عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-09-2022, 11:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قراءة في كتب هوفمان حول رؤيته في الحداثة وأثرها في أفول الغرب

ثانياً: حقوق المرأة

عن هذا الموضوع كتب هوفمان الكثير، ومما قاله: «إن الأسرة في الغرب منهارة، وإن هناك مؤسسة الخدم والخليلات، وإن معدل الطلاق عالٍ، وإن هناك استغلالاً تجارياً للمرأة جنسياً. نعم! عند دخول الألف الثالثة وُلد في السويد 55% من الأطفال خارج نطاق الزوجية، و 40% في فرنسا، و 38% في بريطانيا العظمى، مع كل ما ينجم عن ذلك من شقاء وبؤس للأم والطفل. نعم! العنف ضد المرأة في الزيجات الغربية، إذْ وثَّق هذه الحقيقة فيلم إسباني حديث بالإحصائيات المحيطة (Te doy mis ojos «أمنحك عيني»، نوفمبر 2003م). نعم! لم تصل المرأة في الغرب كله إلى المساواة مع الرجل (بالمقارنة مع القانون) في ميادين السياسة والأعمال والعلوم. ولكن ينبغي ألا يتخذ المسلمون ذلك مثلاً يُحتذى ويتذرعون به؛ بل ينبغي أي يُرى الإسلام بأنه الدين الوحيد الذي يُعزِّز طاقات المرأة وإمكاناتها»[16].

ولهذا فإن شعار الحقوق للمرأة لدى الحضارة الغربية يُبرِز تساؤلات عديدة تطرحها الساحة الثقافية حتى عند عقلاء الغرب، ومنها: هل يُعدُّ جسد المرأة سلعة تُباع وتُشترى في الدعاية والإعلان؟ وهل هذا حقٌّ من حقوقها مثلاً؟ وهل هذا مما يُعدُّ حقوقاً مُثلى وكرامة للمرأة؟ وهل عمـل المرأة بالصـورة الـمُبتذلة المعمـول بها في الغرب تكريم للمرأة، أم إهانة لها؟ وهل هذا العمل الوظيفي خارج المنزل مما يُحقق للمرأة حقوقها الأساسية وكرامتها في الزواج والإنجاب المشروع؟ ثم أليس هذا الحق في العمل يأتي على حساب حق أكبر للمرأة والطفل في الكرامة والتربية والرعاية والعناية؟ تساؤلات عديدة وكثيرة ومتنوعة مفادها ونتيجتها المنطقية بمجملها: القول: متى، وكيف يمكن تأسيس منظمات وجمعيات إسلامية في الغرب وفي داخل البلاد العربية والإسلامية تكون معنيَّة بتنظيم وتقنين وإعلان التشريعات والمبادئ والقيم الإسلامية المعنية بحقوق المرأة وكرامتها لإنقاذها من الانتهاكات؟ بل أكثر من هذا؛ نظراً لأهمية تصدير مفاهيم هذه الحقوق والتسويق لها والنداء بالصوت العالي بغرض تحرير المرأة الغربية من صور الاستغلال والاحتقار والإهانة التي لحقت بها من قِيم الحضارة الغربية المادية، ومن انحراف البوصلة بعيداً عن حقوق المرأة الحقيقية وكرامتها.

ومن مفاهيم حقوق المرأة التي تستوجب التصدير للغرب ثقافة وجوب قوامة الرجل ومسؤوليته المالية بالنفقة والرعاية، حمايةً للمرأة وتحقيقاً لكرامتها بنتاً وزوجةً وأمّاً وجدَّة وأختاً.

ومما يُعزِّز ويؤكد ما كتبه هوفمان حول حضارة الغرب وما فيها من انتهاك لحقوق المرأة ما كَتَبَته الباحثة والمؤرخة الألمانية ميريام جيبهارت Miriam Gebhardt عن بعض التاريخ الأسود المعاصر للغرب في تعاطيه مع المرأة وحقوقها، وذلك بقولها: «بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية اغتصب (الحلفاء) حوالي مليوني امرأة ألمانية، وتناثرت جثث كثير منهنَّ في الشوارع! ولم يتردد جنود الحلفاء المنتصرين لحظة واحدة في إعدام أي امرأة كانت ترفض الخضوع لمطالبهم. وقبلت ألمانيا حتى منتصف الخمسينيات [من القرن العشرين] بتسجيل (37) ألف طفل باسماء أمهاتهم! كما أن الروسَ اغتصبوا (15) ألف امرأة! والأمريكانَ (190) ألفاً! والبريطانيين (45) ألفاً! والفرنسيين (50) ألفاً! والبلجيكيين (10) آلاف امرأة! وما فعله الصرب والكروات في نساء البوسنة والهرسك من حالات الاغتصاب الجماعي في تسعينيات القرن العشرين على مرأى ومسمع من كل العالم الذي يسمى متحضراً ديمقراطياً!»[17].

والتساؤلات التي تطرحها قضية المزايدات الغربية حول حقوق المرأة والطفل كما يرى هوفمان واضحة من خلال كتاباته، كما أن كتابات الآخرين مما يُعزِّز كذلك رؤية هوفمان حول الانتهاك الصارخ لحقوق المرأة والطفل والأسرة، ومثال واحد صارخ من أمريكا عن مزاعم هذه الحقوق يكشفه برنامج تلفزيوني تتقزز منه الإنسانية وتشمئز منه الفطرة الإنسانية السليمة، وهو بعنوان (أنت لست الأب) وهو من أشهر البرامج في التلفزيون الأمريكي ويُعرض على قناة NBC منذ عام 1991م. وهو مُكوَّنٌ من 19 موسماً، ووصل عام 2020م إلى 3500 حلقة. وفي كُلِّ حلقةٍ يتم عرض ثلاث أو خمس حالاتٍ من الأزواج على الأقل. وفيه يتم جمع الأزواج وزوجاتهم مصحوبين أحياناً بنتائج علم الوراثة المعاصر مع أولادهم أمام الجميع؛ لِيثْبُت في معظم الحالات أن الأولاد غير شرعيين ولا ينتسبون لآبائهم. ومن ذلك أنه يتم في كل برنامج أن تقوم امرأة من محترفات الفاحشة بدعوة عددٍ من الرِجال إلى البرنامج، ممن أقامت معهم الفاحشة بعلاقةٍ جنسيَّةٍ محرمة، هكذا أمام الناس، ودون أدنى ذرةٍ من حياء أو خجل؛ وذلك ليخضعوا لفحص الحَمض الوراثي DNA. والغرض منه أن تعرف هي من هو والد طِفلها أو طِفلتها[18].

فأين حقوق المرأة وكرامتها؟ بل أين حقوق الطفل؟ وأين حقوق الرجل الإنسان والأسرة التي يتشدق بها الغرب؟ أليس حق الأبوَّة مفقوداً بهذا الواقع، وهو أساس كلِّ الحقوق في الحياة الإنسانية! والسخرية أن مرتكبي هذه الجرائم والجنايات بحق الإنسان هم من يُحاضِرون بدروسهم وإعلامهم على المسلمين اليوم بحقوق الإنسان! وحقوق المرأة! وحقوق الطفل، بل يدَّعون زوراً وبهتاناً أن الإسلام ظَلَم المرأة ولم يُعطِ الزوجة حقوقها! أليست هذه هي المزايدة حقاً؟ ومن هنا يجب التأكيد على أن مبدأ تشريع حقوق المرأة في الإسلام يؤكد على تحقيق العدالة لها، وهو أهم حق في مساواة التكامل، فالكرامة الإنسانية في الإسلام حقٌّ للرجل والمرأة على حدٍّ سواء، ومساواة التكامل في الوظائف والواجبات بينهما حقٌّ آخر كذلك.

ويرى هوفمان - كما هو غيره - أن الأحكام الإسلامية المتعلقة بالمرأة تَعُدُّ الاختلاف في ترتيب المساواة منطقياً ومُبرَّراً، إذ الاختلاف البيولوجي بين الجنسين وعدم المساواة الجسدية أمرٌ يَحسِمُ مفاهيم مساواة التماثل ليكشف حقيقة الثقافة الغربية وإهانتها للمرأة، بل إن هذا الاختلاف هو ما يفرض تشريع القوامة في الإسلام تكريماً للمرأة. فالقوامة تعني المسؤولية الأسرية والكفالة والحماية وحقوقاً أكثر للمرأة على الرجل مما تحتاجه المرأة في أي مجتمع كان. ويتجاهل ميثاق حقوق الإنسان الغربي هذه المفاهيم وذاك الاختلاف الفطري البيولوجي، وذلك عن قصد لمصلحة مساواة خيالية يتم الدفاع عنها بمكابرة ثم بمزايدة!

كما أن مما تعنيه قوامة الرجل على المرأة في الإسلام هو تقدير الاختلاف الفطري حول إمكانيات الرجال البدنية أو المالية، التي هي غالباً عند الرجال أكبر منها لدى النساء، مما يَصُّب في حق المرأة ووجوب النفقة عليها ورعايتها وحمايتها بكرامة حقوقية مُثْلَى. ويرى هوفمان وغيره من المؤمنين والمنصفين أن تشريعات الإسلام تُلبي كل حقوق المرأة الأساسية؛ بل كرامتها فوق ذلك، إن هم أرادوا فهم ذلك أو العمل به.

ومما يراه هوفمان: أن تعدد الزوجات يُعَدُّ حقاً للمرأة على المجتمع (مثلاً)؛ ففي هذا تلبية لحقوق المرأة ذاتها في الزواج النظيف، وحقوقها في الإنجاب المشروع، وما في هذا من حماية لحقوق الطفل بالأسرة والأبوَّة. وهذا التعدد المشروع هو حق وتكريم للمرأة أكثر من كونه حقاً للرجل. وهو حق تفرضه أحياناً الديموغرافيا السكانية؛ بسبب زيادة أعداد النساء على الرجال ليُقدِّم الإسلام الحل النظيف للمرأة وأطفالها! ولتنتهي المزايدة أو لتنكشف حول هذا الجانب، فإن حالات التعدد في الإسلام أقل بكثير من حالات الخيانة الزوجية مع العشيقات في الغرب، كما يقول هوفمان ويقرِّره وهو الخبير بالغرب، وذلك في مواضع كثيرة من كتبه ومقالاته[19].

ولهذا يعتقد كل مسلم أن القرآن سبق في تشخيص حقيقة الغرب النصراني المتعصب ومزايداته ومن سار في ركابه {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ} [النساء: 89]. {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء: 27].

ثالثاً:الديمقراطية

الديمقراطية الغربية تُعدُّ من أنجح التجارب البشرية المعاصرة في تحقيق شيء كثير من العدالة في الغرب، خاصةً ما بعد الحرب العالمية (الأوروبية) الثانية، حينما حققت لدول أوروبا وأمريكا الاستقرار السياسي وحق الانتخاب وحقوق الإنسان داخل المنظومة الغربية. ويقيناً أنها - على الرغم من نقائصها - أفادتهم كثيراً في حياتهم السياسية، لكن تساؤلات عدة تطرحها بعض الأحداث السياسية، وكثير من الحوادث العسكرية العدوانية داخل الغرب نفسه وخارجه، وذلك عن مدى الالتزام بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان خارج حدود هذه الدول تحديداً، ومنها: ماذا يعني الصمت عن الاستبداد السياسي للحكومات في معظم دول العالم الإسلامي أو دعمُه؛ رغم المآسي الإنسانية كما في العراق وسوريا وأفغانستان وفلسطين على سبيل المثال؟ وماذا تعني حقوق الإنسان الغربي القائمة على نهب ثروات ومقدرات الشعوب الأخرى وإفقارها وسلب حقوقها كما في دول إفريقيا كمثال؟ والقائمة من التساؤلات تطول وتزداد في وضوح المزايدات.

وعلى المستوى الداخلي: ماذا تعني قيم الديمقراطية إذا كان يصحبها أعلى نسبة مساجين في العالم، ومن أعلى دول العالم في حالات المخدرات والخمور، وعدد اللقطاء من الأطفال غير الشرعيين تغص بهم دور الحضانة، كما هو الحال في أمريكا؟

فالديمقراطية السياسية الغربية على الرغم من نجاحها السياسي إلا أن إخفاقاتها الأخلاقية تُعدُّ مما يُهدِّد بقاءَهـا مع أن عمرها الزمني قصير جداً، والحكم في الغالب يكون على المآلات والنهايات.

وحول الاستفادة من هذه الديمقراطية، يكفي أنها ليست ملكية فكرية غربية، بل إنها في شِقِّها الإداري دون الأيديولوجي ممكنة التطبيق في المجتمعات الإسلامية، إذ (في رأيي) لا يتعارض جانبها الإداري مع تشريعات الإسلام في تحقيق العدالة؛ بل إن عدم احتكار الديمقراطية في الغرب أَنْجَحَهَا إلى حدود كبيرة أو إلى مدى معيَّن في بلاد أخرى مثل تركيا وماليزيا وإندونيسيا وباكستان باختلاف في مستوى النزاهة والشفافية في التطبيقات بين الدول، فلا مجال للمزايدة في شيء يمكن امتلاكه أو العمل به من الجميع.

ثم إن النظم الديمقراطية وقوانينها وحرياتها في الغرب تسقط بشكل مُريع كما هو مشاهد في الواقع عند أي خلل أمني أو اضطراب اجتماعي، أو مظاهرات أو حروب وصراعات داخل الدول الغربية ذاتها؛ فيكف تعاطت - مثلاً - بعض الولايات الأمريكية مع أحداث شغب المظاهرات المناهضة للعنصرية عام 2020م؟ فالولاية التي يحكمها حاكم ديمقراطي - حسب التقارير والأخبار - يريد إسقاط ترامب الجمهوري من خلال تساهل حاكم الولاية أو نوعية تعاطيه مع أحداث الشغب والمظاهرات، حتى لو احترقت مدن الولاية بالكامل نكاية بالحزب الحاكم المنافس (الجمهوري)[20]! فهل الديمقراطية الغربية وصلت إلى هذا المستوى من عدم الحس الوطني؟ وربما يتكرر التساؤل حول ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية من خدشِ أو كسرٍ لهذه الديمقراطية حين اقتحام مبنى الكونغرس بتاريخ 6 يناير 2021م من بعض المتظاهرين الجمهوريين بعد إعلان فوز الديمقراطيين، وهو ما يعكس شيئاً من حقيقة الديمقراطية أو هشاشتها في محضنها الأول[21].

والأكثر من ذلك عن هذه المغالطات والمزايدات الغربية المكشوفة مع الإسلام؛ هو سوء فهم حقيقة العدالة في تشريعات الإسلام وأصول الحكم، وهو الاتهام الباطل القائل بعدم القدرة الجوهرية للإسلام وتشريعاته المثبتة تاريخياً عبر عصور الدول الإسلامية المتعاقبة حول احترام حقوق الإنسان وكرامته، وحول تطبيق معظم قيم العدالة بصورة فعلية في الحكم السياسي والعدلي والجنائي والقضائي. فالعدل في الإسلام وتشريعاته منافسٌ بشموله وكماله لما لدى الغرب والشرق، بل منافس لجميع أنواع العدالة البشرية في الأرض، كما أن حقائق التاريخ الإسلامي دامغةٌ في جوانب التطبيق عبر عموم العصور الإسلامية، وفيها كان وضع الحكم عدلياً إلى حدٍّ كبير باستثناءات يسيرة. وتمَّ هذا بالفعل في وقت كان الغرب في عصوره الوسطى (الظلامية) يعيش الـمَلَكيات والإقطاع والظلم بكل أشكاله وصوره، وفي زمن كان الاستبداد الديني فيه مُسيطراً بكل فئاته وطوائفه على الشعوب الغربية. وقد تمتع المسلمون ومن كان تحت حكمهم آنذاك من الأقليات الدينية والعرقية بنظام عدلي وقضائي فريد من نوعه، كما دوَّن ذلك منصفو الغرب ذاته[22].

وحول القيم الشورية في الإسلام أكَّد هوفمان أن الله سبحانه وتعالى حينما يطلب من المسلمين العفو والإصلاح عند فض خلافاتهم الصغيرة والكبيرة فإن العدل الإلهي غير غائب في مشروعية وجوب تحقيق العدالة {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ صلى الله عليه وسلم ٨٣^صلى الله عليه وسلم ) وَالَّذِينَ إذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ صلى الله عليه وسلم ٩٣^صلى الله عليه وسلم ) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِـمِينَ} [الشورى: ٨٣ - ٠٤][23].

وحسب هوفمان، فإن هذه الآيات وأمثالَها يمكن الاستنباط منها مبدأً تشريعياً عامّاً يتضمن الحق في الديمقراطية والمشاركة السياسية، ومشروعية رد العدوان والظلم. ثم ألم يكن الخلفاء الراشدون الثلاثة الأوائل قد تم انتخابهم، دون أن يكونوا من ذوي قربى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فهل يمكن للمنصف استنتاج أن الدولة الإسلامية يمكن أن تكون جمهورية ديمقراطية؟ وليس بالضرورة اشتراكية أو مَلَكِية. والحق أن التعثر في المصطلحات لدى بعض المسلمين لن يكون عائقاً عن الاستفادة مما لدى الآخر؛ خاصةً أنه من الثابت أن الإسلام قد وضع أنموذجاً إسلامياً للحماية الشرعية القانونية للإنسان في الحكم، وحق الحياة السياسية، والحقوق الاجتماعية الأخرى بعدل وإنصاف[24].

ولا شك عند أي مؤمن بالإسلام أن مثل هذه الأنظمة والتشريعات (التي شرعها الله لعباده والتزموا بها تجاهه من حيث المبدأ) أكثر فعالية ورسوخاً من تلك القوانين التي يُحدِّدها عَقْدٌ اجتماعي أو سياسي، ليس قائماً في الأصل على رقابة الله وتقواه، وهي الضابط الأقوى للعدالة والسلم بين البشرية.
ولعل هذه النتائج السابقة تكشف شيئاً كثيراً من الحقيقة حول بعض المزايدات الغربية، وقديماً قال المثل: «الحق أكبر من الشمس التي لا يمكن حجبها بغربال».



[1] باحث في الدراسات التاريخية ودراسات العمل الخيري والقطاع الثالث.

للكاتب دراسة بحثية في كتب هوفمان ورؤاه وما فيها من مقارنات بعنوان: (المفكر الألماني مراد «ويلفرد» هوفمان - رؤيته في احتضار الغرب وصعود الإسلام)، وتُعدُّ هذه الورقة من نتائج الدراسة.

[2] وهي الكتب التالية: (الرحلة إلى الإسلام - يوميات دبلوماسي ألماني «يوميات ألماني مسلم» حسب الترجمتين، الإسلام كبديل، الإسلام عام 2000م، رحلة إلى مكة، الإسلام في الألفية الثالثة ديانة في صعود، الإسلام - كما يراه ألماني مسلم، خواء الذات والأدمغة المستعمرة، في تطور الشريعة الإسلامية، نظام الحكم الإسلامي في العصر الحديث، مستقبل الإسلام في الغرب والشرق).

[3] مراد هوفمان، نظام الحكم الإسلامي في العصر الحديث، ص95 - 96، وللمزيد من النصوص انظر عن اقتباسات كثيرة حول نقد الحداثة لهوفمان في الفصل الأول (المجموعة الخامسة).

[4] انظر: إبراهيم الحيدري، ما هي الحداثة؟ موقع إيلاف، بتاريخ 2 يونيو 2009م، الرابط التالي:

https://elaph.com/Web/ElaphWriter/2009/5/444829.html

نقلاً عن:

(Habermas, Jurgen, Der Philosophische Diskurs der Moderne, Frankfurt, 1991)

[5] انظر: علي وطفة، بحث بعنوان: (مقاربات في مفهومي الحداثة وما بعد الحداثة)، مجلة فكر ونقد، عدد (34)، ص2، 16.

[6] انظر: عدنان علي رضا النحوي، تقويم نظرية الحداثة، ط1، دار النحوي للنشر والتوزيع - السعودية، 1992م، ص35.

[7] انظر: أحمد محمد زايد، مقال بعنوان: (ما الحداثة؟)، صيد الفوائد، الرابط التالي:

http://www.saaid.net/mktarat/almani/70.htm

[8] الإسلام في الألفية الثالثة - ديانة في صعود، ص286، 287.

[9] الإسلام في الألفية الثالثة - ديانة في صعود، ص287.

[10] انظر: زكي الميلاد، بحث بعنوان: (الاجتهاد وبناء المعاصرة في الفكر الإسلامي)، بتاريخ 14 يناير 2019م، الرابط التالي: https://bit.ly/3gfJGXk ، (الخطاب الإسلامي المعاصر، محاورات فكرية، إعداد وحوار: وحيد تاجا، حلب: فصلت للدراسات والنشر، 2000م، ص62).

[11] رواه أبي داوود في سننه، حديث رقم (4291)، ورواه الألباني في صحيح الجامع، حديث رقم (1874).

[12] المقصود بالمزايدة هنا: التباهي بامتلاك ما ليس عند الآخرين من الفضائل والمزايا زعماً وظناً وتخرصاً لا تحققاً. ويمكن الرجوع للبحث العلمي لمراد هوفمان حول هذه المزايدات الغربية.

[13] انظر: مراد هوفمان، بحث علمي بعنوان: (مصطلح حقوق الإنسان غير معروف في الديانات الإبراهيمية)، ترجمة مصطفى السليمان، موقع قنطرة، بتاريخ 12/03/2003م، الرابط التالي: https://ar.qantara.de/node/10427 ، تم النقل منه هنا بتصرف كبير وببعض الإضافات.

[14] انظر على سبيل المثال: المرجع السابق.

[15] هذه العبارات من هوفمان تحتاج إلى تأمل وقراءة في النص الأجنبي الأصلي لمعرفة المقصود بها، حيث النظام الإسلامي بعمومه وشموله يغطي جميع حقوق الإنسان، وكرامته، وانظر عن هذه الرؤية السابقة لهوفمان، المرجع السابق.

[16] انظر: مراد هوفمان، مستقبل الإسلام في الغرب والشرق، ص151 - 152، والإحصاءات الواردة تُعدُّ قديمة!

[17] انظر: ميريام جيبهارت، عندما جاء الجنود: اغتصاب النساء الألمانيات في نهاية الحرب العالمية الثانية (Als die Soldaten kamen: Die Vergewaltigung deutscher Frauen am Ende des Zweiten Weltkriegs)، ط1، ميونيخ: (DVA) Deutsche Verlags-Anstalt، 2015م، ص21.

وتذكر بعض الإحصائيات أن الصرب اغتصبوا بين (12.000) إلى (50.000) امرأة بوسنية. وكان هذا الاغتصاب ممنهجاً بغرض الإساءة والانتهاك لحقوق المسلمين والمسلمات. انظر: موقع (الأمم المتحدة حقوق الإنسان)، الرابط التالي:

https://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?LangID=E&NewsID=26171

[18] انظر: صحيفة المدينة الإخبارية، مقال بعنوان: (اقرأ عن السقوط الأخلاقي في الغرب)، بتاريخ 20 أغسطس 2020م، الرابط التالي: https://bit.ly/3hs5n7J .

[19] انظر: مراد هوفمان، رحلة إلى مكة، ص135.

[20] انظر نموذجاً توثيقياً عن هذا الحدث: صحيفة الشرق الأوسط، بعنوان: (ترامب يدعو حكام الولايات إلى موقف أكثر صرامة حيال الاحتجاجات)، بتاريخ 1 يونيو 2020م، الرابط التالي: https://bit.ly/3btRsh5

[21] انظر تفاصيل عن اقتحام الكونغرس: مقال (تعليق جلسة الكونغرس بعد اقتحام متظاهرين مؤيدين لترامب لمقره)، موقع DW الألماني، بتاريخ 6 يناير 2021م، على الرابط التالي: https://bit.ly/3hTlMVH

[22] انظر على سبيل المثال الباحثة الألمانية زيغريد هونكه في كتابها (شمس الإسلام تسطع على الغرب).

[23] انظر: مراد هوفمان، مستقبل الإسلام في الغرب والشرق، ص148.


[24] انظر: مراد هوفمان، بعنوان: (مصطلح حقوق الإنسان غير معروف في الديانات الإبراهيمية)، ترجمة مصطفى السليمان، موقع قنطرة، بتاريخ 12/03/2003م، الرابط التالي: https://ar.qantara.de/node/10427




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.02 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.71%)]