عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 26-11-2021, 03:37 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي القصة والحكاية في أدب الأطفال

القصة والحكاية في أدب الأطفال


د. أحمد الخاني







الإنسانُ قصةُ كلِّ قِصَّة، سواء أكانت نثرية أم شعرية، للكبار أم للصغار، نشأت مع الإنسان ليعبر بها عن حياته في صراعه مع عدوه، سواء أكان وحشًا أم إنسانًا....



وهي الفن العريق لصيق الروح بالإنسان في كل لغة، في كل زمان ومكان فما تعريف القصة؟.



تعريف القصة:

(القصة أسلوب إبداعي من أساليب البيان، ينهج فيه القاص تتبع الأثر، معتمدًا على جملة عناصر أهمها: الموضوع والشخوص والحبكة والهدف[1].



وقصص أدب الطفولة، وإن كانت تشترك مع قصص الكبار ببعض الصفات، إلا أنها تفترق عنها في صفات أخرى.



عناصر القصة في أدب الأطفال:

عناصر القصة عند الدكتور علي الحديدي:

يحدد الدكتور علي الحديدي عناصر القصة للأطفال بقوله: (وأهم عناصر القصة التي يجب أن تراعى عند التأليف للأطفال يمكن تلخيصها فيما يلي:

الحبكة- بيئة القصة الزمانية والمكانية- الموضوع- الشخوص- الأسلوب- الشكل والحجم)[2].



عناصر القصة عند أحمد نجيب:

ويحدد أحمد نجيب المقومات الأساسية في القصة بما يلي[3]:

1- الفكرة الرئيسية التي تجري الأحداث في إطارها

2- البناء والحبكة وتشمل المقدمة والعقدة والحل

3- أسلوب كتابة القصة

4- الشخصيات

5- مجموعة أخرى من الاعتبارات.



يقدم الدكتور علي الحديدي (الحبكة) على كل عناصر القصة، بينما نرى أحمد نجيب يقدم (الفكرة أو الموضوع) على جميع العناصر المكونة للقصة.



إنني أستبعد تقديم الحبكة؛ لأن الأديب الذي يتهيأ لكتابة القصة؛ للكبار أو للصغار سيدور في ذهنه موضوعان رئيسيان لا ثالث لهما هما:

الموضوع والشخوص، أيهما يقدم على الآخر.

أما الحبكة فإنها ستكون تالية لهذين العنصرين، وتكون في القصة في مسارها... بأسلوبها المشوق.

فأيهما نقدم؛ الموضوع على الشخوص؟ أم الشخوص على الموضوع؟.



نعود بذاكرتنا إلى القصة العالمية، نجدها في الملاحم القديمة: جلجامش، المهابهارتا، الإلياذة والأوديسة لهوميروس، وهما أشهر الملاحم، نتعرف إلى العنصر الأول الأهم في كلتا الملحمتين فماذا نجد؟ يقول هوميروس في مطلع الإلياذة: (غن ربة الشعر، غن غضبة آخيل الوبيلة، تلك الغضبة التي جرَّت على اليونان آلامًا لا حصر لها).



وفي مطلع الأوديسة يقول: (الرجل الذي احتال على طروادة وحطمها، ما صفاته)[4]؟.



الإلياذة تروي ذهاب جيش أثينا إلى طروادة ومحاصرته لها عشر سنين، بدأت بالموضوع.



أما الأوديسة؛ فإنها تروي عودة أوليس المحتال صاحب فكرة الحصان الخشبي، بدأت بالشخوص.



وفي الأدب المعاصر؛ الأجنبي والعربي يتناوب هذان العنصران الأولية في كتابة القصة.



تقول آجاثا كريستي في مطلع قصتها: بصمات الأصابع: (لا زلت أذكر تلك الليلة الرهيبة التي اكتُشف فيها جثتا القتيلين، وهي ليلة شديدة القيظ من شهر يونيه لعدة أعوام خلت، فقد اقترن ذلك الحدث المروع بمأساة أخرى لا تقل هولًا، إذ بينما كانت ترتكب في نيو يورك هذه الجريمة المزدوجة الفظيعة، كانت الباخرة (أوكسجين) تغرق تجاه ساحل فلوريدا)[5].

هنا قدمت الموضوع.



أما نجيب محفوظ، وهو الحائز على جائزة نوبل في القصة؛ فإنه يقول في قصته: قلب الليل (قلت وأنا أتفحصه باهتمام ومودة: إنني أتذكرك جيدًا، انحنى قليلًا فوق مكتبي وأحدَّ بصره الغائم، وضح لي من القرب ضعف بصره، نظرته المتسولة، محاولته المرهقة لالتقاط المنظور، وقال بصوت خشن عالي النبرة، يتجاهل قصر المسافة بين وجهينا، وصغر حجم الغرفة الغارقة في الهدوء..)[6] فهنا قدم الشخوص على الموضوع.



وهذان العنصران؛ الموضوع والشخوص، يتناوبان الأولية بين أديب وأديب، بل قد يتناوبان الأولية في إنتاج الأديب نفسه.



القصة وسيكولوجية الطفل:

(الطفل عالم مستقل)[7] والأديب، أو المعلم الذي ينظر إلى طفله أنه رجل صغير، يكون قد أخطأ في حقه خطأ فادحًا، لأنه في هذه الحال يتعامل مع مجهول، لا يفهمه ولا يعرفه.



من هنا تنشأ الإساءة غير المقصودة إلى براءة الطفل الذي يتعامل مع (كبار) كثيرًا ما ينظر إليهم شزرًا، وربما يصفهم بالقسوة والظلم.



الطفل له عالمه الذي يسبح فيه بخياله، ويفكر فيه، وربما لا يقل تفكيرًا عن الكبار، بل كثيرًا ما تكون القوة الذهنية لدى الصغار أقوى من تفكير الكثير من الكبار، وإن كان هذا التفكير بأسلوب مختلف؛ الحلوى... الكرة.. الدمية.. متطلبات أساسية في عالم الطفل النفسي إذا لم تشبع هذه الرغبات صغيرًا انعكست أثارها على حياته كبيرًا، وتشكلت لديه عقدة قد يصعب حلها، وتترتب عليها آثار سلبية مرهقة.



فللطفل عالمه المستقل في تحقيق الرغبات، من الحلوى والألعاب والصداقات... نعم للطفل جوه الملائكي في بيئته بانسجامه معها في اللعب والرياضة... فهل هاتان اللفظتان مترادفتان؟



الرياضة واللعب في حياة الطفل:

الرياضة المنظمة:

الرياضة حركة، واللعب حركة، ولكن شتان ما بين الحركتين.



الرياضة حركة منظمة محكومة بقانون ونظام معين للحركة والسكون، كما في الحركة البندلية وسائر الحركات السويدية.



التمرين الأول:

واحد: مد اليدين إلى أمام، الإبهام إلى أعلى.

اثنان: افتح الذراعين مع التنفس إلى أقصى مدى

ثلاثة: ضم الذراعين مع الزفير.

أربعة: أنزل الذراعين إلى الجنبين.



التمرين الثاني:

واحد: ارفع الذراعين إلى مستوى الكتفين.

اثنان: أنزل الذراعين إلى الجنبين.

ثلاثة: ارفع الذراعين إلى أعلى ما تستطيع.

أربعة: أنزل الذراعين إلى الجنبين

استعد: واحد، اثنان، فوق، تحت.

واحد اثنان فوق تحت

وقوف.... قف.

فالرياضة حركة مقيدة، أداتها الأمر.



اللعب وأهميته في حياة الطفل:

اللعب في حياة الطفل يعني الشيء الكثير من العطاءات غير المحدودة، فهو تحقيق للذات الفاعلة المتصرفة الحرة البعيدة عن الأمر والنهي.



اللعب هو الجو الطبيعي للطفل الذي يظل منجذبًا إليه بحكم تكوينه البيولوجي، إنه بحاجة إلى الحركة لينمو، والطفل ينبع من داخله الانجذاب نحو الحركة بحكم تركيبه السيكولوجي أيضًا المنبعث من إحساسه في عالمه الداخلي والخارجي.



لو نظرنا إلى طفل يدحرج بقدمه علبة فارغة، يركلها فتندفع أمامه بحركة قدمه، فهو إذًا- في نظره لنفسه- شيء فاعل، وهذه العلبة تحدث ضجيجًا، ربما كان في نظر الطفل الذي يركلها احتجاجًا، أما هذا الصوت في نظر نفسه فهو النغم الجميل المعبر عن سيطرته على هذه الأداة- العلبة- وهو الصوت الصدى المنبعث من أعماق نفسه بصفته الاستجابة المباشرة للدوافع الحركية الكامنة في نفسه كمون النار في الحجر، فالطفل يترنم بضجيجها جذلان طربًا، وتشترك في هذا الطرب كل أحاسيسه؛ الواعية في الشعور وما تحت عتبة الشعور، تمتص تلك الحركة طاقة الجسم الفائضة عن حاجته لها، تلك الطاقة التي فاضت عن حاجة الجسم والنفس على حد سواء.



لو نظرنا إلى الأطفال في أثناء الرياضة المنظمة، ونظرنا إليهم وهم يلعبون لعرفنا الفرق بين الرياضة وبين اللعب.



المجالات التي تتفتح باللعب:

1- في المجال العضوي: يمكن للطب أن يتكلم عن النشاط الهرموني الفاعل في بناء عضوية الطفل.

2- في المجال النفسي: يمكن أن يتكلم هذا العلم عن تحليل العقد النفسية لدى الطفل، وذلك بإبعاده عن التوحد، والعزلة و الأنانية، ويغرس فيه حب الإيثار والغيرية.

3- وفي المجال الاجتماعي: يعمل اللعب على انسجام الطفل مع الوسط المحيط، ويحببه بالعمل الجماعي وعدم الاستئثار.

4- وفي المجال الجمالي: فإن اللعب يكسب الطفل الانسجام مع الحياة؛فينظر إليها بروح متفائلة، يحقق ذاته ويحب الآخرين، ويحقق التوازن بينه وبين الوسط المحيط، مما يجعل شخصيته إيجابية.



اللعب المنظم يكمل اللعب الحر، فهما متكاملان، ولا غنى لكل واحد منهما عن الآخر لبناء الشخصية المتكاملة، فما معنى الشخصية؟



الشخصية:

تعريف الشخصية:

يقول أحمد نجيب: (يمكن أن نعرِّف الشخصية ببساطة: إنها مجموع الصفات الاجتماعية والخلقية والمزاجية والعقلية والجسمية التي يتميز بها الشخص وتبدو بصورة واضحة متميزة في علاقته مع الناس)[8].



واضح أن هذا التعريف يخص النفسية السوية، إذ نرى الأستاذ أحمد نجيب يعقب على التعريف السابق بقوله: (وعلى هذا- التعريف- فإن الصفات الاجتماعية والخلقية كالتعاون والتعاطف والصدق والأمانة والصفات المزاجية، ونعني بها الصفات التي تميز انفعالات الفرد عن غيره من الناس كسرعة التأثر في المواقف المختلفة، وعمق الأثر أو سطحيته وغلبة المرح أو الانقباض على حالته المزاجية والصفات العقلية، كالتفكير المنظم والملاحظة الدقيقة وحضور البديهة والصفات المتعلقة بصحة الجسم ومظهره العام وخلوه من العاهات، وما إلى ذلك، تدخل في تكوين شخصية الفرد).



وينحصر كلام الأستاذ أحمد نجيب حول تكوين الشخصية في جانبين:

الجانب المادي والجانب المعنوي.

وهو يشترط في الجانب المادي خلو الجسم من العاهات لتكوين الشخصية، أو لتكوين الشخصية السوية أو البانية أو العظيمة..



وهذا الشرط فيه نظر، فقد حفظ لنا التاريخ أسماء أبطال كان فيهم عاهات ربما ساهمت في بناء شخصياتهم العظيمة، منهم هانيبال قاهر جيش الروم وكان بعين واحدة، وما أكثر هؤلاء في التاريخ من قادة وعلماء فقدوا نظرهم فاقوا المبصرين يضيق بحصر أسمائهم مجلدات، من هؤلاء السهيلي صاحب الروض الأُنُف..



تروي لنا ترجمة الأحنف بن قيس، الذي طارد كسرى يزدجرد بعد معركة نهاوند حتى قتل وانقضت إمبراطورية الفرس بمقتله، يصفه الرائي بقوله:

كان الأحنف بن قيس غائر العينين، مائل الذقن، أحنف الرِّجل، تزدريه العيون، ولكنه كان إذا علم أن الماء يفسد مروءته ما شربه، وكان إذا غضب يغضب لغضبه مئة ألف سيف لا يدرون فيم غضب.



وكان موسى بن نصير فاتح الأندلس أعرج، وقد لقبه التاريخ ب- (شيخ المجاهدين)[9].



ونحن إذا حصرنا الشخصية في البعد عن العاهات نكون قد وقعنا في مغالطة كبيرة، فكثيرًا ما تكون العاهة حافزًا لبناء الشخصية العظيمة ومركب سمو يسد النقص عما فقد من بناء الجسم، وقد تكون قوة الشخصية مستندة أساسًا إلى العاهة، فكم من طفل عيب عليه في صغره في عاهة ما... إذا به ينبغ ويبز الأسوياء بقوة شخصيته، وكم من وسيم يملأ العين منظره، فإذا ضرب على المحك- كما يقال- انكشفت شخصيته عن تافه ساقط الهمة دنيء النفس، ولأمر ما فقد ضربت العرب هذا المثل:

(ترى الفتيان كالنخل وما يدريك ما الدخل)[10].



ويشرح الميداني هذا المثل بقوله: (الدخل: العيب الباطن. يضرب لذي المنظر لا خير عنده).



فالشخصية: هي الجانب المعنوي في الإنسان، ولا علاقة للجانب العضوي في بناء الشخصية، قوة الفكر، قوة النفس، مجموعة القيم، كالشجاعة والمروءة والصدق، ويكون حظ الإنسان من الشخصية بمقدار ما يحصل من هذه المعاني، ولنتصور أن إنسانًا ذا هيئة ووسامة وطول وعرض... وأنه كذاب جبان خفيف.. فهل يكون ذا شخصية ما في المجتمع؟.
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.54 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]