنت، غابت حياته، فأصبح يقضي يومه كله بين مواقع الإنترنت، وأصبح انعزاليًّا جدًّا وعصبيًّا، ولا يعطي لنا وقتًا للحديث معه، فقد بنى بيننا وبينَه فاصلًا، وقد رأيتُه في أوضاع يُرثَى لها أثناء تصفُّحه مواقعَ الإنترنت، أفيدوني جزاكم الله خيرًا.



الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن الفاحص لمشكلة والدك حفِظه الله، لا يشك في أنه تعرَّض لفتنة بما في وسائل التواصل من فتنة النساء، وهذه الفتنة فتنة عمياء، عصفت بقلوب الكثيرين، والفتن خطيرة جدًّا على دين المؤمن وعِرضه، وقد حذَّر منها النبي صلى الله عليه وسلم تحذيرًا شديدًا، مبينًا خطورتها وآثارها المستقبلية السيئة؛ وذلك في قوله: ((تُعرَض الفتن على القلوب، كالحصير عودًا عودًا، فأي قلب أُشرِبها، نُكِتَ فيه نكتةٌ سوداء، وأي قلب أنكرها، نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين؛ على أبيضَ مثل الصفا، فلا تضره فتنةٌ ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مُرْبادًّا كالكوز مُجَخِّيًا، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشرِب من هواه))؛ رواه مسلم.

ولذا أرى أن الحل بمشيئة الله في الآتي:
النظر إلى والدك رعاه الله نظرك للمريض المسكين المتألم جدًّا من مرضه؛ فيعتصر قلبك ألَمًا له، وتدعو له من سويداء قلبك بكل إخلاص وخشوع وثقة بالله سبحانه، مستحضرًا قوله سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62]، وقوله عز وجل: ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ [الشعراء: 80]، ومع أن هذه الفتن قد يُبتلى بها العَزَبُ والمتزوج؛ بسبب ضعف الإيمان وشدة بريق فتنة النساء من دون أي نقص أو تقصير من الزوجة، فإنه أحيانًا يكون لوضع الزوجة دورٌ في ذلك؛ إما بسبب كِبَرِها، أو تقصيرها في إعفاف زوجها.

ولذا أقول: ابحثوا عن السبب، فقد تكون الزوجة كبيرة أو مقصرة معه في حقوقه الخاصة، وإن كان كذلك، فهو إذًا يبحث عما ينقصه؛ لعله يطفئ ظمأه وجوعه العاطفي في هذه الوسائل، وهي في الحقيقة تزيده جوعًا وقلقًا وتوترًا، فما تلاحظونه من تغيُّرٍ في سلوكه وانفعاله وانعزاله، ترجمة عما يعانيه من جوع عاطفي، ومن علاقات تُشعل نارًا بداخله، فكما أن الزواج سكن ومودة ورحمة، فبضده تكون هذه العلاقات المشينة توترًا وقلقًا واضطرابًا، لذا لعلكم تنصحون أمكم إن كانت مقصرة، وإن كانت غير قادرة، فلعلكم - إن كنتم قادرين - تسعون لإنقاذه بأمر قد يكون ثقيلًا عليكم وعلى أمِّكم، لكنه والدكم وله حق الإنقاذ من ورطته، فتستخيرون الله في مساعدته بالزواج من زوجة أخرى، وإن تعسر زواجه، وكانت أمكم لا زالت شابة، فلتُنصح بإعطائه حقوقه الخاصة وإشباع احتياجاته.

تُشكَر كثيرًا على ألَمِك لوالدك الغالي، وأنصحك بأن تستمر في الدعاء له من دون أي يأس ولا كَلَلٍ، وبأن تستمر في نصحه بين أوانٍ وآخر، تارة بوعظ رقيق، وتارة بمقطع فيديو مؤثر، وتارة برسالة واتساب، وهكذا.

إن تيسر الإسرار لخطيب الجامع القريب بأن أحد الجيران يعاني من كذا وكذا، وتحثه على الخطبة عن مخاطر هذه الفتن.

احذروا من احتقار والدكم ومن انتقاصه؛ فذلك يتعارض تمامًا مع بره والإحسان له، وأيضًا ربما زاده عنادًا، وأعان عليه شياطين الجن والإنس.

حفِظ الله والدكم، وأعاذه من الفتن، وأعانكم على إنقاذه برًّا به ونجاة له، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.57%)]