
07-06-2010, 02:47 AM
|
 |
عضو مبدع
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: ليبيا
الجنس :
المشاركات: 802
الدولة :
|
|
رد: الكتابات الحرة
وسط الزّحام
لم يعرف له أهلاً ولا أقارب... فتح عينيه على دنيا غريبة لا يعرفها... ولا يفهم سبب وجوده فيها... تموج بكلّ المتناقضات وتزخر بكلّ ما هو عجيب وغريب.
كان كلّ صباح يتسكّع على طرقات المدينة... يتفرّج على الحياة والأحياء... وكأنّه ليس منهم... نظراته ضائعة... تائهة... تريد معرفة ما يجري حولها وفهم ما يحدث لها، وعندما يجنّ اللّيل ينصرف إلى صديقه الوحيد، يبثّه همومه ويشكو له ضياعه ويسكب فيه حزنه ودموعه، ينصرف إلى النّهر الهادئ الرّقراق... رفيق عمره الحزين، وكاتم أسراره الأمين.
كلّما جلس على ضفّة النّهر... تصفو نفسه ويهدأ باله... ويفكّر في حاله ويقلّب بصره وفكره في أمر هذه الدّنيا وأهلها... قبل أن يعي من أمر الحياة شيئًا، طعنه اليتم ورمى به على رصيفها يستجدي الحنان والعطف والرّحمة... ولا من راحم يرحمه ويعطف عليه.
وفي إحدى المرّات الّتي كان يجلس فيها على ضفّة النّهر مصغيًا لخرير المياه الهادئ العازف على وتر شجونه... إذ بصوت يأتيه من مكان ما... يهزّه، لم يدر مصدره، أ النّهر؟!. أم السّماء؟!... أم أعماقه الصّاخبة؟َ!!. لم يعرف!.. كلّ ما عرفه... هو أنّ ذلك الصّوت هزّه بشدّة... دفعه إلى الفرار دون أن يعرف لماذا؟ ولا إلى أين؟!.
كان يركض.. ويركض.. وفجأة... اصطدم بشيء قاسٍ.. ولكن أثر هذه القسوة تلاشى مع أوّل نسمة شعر بها تداعب وجهه... رفع رأسها عليًا... فرأى أوراقًا خضراء ملتفّة... رطبة... نديّة... فعرف سرّ راحته وشعوره بالأمان كانت هناك شجرة كبيرة... وافرة الظّل..
وبملء الرّاحة الّتي كانت تحتوي قلبه... رفع يده إلى رأسه يمسحه... وإذ بشيء رطب يبلّل يده... نظر إلى يده مستغربًا...
كان الدّمّ يلطّخها... ويسيل.على صدغه.... انتبه لنفسه وتألّم قليلاً... ولكنّه نسي ألمه ونظر إلى دمه... ثمّ رفع رأسه إلى الشّجرة... وابتسم***
-تمّت-
|