عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-01-2021, 09:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,046
الدولة : Egypt
افتراضي الحسد.. الوقاية والعلاج

الحسد.. الوقاية والعلاج
محمد فريد فرج فراج



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله ربِّ العالَمين، والصلاةُ والسلام على أشرفِ المرسَلين - صلَّى الله عليه وسلَّم، الظُّلم يتميَّز عن غيرِه من الفواحشِ العظيمة، والمنكَرات البَشِعة، بكونِه لا يَغفِره الله لصاحبِه حتى يغفرَ المظلومُ للظالِم!

ومِن ثَمَّ فخطرُه أعظم، وضررُه أشدُّ مِن كلِّ الكبائر التي يَغفِرها الله للعبدِ بتوبته إليه؛ إذ لا أحدَ مِن العباد - مهما بلَغ - يَملِك ذرَّةً مِن فيض المغفرة الإلهية، فكان لزامًا على كلِّ مَن يَرجو النجاةَ في الدُّنيا والآخِرة أن يتحاشَى مظالِم العباد بدَرجةِ أضعافِ تَحاشيه لسائرِ الكبائر الأخرى، ومِن هذه المظالم التي يقَع فيها الكثيرون لعدمِ تقديرهم لخطورتها (مَظلَمة الحسَد):
والحاسدُ يَظلم المحسودَ من وجهَيْن:
الوجه الأول:بالمَكْر والتدبير للتنفيس عمَّا في صدرِه مِن الحسَد والحقد، وهنا يقَع الحاسدُ في مظالِمَ ظاهرةٍ لا حاجة في توضيحها وبيانها، وليس هذا النوعُ مِن التنفيس هو موضوع المقالة.

الوجه الثاني:بمجرَّد العين، وهو أذًى لا يحتاج أكثرَ مِن الانفعالات النفسيَّة الداخليَّة التي تُثيرها رغبةُ الحاسد في زوالِ النِّعمة عنِ المحسود.

والحاسدُ في هذه الحالةِ يُسمَّى: (العائن)؛ وذلك لأنَّه لا يحتاجُ إلى أيِّ جارحةٍ أخرى لأذَى المحسود، والذي يُسمَّى في هذه الحالة: (المعيون)، والعائِن والمعيون تَعبيرانِ خاصَّان بالأذى الواقِع بالعين، وهو ما لا يَنطبق على الحسَد في الحالةِ الأولى، والتي يحتاج فيها الحاسدُ لاستخدامِ مَكرِه وكَيْده في أذَى المحسود.

فمجرَّد رؤية العائن للمعيون ورغبتِه في زوالِ النِّعمة عنه كافٍ لوقوعِ الأذى على المعيون.

ونذكُر عددًا مِن المواقف التي وقَع فيها الأذى مِن العائن للمعيون بمجرَّد العين مِن غير حِيلةٍ ولا تدبير:

الموقف الأول:
عن جابرِ بن عبدِالله - رضي الله عنهما - عنِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أنَّه قال لأسماءَ بنتِ عُمَيس: ((ما لي أرَى أجسامَ بني أخِي ضارِعَة تُصيبُهم الحاجةُ؟))، قالت: لا، ولكن العين تُسرِع إليهم، قال: ((ارْقِيهم))، قالت: فعرضتُ عليه، فقال: ((ارْقِيهم))؛ رواه أحمد ومسلم.

معاني الكلمات:
ضَارِعة: نَحيفة هَزيلة.
ولكن العَيْن تُسرِع إليهم: ولكن الحَسَد يُسرِعُ إليهم.


الموقف الثاني:
عن زينبَ ابنةِ أبي سَلمَةَ، عن أمِّ سَلمَة - رضي الله عنها -: ((أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - رأى في بيتِها جاريةً في وجهِها سَفعَةٌ، فقال: اسْتَرقُوا لها؛ فإنَّ بها النَّظرة))؛ متفق عليه.

معاني الكلمات:
السَّفْعة: صُفرة الوجه وشُحوبه.
النَّظرة: الحسَد.

الموقف الثالث:
عن محمَّد بنِ أَبي أُمامَةَ بنِ سهلِ بْن حُنَيف، أنَّه سَمِع أباه يقول: اغْتَسلَ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ بالخَرَّار، فنَزَع جُبَّةً كانتْ عليه، وعامِرُ بنُ ربيعةَ ينظُر، قال: وكان سهلٌ رجلاً أبيض، حسَنَ الجلد، فقال له عامرٌ: ما رأيتُ كاليوم، ولا جلدَ عذْراء! فوُعِك سهلٌ مكانَه، واشتدَّ وعكُه، فأُتِي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأُخْبِر أنَّ سهلاً قدْ وُعك، وأنَّه غيرُ رائحٍ معك، فأتاه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((هل تَتَّهمون به مِن أحدٍ؟)) فأخْبَره سهلٌ الذي كان مِن شأنِ عامِر، فتَغيَّظ عليه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقال: ((عَلامَ يَقتُل أحدُكم أخاه؟! ألاَ بَرَّكْتَ؟! إنَّ العين حقٌّ، توضَّأْ له))، فتوضَّأْ له عامر، فراحَ سهلٌ مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليسَ به بأسٌ))؛ رواه أحمد، والنَّسائي في "الكبرى"، وابن ماجه.




يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.96 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]