عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-11-2021, 03:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القصة والحكاية في أدب الأطفال

جوانب الشخصية:

وقد تأثر الأستاذ أحمد نجيب بفرويد، وهو يتابعه في تقسيم الشخصية إذ يقول تحت عنوان:

جوانب الشخصية:

(إن للشخصية ثلاثة جوانب هي:

أ- الهو: وهو يضم الدوافع والرغبات تسير بوحي اللذة لإشباع الرغبات بلا اعتبار لمعايير الأخلاق.

ب- الأنا: هو جانب الإرادة في الشخصية.

ج- الأنا الأعلى: وهو الضمير أو الرقيب النفسي الذي يمثل جملة المعايير والقيم التي يستخدمها الفرد في الحكم على دوافعه ورغباته.



(لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه): هل يعلم الذين ينقلون عن فرويد هذا التقسيم؛ هو-أنا- أنا أعلى، ماذا يقصد بذلك؟ يقصد بذلك إبعاد العقل عن الله تعالى، ومن أين جاء بهذا المصطلح؟ ولماذا لا يكون لدى فرويد أنا أسفل؟ إننا نحن المسلمين يجب علينا ألا تمر لوثة مغرض، لأننا أصحاب رسالة سماوية أكرمنا الله سبحانه وتعالى بها، وجعلنا بها خير أمة أخرجت للناس فهي مصدر عزتنا وكرامتنا ونحن نبني حياتنا على مبادئها وتعاليمها، فيجب أن يكون أول هدف من أهداف التربية في الإسلام هو التمسك بعقيدة التوحيد؛ تلك العقيدة الصافية الخالية من الشوائب والشركيات والبدع والالتجاء إلى غير الله تعالى، وبحسبنا القرآن الكريم والسنة المطهرة، ففيهما الفهم والذكاء ومكارم الأخلاق وهما أساس كل تربية سوية بعيدة عن العقد وما ينتج عنها، ولا بأس بنا أن نستفيد من دراسات الآخرين ومن تجاربهم المفيدة النافعة، أما الدراسات المضللة فما أحرانا أن نبتعد عنها.



أثر الطفولة المبكرة في تكوين الشخصية:

للطفولة المبكرة قيمتها، بل أهميتها العظمى في تكوين الشخصية مستقبلًا، وفي إعطائها شكلها النهائي، وهي مرحلة ما قبل المدرسة، كانت هذه المرحلة مهملة في نظر الأسرة بشكل عام، وقد تنبهت المؤسسات التعليمية الأهلية إلى أهمية هذه المرحلة في حياة الطفولة فأشادت له دور الحضانة ورياض الأطفال قبل السن القانونية للتعليم في المدرسة الابتدائية.



في المدرسة الابتدائية تنظيم العادات المكتسبة سواء أكانت عادات تعلمها الطفل في دور رياض الأطفال، أو من الأسرة أو البيئة، فالمدرسة لها مهمة إضافية غير التعليم (إنها تعمل على تقويم ما اكتسبه الطفل من عادات واتجاهات سليمة، مع تدعيم العادات والصفات الطيبة)[11].



وفي المرحلة الابتدائية تتبلور شخصية الطفل على جملة من المعارف والاتجاهات والهوايات التي تترك بصماتها إلى الأبد، ويولد فيها رشيم الإبداع في سائر العلوم والآداب ويتحدد مساره فيها؛ ولكن يبقى هذا المنحى كامنًا في اللاشعور.



في المرحلة المتوسطة من مراحل الطفولة تبدأ هذه الكوامن تعبر عن ذاتها، كحبة القمح التي تحاول أن تخرج رأسها من تحت التراب لترى النور؛فالمرحلة الابتدائية تشكل وجدان الطفل بشكل مبدئي، والمرحلة المتوسطة تعمل على رعاية الوجدان والفكر في تناغم منسجم.



ثم تأتي المرحلة الثانوية لتضع اللمسات الأخيرة في تشكيل الطفل بعد تجاوز المرحلة المتوسطة، والإقبال على مرحلة المراهقة، وهي مرحلة الانتقال من الطفولة العليا إلى مرحلة الشباب والرجولة.



القصة وأنواعها:

وهي خمسة أنواع:

1- القصة التي تعتمد على الصورة وصوت الطائر أو الحيوان.

وهي قصة لأطفال الحلقة الأولى من الطفولة المبكرة، أعمارهم من 2 سنة إلى 3 سنوات، وهذه القصص على شكل كتاب مربع مثقوب أوسطه، وقد ركِّب فيه جهاز يصدر صوتًا تبين الرسمة على الورقة صورة صاحبه، فالورقة سميكة من النوع المقوى وعليها رسمة بلبل مثلًا، فإذا ضغط الطفل أو أمه على الجهاز أصدر ألحان البلبل، وإذا كانت الرسمة قطة أحدث الصوت مواء... فالطفل يرى قصة متكاملة في هذا الكتاب، وهي كما يلي:

القطة نائمة

القطة استيقظت

القطة تبحث عن الطعام

القطة تأكل.



2- القصة ليس فيها إلا الصورة:

وهذه القصة مثل سابقتها، إلا أنها تخلو من الصوت، وليس فيها كتابة، فهي نوع من القصص المصورة لا تعتمد على الكلام، وإنما تعتمد على الصورة فقط، وهي موجهة إلى أطفال ما قبل سن القراءة يقول فهد فيصل الحجي: (في الكتاب المصور حكاية القصة تعتمد على الصورة بشكل رئيسي، وقد يتم استخدام بعض الكلمات للتوضيح فقط، ولكن الدور الرئيسي هو للصورة، ومميزات الكتاب المصور؛ أنه موجه للطفل الذي لم يتعلم القراءة بعد، حيث يقرأ الكتاب بمشاهدة الصورة، ويساعده في ذلك أحد الكبار، أي أن الطفل يشاهد الصورة ويسمع الحكاية من أحد والديه.



3- القصة وفيها الكتابة والصورة نادرًا.

وهذا النوع هو الأرقى، وهو للطفولة الواعية، مهمتها غرس المفاهيم وهو مضمون هذه القصص والحكايات ولها مهمة توسيع الخيال وامتداده في الأسلوب، إضافة إلى الثروة اللغوية.



في المضمون؛ قد يجد الطفل نفسه، أو يجد مفهومًا كان غائبًا عنه وهو بأمس الحاجة إليه.



كما في قصة: صياد السمك.

صياد السمك

(نشأ راضي في أسرة فقيرة، يحمل والده شبكته كل صباح ويتوجه بها إلى البحر فهو قريب من بيته، يصطاد السمك ويبيعه في السوق ويشتري لعائلته ما تحتاجه من خبز وخضار، ثم يعود إلى البيت ومعه سمكة تكون قوتًا له ولعياله في ذلك اليوم.



وذات صباح، استيقظ والد راضي فاتر العزم، وشعر بحرارة مرتفعة في جسمه فلم يستطع الذهاب إلى البحر، وصار يتألم، ولم يكن عنده مال ليذهب إلى الطبيب ويشتري دواء.



صارت أم راضي تبكي، وجلست بناتها إلى جانبها، وكل واحدة منهن تنظر إلى أمها وتبكي، قال راضي في نفسه: أنا الآن في المرحلة المتوسطة لقد أصبحت شابًا، بل صرت رجلًا، ماذا يفيدنا البكاء إذا جلست إلى جانب أمي وصرت مثلها أبكي؟



نهض راضي وحمل شبكة والده وتوجه بها إلى البحر، وألقاها وقال: بسم الله، وانتظر... كما كان يفعل والده، ولما تحرك خيط الشبكة أسرع راضي وسحبه، إذا به يجده ثقيلًا ولما أخرج الشبكة، رأى فيها سمكة كبيرة حمراء، حملها وعاد بها إلى أهله، ولما دخل البيت ورآه والده سالت من عينيه الدموع فرحًا، وفرحت العائلة براضي.



تناولت أمه السمكة وصارت تنظفها، ولما شقت بطنها وجدت فيها لؤلؤة كبيرة)[12].



فالطفل، حينما يقرأ هذه القصة يجد نفسه في راضي، يتقمص شخصيته للمواقف المشابهة.



وهكذا تكون مهمة قصص البطولة، حيث يجد الطفل نفسه في البطل القائد أو البطل الفاتح، فتتشقق مخيلة الطفل على البطولة والإقدام؛ لأن هذه القصص سوف تلقي ظلالها على نفسية الطفل وتصبغه بلونها وتطبعه بطابعها، لذلك تحرص كل أمة من الأمم على أن تدرِّس أبناءها مادة التاريخ، وفيها قصص حياة العظماء. ومن هنا ندرك لماذا يحرص المستعمر على أن يلغي هذه المادة من برامج البلدان التي يستعمرها، بل ويلغي اللغة القومية في تلك البلدان.



فالقصة تبني مواقف للطفل، فينشأ محبًا لدينه ووطنه، فتغرس في نفسه العقيدة الراسخة، وحب الخير وأهله، والبعد عن الشر وأهله، كما تعلم القصة البطولة والتضحية والإقدام في مواقف الرعب، فينشأ الطفل على البطولة، وبهذا الجيل تحمي الأمة نفسها وحدودها وتحقق طموحاتها وآمالها وسيادتها.



الورد له شوك

بعد أن عاد زاهر من المدرسة، تناول طعام الغداء وقال زاهر في نفسه: قبل أن أدرس سأقطف بعض الأزهار وأضعها في كأس على طاولتي.



توجه زاهر إلى حديقة منزله فقال: الله! ما أجمل هذه الزنابق! قطف زنبقة صفراء، وقطف ثانية وثالثة وفي طريقه إلى مكتبه، رأى وردة حمراء فتبسم وتوجه إليها، سمع زاهر صوتًا يقول: يا زاهر لا تقترب مني. قال زاهر: من الذي يخاطبني؟ وما الذي يمنعني؟ أما رأيت الزنابق التي قطفتها؟ وسأقطفك أنت أيضًا، ولما تقدم زاهر نحو الوردة هيأت شوكة من شوكاتها القوية، ولما مد زاهر يده ليقطف الوردة، غرست الوردة شوكتها في إصبعه فصاح، سمع والد زاهر صراخ ابنه فأسرع ليرى ما حدث، ولما جاء إلى الحديقة، رأى الدم يسيل من إصبع زاهر، أسرع الوالد إلى صيدلية البيت وعاد فعقم الجرح في إصبع زاهر وربطه، ونظر إلى الزنابق على الأرض، ورأى الوردة على غصنها، فهز رأسه وقال: الآن فهمت كل شيء يا ولدي؛ لو كان للزنبق شوك يدافع به عن نفسه، لما استطعت أن تقطف زنبقة واحدة منها[13].



الشاب الأعرج

يحكى أن رجلًا، كان عنده خيول، يربيها ويدربها ثم يبيعها، وكان له ولد شاب يساعده.



وذات يوم، بينما كان هذا الشاب يركب حصانًا يدربه، إذ وقع من فوق ظهره فكسرت ساقه، فأصبح أعرج يمشي على عكازتين.



اندلعت نار الحرب في تلك المنطقة، فأمرت الحكومة أن يجند كل من هو قادر على حمل السلاح، فذهب كل رجال القرية وشبابها وبقي الشاب الأعرج.



وبعد تدريب هذا الجيش بدأت المعركة، فأحاط الأعداء بهذا الجيش، وقتلوا بعضهم، وأسروا الباقي.



ولما سمع أهل القرية ما حل بأهلهم صاروا يبكون، ولكن الشاب الأعرج نفض رأسه وقال في نفسه: سأنتقم وقال: صحيح أنني لست قادرًا على حمل السلاح، ولا التدريب، ولكنني سأدرب أبناء قريتي على حمل السلاح.



جمع الشاب أطفال القرية، وصار يعلمهم الأناشيد الحماسية، وحتى الأمهات كانت تغني لأطفالها الأناشيد في حب الوطن وكراهية الأعداء، وهي تهز لهم السرير.



كبر الأطفال، وأصبحوا شبابًا، فكان الشاب الأعرج يجلس على كرسيه وهو يشرف على التدريب؛ فالكبير كان يدرب الصغير، والمتعلم يساعد غير المتعلم.



ثم جمع المال واشترى السلاح، ووزعه على شباب القرية، وصار يجمع الأخبار عن الأعداء.



وفي ليلة شديدة الظلام، علم الشاب الأعرج بمكان جيش الأعداء، فذهب بجيشه مسرعًا وهاجمهم فجأة، فقتل منهم بعضهم وأسر الباقي، وفك أسر شباب قريته ورجالهم.



وفي الصباح استيقظ أهل القرية على منظر أفرحهم، لقد رأوا الشاب الأعرج يركب على حصان وهو يتقدم الجيش المنتصر وهم يسوقون أمامهم الأعداء مكتفين[14].



أضواء على هذه القصة:

إن هذه القصة وأمثاله ضرورة في أدب الأطفال لترفع من معنوية الطفل، فإذا كانت هذه حال الطفل الأعرج فكيف تكون حال الطفل السليم؟ لا شك أنه سيكون أكثر حماسًا وعطاء لأمته ووطنه..



يمكن أن نستخلص من هذه القصة ثلاثة مواقف:

1- الموقف السلبي:

وهو أن يهرب هذا الطفل من واجبه تجاه المصيبة التي حلت بأهله وأهل قريته وبوطنه، بأن يذهب بعيدًا عن القرية، ويتاجر ويصبح غنيًا، وبذلك يلهيه المال عن واجبه، وينسيه الدماء التي روت تراب قريته.. أو يتزوج أحلى الفتيات من فاتنات هوليود وأشباههن... وهذا مضمون ما تفعله بعض وسائل الإعلام، أو القصص المشبوهة.



لقد قتل الكاتب الواجب بـ (الحب) أو المال أو الشهرة أو غير ذلك من الاعتبارات، وهذا ما يفعله كثير من شعراء الشعر المشبوه في كثير من دواوينهم، ولكن بشكل مبطن، وهكذا كان دأب كثير من مساحات إعلامنا قبيل حرب عام 1969.



2- الموقف الثاني من مواقف الشاب الأعرج وحسب آخر موضة في تسميم فكر الطفل، هو أن ينبت للطفل جناحان، ويحلو لمخرج الفيلم أن يطير هذا الشاب-أي يهرب- إلى جزيرة بعيدة فيها من كل ما تتمناه النفس من متع ولذائذ، وأن هذه المركبة يمكن أن تغوص في البحار ويتعرف الشاب على ما في أعماقها من غريب المشاهد..، ويبدأ الفيلم يضع عقل الطفل في متاهات لا آخر لها، متاهات تزيد فكر الطفل ونفسيته تعقيدًا، وإن لم يكن معقدًا، فبأسلوبهم هذا سوف يعقدونه ويبعدونه عن الواجب.



3- الموقف الثاني: وهو الموقف الذي اتخذه الشاب الأعرج، وعمل بكل إخلاص وحماسة على تنفيذه لإنقاذ أهله ووطنه، وقد حقق ما أراد.



والقصة أنواع كثيرة؛ منها ما هو إنساني، ومنها ما هو على لسان الحيوان كقصص كليلة ودمنة، ومنها ما هو على لسان الأشياء كقصة رغيف الخبز....



والقصة فنون منها القصة الطويلة، وتسمى الرواية ومنها الأقصوصة، وهي القصة القصيرة، ومنها الحكاية، وهي أساس القصة في أدب الطفولة.
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.24 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.34%)]