عرض مشاركة واحدة
  #31  
قديم 05-09-2010, 12:31 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )


رأي حسن البنا في العلم والشهادات:





كان لي في هذه الأيام رأي في العلم وطلبه والشهادات والحصول عليها، كان أثراً من آثار مطالعتي للإحياء: لقد كنت محباً للعلم حباً جماً، وكنت شديد الميل إلى القراءة والاستزادة من العلم، وكنت مؤمناً بفائدة العلم للفرد وللجماعة -ووجوب نشره بين الناس حتى إني أذكر أنني عزمت على إصدار مجلة شهرية أسميتها “الشمس” وكتبت منها العددين الأول والثاني تقليداً لأستاذنا الشيخ محمد زهران الذي كان يصدر مجلة” الإسعاد” الشهرية وتشبهاً بمجلة” المنار” التي كنت كثير المطالعة فيها. ولكن طريقة الغزالي وأسلوبه في ترتيب العلوم والمعارف وطلب العلم كانت قد أثرت في نفسي تأثيرا شديداً فكنت في صراع عنيف: هذه الرغبة الملحة تدعوني إلى الاستزادة من طلب العلم، وإرشادات الإمام الغزالي، وتعريفه العلم الواجب بأنه العلم المحتاج إلهه في أداء الفرائض وكسب العيش، ثم الانصراف بعد ذلك إلى العمل، تدعوني إلى الأخذ بالضروري وترك ما سواه وعدم ضياع الوقت فيه.
وجاءت فكرة التقدم إلى دار العلوم وما يتبعها من بعثة إلى الخارج للمتقدمين الأوائل في دبلومها، فاشتد هذا الصراع وقوي. وكنت أقول لنفسي دائماً: لماذا تريد أن تدخل دار العلوم؟ هل للجاه حتى يقول الناس إنك مدرس عال لا مدرس أولي – وهذا حرام لأن طلب الجاه والحرص عليه داء من أدواء النفس وشهوة من شهواتها يجب مقاومتها – أو للمال حتى يتضاعف مرتبك وتجمع الأموال وتلبس الملابس الفاخرة وتطعم المطاعم اللينة وتركب المراكب الفارهة؟ وهذا شر ما يعمل له إنسان و” تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد القطيفة، تعس وانتكس، وإذ شيك فلا انتفش” وصدق الله العظيم: “ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث: ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن الثواب. قل أؤنبئكم بخير من ذلكم: للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها” الآيات - أو للتكاثر بالعلم والمعرفة لتنافس العلماء أو تماري الجهلاء أو تستعلي على الناس وأول من تسعر به النار يوم القيامة: من تعلم لغير الله ولم يعمل بعلمه. وأشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه. وقد تقول لك نفسك إنك تتعلم لتكون عالما تنفع الناس وأن الله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير، وإنما بعث رسول الله ص معلماً فقل لها إذا كنت صادقة في أنك تريدين العلم لإفادة الناس ابتغاء مرضاة الله فلم تريدين
دخول دار العلوم والعلم في الكتب وعند الشيوخ والعلماء؟ والشهادة فتنة، وهي المطية إلى الدنيا وإلى الحياة والمال، وهما سم قاتل، محبط للأعمال، مفسد للقلوب والجوارح. فتعلمي من الكتب ولا تعلقي بالشهادات المدرسية ولا بالدبلومات الرسمية. كادت هذه الفلسفة تتغلب على نفسي، بل هي قد تغلبت فعلاً. فلم أذاكر مع الأخ الأستاذ علي نوفل تذمماً. ولكن أستاذنا الشيخ فرحات سليم رحمه الله، وكان يحبني حباً جماً ويظهر عطفه علي في كل مناسبة، وينزل من نفسي منزلة كريمة استطاع بلباقة ولطف أن يدفعني إلى المذاكرة بجد، وإلى التقدم إلى دار العلوم فعلاً. وكان من قوله: إنك الآن على أبواب شهادة الكفاءة والعلم لا يضر، وتقدمك إلى امتحان دار العلوم تجربة للامتحانات الكبيرة، وهذه فرصة لا تعوض، فتقدم لتحفظ لنفسك حقها، وأنا واثق من نجاحك إن شاء الله، ثم أمامنا بعد ذلك مجال تفكر فيه كما تشاء ولك أن ترفض أو تدخل. وهكذا استطاع بتأثيره القوى أن يدفعني دفعاً إلى التقدم بطلبي مع المتقدمين فتقدمت، وكان الامتحان قبل امتحان شهادة الكفاءة بفترة قليلة.




__________________
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.43 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.17%)]