
05-03-2010, 05:08 PM
|
 |
أستغفر الله
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: بين الأبيض المتوسط والأطلسي
الجنس :
المشاركات: 11,032
|
|
العجب .. أسبابه ومظاهره وعلاجه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العجب .. أسبابه ومظاهره وعلاجه

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد ..
فإن العُجب من الآفات الخطيرة التي تصيب كثيراً من الناس ، فتصرفهم عن شكر الخالق إلى شكر أنفسهم ، وعن الثناء على الله بما يستحق إلى الثناء على أنفسهم بما لا يستحقون ، وعن التواضع للخالق والانكسار بين يديه إلى التكبر والغرور والإدلال بالأعمال ، وعن احترام الناس ومعرفة منازلهم إلى احتقارهم وجحد حقوقهم
• والعجب هو الزهو بالنفس ، واستعظام الأعمال والركون إليها ، وإضافتها إلى النفس مع نسيان إضافتها إلى المُنعم سبحانه وتعالى .
• مساوئ العُجب : من مساوئ العجب أنه يحبط الأعمال الصالحة ، ويخفي المحاسن ، ويكسب المذام .
قال الماوردي : وأما الإعجاب فيخفي المحاسن ، ويظهر المساوئ ، ويكسب المذام ، ويصد عن الفضائل .. وليس إلى ما يكسبه الكبر من المقت حد ، ولا إلى ما ينتهي إليه العجب من الجهل غاية ، حتى إنه ليطفئ من المحاسن ما انتشر ، ويسلب من الفضائل ما اشتهر ، وناهيك بسيئة تحبط كل حسنة ، وبمذمة تهدم كل فضيلة ، مع ما يثيره من حنق ، ويكسبه من حقد .
حكم العجب
العجب محرم ؛ لأنه نوع من الشرك ..
• قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله : وكثيراً ما يقرن الرياء بالعجب ، فالرياء من باب الإشراك بالخلق ، والعجب من باب الإشراك بالنفس ، وهذا حال المستكبر ، فالمرائي لا يحقق قوله { إِيَّاكَ نَعْبُدُ} والمعجب لا يحقق قوله : { وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فمن حقق قوله { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } خرج عن الرياء ومن حقق قوله : { وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } خرج عن الإعجاب .
• وقال أبو حامد الغزالي رحمه الله : اعلم أن العجب مذموم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا } سورة التوبة. ذكر ذلك في معرض الإنكار .
وقال عز وجل { وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا } سورة الحشر ، فرد على الكفار في إعجابهم بحصونهم وشوكتهم . وقال تعالى { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} سورة الكهف، وهذا أيضاً يرجع إلى العجب بالعمل ، وقد يعجب الإنسان بالعمل وهو مخطئ فيه ، كما يعجب بعمل هو مصيب فيه .
• ومن السنة النبوية كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : « بينما رجل يمشي في حلةٍ تعجبه نفسه ، مرجل جمته ، إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة » متفق عليه
• وقال صلى الله عليه وسلم : » ثلاث مهلكات : شحُّ مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه »أخرجه البيهقي وحسنه الألباني
قال القرطبي : إعجاب المرء بنفسه هو ملاحظته لها بعين الكمال ، مع نسيان نعمة الله ، فإن احتقر غيره مع ذلك فهو الكبر المذموم .
وقوله : « إذ خسف الله به » يدل على سرعة وقوع ذلك به . وقوله : « فهو يتجلجل إلى يوم القيامة » وفي رواية مسلم : « فهو يتجلجل في الأرض حتى تقوم الساعة ».
• قال ابن فارس : التجلجل : أي يسوخ في الأرض مع اضطراب شديد ، ويندفع من شق إلى شق ، فالمعنى يتجلجل في الأرض أي ينزل فيها مضطرباً متدافعاً.
من اقوال السلف
• قال ابن مسعود رضي الله عنه : الهلاك في اثنين : القنوط والعجب .
• قال أبو حامد : وإنما جمع بينهما ؛ لأن السعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمير ، والقانط لا يسعى ولا يطلب ، والمعجب يعتقد أنه قد سعد وقد ظفر بمراده فلا يسعى .
• وقال مطرف : لأن أبيت نائماً وأصبح نادماً أحب إليّ من أن أبيت قائماً وأصبح معجباً .
• وكان بشر بن منصور من الذين إذا رءُوا ذُكِرَ الله تعالى والدار الآخرة ، لمواظبته على العبادة ، فأطال الصلاة يوماً ، ورجل خلفه ينتظر ، ففطن له بشر ، فلما
انصرف عن الصلاة قال له : لا يعجبنك ما رأيت مني ، فإن إبليس لعنه الله قد عبد الله مع الملائكة مدة طويلة ، ثم صار إلى ما صار إليه .
• وقيل لعائشة رضي الله عنها : متى يكون الرجل مسيئاً ؟ قالت : إذا ظن أنه محسن .
• وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الإعجاب ضدّ الصواب ، وآفة الألباب .
• وقيل : النعمة التي لا يحسد صاحبها عليها : التواضع ، والبلاء الذي لا يرحم صاحبه منه : العجب .
العجب والكفر
وربما طغت آفة العجب على المرء حتى وصل به الأمر إلى الكفر والخروج من ملة الإسلام ، كما هو الحال مع إبليس اللعين ، حيث أعجب بأصله وعبادته ، ودفعه ذلك إلى الكبر وعصيان أمر الرب تعالى بالسجود لآدم عليه السلام .
• وقال الأحنف بن قيس : عجبت لمن جرى في مجرى البول مرتين كيف يتكبر ؟!
علاجة العجب بالكبر والادلال
• قال ابن قدامة : اعلم أن العجب يدعو إلى الكبر ، لأنه أحد أسبابه ، فيتولد من العجب الكبر ، ومن الكبر الآفات الكثيرة وهذا مع الخلق .
فأما مع الخالق فإن العجب بالطاعات نتيجة استعظامها فكأنه يمنّ على الله تعالى بفعلها ، وينسى نعمته عليه بتوفيقه لها ، ويعمى عن آفاتها المفسدة لها ، وإنما يتفقد آفات الأعمال من خاف ردها ، دون من رضيها وأعجب بها .
• وقال أبو حامد الغزالي : والإدلال وراء العجب ، فلا مدلّ إلا وهو معجب ، وربّ معجب لا يدلّ ، إذ العجب يحصل بالاستعظام ونسيان النعمة ، دون توقع جزاء عليه ، والإدلال لا يتم إلا مع توقع الجزاء ، فإذا توقع إجابة دعوته ، واستنكر ردها بباطنه ، وتعجب منه كان مدلاًّ بعلمه ، لأنه لا يتعجب من رد دعاء الفاسق ، ويتعجب من ردّ دعاء نفسه لذلك ، فهذا هو العجب والإدلال وهو من مقدمات الكبر وأسبابه .
مظاهر العجب
مظاهر العجب كثيرة منها :
• رد الحق واحتقار الناس .
• تصعير الخد .
• عدم استشارة العقلاء والفضلاء .
• الاختيال في المشي .
• استعظام الطاعة واستكثارها .
• التفاخر بالعلم والمباهاة به .
• الغمز واللمز .
• التفاخر بالحسب والنسب وجمال الخِلقة .
• تعمد مخالفة الناس ترفعاً .
• التقليل من شأن العلماء الأتقياء .
• مدح النفس .
• نسيان الذنوب واستقلالها .
• توقع الجزاء الحسن والمغفرة وإجابة الدعاء دائماً
• الإصرار على الخطأ .
• الفتور عن الطاعة لظنه أنه قد وصل إلى حد الكمال .
• احتقار العصاة والفساق .
• التصدر قبل التأهل .
• قلة الإصغاء إلى أهل العلم .
اسباب العجب
• الجهل ، والغريب أن بعض الناس يعجب بعمله ومعرفته لمسائل الخلاف وأقوال العلماء ، ولو علم أن إعجابه بعلمه يدل على جهله لما كان من المعجبين بأنفسهم ، قال أبو حامد : وعلّة العجب : الجهل المحض ، فعلاجه المعرفة المضادة لذلك الجهل فقط
• قلة الورع والتقوى .
• ضعف المراقبة لله عز وجل .
• قلّة الناصح .
• سوء النية وخبث المطية .
• إطراء الناس للشخص وكثرة ثنائهم عليه مما يعين عليه الشيطان .
• الافتتان بالدنيا واتباع الهوى والنفس الأمارة بالسوء .
• قلة الفكر ؛ لأنه لو تفكر لعلم أن كل نعمة عنده هي من الله .
• قلة الشكر لله عز وجل .
• قلة الذكر لله عز وجل .
• عدم تدبر القرآن والسنة النبوية .
• الأمن من مكر الله عز وجل والركون إلى عفوه ومغفرته .
|