عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 21-03-2010, 01:29 PM
الصورة الرمزية زارع المحبة
زارع المحبة زارع المحبة غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 11,230
الدولة : Algeria
افتراضي رد: هنا خبر*هنا ألم*هنا حزن*

بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم إخوتي وأخواتي :

كلمتي هذه ستكون طويلة بعض الشيء[1] غير أنني أرى الموضوع مهم لدرجة كبيرة فهو يستحق أكثر من هذا .

لديّ في هذه الجلسة كلمتان الأولى أوجهها إلى أخي وحبيبي : "أبو راتب الغزي"
لأقول له : سيدي الفاضل :
لا تفهمن من كلامي السابق أنني أهين المعلمين أو أسيئ إلى سمعتهم , معاذ الله .

فالمعلمون عندي في أعلى درجات الاحترام والتقدير.
وأنا معجب إلى أقصى حد بهذه الكلمات للأمير شوقي رحمه الله حيث قال:

قـم للمعلم وفّـــه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا
أَعَلِمْتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي***يَبْني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا ؟
فما هي مهمة الرسول ؟ وما هي مهمة المعلم؟
أرى نفس المهام (تقريبا) :
فالرسول يعلم , ينصح , يوجه , يدعوا للخير, يربي , يأمر بالمعروف , ينهى عن المنكر..............................الخ
وكذلك المعلم .
أنا أعتقد أن المعلم وارث عن الرسول صلى الله عليه وسلم , فهو فاتح العقول ومربي الأجيال , هو قدوة وهو أسوة (أقصد المعلم)
ولو ذهبنا نمتدح المعلم ونعدد فضائله لانتهى وقتنا مهما طال دون أن نوفيه عُشر معشار ما يستحقه من تكريم وإجلال .

صدقني يا عزيزي "أبو راتب" عندما أقول لك إن كثيرا من معلميَ أعتبرهم مثل أبي , أزورهم في بيوتهم وأكِنُّ لهم كل احترام وتقدير......

أراك أخي غضبت لما ظننتنا نتحدث بسوء عن المعلمين .
لا , لم نكن نتحدث عن المعلمين .
هل فهمت من كلامنا ( أنا وحنان ) أننا كنا نتحدث عن المعلمين ؟
لا , لقد كنا نتحدث عن أناس آخرين شوهوا سمعة المعلم وأساءوا إلى مركزه المحترَم .
فنحن ما قلنا الذي قلناه إلا غيرة عن المعلم ودفاعا عنه .

أتمنى أن تفهمني أيها الأخ الحبيب , لأسألك بعد ذلك :
هل تعلم من هو الذي يهين المعلم ويسيء إليه ويشوه صورته ؟
هو من يقوم بتلك الأعمال الوحشية التي ذكرتُ بعضا منها والكثير الكثير لم أذكره , وما لم أعلم به أظنه أكثر .
الذي يهين المعلم هو من يضرب التلميذ على قدميه العاريتين حتى تنتفخا , ووالله الذي لا إله غيره ولا رب سواه يمكث ثلاث أيام لا يستطيع الوقوف عليهما.
هؤلاء هم من نشكك في إنسانيتهم وفي كونهم يحملون قلوبا , بل نشكك في سلامة عقولهم.
قد يقول قائل وأين أولياء التلميذ لماذا لم يشتكوا من المعلم ويدافعوا عن ابنهم .
فأحِيلك على ما نقلته الأخت الكريمة حنان عن الدكتور عائض القرني فربما تصدقه أكثر مني لشهرته وجلالة علمه وو....
أما أنا فبدوي مجهول مدفون تحت رمال أقصى جنوب الصحراء.
ليقول لك : " لما درسناالابتدائية سُلّط علينا أساتذة جلاّدون فضربونا بالعصي ضرب غرائب الإبل، وكان بعضالآباء يشجعونهم على هذا الصنيع، ويقول أحدهم للأستاذ: لك اللحم ولنا العظم، بلتبرع بعض الآباء بإحضار العصي للأستاذ من الخيزران والشوحط والتين والسدر.........." (الكلام للقرني بناء على نقل الأخت حنان )

فالمعلم عندنا ـ وربما في أماكن أخرى أيضا ـ شيء مقدس
لا يُسأل عما يفعل وغيره يُسألون.

قولكَ :
ولا تجعلواالمعلم سبب كل خطيئة ..
لا , لم نقل ذلك . وارجع للكلام السابق عن الأولياء ودورهم .
ألم تجد هذا الكلام مكتوبا ؟ (وأما حديثكِ عن الآباء فأمر آخر, وهو أخطر بكثير منالحديث عن المعلم)
قولك :
كفى كفى المعلم ما به
نعم قالها إبراهيم النابلسي[2] :

لو جرّب التعليمَ شوقي ساعة * لقضى الحياة شقاوة وخمولا
حسْبُ المعلم غــمَّة وكآبـة * مرأى الدفاتر بكرة وأصيلا
لا تعجبوا إن صحتُ يوماً صيحة * ووقعتُ ما بين البنوك[3] قتيلا
يا من يريد الانتحار وجدتـه * إنَّ المعلم لا يعيش طويـلا

أخي الحبيب كل واحد في هذه الحياة لديه مشاكل , غير أننا نرفض أن يُُحمَّل التلميذ ما يقع على المعلم من ضغوط .
فربما يتخاصم (أي المعلم) مع المدير أو مع الوليّ أو لا يسدَّد راتبه لسبب ما فيصب غضبه على التلميذ.

أظن الكلام إلى هنا كاف وواضح , ويمكن جدا الاكتفاء به .

ولكن من يرغب في المزيد
سوف أذكر لكم في الأخير حادثة من هذا القبيل .
سافرت منذ مدة إلى إحدى الدول وأنقل منها بعض الوقائع في هذا المجال .
كان هذا في مدرسة حرة , حيث الأب هو الذي يسدد للمعلم أجرة تدريس ابنه .
غير أن أحد الأولياء ـ على ما يظهرـ تكاسل عن دفع ما عليه من ديون للمعلم . فجعل (المعلم) يُضيِّق على التلميذ حتى يضطره لترك مكانه أو يُجبَر أباه على السداد .
فجعل يعاقبه كل يوم بدون مبرر[4]
وإليكم هذا النموذج . مع أن القصة واقعية وجميع أبطالها معروفون والمكان الذي وقعت فيه أيضا معروف , غير أن من لم يحضرها ولم يعش فصولها سيقول عنها نكتة . فقولوا إن شئتم نكتة , لأنه ليس لدي وسيلة أقنعكم بها , فلو كنتم من أهل تلك البلدة لصدّقتم , أو على الأقل كنت سأقول لكم اسألوا فلانا وفلانا ممن حضروها.

في الصباح سأل المعلمُ التلميذ: ماذا حلمت البارحة ؟
فقال التلميذ : حلمت كذا وكذا........
فقال له المعلم : أتدري ما تأويل ذاك الحلم وما تفسير تلك الرؤيا؟ معناها أنك ستنال من عندي عقوبة . وهاهي العقوبة فعلا .

ثم في المساء سأله أيضا : ماذا حلمت في القيلولة هذا اليوم ؟
فقال التلميذ : أنا يا سيدي لم أنم هذا اليوم .
فقال له إذن بقيت تُحدِث أمورا سيئة وفوضى وضجيج ووو... فأنت لم تنم ولم تدع أهلك وجيرانك ينامون . ولذلك تستحق عقوبة .
وهاهي العقوبة فعلا .

وفي صباح الغد سأله : ماذا حلمت البارحة ؟
فقال: يا سيدي لقد نمتُ ولكني لم أحلم شيئا.
فقال له: لقد حلمتُ لك أنا حلما . رأيتك تفعل كذا وكذا(أي في المنام )
وهذا الحلم أو الرؤيا تأويلها أو معناها أنك ستنال مني عقوبة ونالها فعلا .

فهذا التلميذ المسكين سواء نام أو لم ينم حلم أو لم يحلم لا بد من أن يأخذ العقوبة .
ولشهرة هذه القصة صارت يضرب بها المثل . فيقولون:
"حلمت لك أنا"
ومعناها لن تفلت من العقاب مهما كنت ومهما فعلت.

وكما ذكرتُ سابقا , أرْجَحُ سبب عندي لحدوث هذه الأمور هو صبُّ المعلم غضبه على التلميذ .
وربما تكون هناك أمراضا نفسية وحبا للانتقام أو أمورا أخرى لا أدري ما هي .
بقيت لدي ملاحظتان :
الأولى : لاحظت أن أغلب من مورس ضدهم هذا النوع من العقوبات الظالمة كرهوا الدراسة وكرهوا المعلم وتحطمت نفسيتهم ولم ينجحوا في دراستهم إطلاقا .
وأذكر أنه عندما كنت صغيرا عمري حوالي 5 سنوات كنت أتمنى فقط اليوم الذي سأكبر فيه وأذهب للمدرسة , فالذهاب للمدرسة كان عندي كالذهاب للجنة في ذلك الوقت , حتى صادفت أحد التلاميذ فرأيت يديه محمرتين منتفختين جدا جدا في ظاهر الكف وليس في باطنه . سألته مالك ؟
فقال : "عاقبني المعلم." .
فمن تلك اللحظة تغيرت نظرتي للمدرسة وأصبحت هي الجحيم .
الثانية :لاحظت أن إرهاب (لا أقول المعلمين) وإنما من أساؤوا للمعلمين هو أكبر سبب للتهرب المدرسي.
تصوروا معي معلم يدرِّس سنة أولى ابتدائي يهدد تلاميذه بوضع الكهرباء على أجسادهم (لم يفعل ذلك ولكنه هدد به . وهذا التهديد كانت له آثار سلبية سيئة جدا )
و معلم آخر في الابتدائي أيضا , ربط حبلا في المروحة[5] المعلقة في سقف الحجرة الدراسية , وقال لتلاميذه : في المساء من لا يحفظ الدرس سأعلقه في ذلك الحبل وأجعل المروحة تدور به .
غير أنه في ذلك المساء أكثر من نصف التلاميذ لم يحضروا .
علم المدير بالأمر فدخل يتفقد القسم فوجد الحبل فعلا معلقا هناك.
وتبدأ قصة أخرى حول تصرف المدير مع ذاك المعلم وهي لا تهمنا الآن على الأقل .
ومن أسوأ ما وقع فعلا إدخال أمور سياسية أو حزبية أو قبَلية أو طرائقية ...........الخ في هذا الموضوع.
بحيث يكون المعلم أو الأستاذ ينتمي لحزب أو طريقة أو أوجهة
بينما التلميذ أو الطالب أو أهله من جهة أخرى . ويكون بين الجهتين شنآن( أي عداوة كما هو الحال بين أغلب الأحزاب والطرق والجماعات ...... في عالمنا العربي مع الأسف )
فأقل شيء أن ذالك التلميذ أو الطالب يُهمـّش وينظر إليه نظرة حقارة , وأبسط خطأ سوف يعاقب عليه , وربما يُعاقب حتى بدون خطأ.
وهم في ذلك يحتجون بحديث :"هم مِن آبائهم[6]" ولو بلسان الحال .

أما كلمتي الثانية فهي للأخت "حنان أحمد لأقول لها :
بارك الله فيك , وأحسنت جدا . فأحسن الله إليك كما أحسنت .
واعذريني على الاختصار. فكلامك كله صحيح فلم أجد ما أنتقد أو أعلق , إلا اعتذارك عن الطول والتأخر حيث قلت :

وتقبل اعتذاري عالاطالة.........وتأخر الرد

لا . أنت لا تعرفين تلك الأمور, وإنما قد تتعلمينها مني , فأنا هو صاحبها (أي الإطالة والتأخر)
قولكِ :
اخجلني اطراؤكانت منحتني اكثر من حقي

لا . بل منحتك أقل من حقك بكثير , فالمثقفون والواعون مثلك يستحقون منا كل تقدير واحترام وإجلال , فلهم علينا فضل كبير؛ وكذلك عليهم مسؤوليات جسام .
فقومي أختي الكريمة بمسؤولياتك وتأكدي أنه لا أنا ولا أحد غيري يستطيع منحك حقك أو أقل من حقك , وإنما ذلك موكول إلى الله عز وجل وحده ؛ ولا أملك إلا أن أدعوه أن يثبتك ويسدد خطاك ويثيبك على كل خير تقدمينه .
قولك :
هنا نخبة رائعة من الاخوة ..والاخوات

نعم صدقت . وذلك هو ما يشدني وبقوة إلى هذا القسم . فأنا أعتبرهم ليس إخوتي فقط وإنما هم أخوتي وأصدقائي وأحبائي وأشياء كثيرة بالنسبة لي .......
قولك :
اتشرف بانضماميلكم..
لا. بل نحن من نتشرف بأن تكون بيننا أخت مثلك: ثقافة وأدبا ووعيا وتحمسا لنشر الخير والفضيلة ...............
فأهلا بك أختا معززة مكرمة بين إخوانك وأخواتك وأهلك .
قولك:
ديننا جميل جميل ..وفيه كل ما هو جميلولكن لا نأخذ منه سوى القشور

نعم . ديننا جميل وهو أجمل مما تصورتِ وتصورتُ , غير أنني كنت أحسب أنه لا توجد به قشور, فكله خير وكله نفع وكله صلاح ولا يوجد به ما يسمى قشور أو حتى ما يُشبّه بالقشور.(ومعذرة على الإزعاج . فإن بعض إخوتي هنا يقولون عني "مشاغب" عندما أقول لهم مثل هذا الكلام . فقولي كذلك مثلهم إن شئتِ ولا حرج عليك) .
قولك :
عن المواضيع لم اطلع عليها..اعدك بان اطلع عليها
لا. لا توعديني بشيء , ولم أطلب منك ذلك , فكلامي ليس وحيًا من السماء , وإنما هو كلام قد أقوله اليوم , ثم غدا أو بعده أندم على أنني قلته .
صدقيني . والله إنه ليَحدُث لي هذا كثيرا .

ملاحظة هامة جدا : أعلمْتني أنك ما زلت في طور الدراسة , لذلك أنصحك نصيحة خالصة لوجه الله تعالى هي:" اهتمي بدروسك" ولا تشتغلي بما يقوله أمثال الكركور, فربما أنه متقاعد , أولا همَّ له سوى أن يُشغلك أنت ومثيلاتك عن مهامك , فانتبهي لنفسك جيدا .
وإن بدا لك ردٌ فبعد العطلة وبعد أن تخبريني بنجاحك هذه السنة إن شاء الله , وإني في انتظار ذلك .
تمنياتي لك بالتوفيق .
وشكرا مرة ثانية .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .





[1]) لذلك أنا محرج كثيرا من مشرفتنا التي ستتولى مراجعتها وتصحيح ما بها من أخطاء .

[2] ) أظنه إبراهيم طوقان

[3]) أي المقاعد

[4] ) (بل المبرر هو عدم سداد الوالد للدين الذي عليه للمعلم )

[5]) مروحة وتسمى عندنا برّادة لم يكن وقتها توجد مكيفات هوائية

[6] ) متفق عليه . وينظر معناه , فليس المجال للشرح
__________________



رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.96 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.99%)]