عرض مشاركة واحدة
  #113  
قديم 20-06-2022, 10:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى




تَّفْسِيرِ
(الْجَامِعِ لِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ ، وَالْمُبَيِّنِ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ السُّنَّةِ وَآيِ الْفُرْقَانِ )
الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُرْطُبِيُّ
المجلد (2)
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
من صــ 291الى صــ 297
الحلقة (113)



عظة : وقيل لإبراهيم بن أدهم : ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا ؟ قال : لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه ، وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته ، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به ، وأكلتم نعم الله فلم تؤدوا شكرها ، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها ، وعرفتم النار فلم تهربوا منها ، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه ، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له ، ودفنتم الأموات فلم تعتبروا ، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس . قال علي رضي الله عنه لنوف البكالي : يا نوف ، إن الله أوحى إلى داود أن مر بني إسرائيل ألا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة ، وأبصار خاشعة ، [ ص: 291 ] وأيد نقية ، فإني لا أستجيب لأحد منهم ، ولا لأحد من خلقي له عنده مظلمة . يا نوف ، لا تكونن شاعرا ولا عريفا ولا شرطيا ولا جابيا ولا عشارا ، فإن داود قام في ساعة من الليل فقال : إنها ساعة لا يدعو عبد إلا استجيب له فيها ، إلا أن يكون عريفا أو شرطيا أو جابيا أو عشارا ، أو صاحب عرطبة ، وهي الطنبور ، أو صاحب كوبة ، وهي الطبل . قال علماؤنا : ولا يقل الداعي : اللهم أعطني إن شئت ، اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، بل يعري سؤاله ودعاءه من لفظ المشيئة ، ويسأل سؤال من يعلم أنه لا يفعل إلا أن يشاء . وأيضا فإن في قوله : إن شئت نوع من الاستغناء عن مغفرته وعطائه ورحمته ، كقول القائل : إن شئت أن تعطيني كذا فافعل ، لا يستعمل هذا إلا مع الغنى عنه ، وأما المضطر إليه فإنه يعزم في مسألته ويسأل سؤال فقير مضطر إلى ما سأله . وروى الأئمة واللفظ للبخاري عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة ؛ يقولن اللهم إن شئت فأعطني فإنه لا مستكره له . وفي الموطأ : اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت . قال علماؤنا : قوله فليعزم المسألة دليل على أنه ينبغي للمؤمن أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء من الإجابة ، ولا يقنط من رحمة الله ; لأنه يدعو كريما . قال سفيان بن عيينة : لا يمنعن أحدا من الدعاء ما يعلمه من نفسه فإن الله قد أجاب دعاء شر الخلق إبليس ، قال : رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ، قال فإنك من المنظرين ، وللدعاء أوقات وأحوال يكون الغالب فيها الإجابة ، وذلك كالسحر ووقت الفطر ، وما بين الأذان والإقامة ، وما بين الظهر والعصر في يوم الأربعاء ، وأوقات الاضطرار وحالة السفر والمرض ، وعند نزول المطر والصف في سبيل الله . كل هذا جاءت به الآثار ، ويأتي بيانها في مواضعها ، وروى شهر بن حوشب أن أم الدرداء قالت له : يا شهر ألا تجد القشعريرة ؟ قلت نعم . قالت : فادع الله فإن الدعاء مستجاب عند ذلك ، وقال جابر بن عبد الله : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الفتح ثلاثا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء [ ص: 292 ] فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين فعرفت السرور في وجهه . قال جابر : ما نزل بي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة .

الرابعة : قوله تعالى : فليستجيبوا لي قال أبو رجاء الخراساني : فليدعوا لي . وقال ابن عطية : المعنى فليطلبوا أن أجيبهم ، وهذا هو باب استفعل أي طلب الشيء إلا ما شذ مثل استغنى الله ، وقال مجاهد وغيره : المعنى فليجيبوا إلي فيما دعوتهم إليه من الإيمان ، أي الطاعة والعمل ويقال : أجاب واستجاب بمعنى ، ومنه قول الشاعر :
فلم يستجبه عند ذاك مجيب


أي لم يجبه . والسين زائدة واللام لام الأمر . وكذا وليؤمنوا وجزمت لام الأمر لأنها تجعل الفعل مستقبلا لا غير فأشبهت إن التي للشرط ، وقيل : لأنها لا تقع إلا على الفعل .

والرشاد خلاف الغي ، وقد رشد يرشد رشدا ، ورشد ( بالكسر ) يرشد رشدا ، لغة فيه ، وأرشده الله . والمراشد : مقاصد الطرق ، والطريق الأرشد : نحو الأقصد ، وتقول : هو لرشدة . خلاف قولك : لزنية . وأم راشد : كنية للفأرة ، وبنو رشدان : بطن من العرب ، عن الجوهري ، وقال الهروي : الرشد والرشد والرشاد : الهدى والاستقامة ، ومنه قوله : لعلهم يرشدون .
قوله تعالى : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون

فيه ست وثلاثون مسألة :

الأولى : قوله تعالى : أحل لكم لفظ أحل يقتضي أنه كان محرما قبل ذلك ثم نسخ . روى أبو داود عن ابن أبي ليلى قال وحدثنا أصحابنا قال : وكان الرجل إذا أفطر فنام [ ص: 293 ] قبل أن يأكل لم يأكل حتى يصبح ، قال : فجاء عمر فأراد امرأته فقالت : إني قد نمت ، فظن أنها تعتل فأتاها ، فجاء رجل من الأنصار فأراد طعاما فقالوا : حتى نسخن لك شيئا فنام ، فلما أصبحوا نزلت عليه هذه الآية ، وفيها : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ، وروى البخاري عن البراء قال : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي ، وأن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما - وفي رواية : كان يعمل في النخيل بالنهار وكان صائما - فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها : أعندك طعام ؟ قالت لا ، ولكن أنطلق فأطلب لك ، وكان يومه يعمل ، فغلبته عيناه ، فجاءته امرأته فلما رأته قالت : خيبة لك فلما انتصف النهار غشي عليه ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ففرحوا فرحا شديدا ، ونزلت : وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، وفي البخاري أيضا عن البراء قال : لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله ، وكان رجال يخونون أنفسهم ، فأنزل الله تعالى : علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم يقال : خان واختان بمعنى من الخيانة ، أي تخونون أنفسكم بالمباشرة في ليالي الصوم ، ومن عصى الله فقد خان نفسه إذ جلب إليها العقاب ، وقال القتبي : أصل الخيانة أن يؤتمن الرجل على شيء فلا يؤدي الأمانة فيه ، وذكر الطبري : أن عمر رضي الله تعالى عنه رجع من عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمر عنده ليلة فوجد امرأته قد نامت فأرادها فقالت له : قد نمت ، فقال لها : ما نمت ، فوقع بها . وصنع كعب بن مالك مثله ، فغدا عمر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أعتذر إلى الله وإليك ، فإن نفسي زينت لي فواقعت أهلي ، فهل تجد لي من رخصة ؟ فقال لي : لم تكن حقيقا بذلك يا عمر فلما بلغ بيته أرسل إليه فأنبأه بعذره في آية من القرآن . وذكره النحاس ومكي ، وأن عمر نام ثم وقع بامرأته ، وأنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فنزلت : علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن الآية .

[ ص: 294 ] الثانية : قوله تعالى : ليلة الصيام الرفث ليلة نصب على الظرف وهي اسم جنس فلذلك أفردت . و الرفث : كناية عن الجماع لأن الله عز وجل كريم يكني ، قاله ابن عباس والسدي . وقال الزجاج : الرفث كلمة جامعة لكل ما يريد الرجل من امرأته ، وقاله الأزهري أيضا ، وقال ابن عرفة : الرفث ها هنا الجماع ، والرفث : التصريح بذكر الجماع والإعراب به . قال الشاعر
ويرين من أنس الحديث زوانيا وبهن عن رفث الرجال نفار


وقيل : الرفث أصله قول الفحش ، يقال : رفث وأرفث إذا تكلم بالقبيح ، ومنه قول الشاعر :
ورب أسراب حجيج كظم عن اللغا ورفث التكلم


وتعدى الرفث بإلى في قوله تعالى جده : الرفث إلى نسائكم ، وأنت لا تقول : رفثت إلى النساء ، ولكن جيء به محمولا على الإفضاء الذي يراد به الملابسة في مثل قوله : وقد أفضى بعضكم إلى بعض . ومن هذا المعنى : وإذا خلوا إلى شياطينهم كما تقدم ، وقوله : يوم يحمى عليها أي يوقد ; لأنك تقول : أحميت الحديدة في النار ، وسيأتي ، ومنه قوله : فليحذر الذين يخالفون عن أمره ، حمل على معنى ينحرفون عن أمره أو يروغون عن أمره ; لأنك تقول : خالفت زيدا ، ومثله قوله تعالى : وكان بالمؤمنين رحيما حمل على رءوف في نحو بالمؤمنين رءوف رحيم ، ألا ترى أنك تقول : رؤفت به ، ولا تقول رحمت به ، ولكنه لما وافقه في المعنى نزل منزلته في التعدية ، ومن هذا الضرب قول أبي كبير الهذلي :
حملت به في ليلة مزءودة كرها وعقد نطاقها لم يحلل


عدى " حملت " بالباء ، وحقه أن يصل إلى المفعول بنفسه ، كما جاء في التنزيل : حملته أمه كرها ووضعته كرها ولكنه قال : حملت به ; لأنه في معنى حبلت به .

[ ص: 295 ] الثالثة : قوله تعالى : هن لباس لكم ابتداء وخبر ، وشددت النون من هن لأنها بمنزلة الميم والواو في المذكر . وأنتم لباس لهن أصل اللباس في الثياب ، ثم سمي امتزاج كل واحد من الزوجين بصاحبه لباسا ، لانضمام الجسد إلى الجسد وامتزاجهما وتلازمهما تشبيها بالثوب ، وقال النابغة الجعدي :
إذا ما الضجيع ثنى جيدها تداعت فكانت عليه لباسا


وقال أيضا :
لبست أناسا فأفنيتهم وأفنيت بعد أناس أناسا


وقال بعضهم : يقال لما ستر الشيء وداراه : لباس ، فجائز أن يكون كل واحد منهما سترا لصاحبه عما لا يحل ، كما ورد في الخبر ، وقيل : لأن كل واحد منهما ستر لصاحبه فيما يكون بينهما من الجماع من أبصار الناس ، وقال أبو عبيد وغيره : يقال للمرأة هي لباسك وفراشك وإزارك . قال رجل لعمر بن الخطاب :
ألا أبلغ أبا حفص رسولا فدى لك من أخي ثقة إزاري


قال أبو عبيد : أي نسائي ، وقيل نفسي ، وقال الربيع : هن فراش لكم ، وأنتم لحاف لهن . مجاهد : أي سكن لكم ، أي يسكن بعضكم إلى بعض .

الرابعة : قوله تعالى : علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم يستأمر بعضكم بعضا في مواقعة المحظور من الجماع والأكل بعد النوم في ليالي الصوم ، كقوله تعالى : تقتلون أنفسكم يعني يقتل بعضكم بعضا ، ويحتمل أن يريد به كل واحد منهم في نفسه بأنه يخونها ، وسماه خائنا لنفسه من حيث كان ضرره عائدا عليه ، كما تقدم . وقوله : فتاب عليكم يحتمل معنيين : أحدهما - قبول التوبة من خيانتهم لأنفسهم . والآخر : التخفيف عنهم بالرخصة والإباحة ، كقوله تعالى : علم أن لن تحصوه فتاب عليكم يعني خفف عنكم ، وقوله عقيب القتل الخطأ : فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله يعني تخفيفا ; لأن القاتل خطأ لم يفعل شيئا تلزمه التوبة منه ، وقال تعالى : لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة وإن لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم ما يوجب التوبة منه . وقوله : وعفا عنكم يحتمل العفو من الذنب ، ويحتمل التوسعة [ ص: 296 ] والتسهيل ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم : أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله يعني تسهيله وتوسعته ، فمعنى علم الله أي علم وقوع هذا منكم مشاهدة فتاب عليكم بعد ما وقع ، أي خفف عنكم وعفا أي سهل . وتختانون من الخيانة ، كما تقدم . قال ابن العربي : وقال علماء الزهد : وكذا فلتكن العناية وشرف المنزلة ، خان نفسه عمر رضي الله عنه فجعلها الله تعالى شريعة ، وخفف من أجله عن الأمة فرضي الله عنه وأرضاه .

قوله تعالى : فالآن باشروهن كناية عن الجماع ، أي قد أحل لكم ما حرم عليكم . وسمي الوقاع مباشرة لتلاصق البشرتين فيه . قال ابن العربي : ( وهذا يدل على أن سبب الآية جماع عمر رضي الله عنه لا جوع قيس ; لأنه لو كان السبب جوع قيس لقال : فالآن كلوا ، ابتدأ به لأنه المهم الذي نزلت الآية لأجله ) .

الخامسة : قوله تعالى : وابتغوا ما كتب الله لكم قال ابن عباس ومجاهد والحكم بن عيينة وعكرمة والحسن والسدي والربيع والضحاك : معناه وابتغوا الولد ، يدل عليه أنه عقيب قوله : فالآن باشروهن ، وقال ابن عباس : ما كتب الله لنا هو القرآن . الزجاج : أي ابتغوا القرآن بما أبيح لكم فيه وأمرتم به ، وروي عن ابن عباس ومعاذ بن جبل أن المعنى وابتغوا ليلة القدر ، وقيل : المعنى اطلبوا الرخصة والتوسعة ، قاله قتادة . قال ابن عطية : وهو قول حسن . قيل : وابتغوا ما كتب الله لكم من الإماء والزوجات . وقرأ الحسن البصري والحسن ابن قرة ( واتبعوا ) من الاتباع ، وجوزها ابن عباس ، ورجح ابتغوا من الابتغاء .

السادسة : وكلوا واشربوا هذا جواب نازلة قيس ، والأول جواب عمر ، وقد ابتدأ بنازلة عمر لأنه المهم فهو المقدم .

السابعة : قوله تعالى : حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر حتى غاية للتبيين ، ولا يصح أن يقع التبيين لأحد ويحرم عليه الأكل إلا وقد مضى لطلوع الفجر قدر ، واختلف في الحد الذي بتبينه يجب الإمساك ، فقال الجمهور : ذلك الفجر المعترض في الأفق يمنة ويسرة ، وبهذا جاءت الأخبار ومضت عليه الأمصار . روىمسلم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا ، وحكاه حماد بيديه قال : يعني معترضا ، وفي حديث ابن مسعود : إن الفجر ليس الذي يقول هكذا - وجمع أصابعه ثم [ ص: 297 ] نكسها إلى الأرض - ولكن الذي يقول هكذا - ووضع المسبحة على المسبحة ومد يديه ، وروى الدارقطني عن عبد الرحمن بن عباس أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هما فجران فأما الذي كأنه ذنب السرحان فإنه لا يحل شيئا ولا يحرمه وأما المستطيل الذي عارض الأفق ففيه تحل الصلاة ويحرم الطعام هذا مرسل وقالت طائفة : ذلك بعد طلوع الفجر وتبينه في الطرق والبيوت ، روي ذلك عن عمر وحذيفة وابن عباس وطلق بن علي وعطاء بن أبي رباح والأعمش سليمان وغيرهم أن الإمساك يجب بتبيين الفجر في الطرق وعلى رءوس الجبال . وقال مسروق : لم يكن يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت ، وروى النسائي عن عاصم عن زر قال قلنا لحذيفة : أي ساعة تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع ، وروى الدارقطني عن طلق بن علي أن نبي الله قال : كلوا واشربوا ولا يغرنكم الساطع المصعد وكلوا واشربوا حتى يعرض لكم الأحمر . قال الدارقطني : قيس بن طلق ليس بالقوي ، وقال أبو داود : هذا مما تفرد به أهل اليمامة . قال الطبري : والذي قادهم إلى هذا أن الصوم إنما هو في النهار ، والنهار عندهم من طلوع الشمس ، وآخره غروبها ، وقد مضى الخلاف في هذا بين اللغويين . وتفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله : إنما هو سواد الليل وبياض النهار الفيصل في ذلك ، وقوله أياما معدودات وروى الدارقطني عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له . تفرد به عبد الله بن عباد عن المفضل بن فضالة بهذا الإسناد ، وكلهم ثقات .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.59 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.78%)]