
16-07-2010, 03:45 PM
|
 |
هُـــدُوءُ رُوح ~
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: ღ تحت رحمة ربي ღ
الجنس :
المشاركات: 6,445
|
|
3- دواب البريد
دواب البريد
في جعبتي قصصٌ عظيمةٌ سأتحدث فيها عن ورع الخليفة الراشدي عمر بن عبد العزيز من خلال عددٍ من اللقطات .
اللقطة الأولى :
يحكى أن عمر بن عبد العزيز أراد الاغتسال في إحدى ليالي الشتاء الباردة من أجل الصلاة فجاءه خادمه بماءٍ ساخن فسأله الخليفة الورع أين سخنته ؟ أجابه في مطبخ بيت مال المسلمين فأحمر وجه الخليفة وقال لخادمه نحه عني وإليَّ بماءٍ باردٍ أغتسل به فخاف الخادم المخلص على صحة الخليفة من الماء البارد في الجو البارد فهتف به متضرعاً أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن ترفق بنفسك وإن كان لابد فاغتسل بالماء الساخن وعوض بيت مال المسلمين بقيمة ما أنفق في تسخينه .
اقتنع الخليفة بهذا الكلام المنطقي بماء سخن في مطبخ بيت مال المسلمين على أن يعوض بيت المسلمين قيمة تسخينه.
اللقطة الثانية :
أتي عمر يوماً بمسكٍ من مال الفيء ومال الفيء هو المال الذي يغنمه المسلمون دون قتال مدّ يديه ليتفحصه ثم أمر به فرفع حتى يباع ويودع ثمنه بيبيت مال المسلمين لم يعير عمر اهتماماً بالمسك وبينما كان يكمل حديثه مع كاتبه شم رائحة شذيةً تفوح من يديه فقربهما من أنفه فإذا هي رائحة المسك الذي أوتي به من فيء المسلمين شعر عمر بأن يديه تحملان ماءً حراماً ففار الدم في وجهه وأمر خادمه أن يحضر ماءً فتوضأ وفرك يديه وهو يستغفر الله تعالى ويلوم نفسه أن أصاب من مال المسلمين مغنماً من غير قصدٍ منه ولا شعور .
أخذت الدهشة كاتبه وقال له مستغرباً : ما الذي أصبت منها يا أمير المؤمنين حتى تتوضأ فإنك لم تأخذ من المسك شيئاً فقطب الخليفة المؤمن جبينه وأجابه مستنكراً : عجباً لك يا ليث وهل ينتفع بالمسك إلا برائحته هل يؤكل المسك أو يشرب .....
اللقطة الثالثة :
كان عمر يقسم تفاحاً من فيء المسلمين بين مستحقيه حين دخل ابنه الصغير إلى المكان وقد أغراه مظهر التفاح فأمسك تفاحةً وردية اللون ثم وضعها في فمه الغض الطري .
انتبه أبوه لذلك واتجه نحوه وقد اصفر لونه فولده يوشك أن يأكل مالاً حراماً جذب عمر التفاحة برفقٍ وهو يبتسم وقال له : اذهب إلى أمك فإن عندها تفاحاً أطيب عاد الطفل إلى أمه باكياً ويده تشير إلى التفاحة الشهية وعيناه تنظران إليها بشهوةٍ ورغبة .
بعد أن انتهى عمر من عمله دخل حجرته فوجد ابنه يمسك تفاحةً وردية فتوجه إلى زوجته فاطمة بنت عبد الملك وسألها : هل أخذ ابننا شيئاً من تفاح الفيء يا فاطمة ؟
فأجابته مطمئنة لا لكن أحزنني بكاؤه فأرسلت الخادم فاشترى له تفاحة من السوق .
نظر الخليفة الورع إلى زوجته فاطمة ثم حول نظره إلى ابنه بحنان ثم قال بصوتٍ متهدج :
والله لقد انتزعتها منه كأنما انتزعتها من قلبي لكني كرهت أن أضيع نصيبي من الله عز وجل في تفاحةٍ من فيء المسلمين .
اللقطة الرابعة :
يحكى أن عمر طلب من زوجته عسلاً لكن العسل لم يكن متوفراً في الدار حزنت فاطمة أن يشتهي زوجها شيئا ًولا يجده وهو الذي منذ استلم أعباء الخلافة لم يشتهي شيئاً فأرسلت خادمها على جناح السرعة إلى السوق ليأتيها بالعسل الذي يحبه زوجها الحبيب أمير المؤمنين .
أتي عمر بالعسل فسأل زوجته من أين لنا هذا العسل ؟
أجابته بعثت الخادم إلى السوق على دواب البريد فاشترى وعاد على جناح السرعة .
اقشعر جسد الخليفة وقال محتداً أقسمت عليكِ يا فاطمة أن تأتيني بالعسل فتناول الخليفة قصعةً من العسل بيد فاطمة ونادى خادمه قائلاً اذهب بها إلى السوق فبعها ثم اجعل في بيت مال المسلمين قيمة ما حمل على دواب البريد فدواب البريد لم تجعل لهذا ثم حول وجهه إلى زوجته فاطمة ثم قال بلهجةٍ حازمةٍ مؤنبة :
يا فاطمة أنصبت دواب المسلمين لقضاء شهوة عمر .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم (( خير دينكم الورع )) ويقول (( لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس )).
|