عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-05-2021, 02:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي الأسرة في الغربة

الأسرة في الغربة
أ. يمنى زكريا





السؤال



ملخص السؤال:

شاب يعيش في الغربة ومعه زوجته وأولاده، وهم يَشعرون بالضيق والوَحْدة، ويسأل: كيف أعوِّضهم عن هذا الألم؟ وكيف أزيل عنهم هذا الشعور وأعوضهم عن فَقْد صحبة الأطفال الذين في مثل سنهم؟



تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بدايةً أوَدُّ أن أُعَبِّرَ عن مدى شُكري وامتناني لهذا العمل الرائد، فقد رفعتُم كثيرًا مِن عِبْء فرض الكفاية في باب الاستشارات.




أما مشكلتي فأنا شابٌّ في الثلاثين من عمري متزوج ولديَّ أولاد، أعمل في دولة عربية، أخذتُ زوجتي وأولادي للعيش معي، لكن المشكلة أننا نشعُر بالغربة، وأولادي الصِّغار يَنتابهم حالات غريبة؛ فلا يستطيعون التأقلُم مع الوضع والغربة، وندرة الأصدقاء واللعب.




فكيف أعوِّضهم عن هذا الألم؟ وكيف أزيل عنهم هذا الشعور وأعوِّضهم عن فَقْد صحبة الأطفال في مثل سنِّهم؟ وكذلك الأمر يَنسحب على زوجتي، فهي تَشْعُر بكثيرٍ مِن الألم والضيق بسبب الغربة والوَحْدَة.




وجزاكم الله خيرًا


الجواب



حيَّاكَ اللهُ أخي الفاضل في شبكة الألوكة، ونشكر لك حسنَ ظنِّك بنا، راجين الله أن يتقبَّل منا، ويغفرَ لنا سهوَنا وتقصيرَنا.




إنَّ ما ذكرت أخي الفاضلَ كلها أعراضٌ طبيعية إلى حدٍّ ما ومتكررةٌ كردِّ فعلٍ للغربة وما يترتَّب عليها من شعورٍ بالقلق، وعدمِ الارتياح، ويذكر المختصون هذه المراحل كالتالي:

مرحلة شهر العسل:

وفي هذه المرحلةِ يُنظر إلى الاختلافات بين البيئتَيْنِ بمِنظارٍ ورْدِيٍّ، ويُرى كلُّ شيء رائعًا وجديدًا، وأعتقد أنك قد مَرَرْتَ وانتهيتَ مِن هذه المرحلة.




مرحلة كل شيء سيِّئ:

وتظهر هذه المرحلةُ بعدَ عدَّةِ أسابيعَ أو عدة شهورٍ، وفيها تبدأُ الاختلافاتُ بينَ البِيئتَيْنِ، وتُشكِّل مصدرًا للإزعاجِ والضَّجَر والضيق، ثم يبدأ الشخصُ المُغْترِبُ بالاشتياق إلى الطريقة التي يُحضر بها الطعام في بيئته القديمة، وإلى عائلته الكبيرة وأصدقائه، وإلى كل ما يتعلَّق بالماضي، ويشعر أن الوقت يمرُّ بِبُطْءٍ، وينزعِجُ من عادات الناس في البيئة الجديدة، وهذه في الغالب هي المرحلة التي تمرُّون بها حاليًّا.




مرحلة كل شيء على ما يُرام:

وتتحقَّقُ هذه المرحلةُ بعد مرورِ عدَّة أسابيعَ أو شهور من المرحلة السابقة؛ حيث يعتاد الإنسان تدريجيًّا على البيئة الجديدة باختلافاتها، ومن ثَمَّ يبدأُ باتِّباع روتينٍ مُعيَّنٍ في حياته اليومية، وتُصبِحُ حياتُه عاديةً، وعند هذه اللحظة يَتوقَّفُ الإنسان عن النظر إلى البيئة الجديدة ومقارنتها بالقديمة، لا سلبًا ولا إيجابًا؛ لأن البيئةَ الجديدةَ الآن لم تَعُدْ كما كانت جديدةً بالنسبة له، بل أصبحَتْ واقعًا حقيقيًّا، فيبدأ الإنسان حينَها بالتركيز على حياته الأساسية كما كان في بيئتِه الأصليَّة القديمة؛ لذا أبشِّرُك أخي الفاضل أنك ستَصِلُ لها قريبًا، وستَزُولُ عنكم هذه المشاعر المتضاربة - إن شاء الله.




وهناك عِدَّةُ طرقٍ للتَّأقْلُمِ مع هذا، منها:

حاوَلْ توسيعَ مداركِك؛ لتكون قادرًا على تَقبُّل البيئة الجديدة بأخطائها وسلبيَّاتها وإيجابيَّاتها، وسيكون عليك العِبْءُ الأكبر في البحث عن أماكن الترفيهِ في هذه البلدة؛ لتلبية رَغَباتِ أطفالِك.




أوصيك بالتحلِّي بالصبر؛ فكلُّ شيء يحتاجُ إلى وقت.




تعرَّف إلى أناسٍ جُدُدٍ، وكوِّن صداقاتٍ من نفس جنسيَّتك؛ فهذا سيُعطيك شعورًا بالانتماءِ، ومن المهمِّ أن تتعرَّف الأسرةُ بأكملِها على أفراد أُسَرِ أصدقائك؛ فهذا سيُقلِّل مِن شُعُورهم بالوَحْدةِ.




أَلْحِقِ الأطفالَ بالأنشطة المختلفة؛ كالرياضة، وحَلَقات القرآن، ولا مانع أن تَلْتَحِقَ زوجتُك أيضًا بما هو متاح؛ حتى يتسنَّى لها ملء وقتِها بما يفيد، ويُشعِرُها بالبهجة، وستتعرَّفُ إلى أناس جُددٍ، وسيتغيَّرُ مِزاجُها للأفضل - إن شاء الله.




لا تُطِلْ فترةَ الغياب عن الوطن، فإن أُتيحَ النزولُ مرتين في العام فافْعَلْ، أو قد تسبقُك أسرتُك، ويقضون وقتًا مع الأهل إلى أن تأتيَ أنت إليهم، وتمكُث معهم فترة، ثم تعودون جميعًا حيث عملك... وهكذا، بما يتوافَقُ مع ظروف عملك.




قد يَنتابُكَ من وقتٍ لآخرَ شعورٌ بالحزن، أو اليأس، أو الإحباط، كلُّ هذا طبيعيٌّ، لكن لا تَستسْلِمْ لذلك، ولا تكن سوداويَّ النظرةِ، واعلم أن دوامَ الحالِ من المُحالِ.




حَاوِلْ أن تتكيَّف وتتعايشَ مع الجديد في حياتك، أو ما لا يرضيك، وضَعْ لنفسك أهدافًا، وكن صاحبَ طُموحٍ.





وأخيرًا نسألُ اللهَ أن يَشْرَحَ صدرَك، ويُعينَك في غربتك، ويُيسِّرَ لك أمرَك



ويُنعمَ عليك براحة البال، ويحفظَ لك أسرتَك



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.71 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.58%)]