عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-08-2022, 01:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,014
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عقد الاستصناع تنميةٌ للأموال والأوطان وتحقيقٌ للحاجات


عقد الاستصناع تنميةٌ للأموال والأوطان وتحقيقٌ للحاجات 2 من 2




حسن أبوغدة




تقدم التعريف بعقد الاستصناع والتمهيد له....واستكمل الحديث عنه هنا على النحو التالي....
مجالات تطبيق عقد الاستصناع:
يصلح عقد الاستصناع للقيام بتمويل الورشات، والصناعات، والمشاريع... حيث يتعامل المستصنعون مع أصحابها المُنْتِجين والصانعين، ويتوقعون أن يوفِّروا لهم هذه السلع والمصنوعات والمشاريع في المواسم والمواعيد التي يحدِّدونها لهم، سواء من صناعاتهم وجهودهم الذاتية، أو مما يمكن أن يحصلوا عليه من الأسواق، ويسلِّموه إليهم، أو إلى الجهة التي يحددونها، على دفعة واحدة، أو على دفعات متلاحقة، وهم يقدمون لهم مقابل هذا الاتفاق تمويلاً كلياً، أو جزئياً متدرِّجاً يسدُّ احتياجاتهم، ويحقق طموحاتهم في مشاريعهم...
ومن الصور التي تصلح فيها عمليات التمويل بالاستصناع، وتُمارَس وتُطبَّق على نطاق واسع من قِبَل التجار، والشركات، والمؤسـسات، والمصـارف الإسلامية وغيرها، ما له صلة بمجالات التنمية التجارية، والصناعية، والزراعية، والغذائية، والسياحية، والتعليمية، ونحوها... وذلك كاسـتصناع الألبسـة، والأغـذية وتعليبها، واسـتصناع المفروشـات، ولُعَب الأطفـال، والأدوات الكهربائيـة والمنزليـة، والجوالات، والكمبيوترات، وطبــع الكتب والصحـف، وعمل " الديكورات "، وتعبيد الطرقات، واستصناع المعدَّات الصناعية، والزراعية، والسيارات، والقطارات ومحطاتها، والسفن وأحواضها، والطائرات ومطاراتها، وكإقامة المباني المختلفة من المجمعات السكنية، والفنادق، والمنتجعات السياحية، والمستشفيات، والمساجد، والأسواق، والمدارس، والجامعات، وإنشاء المصانع...
وقلْ نحوَ ذلك فيما تحتاجه الشعوب والدول في كل آن وحين، وبخاصة في عصرنا الحالي، الذي توسعت فيه شبكة الحياة المعاصرة المتطورة ، وصار لا يُستغنَى فيه عن كثير من الأشياء، ونشطت فيه الصناعات العالمية على مستوى التجارة الخارجية الدولية، مع ارتفاع مستمر في الأسعار، مما يتطلب ازدياد اهتمام التجار والجهات والشركات والمؤسسات المالية والتجارية بعقود الاستصناع في مثل هذه المنتجات والمصنوعات والمشاريع، ثم إعادة تسويقها وبيعها والربح فيها، سواء كان هذا في المدى القصير، أو المتوسط، أو الطويل.
ولا يخفى أن عقد الاستصناع يُعدُّ من الوسائل والأدوات الاستثمارية الحيوية المُربِحة، التي تتيح بأمان دخول الأسواق التي تتَّسم المنافسةُ فيها بالمرونة والسعة، مع وجود ضمانات كافية ضد المخاطر المعتادة.
ممارسة بعض المؤسسات المالية والتجارية لعقد الاستصناع وخطوات ذلك:
أحاطت بعض المؤسسات المالية والتجارية علماً بمدى المنافع والأرباح التي تُحقِّقها عقودُ الاستصناع لها، وللمستثمرين، وللتجار، وأصحاب المصانع، والمقاولين، وأصحاب الورشات الصغيرة والكبيرة، الذين يحتاجون إلى المبالغ الائتمانية متوسطة الأجل أو طويلة الأجل.
كما أدركت مدى المنافع والخدمات التي تتحقق لخاصة الناس وعامتهم من خلال توفير متطلباتهم من هذه المصنوعات، والمنتجات، والسلع، والمباني، والخدمات، فقامت بالمنافسة في مجالات عقود الاستصناع وتطبيقها، باعتبارها وسائل وأدوات ذات كفاءة عالية للوفاء بحاجاتها وحاجات المنتجين والمستهلكين، ولأن من الوظائف الأساسية لهذه المؤسسات، تقديم خدمة الائتمان، والاستفادة من عوض الأجل المتعلق بتقديم هذه الخدمة، وكان ذلك ضمن الاعتبارات والتطبيقات التالية:
1ـ البائع:
وهو هنا ( الصانع أو المصْنع ) الذي يحصل على ما يريده من ثمن المصنوع أو بعض ثمنه، ولو بالتدرُّج، مقابل التزامه بالوفاء بتسليم المصنوع في مواعيد لاحقة متفق عليها، فهو يستفيد من ذلك بتغطية احتياجاته المالية،سواء كانت تخصُّ نفقاته الشخصية والعائلية، أو كانت لغرض نفقات مشاريعه ونشاطاته التجارية والإنتاجية وأجور عماله...
2ـ المشتري:
وهو هنا المستصْنِع ( المؤسسة المالية أو التجارية المموِّلة ) الذي يحصُل على المصنوعات، والسلع، والمنتجات، والمشاريع، التي يريد المتاجرة بها، في الوقت الذي يريده، فتنشغل بها ذمة البائع الذي يجب عليه الوفاء بما التزم به، ويلاحَظ هنا أن المؤسسة المالية المشترية تستفيد من رخص السعر، إذ إن " بيع الاستصناع " أرخص من بيع الحاضر غالباً، فتأمن بذلك من تقلب الأسعار. وبناء على هذا تستطيع المؤسسة المالية أن تتحوَّل لاحقاً في هذا الصدد إلى بائع، وتعقد استصناعاً موازياً بسعر أعلى، تبيع فيه سلعاً ومصنوعات ومشاريع من نفس النوع الذي اشترته بالاستصناع الأول، دون ربط مباشر بين العقدين، كما تستطيع الانتظار حتى تتسلَّم المنتَج، فتبيعه بثمن حالٍّ، أو مؤجلٍ، أعلى مما اشترته به، وتحقِّق بذلك أرباحاً مميزة...
3ـ تسليم وتسلُّم السلع والمنتجات والمشاريع المصنوعة في الأجل المحدد:
توجد أمام المؤسسات المالية أو التجارية المستصنعة حالات عدة يمكن اختيار أحدها، ومن ذلك:
أ ـ أن تتسلم المؤسسة السلع، والمنتجات، والمشاريع المصنوعة، في الأجل المحدد، وتتولى تصريفها بمعرفتها ببيع حالٍّ، أو آجل، بالثمن الذي تريده.
ب ـ أن توكِّل المؤسسةُ البائعَ ( الصانع ) ببيع السلعة نيابة عنها نظير أجر إن شاء.
ج ـ أن توعز المؤسسة إلى البائع ( الصانع ) بتسليم المصنوعات إلى طرف ثالث، سواء كان هو المشتري في عقد الاستصناع الموازي اللاحق، أو كان مشترياً طارئاً.
هذا، ونظراً لما لعقد الاستصناع من أهمية لا يستهان بها في عصرنا، الذي نشط فيه استثمار الأموال وتنميتها على نطاق واسع، فقد قامت المصارف الإسلامية والمراكز المالية الأخرى بممارسة هذا العقد المموَّل من أموال المودعين والمستثمرين في صناديق اعتبارية خاصة، مراعية في ذلك ما ذكره الفقهاء في مجمل أركانه وشروطه وأحكامه السابق ذكرها، وقد استفاد منها كثير من المساهمين والمستثمرين فوائد مالية جمَّة.
اتخاذ الاحتياطات المناسبة في عقد الاستصناع الائتماني:
من الجدير بالقول هنا: أنه ليس من مانع شرعي فيما تتخذه المؤسسات التجارية والمالية من إجراءات احتياطية، كوجود شروط جزائية تضعها على المصانع والصُّنَّاع القائمين بالمشاريع ونحوها، وذلك ضماناً لحقوقها ولحقوق المودعين والمستثمرين، الذين فوَّضوها باستثمار أموالهم من خلال عقد الاستصناع، وتأكيداً على الطرف الآخر ( الصانـع ) بوجـوب وفائه بالعقـد ومقتضياته، ووجوب التزامه بتسليم المتعاقَد عليه في وقته المحـدَّد،وهو ما يتوافق مع ما صـدر في قرار مجمـع الفقه الإسلامي برقم ( 109) في دورته (12)، ونصه:
" يجوز أن يُشتَرط الشرطُ الجزائي في جميـع العقود المالية ما عدا العقـود التي يكون الالتزام الأصـلي فيها ديْناً، فإنَّ هذا من الربا الصريـح، وبناء على هذا يجوز هذا الشرط ـ مثلاً ـ في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول، وعقد التوريد بالنسـبة للمورِّد، وعقد الاسـتصناع بالنسبة للصانـع، إذا لم ينفِّذ ما التزم به،أو تأخر في تنفيذه... ولا يجوز في عقد الاستصناع بالنسبة للمستصنِع إذا تأخَّـر في أداء ما عليه ".
وهكذا نرى مدى مرونة أحكام التشريعات المالية في الإسلام وصلاحيتها لكل زمان ومكان، وذلك من خلال نموذج عقد الاستصناع، الذي أحاطه الإسلام بالأركان والشروط والضمانات التي تحفظ حقوق جميع المتعاملين به على حد سواء، من أجل التيسير على الناس وتنمية أموالهم، وتحقيق حاجاتهم في الأسواق المحلية أو الدولية، من التي لها صلة بمجالات التنمية التجارية، والصناعية، والزراعية، والعمرانية، والغذائية، والسياحية، والتعليمية، وغيرها، وبخاصة في عصرنا الذي تشابكت فيه العلاقات، وكثرت فيه احتياجات الناس الخاصة والعامة. ..

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.91 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]