عرض مشاركة واحدة
  #383  
قديم 26-11-2022, 07:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد


تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الخامس

سُورَةُ طَه
الحلقة (383)
صــ 316 إلى صــ 323




قوله تعالى : " أفلا يرون ألا يرجع " قال الزجاج : المعنى : أفلا يرون أنه لا يرجع إليهم قولا .
ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح [ ص: 316 ] عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني أفعصيت أمري قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي .

قوله تعالى : " ولقد قال لهم هارون من قبل " ; أي : من قبل أن يأتي موسى ، " يا قوم إنما فتنتم به " ; أي : ابتليتم ، " وإن ربكم الرحمن " لا العجل ، " قالوا لن نبرح عليه عاكفين " ; أي : لن نزال مقيمين على عبادة العجل ، " حتى يرجع إلينا موسى " فلما رجع موسى ، " قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا " بعبادة العجل . " ألا تتبعني " قرأ ابن كثير وأبو عمرو : ( ألا تتبعني ) بياء في الوصل ساكنة ، ويقف ابن كثير بالياء ، وأبو عمرو بغير ياء . وروى إسماعيل بن جعفر عن نافع : ( ألا تتبعني أفعصيت ) بياء منصوبة . وروى قالون عن نافع مثل أبي عمرو سواء . وقرأ عاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي بغير ياء في الوصل والوقف ، والمعنى : ما منعك من اتباعي ، و " لا " كلمة زائدة .

وفي المعنى ثلاثة أقوال :

أحدها : تسير ورائي بمن معك من المؤمنين وتفارقهم ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس .

والثاني : أن تناجزهم القتال ، رواه أبو صالح عن ابن عباس .

والثالث : في الإنكار عليهم ، قاله مقاتل .

قوله تعالى : " أفعصيت أمري " وهو قوله في وصيته إياه : " اخلفني في قومي وأصلح " ، قال المفسرون : ثم أخذ برأس أخيه ولحيته غضبا منه عليه . وهذا وإن لم [ ص: 317 ] يذكر هاهنا ، فقد ذكر في ( الأعراف : 150 ) ، فاكتفي بذلك ، وقد شرحنا هناك معنى " يا ابن أم " ، واختلاف القراء فيها .

قوله تعالى : " ولا برأسي " ; أي : بشعر رأسي . وهذا الغضب كان لله عز وجل لا لنفسه ; لأنه وقع في نفسه أن هارون عصى الله بترك اتباع موسى .

قوله تعالى : " إني خشيت " ; أي : إن فارقتهم واتبعتك ، " أن تقول فرقت بين بني إسرائيل " وفيه قولان :

أحدهما : باتباعي إياك ومن معي من المؤمنين . والثاني : بقتالي لبعضهم ببعض .

وفي قوله تعالى : " ولم ترقب قولي " قولان :

أحدهما : لم ترقب قولي لك : " اخلفني في قومي وأصلح " .

والثاني : لم تنتظر أمري فيهم .
قال فما خطبك يا سامري قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما .

قوله تعالى : " فما خطبك يا سامري " ; أي : ما أمرك وشأنك الذي دعاك إلى ما صنعت ؟! قال ابن الأنباري : وبعض اللغويين يقول : الخطب مشتق من الخطاب . المعنى : ما أمرك الذي تخاطب فيه ؟

واختلفوا في اسم السامري على قولين :

أحدهما : موسى أيضا ، قاله وهب بن منبه ، وقال : كان ابن عم موسى بن عمران . [ ص: 318 ]

والثاني : ميخا ، قاله ابن السائب .

وهل كان من بني إسرائيل أم لا ؟ فيه قولان :

أحدهما : لم يكن منهم ، قاله ابن عباس .

والثاني : كان من عظمائهم ، وكان من قبيلة تسمى سامرة ، قاله قتادة . وفي بلده قولان :

أحدهما : كرمان ، قاله سعيد بن جبير . والثاني : باجرما ، قاله وهب .

قوله تعالى : " بصرت بما لم يبصروا به " وقرأ حمزة والكسائي : ( تبصروا ) بالتاء . فعلى قراءة الجمهور أشار إلى بني إسرائيل ، وعلى هذه القراءة خاطب الجميع . قال أبو عبيدة : علمت ما لم تعلموا . قال : وقوم يقولون : بصرت وأبصرت سواء ، بمنزلة أسرعت وسرعت . وقال الزجاج : يقال : بصر الرجل يبصر : إذا صار عليما بالشيء ، وأبصر يبصر : إذا نظر . قال المفسرون : فقال له موسى : وما ذاك ؟ قال : رأيت جبريل على فرس ، فألقي في نفسي : أن أقبض من أثرها ، " فقبضت قبضة " وقرأ أبي بن كعب ، والحسن ، ومعاذ القارئ : ( قبصة ) بالصاد . وقال الفراء : والقبضة بالكف كلها ، والقبصة - بالصاد - بأطراف الأصابع . قال ابن قتيبة : ومثل هذا : الخضم بالفم كله ، والقضم بأطراف الأسنان ، والنضخ أكثر من النضح ، والرجز : العذاب ، والرجس : النتن ، والهلاس في البدن والسلاس في العقل ، والغلط في الكلام ، والغلت في الحساب ، والخصر : الذي يجد البرد ، والخرص الذي يجد البرد والجوع ، والنار الخامدة : التي قد سكن لهبها ولم يطفأ جمرها ، والهامدة : التي طفئت فذهبت البتة ، والشكد : العطاء ابتداء ، فإن كان جزاء فهو شكم ، والمائح : الذي يدخل البئر فيملأ الدلو ، والماتح : الذي ينزعها .

قوله تعالى : " فنبذتها " ; أي : فقذفتها في العجل . وقرأ أبو عمرو ، وحمزة ، [ ص: 319 ] والكسائي ، وخلف : ( فنبذتها ) بالإدغام . " وكذلك " ; أي : وكما حدثتك ، " سولت لي نفسي " ; أي : زينت لي ، " قال " موسى " اذهب " ; أي : من بيننا ، " فإن لك في الحياة " ; أي : ما دمت حيا ، " أن تقول لا مساس " ; أي : لا أمس ولا أمس ، فصار السامري يهيم في البرية مع الوحش والسباع ، لا يمس أحدا ولا يمسه أحد ، عاقبه الله بذلك ، وألهمه أن يقول : " لا مساس " ، وكان إذا لقي أحدا يقول : لا مساس ; أي : لا تقربني ولا تمسني ، وصار ذلك عقوبة لولده ، حتى إن بقاياهم اليوم فيما ذكر أهل التفسير بأرض الشام يقولون ذلك . وحكي أنه إن مس واحد من غيرهم واحدا منهم ، أخذتهما الحمى في الحال .

قوله تعالى : " وإن لك موعدا " ; أي : لعذابك يوم القيامة ، " لن تخلفه " ; أي : لن يتأخر عنك ، ومن كسر لام ( تخلف ) أراد : لن تغيب عنه .

قوله تعالى : " وانظر إلى إلهك " يعني : العجل ، " الذي ظلت " قال ابن عباس : معناه : أقمت عليه . وقال الفراء : معنى " ظلت " : فعلته نهارا . وقرأ أبي بن كعب ، وأبو الجوزاء ، وابن يعمر : ( ظلت ) برفع الظاء . وقرأ ابن مسعود ، وأبو رجاء ، والأعمش ، وابن أبي عبلة : ( ظلت ) بكسر الظاء . وقال الزجاج : ( ظلت ، وظلت ) بفتح الظاء وكسرها ، فمن فتح فالأصل فيه : ( ظللت ) ، ولكن اللام حذفت لثقل التضعيف والكسر ، وبقيت الظاء على فتحها ، ومن قرأ : ( ظلت ) بالكسر ، حول كسرة اللام على الظاء . ومعنى " عاكفا " : مقيما ، " لنحرقنه " قرأ الجمهور : ( لنحرقنه ) بضم النون وفتح الحاء وتشديد الراء . وقرأ علي بن أبي طالب ، وأبو رزين ، وابن يعمر : ( لنحرقنه ) بفتح النون وسكون الحاء ورفع الراء مخففة . وقرأ أبو هريرة ، والحسن ، وقتادة : ( لنحرقنه ) برفع النون وإسكان الحاء وكسر الراء [ ص: 320 ] مخففة . قال الزجاج : إذا شدد ، فالمعنى : نحرقه مرة بعد مرة . وتأويل " لنحرقنه " : لنبردنه ، يقال : حرقت أحرق وأحرق : إذا بردت الشيء . والنسف : التذرية . وجاء في التفسير : أن موسى أخذ العجل فذبحه ، فسال منه دم ; لأنه كان قد صار لحما ودما ، ثم أحرقه بالنار ، ثم ذراه في البحر ، ثم أخبرهم موسى عن إلههم ، فقال : " إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو " ; أي : هو الذي يستحق العبادة لا العجل ، " وسع كل شيء علما " ; أي : وسع علمه كل شيء .
كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما .

قوله تعالى : " كذلك نقص عليك " ; أي : كما قصصنا عليك يا محمد من نبأ موسى وقومه ، نقص عليك " من أنباء ما قد سبق " ; أي : من أخبار من مضى ، والذكر هاهنا : القرآن . " من أعرض عنه " فلم يؤمن ولم يعمل بما فيه ، " فإنه يحمل يوم القيامة " وقرأ عكرمة ، وأبو المتوكل ، وعاصم الجحدري : ( يحمل ) برفع الياء وفتح الحاء وتشديد الميم . " وزرا " ; أي : إثما ، " خالدين فيه " ; أي : في عذاب ذلك الوزر ، " وساء لهم " قال الزجاج : المعنى : وساء الوزر لهم يوم القيامة حملا ، و " حملا " منصوب على التمييز .

قوله تعالى : " يوم ينفخ في الصور " قرأ أبو عمرو : ( ننفخ ) بالنون . وقرأ الباقون من السبعة : ( ينفخ ) بالياء على ما لم يسم فاعله . وقرأ أبو عمران الجوني : [ ص: 321 ] ( يوم ينفخ ) بياء مفتوحة ورفع الفاء ، وقد سبق بيانه . " ونحشر المجرمين " وقرأ أبي بن كعب ، وأبو الجوزاء ، وطلحة بن مصرف : ( ويحشر ) بياء مفتوحة ورفع الشين . وقرأ ابن مسعود ، والحسن ، وأبو عمران : ( ويحشر ) بياء مرفوعة وفتح الشين ، ( المجرمون ) بالواو . قال المفسرون : والمراد بالمجرمين : المشركون . " يومئذ زرقا " وفيه قولان :

أحدهما : عميا ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . وقال ابن قتيبة : بيض العيون من العمى ، قد ذهب السواد والناظر .

والثاني : زرق العيون من شدة العطش ، قاله الزهري . والمراد : أنه يشوه خلقهم بسواد الوجوه وزرق العيون .

قوله تعالى : " يتخافتون بينهم " ; أي : يسار بعضهم بعضا ، " إن لبثتم " ; أي : ما لبثتم إلا عشر ليال . وهذا على طريق التقليل لا على وجه التحديد .

وفي مرادهم بمكان هذا اللبث قولان :

أحدهما : القبور ، ثم فيه قولان : أحدهما : أنهم عنوا طول ما لبثوا فيها ، روى أبو صالح عن ابن عباس : إن لبثتم بعد الموت إلا عشرا . والثاني : ما بين النفختين ، وهو أربعون سنة ، فإنه يخفف عنهم العذاب حينئذ ، فيستقلون مدة لبثهم لهول ما يعاينون ، حكاه علي بن أحمد النيسابوري .

والقول الثاني : أنهم عنوا لبثهم في الدنيا ، قاله الحسن وقتادة .

قوله تعالى : " إذ يقول أمثلهم طريقة " ; أي : أعقلهم وأعدلهم قولا ، " إن لبثتم إلا يوما " فنسي القوم مقدار لبثهم لهول ما عاينوا . [ ص: 322 ]
ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما وكذلك أنـزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما .

قوله تعالى : " ويسألونك عن الجبال " سبب نزولها أن رجالا من ثقيف أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا محمد ; كيف تكون الجبال يوم القيامة ؟ فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس .

قوله تعالى : " فقل ينسفها ربي نسفا " قال المفسرون : النسف : التذرية . والمعنى : يصيرها رمالا تسيل سيلا ، ثم يصيرها كالصوف المنفوش ، تطيرها الرياح فتستأصلها ، " فيذرها " ; أي : يدع أماكنها من الأرض إذا نسفها ، " قاعا " قال ابن قتيبة : القاع من الأرض : المستوي الذي يعلوه الماء ، والصفصف : المستوي أيضا ، يريد : أنه لا نبت فيها .

قوله تعالى : " لا ترى فيها عوجا ولا أمتا " في ذلك ثلاثة أقوال : [ ص: 323 ]

أحدها : أن المراد بالعوج : الأودية ، وبالأمت : الروابي ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وكذلك قال مجاهد : العوج : الانخفاض ، والأمت : الارتفاع ، وهذا مذهب الحسن ، وقال ابن قتيبة : الأمت : النبك .

والثاني : أن العوج : الميل ، والأمت : الأثر ، مثل الشراك ، رواه العوفي عن ابن عباس .

والثالث : أن العوج : الصدع ، والأمت : الأكمة .

قوله تعالى : " يومئذ يتبعون الداعي " قال الفراء : أي : يتبعون صوت الداعي للحشر ، لا عوج لهم عن دعائه : لا يقدرون أن لا يتبعوا .

قوله تعالى : " وخشعت الأصوات " ; أي : سكنت وخفيت ، " فلا تسمع إلا همسا " وفيه ثلاثة أقوال :

أحدها : وطء الأقدام ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، ومجاهد في رواية ، واختاره الفراء والزجاج .

والثاني : تحريك الشفاه بغير نطق ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس .

والثالث : الكلام الخفي ، روي عن مجاهد ، وقال أبو عبيدة : الصوت الخفي .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.38 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.36%)]