عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 16-08-2010, 01:01 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )

حسن البنا في

مدرسة الرشاد الدينية:






رحم الله أستاذنا الشيخ محمد زهران صاحب مدرسة الرشاد الدينية، الرجل الذكي الألمعي، العالم التقي، الفطن اللقن الظريف، الذي كان بين الناس سراجا مشرقا بنور العلم والفضل يضئ في كل مكان، وهو وإن كانت دراسته النظامية لم تصل به إلى مرتبة العلماء الرسميين، فإن ذكاءه واستعداده وأدبه وجهاده ند جعله يسبق سبقاً بعيداً في المعارف وفي الإنتاج العام.



كان يدرس العامة في المسجد ويفقه السيدات في البيوت. وأنشأ مع ذلك مدرسة الرشاد الدينية في سنة 1915 م. تقريبا لتعليم النشء على صورة كتاتيب الإعانة الأهلية المنتشرة في ذلك العهد في القرى والريف، ولكنها في نهج المعاهد الرائعة التي تعتبر دار علم وعمل! تربية على السواء ممتازة في مادتها وطريقتها، وتشتمل مواد اللهراسة فيها - زيادة عل المواد المعروفة في أمثالها حينذاك - على الأحاديث النبوية حفظأ وفهما، فكان على التلاميذ أن يدرسوا كل أسبوع في نهاية حصص يوم الخميس حديثا جديدأ يشرح لهم حتى يفقهوه، ويكررونه حتى يحفظوه ثم يستعرضون معه ما سبق أن درسوه فلا ينتهي العام إلا وقد حصلوا ثروة لا بأس بها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذكر أن معظم ما أحفظ من الأحاديث بنصه هو مما علق بالذهن منذ ذلك الحين، كما كانت تشتمل كذلك على الإنشاء والقواعد والتطبيق، وطرف من الأدب في المطالعة أو الإملاء ومحفوظات ممتازة من جيد النظم أو النثر ولم يكن شيء من هذه المواد معروفا في الكتاتيب المماثلة. وكان للرجل أسلوب في التدريس والتربية مؤثر منتج، رغم أنه لم يدرس علوم التربية ولم يتلق قواعد علم النفس، فكان يعتمد أكثر ما يعتمد على المشاركة الوجدانية بينه وبين تلامذته، وكان يحاسبهم على تصرفاتهم حسابا دقيقا مشربا بإشعارهم الثقة بهم والاعتماد عليهم، ويجازيهم على الإحسان أو الإساءة جزاء أدبيا


يبعث في النفس نشوة الرضا والسرور مع الإحسان، كما يذيقها قوارص الألم والحزن مع الإساءة، وكثيرا ما يكون ذلك في صورة نكتة لاذعة أو دعوة صالحة أو بيت من الشعر - إذ كان الأستاذ يقرضه على قلة - ولا أزال أذكر بيتا من الشعر كان مكافأة على إجابة في التطبيق أعجبته فأمر صاحب الكراسة أن يكتب تحت درجة الموضوع.



حسن أجاب وفي الجواب أجادا فالله يمنحه رضا ورشادا
كما أذكر بيتا آخر أتحف به أحد الزملاء على إجابة لم ترقه فأمره أن يكتب تحت درجته:
يا غارة الله جدي السير مسرعة في أخذ هذا الفتى يا غارة الله

ولقد ذهبت مثلا وأطلقت على هذا الزميل اسماً فكنا كثيراً ما نناديه إذا أردنا أن نغيظه” يا غارة الله”. وإنما كان الأستاذ يوصي صاحب الكراسة بأن يكتب بنفسه ما يمليه عليه لأنه رحمه الله كان كفيفاً ولكن في بصيرته نور كثير عن المبصرين” فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور” ولعلى أدركت منذ تلك اللحظة وإن لم أشعر بهذا الإدراك - أثر التجاوب الروحي والمشاركة العاطفية بين التلميذ والأستاذ، فلقد كنا نحب أستاذنا حباً جماً رغم ما كان يكلفنا من مرهقات الأعمال. ولعلي أفدت منه رحمه الله مع تلك العاطفة الروحية حب الإطلاع وكثرة القراءة إذ كثيراً ما كان يصطحبني إلى مكتبته وفيها الكثير من المؤلفات النافعة لأراجع له وأقرأ عليه ما يحتاج إليه من مسائل، وكثيراً ما يكون معه بعض جلسائه من أهل العلم فيتناولون الموضوع بالبحث والنظر والنقاش وأنا أسمع. وهكذا يكون لهذا الاتصال المباشر بين الأستاذ والتلميذ أجمل الآثار. وحبذا لو قدر ذلك المعلمون والمربون واعتمدوا عليه وعنوا به ففيه إن شاء الله الخير الكثير. وفي هذه المدرسة المباركة مرت فترة من فترات العمر بين الثامنة إلى الثانية عشرة.
__________________
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.76 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.08%)]