الإخلاص.
من أهم صفات المؤمن إخلاصه لله تعالى في كل أموره فهو يحيا لله إذا أكل أو شرب أو نام أو دخل أو خرج أو صام أو قام أو ذكر الله أو جاهد أو تصدق أو حج أو اعتمر أو عاد أحداً أو شمت عاطساً أو فعل أي فعل صغير كان أو كبير كان ذلك كله لله وحده وابتغاء وجه الله فحتى ابتسامته في وجه أخيه هي طاعة لله فكانت له صدقة فهو مخلص له سبحانه قد نبذ الدنيا من قلبه فلا يطلبها إلا ليستعين بها على عبادة الله وهو لا يحب إلا لله ولا يكره إلا لله ولا يخاف إلا الله ولا يسأل إلا الله ولا يرجو سواه ولا يتوسل إلا به ولا يلجأ إلا إليه ولا تأخذه في الحق لومة لائم قال تعالى:{ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ }الأعراف29.
وقال سبحانه:{ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }غافر14.
وقال جل وعلا: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }غافر65..
وقال تبارك اسمه : {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وقال سبحانه موضحاً {وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }البينة5.
من يشرك بالله في أي عمل إنما يظلم نفسه : { َوإذ قالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}لقمان13
وقال سبحانه: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ }هود101.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ)رواه مسلم.
ولذلك مهما كانت عظمة العمل فلن يقبل إلا إذا أخلص المرء فيه لله بل قد يكون ابتغاء غير وجه الله سبب الهلاك والخسران وإذا طلب به غير وجه الله كان نفاقاً وتوعد الله المنافقين بالدرك الأسفل من النار
قال تعالى : {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً }النساء145.
وقال سبحانه : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }النساء116.
وقال سبحانه: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً }النساء48.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( إن الله إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم و كل أمة جاثية فأول من يدعو به رجل جمع القرآن و رجل قتل في سبيل الله و رجل كثير المال فيقول الله للقارئ : ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي قال : بلى يا رب قال : فماذا عملت بما علمت ؟ قال : كنت أقوم به آناء الليل و آناء النهار فيقول الله له : كذبت و تقول له الملائكة : كذبت و يقول الله له : بل أردت أن يقال فلان قارئ فقد قيل ذلك ; و يؤتى بصاحب المال فيقول الله له : ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟ قال : بلى يا رب قال : فماذا عملت فيما آتيتك ؟ قال : كنت أصل الرحم و أتصدق فيقول الله له : كذبت و تقول الملائكة : كذبت و يقول الله : بل أردت أن يقال : فلان جواد فقد قيل ذلك ; و يؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقول الله : في ماذا قتلت ؟ فيقول : أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت فيقول الله له : كذبت و تقول له الملائكة : كذبت و يقول الله : بل أردت أن يقال فلان جريء فقد قيل ذلك ; يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة )..
ومثل هذه الآيات والأحاديث تجعل أحدنا يفكر ألف مرة بل آلاف المرات قبل أن يقدم على أي عمل يشعر أنه يقدم عليه بغير نية خالصة لوجه الله فالله سبحانه أغنى الأغنياء عن الشرك وهو أعلم بقلوبنا منا فلنحذر أن يطلٍّع على قلوبنا ويجد فيها أحداً غيره من مخلوقاته لتكن النوايا خالصة ولتكن قلوبنا مخلصة أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم وأن يطهر قلوبنا من الشرك والرياء والنفاق وأن يرزقنا حسن التوجه إليه والإنابة إليه في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة .
قال الله سبحانه وتعالى{ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }الأحزاب24.
وقال سبحانه: (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً)الأحزاب8.
وقال سبحانه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}الأحزاب23
وللموضوع بقية تابع معنا