عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-05-2006, 12:24 AM
الصورة الرمزية منيع البوح
منيع البوح منيع البوح غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: العاصمة المقدسة
الجنس :
المشاركات: 3,676
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ

وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ






قال مالك بن دينار : دخلت على جارٍ لي وهو في الغمرات يعاني عظيمَ السَّكَراتِ ، يُغمى عليه مرَّةً ويفيقُ أخرى ، وفي قلبه لهيبُ الزَّفرات ، وكان منهمكاً في دنياه ، متخلِّفاً عن طاعة مولاه ، فقلت له : يا أخي تُبْ إلى الله وارجع عن غِيِّكَ ، عسى المولى أن يشفِيكَ مِنْ ألَمِكَ ويعافيك مِنْ مرضِك وسقمِك ويتجاوز بكرمه عن ذنبك . فقال : هيهات هيهات ! قد دنا ما هُو آت ، وأنا ميتٌ لا محالةَ ، فيا أسفي على عمرٍ أفنيته في البطالة . أردتُ أن أتوبَ ممَّا جنيتُ . فسمعت هاتفاً يهتف من زاوية البيت : عاهدناك مِراراً ، فوجدناك غدَّاراً.. نعوذ بالله من سوء الخاتمة ، ونستغفره مِنَ الذُّنوب المتقادمة .
يا أخي : أقِبلْ على قِبْلَةِ التوجُّه إلى مولاك وأعرِض عَنْ مواصلة غِيِّك وهواك ، وواصل بقيَّة العمر بوظائف الطَّاعات ، واصبِر على ترك عاجلِ الشَّهوات ، فالفرارَ أيها المكلَّفُ كلَّ الفرارِ من مواصلة الجرائم والأوزارِ ، فالصَّبرُ على الطَّاعة في الدنيا أيسرُ مِنَ الصَّبرِ على النَّار .

قال الفضيل بن عياض لرجل : كم أتت عليك ؟ قال ستون سنة ، قال : فأنت منذ ستين سنة تسيرُ إلى ربك يُوشِكُ أن تَبلُغَ ، فقال الرجل : إنا لله وإنَّا إليهراجعون ، فقال الفضيل : هل تعرف تفسير ما تقول : قال : لا ، قال : أنت لله عبد وإليه راجع ، فمن علم أنه لله عبد ، وأنه إليه راجع ، فليعلم أنه موقوفٌ ، ومن علم أنه موقوف ، فليعلم أنه مسؤول ، ومن علم أنه مسؤولٌ ، فليُعِدَّ للسؤال جواباً ،فقال الرجل : فما الحيلةُ ؟ قال يسيرة ، قال ما هي ؟ قال : تُحسِنُ فيما بقي يُغفرُلك ما مضى ، فإنك إن أسأتَ فيما بقي ، أُخذتَ بما مضى وبما بقي .

قال بعض الحكماء : من كانت الليالي والأيام مطاياه ، سارت به وإن لم يسر .

وما هذه الأيامُ إلاَّ مراحِلُ *** يحثُّ بها داعٍ إلى الموتِ قاصدُ

وأعجَبُ شيءٍ لو تأمَّلت أنَّها *** مَنازِلُ تُطوى والمُسافِرُ قَاعِدُ

يا من كلما طال عمره زاد ذنبه ، يا من كلما ابيض شعره بمرور الأيام اسود بالآثام قلبه ، يا من تمرعليه سنة بعد سنة وهو مستثقل في نوم الغفلة والسنة ، يا من يأتي عليه عام بعد عام وقد غرق في بحر الخطايا فعام ، يا من يشهد الآيات والعبر كلما توالت عليه الأعوام والشهور ، ويسمع الآيات والسور ولا ينتفع بما يسمع ولا بما يرى من عظائم الأمور ، ما الحيلة فيمن سبق عليه الشقاء في الكتاب المسطور : (( فإنها لا تعمى الأبصار ولكنتعمى القلوب التي في الصدور )) ، (( ومن لم يجعل الله له نور فما له من نور )) .



منقووول
__________________
أسأل الله ان يرزقني رقة كرقة قلبك

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.23 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.75%)]