عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 30-08-2010, 11:24 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )

حسن البنا

و


الزيارات والصلات:



وكنا في كثير من أيام الجمع التي يتصادف أن نقضيها في دمنهور، نقترح رحلة لزيارة أحد الأولياء الأقربين من دمنهور، فكنا أحيانا نزور دسوق فنمشي على أقدامنا بعد صلاة الصبح مباشرة، حيث نصل حوالي الساعة الثامنة صباحاً، فنقطع المسافة ني ثلاث ساعات وهي نحو ع!ثرين كيلو مترا، ونزور ونصل الجمعة، ونسترح بعد الغداء، ونصل العصر ونعود أدراجنا إلى دمنهور حيث نصلها بعد المغرب تقريباً.

وكنا أحيانا نزور عزبة النوام حيث دفن في مقبرتها الشيح سيد سنجر من خواص رجال الطريقة الحصافية والمعروفين بصلاحهم وتقواهم، ونقض هناك يوماً كاملاً ثم نعود.


حسن البنا

و


أيام الصمت والعزلة:


وكانت لنا أيام ننذر فيها الصمت والبعد عن الناس، فلا يتكلم أحدنا إلا بذكر أو قرآن. وكان الطلبة على عادتهم ينتهزونها فرصة للمعاكسة فيتقدمون إلى الناظر أو الأساتذة مبلغين أن فلانا الطالب قد أصيب في لسانه، ويأتي الأستاذ ليستوضح الأمر، فكنا نجيبه بآية من القرآن فينصرف. وأذكر بالخير أستاذنا الشيخ فرحات سليم رحمه الله، الذي كان يحترم هذه الحالة فينا و”يزجر الطلاب، ويوصى بقية الأساتذة ألا يحرجوننا بالأسئلة في فترة صمتنا، وكانوا يعلمون حقا أن ذلك ليس هرباً من إجابة أو تخلصاً من امتحان، إذ كنا متقدمين دائما في الدروس مجيدين لها إجادة تامة. وما كنا نعرف الحكم الشرعي في هذا ولكننا كنا نفعل، هذا الصمت تأديبا للنفس وفرارا من اللغو وتقوية للإرادة حتى يتحكم الإنسان في نفسه ولا تتحكم فيه.

ولقد كانت هذه الحالة تتطور في بعض الأحيان حتى تصل إلى نفور من الناس يدعو إلى العزلة وقطع للعلائق. حتى أنني أذكر أن خطابات بعض الأصدقاء كانت تأتيني إلى المدرسة فلا أحاول أن أقرأها أو أفتحها، ولكن أتركها كما هي حتى لا يكون فيها تعلق بشيء جديد، والصوفي متخفف يجب عليه أن يقطع علائقه بكل ما سوى الله، وأن يجاهد في هذه السبيل ما أمكنه من ذلك.



حسن البنا

و




الشعائر في المدرسة:



ومع هذه الحال التي كانت تطرأ في كثير من الأحيان فقد كانت النزعة إلى الدعوة تتغلب في كثير من الأحيان، فكنت أؤذن الظهر والعصر في مصلى المدرسة، وكنت أستأذن المدرس، إذ كان وقت العصر يصادف حصة من الحصص، لأداء الأذان، وكنت أعجب لماذا لا تكون نظم الحصص خاضعة للمواقيت ونحن في مدارس إسلامية. وكان بعض الأساتذة يسمح وهو مسرور، وبعضهم يريد المحافظة على النظام فأقول له: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وأناقشه مناقشة حادة لا يرى معها بداً من السماح حتى يتخلص منها ومني. ولم أكن أذهب إلى المنزل في فترة الظهر، بل كان مقري فيها المصلى وفناء المدرسة لدعوة الزملاء إلى الصلاة حتى إذا أذنت الفريضة جلست مع الأخ العزيز الأستاذ محمد شريف - المدرس بوزارة المعارف الآن - نقرأ القران معا هو يقرأ وأنا أستمع، أو أنا أقرأ وهو يستمع حتى يجيء موعد الدخول.

حسن البنا

و



مشكلة حول الزي:


وأذكر أفي في يوم من الأيام، وقد دخلت حجرة ناظر مدرسة المعلمين لأسلم ورقة الغياب، إذ كنت المنوط بذلك في الفصل، رأيت عنده مدير التعليم، وهو الأستاذ السيد راغب - الذي كان في أوائل هذأ العام مراقبا مساعدا بوزارة المعارف - فلفت زيي نظر مدير التعليم، إذ كنت ألبس عمامة ذات عذبة، ونعلا كنعل الإحرام في الحج ورداءً أبيض فوق الجلباب. فسألني لماذا ألبس هذا الزي؟ فقلت: لأنه السنة فقال: وهل عملت كل السنن ولم يبق إلا سنة الزي؟ فقلت لا ونحن مقصرون كل التقصير، ولكن ما نستطيع أن نفعله نفعله. قال: وبهذا الشكل خرجت عن النظام المدرسي. فقلت له ولم يا سيدي؟ إن النظام المدرس مواظبة وأنا بر أغب عن الدروس أبدا، وسلوك وأخلاق، وأساتذتي راضون عني والحمد لله، وعلم ودراسة، وأنا أو ل فرقتي. ففيم الخروج عن النظام المدرسي إذن؟ فقال: ولكنك إذا تخرجت وأصررت على هذا الزي فسوف لا يسمح مجلس المديرية بتعيينك مدرساً، حتى لا يستغرب التلاميذ هذا المظهر. فقلت: على كل حال هذا لم يجيء وقته بعد، وحين يجيء وقته يكون للمجلس الحرية ويكون لي الحرية كذلك، والأرزاق بيد الله ليست بيد المجلس ولا الوزارة. فسكت المدير وتدخل الناظر في الأمر، فقدمني إلى المدير بكلمة طيبة وصرفني فانصرفت وانتهت المشكلة بسلام.

حسن البنا

و


الحركة الوطنية:


كانت الثورة المصرية سنة 1919 م. وكنت إذ ذاك تلميذا بالإعدادية بالمحمودية في سن الثالثة عشرة. ولا زالت تتراءى أمام عيني مناظر المظاهرات،الجامعة والإضراب الشامل الذي كان ينتظم البلد كله من أوله إلى آخره، ومنظر أعيان البلد ووجهائه وهم تقدمون المظاهرات ويحملون أعلامها ويتنافسون في ذلك. ولا زلت أحفظ تلك الأناشيد العذبة التي كان يرددها المتظاهرون في قوة وحماس:

حب الأوطان من الإيمان وروح الله تنادينـــا

إن لم يجمعنا الاستقلال ففي الفردوس تلاقينـا

ولا زلت أذكر منظر بعض الجنود الإنجليز، وقد هبطوا القرية، وعسكروا في كثير من نواحيها، واحتك بعضهم ببعض الأهالي، فأخذ يعدو خلفه بحزامه الجلدي.. حتى انفرد الوطني بالإنجليزي فأوسعه ضرباً ورده على أعقابه خاسئا وهو حسير. ولا زلت أذكر الحرس الأهلي الذي أقامه أهل القرية من أنفسهم وأخذوا يتناوبون الحراسة ليالي متعددة حتى لا يقتحم الجنود البريطانيون المنازل ويهتكوا حرمات الناس.

وكان حظنا من هذا كله كطلاب أن نضرب في بعض الأحيان، وأن نشترك في هذه المظاهرات، وأن نصغي إلى أحاديث الناس حول قضية الوطن وظروفها وتطوراتها.
__________________
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.76%)]