ولما عاد من رحلة الحج سنة 1239هـ أخذ في دعوة الناس -كعادته هو ومن معه - لكن نفسه تاقت للجهاد خاصة أنه وصلت إلى مسامعه أنباء المجازر التي يقيمها السيخ للمسلمين في البنجاب،
فأعد العدة ونادى في ربوع الهند بالجهاد في سبيل الله، واشتاقت النفوس، وسابق الأبناء الآباء، وتحرك بركبه يريد بلاد الأفغان يستنصرهم لكنه وجد من بعض أمرائهم صدوداً فعاد في رحلة شاقة جداً إلى بشاور، واصطدم مع السيخ في معارك انتهت بانتصاره وتأسيس إمارة إسلامية في بشاور، فوطد دعائم الأمن، وجبى الزكاة، وأقام الإسلام حتى تذكر الناس دولة الإسلام الأولى.
وأقام على ذلك أربع سنين تقريباً، لكن خيانة بعض أمراء الأفغان ضيقت عليه حتى أنهم قتلوا القضاة والمشايخ والدعاة الذين أرسلهم السيد أحمد للدعوة في تلك البلاد فكانت صدمة عنيفة له، يضاف إلى هذه الهموم فتاوى مشايخ السوء الذين أفتوا بأن قتاله جائز بل مطلوب، مما جعل عدداً من أتباعه ينفضون عنه، وهاجمه أمراء من الأفغان، فعزم على ترك بشاور واتجه إلى البنجاب وقاتل السيخ بزعامة قائدهم رنجيت سيخ وانتصر عليهم، لكن المؤامرات ضده كانت مستمرة، فعقد العزم على التوجه إلى كشمير
حيث دعاه أمراؤها ووعدوه النصرة، فخرج من البنجاب في طريق محفوفة بالمخاطر، واتجه إلى كشمير لكن خانه بعض جنده ودلوا السيخ على قافلته فهاجموها في وادي بالاكوت في ذي القعدة من سنة 1246هـ/1831م، وقاتل هو ومن معه قتال الأبطال حتى استشهد وهو لابس كفنه، مقبل على ربه هو ورفيق دربه الشيخ إسماعيل بن عبدالغني بن شاه ولي الله الدهلوي وعدد من أمرائه وجنده، بعد أن هجم عليهم السيخ بجنود كثيرين.