اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثائر الربيعي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلا ة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
السؤال : هل لله جل وعلا (حد) اي انه محدود؟؟؟
علماان هذا السؤال كثيرا ما يطرح هذه الايام بسبب البرنامج التي تعرضه قناة الكوثر
الفضائية(مطارحات عقائدية)الساعة 11مساءا من يوم الخميس الى يوم الاثنين مستضيفة" شيخهم كمال الحيدري
فهل صحيح ما هو وارد على لسانهم من كتبنا ..افتونا جزيتم خيرا
ثائر الربيعي / من الارض المحتلة
|
السلام عليكم،
الغريب هو أنك تجد الشخص كسولا نوّاما بطّالا ثم حين يقوم من نومه يبدأ يخوض في الذات الإلاهية وفيما لا يعلم من الأمور العظيمة وما لا يقدر عليه.
لفظة الحد لم يأت ذكرها ذكرا صريحا لا في القرءان ولا في السنة. ولذلك استعمال مثل هذه الألفاظ المخترعة والمصطلح عليها لا يجوز قبل الضبط المحكم للمعنى المقصود منها.
والأسلم أن نجتنب استعمال مثل هذه الألفاظ التي لم تذكر في القرآن والسنة مطلقا وأن نجتنب استعمالها لوصف الذات الإلاهية لأن الله لم يصف بها نفسه، لأن الكثير جدا من القوانين والمبادئ المنطقية إن لم أقل كلّها ينحصر استعمالها في الكون فقط أما الذات الإلاهية فلا يعلم ماهيتها إلا الله ولأنه لا يمكننا أن نأمن أن يُؤوّلها غيرنا على غير ما قصدنا بها ولأن صفات الله توقيفية لا نصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه في نصوص الوحي.
نحن لا نعلم ماهية الكثير من الأشياء في هذه العالم بل حتى أشياء نراها بأعيننا لا نستطيع الإحاطة بعلمها كلّية،
قال تعالى :
وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ
16:8
فمخلوقات موجودة نحن لا نعلمها، فكيف نتكلّف معرفة ما لا نراه أصلا وما أخفاه الله عنا من معرفة ذاته سبحانه.
ما يمكننا إثباته لله تعالى هو أن : الله أكبر.
قال تعالى :
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا
17:43
سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ
43:82
سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ
37:159
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا
20:110
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
42:11
هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
57:3
الله تعالى محيط بالأشياء. فهو الظاهر والباطن.
والله تعالى خلق الزمان والمكان وهو محيط بهما أيضا.
فالله تعالى هو الأول قبل الأبد والآخر إلى غير أمد فهو محيط بالزمان.
وهو الباطن فليس دونه شيء وهو الظاهر على كل شيء فليس فوقه شيء فهو محيط بالمكان.
والكلام في الذات الإلاهية بدون قرآن ولا سنة من الرجم بالغيب. قال تعالى :
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ
22:3
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ
22:8
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ
31:20
وهذه الأفكار التي ترد على الإنسان وتحفّزه على الخوض في الذات الإلاهية غالبا تكون من وساوس الشيطان الرجيم، قال تعالى :
وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
6:121
وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلا
17:73
ويحاول الشيطان الرجيم أن يصل بصاحبها إلى الإلحاد أو الكفر. قال تعالى :
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ
22:52-53
وهنا ترى أن الله تعالى صبور على خلقه، فالجهّال يخوضون فيه والملحدون يلحدون فيه... وهم لا يشعرون، فمنهم من يقول هو ذكر ليس أنثى، ومنهم من يقول الملائكة إناث، ومنهم من يقول الملائكة بنات الله، ومنهم من يقول المسيح بن الله، ومنهم من يقول الله مختلط بخلقه،... الى غير ذلك من الوساوس والافتراءات التي لا تنتهي، فهؤلاء المجرمون آلة يلعب بها الشيطان الرجيم كيف يشاء فهو يتحكّم فيهم كما يريد فهم من حيث يظنون أنهم أحرار في تفكيرهم هم في الحقيقة تركوا الشيطان الرجيم يسيّرهم كما يريد، قال تعالى :
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ
24:15
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
6:112
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ
وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ
43:36-37
فلو شاء الله لما تركهم يقولون ذلك، ولمَنع فعليا في أدمغتهم لمَنع تفكيرهم السيّء هذا أن يصل إلى لسانهم، فهو محيط بهم تماما ويستطيع ذلك، ولكنه تعالى يتركهم يتكلّمون، وهو تعالى صبور عليهم، وهنا يظهر أن الانسان مخيّر أيضا ليس مجبرا، فهو يتركهم يحققون إراداتهم ويترجمونها الى أفعال، ومثل هذا أن يترك تعالى الأشرار يفعلون الشرّ والمفسدين يفسدون والظالمين يفعلون الظلم، لكي تتحقق الحجة عليهم، ولأنه تعالى أخذ على نفسه العهد أن يؤخرهم إلى يوم الحساب،
قال تعالى :
وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ
14:42
وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ
16:61
وهو تعالى مع ذلك لا يزال ينعم عليهم ويتركهم يعيشون وهم لا يعجزونه مثقال ذرّة فهو تعالى يراهم بعلوّه عليهم ومحيط بهم إحاطة تامة وهم لا يمثّلون مقارنة بشساعة هذا العالم حتّى حجم ذرّة ألقيت في بحر، وصفوا الله بما يكاد يُجنّ لسماعه الأنبياء والأذكياء، وليس شيء أشدّ على الذكي من الاطّلاع على ما وصل إليه جهل الجاهلين فهذا والله لأشدّ إيلاما له من أي ألم جسدي.
هذه مشاركة بسيطة تكملة لما طُرح من إجابات.
وأخيرا أقول أن من أراد أن يهديه الله للصواب في مثل هذه المسائل فيكفيه أن ينشغل بتحقيق الايمان كما قال تعالى :
وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
64:11