عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-03-2024, 02:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,699
الدولة : Egypt
افتراضي العقل لا ينفع صاحبه إن لم يُطِع الله

العقل لا ينفع صاحبه إن لم يُطِع الله

جعل الله -تعالى- العقل مناط التكليف، وبه يميز الإنسان الصحيح من الخطأ والنافع من الضار، فمن استخدم عقله لنيل رضى الله، نال مبتغاه وسلم من مهاوي الردى، ومن استخدمه لغير ذلك ندم؛ حيث لا ينفع الندم. فمن المعلوم أنّ العقل هو آلة الإدراك والتمييز عند بني البشر، وبهذه الآلة فضّله الله -تعالى- على كثير ممّن خلق، قال -تعالى-: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الإسراء:70). ولقد وجّهنا الله -تعالى- إلى استخدام هذه الآلة من خلال الحثّ على التأمّل والتفكّر والتدبّر والنظر في السماوات والأرض وما فيهما، قال -تعالى-: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} (يونس:101). وقال: {أفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (الحج: 46). والعقل رغم مكانته يظلّ محدودًا؛ فهناك العديد من المخلوقات التي لا يستطيع العقل كشف كنْهها وحقيقتها، فهو وإن أدرك بعض ظواهر الأشياء، فإنّه لم يصل إلى أغوارها وأعماقها، وهذا ما نبّه عليه القرآن، فقال -تعالى-: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (الروم: 7). فمسائل الغيب -مثلاً- لا سبيل إلى معرفتها معرفة عقليّة خالصة، وإنّما طريق معرفتها الوحي. وقد ذمّ الله -تعالى- الّذين عطلوا عقولهم عن التفكّر والتدبّر، فلم يعتبروا بمخلوقات الله -تعالى- الدالّة على عظمته وإبداعه، فقال -سبحانه-: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} (يوسف:105). والآيات الدالّة على الله ووحدانيته وقدرته كثيرة مبثوثة في تضاعيف الكون، معروضة للأبصار والبصائر، في السماوات والأرض، يمرون عليها صباح مساء، آناء الليل وأطراف النهار، وهي ناطقة تكاد تدعو الناس إليها، بارزة تواجه العيون والمشاعر، موحية تخايل للقلوب والعقول، ولكنهم لا يرونها ولا يسمعون دعاءها ولا يحسّون إيقاعها العميق. ومن هنا فإن العقل لا ينفع صاحبه إن لم يُطِع الله، وينعَم بفضله في الحياة الدنيا؛ فالذين لم يعبُدوا الله عبادة حقيقية بعيدة عن الشرك وأوثان الهوى والبدع، فهؤلاء لا تنفعُهم عقولهم في تحقيق السعادة في الدنيا، والنجاة من عذاب الله في الآخرة، على الرغم من كونهم أصحاب ذكاء وفطنة، فهذا الذكاء وتلك الفطنة، لا توجِب السعادة والنجاة من العذاب إلا بعبادة الله وحده لا شريك له، والإيمان برسله وكتبه واليوم الآخر.


اعداد: المحرر الشرعي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.43 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.91%)]