عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 24-03-2024, 10:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,946
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان


فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ66 الى صــ76
(15)


إمساك المفطر في رمضان بقية اليوم بلا عذر

فصل : إذا أصحب مفطرا يعتقد أه من شعبان فقامت البينة بالرؤية لزمه الإمساك والقضاء في قول عامة الفقهاء إلا ما روي عن عطاء أنه قال يأكل بقية يومه قال بان عبد البر : لا نعلم أحدا قاله غير عطاء قول وذكر أبو الخطاب ذلك رواية عن أحمد ولا أعلم أحدا ذكرها غيره وأظن هذا غلط فإن أحمد قد نص على إيجاب الكفارة على من وطئ ثم كفر ثم عاد فوطئ في يومه لأن حرمة اليوم لم تذهب فإذا أوجب الكفارة على غير الصائم لحرمة اليوم فكيف يبيح الأكل ؟ ولا يصح قياس هذا على المسافر إذا قدم وهو مفطر وأشباهه لأن المسافر كان له الفطر ظاهرا وباطنا و
هذا لم يكن له الفطر في الباطن مباحا فأشبه من أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع فإذا تقرر هذا فإن جامع فيه فعليه القضاء والكفارة كالذي أصبح لا ينوي الصيام أو أكل ثم جامع وإن كان جماعة قبل قيام البينة فحكمه حكم من جامع يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع على ما مضى فيه


فصل : وكل من أفطر والصوم لازم له كالمفطر يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع أو يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب أو الناسي لنية الصوم ونحوهم يلزمهم الإمساك لا نعلم بينهم فيه اختلافا إلا أنه يخرج على قول عطاء في المعذور في الفطر إباحة فطر بقية يومه قياسا على قوله فيما إذا قامت البينة بالرؤية وهو قول شاذ لم يعرج عليه أهل العلم
فصل : فأما من يباح له الفطر في أول النهار ظاهرا كالحائض والن
فساء والمسافر والصبي والمجنون والكافر والمريض إذا زالت أعذارهم في أثناء النهار فطهرت الحائض والنفساء وأقام وبلع الصبي وأفاق المجنون وأسلم الكافر وصح المريض المفطر ففيهم روايتان
إحداهما : يلزمهم الإمساك في بقية اليوم وهو قول أبي حنيفة و الثوري و الأوزاعي و الحسن بن صالح و العنبري لأنه معنى لو وجد قبل الفجر أوجب الصيام فإذا طرأ بعد الفجر أوجب الإمساك كقيام البينة بالرؤية


والثانية : لا يلزمهم الإمساك وهو قول مالك والشافعي وروي ذلك عن جابر بن زيد وروي عن ابن مسعود أنه قال : من أكل أول النهار فليأكل آخره ولأنه أبيح له فر أول النهار ظاهرا وباطنا فإذا أفطر كان له أن يستديمه إلى آخر النهار كما لو دام العذر فإذا جامع أحد هؤلاء بعد زوال عذره انبني على الروايتين في وجوب الإمساك فإن قلنا يلزمه الإمساك فحكمه حكم من قامت البينة بالرؤية في حقه إذا جامع وإن قلنا لا يلزمه الإمساك فلا شيء عليه فإن كان أحد الزوجين من أحد هؤلاء والآخر لا عذر له فلكل واحد حكم نفسه على ما مضى وإن كانا جميعا معذورين فحكمهما ما ذكرناه سواء اتفق عذرهما مثل أن يقدم من سفر أو يصحا من مرض أو اختلف مثل أن يقدم الزوج من سفر وتطهر المرأة من الحيض فيصيبها وقد روي عن جابر بن يزيد أنه قدم من سفر فوجد امرأته قد طهرت من حيض فأصابها فأما إن نوى الصوم في سفره أو مرضه أو صغره ثم زال عذره في أثناء النهار لم يجز له الفطر رواية واحدة وعليه الكفارة إن وطئ وقال بعض أصحاب الشافعي في المسافر خاصة وجهان :
أحدهما : له الفطر لأنه أبيح له افطر أول النهار ظاهرا وباطنا فكانت له استدامته كما لو قدم مفطرا وليس بصحيح فإن سبب الرخصة زال قبل الترخص فلم يكن له ذلك كما لو قدمت به السفينة قبل قصر الصلاة وكالمريض يبرأ والصبي يبلغ وهذا ينقض ما ذكروه ولو علم الصبي أنه يبلغ في أثناء النهار بالسن أو علم المسافر أنه يقدم لم يلزمها الصيام قبل زوال عذرهما لأن سبب الرخصة موجود فيثبت حكمها كما لو لم يعلما ذلك
وجوب القضاء على من أفطر برخصة ومن ظن أن الفجر لم يطلع أو الشمس لم تغب
فصل : ويلزم المسافر والحائض والمريض القضاء إذا أفطروا بغير خلاف لقول الله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } و
التقدير فأفطر وقالت عائشة كما نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فنؤمر بقضاء الصوم وإن أفاق المجون أو بلغ الصبي أو أسلم الكافر في أثناء النهار والصبي مفطر ففي وجوب القضاء روايتان


إحداهما : لا يلزمهم ذلك لأنهم لم يدركوا وقتا يمكنهم التلبيس بالعبادة فيه فأشبه ما لو زال عذرهم بعد خروج الوقت والثانية يلزمهم القضاء لأنهم أدركوا بعض وقت العبادة فلزمهم القضاء كما لو أدركوا بعض وقت الصلاة ز
مسألة : قال : وإن أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب فعليه القضاء
هذا قول أكثر أهل العلم من الفقهاء وغيرهم وحكي عن عروة ومجاه
د والحسن وإسحاق لا قضاء عليهم لما روى ويد بن وهب قال : كنت جالسا في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم في رمضان في زمن عمر بن الخطاب فأتينا بعساس فيها شراب من بيت حفصة فشربنا ونحن نرى أنه من الليل ثم انكشف السحاب فإذا الشمس طالعة قال : فجعل الناس يقولون نقضي يوما مكانه فقال عمر والله لا نقضيه ما تجانفنا لإثم لم يقصد الأكل في الصوم فلم يلزمه القضاء كالناسي
ولنا أنه أكل مختارا ذاكرا للصوم فأفطر كما لو أكل يوم الشك ولأنه جهل بوقت الصيام فلم يعذر به كالجهل بأول رمضان ولأنه يمكن التحرز منه فأشبه أكل ا
لعامد وفارق الناسي فإنه لا يمكن التحرز منه وأما الخبر فرواه الاثرم أن عمر قال من أكل فيقض يوما مكانه ورواه مالك في الموطأ أن عمر قال : الخطيب يسير يعني خفة القضاء وروى هشام بن عروة عن فاطمة امرأته [ عن اسماء قالت : أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس ] قيل لهشام امروا بالقضاء قال : لا بد من قضاءأخرجه البخاري


فصل : وإن أكل شاكا في طلوع الفجر ولم يتبين الأمر فليس عليه قضاء وله الأكل حتى يتيقن طلوع الفجر نص عليه أحمد وهذا قول ابن عباس و عطاء و الأوزاعي و الشافعي وأصحاب الرأي وروي معنى ذلك عن أبي بكر الصديق وابن عمر رضي الله عنهم وقال مالك يجب القضاء لأن الوصل بقاء الصوم في ذمته فلا يسقط بالشك ولأنه أكل شاكا في النهار والليل فلزمه القضاء كما لو أكل شاكا في غروب الشمس
ولنا قول الله تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبي
ض من الخيط الأسود } مد الأكل إلى غاية التبين وقد كان شاكا قبل التبين فلو لزمه القضاء لحرم عليه الأكل و [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم كلثوم ] وكان رجلا أعمى لا يؤذن حتى يقال له أصبحت أصبحت
ولأن الأصل بقاء الليل فيكون زمان الشك من ما لم يعلم يقين زواله بخلاف غروب الشمس فإن الأصل بقاء النهار فبني عليه
فصل : وإن أكل شاكا في غروب الشمس ولم يتبين فعليه الق
ضاء لأن الأصل بقاء النهار وأن كان حين الأكل ظانا أن الشمس قد غربت أو أن الفجر لم يطلع ثم شك بعد الأكل ولم يتبين فلا قضاء عليه لأنه لم يوجد يقين أزال ذلك الظن الذي بنى عليه فأشبه ما لو صلى بالاجتهاد ثم شك في الإصابة بعد صلاته

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.61 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]