علي السجاد
قصتنا هذه تتحدث عن التابعي علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين .
تبدأ القصة عند الشاه زينان بنت يزدجر ملك الفرس وكانت من السبايا الذين ظفروا بهم المسلمون في حربهم على الفرس أسلمت شاه زنان وسميت غزاله وتزوجت الحسين بن علي رضي الله عنهما وأنجبت له طفلاً جميلاً سماه علياً تيمنا بجده الصحابي الجليل علي بن أبي طالب.
توفيت غزالة وابنها علي ما يزال رضيعاً فأشرف أبوه الحسين على تربيته وعندما بلغ الطفل سبع سنوات أرسله والده الحسين إلى مسجد جده الرسول محمد بن عبد الله ليتعلم من صحابته الكرام القرآن الكريم والسنة الشريفة .
شب علي بن الحسين على حب الصلاة وكان إذا توضأ ارتجف جسمه فسـأله أحد أقرانه يوماً لم ترتجف عند الوضوء يا علي .
أجابه لأني سأناجي بعد قليل رباً عظيماً خلق السموات والأرض وما بينهما أليس حرياً بي أن أتهيأ لمخاطبة هذا الرب العظيم . كان علي يطيل صلاته وسجوده لأنه كان يجد راحته في السجود ويشعر أنه ساجد بين يدي لرحمن الرحيم وقد ترك طول سجوده علامة على جبينه حتى شاع بين الناس تسميته بعلي السجاد كما لقب أيضاً بزين العابدين لكثرة ما كان يحب العبادة والتقرب إلى الله تعالى بجميع أنواع الطاعات كان علي زين العابدين حسن الخلق يساعد محتاجهم يعين ضعيفهم ويعطف على صغيرهم ويوقر كبيرهم كان يتسامح مع من يسيء إليه يحكى في هذا أنه كان خارجاً مرة من المسجد النبوي فتبعه أحد المأجورين الحاقدين يسبه ويشتمه فاغتاظ الناس من ذلك الشاتم لابن بنت رسول الله فهرعوا إليه يريدون تأديبه ولكن علياً كان أسبق منهم إليه فصاح بالناس يأمرهم أن يكفوا عنه ثم تقدم منه فقال لقد سببتنا بما علمت وما ستر عنك من أمرنا أكبر وهذا لا شك تواضع من زين العابدين وإلا فأي ذنوب يمكن لهذا السجاد أن يرتكبها ثم ابتسم في رجه شاتمه وقال له ألك حاجة يا أخي حتى أعينك على تحصليها لمن يجب ذلك المأجور الحاقد بشيء فقد عقدت الدهشة لسانه فاقترب منه زين العابدين واقتلع كساءً كان يلبسه فوق ثيابه وألقاه على كتفي الرجل قائلاً هذا هدية لك مني يا أخي .
لا شك أن زين العابدين تذكر في هذا الموقف قول الله تعالى (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوه كأنه ولي حميم ).
عمل علي زين العابدين في التجارة وبارك الله سبحانه وتعالى في تجارته فكانت تدر عليه الأرباح الكثيرة وبذلك جمع بين العبادة والعمل وكان ينفق من المال الذي أعطاه الله إياه على الفقراء والمحتاجين وقصته مع الإنفاق على الفقراء قصة غريبة عجيبة كان إذا جاء اللي تلثم وحمل أكياس الدقيق وأنواع الطعم على ظهره وخرج خلسة عن أعين الناس فجال أحياء المدينة ليضع أكياس الدقيق على أبواب الفقراء ثم يطرق الباب ويفر دون أن يراه أحد . شاع أمر هذا المتلثم الجواد على كل لسان وتمنى الجميع أن يعرفوا من هو ولكن حرص السجاد على كتمان الأمر حتى عن أقرب المقربين إليه أبقى هذا الأمر في طي الأسرار حتى إذا مات علي السجاد عرف الناس أنه صاحب اللثام ولكن يكف عرفوا ذلك هل كشف السر هذا الملثم أـحد أو أشاعه الحقيقة أن الناس عرفوا هوية المتلثم من أمرين .
أولها أنه اختفى منذ أن وري السجاد الثرى وثانيهما آثار سواد تركها حمل الأكياس على شق السجاد الأيمن من الخلف رآه كل من حضر غسله بعد أن مات .
عرف الناس كلهم أن السجاد هو ذلك الملثم الذي كان يطرق الأبواب ويضع الطعام ولهجت ألسنة الناس رحمك الله يا سجاد رحمك الله يا زين العابدين ورحم أباك الحسين وجدك علي وصلى الله على جدك محمد أزكى الصلاة وسلم أتم السلام يقول الله في كتابه العزيز (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين).