
06-02-2010, 09:41 PM
|
 |
قلم فضي
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 4,630
الدولة :
|
|
رد: تحرير محل النزاع.. حتى نضيق هوة الخلاف
كيفية تحرير محل النزاع:
لما كان سببُ ظاهرة عدم تحرير محل النزاع قلةَ الإخلاص وقلة العلم، كان السبيل لتحرير محل النزاع هو الإخلاص والعلم:
1- الإخلاص:
كلام السلف الصالح هو أعظم بيان لأثر الإخلاص والتجرد في تحرير محل النزاع، وانشراح الصدر للمخالف، وسنضرب لذلك مثالين:
لما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - واستُخلف أبو بكر، وكفَرَ من كفر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر، كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله))؟ قال أبو بكر: والله لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، واللهِ لو منعوني عناقًا كانوا يؤدُّونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتُهم على منعها، قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيتُ أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفتُ أنه الحق[19].
وهذا حصين بن عبدالرحمن قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ فقلت: أنا، ثم قلت: أمَا إني لم أكن في صلاة؛ ولكني لُدِغت، قال: فما صنعتَ؟ قلت: ارتقيت، قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي، قال: وما حدَّثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: "لا رقية إلا من عينٍ أو حُمَة"، قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((عُرضتْ عليَّ الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم، فظننتُ أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومُه، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب...)) الحديث[20].
يدل الحديث على "عمق علم السلف؛ لقوله: "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن كذا وكذا"؛ فعلم أن الحديث الأول لا يخالف الثاني؛ لأن قوله: "لا رقية إلا من عين أو حمة" لا يخالف الثاني؛ لأن الثاني إنما هو في الاسترقاء، والأول في الرقية"[21].
وهكذا كان أدب الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين، وأدب العلماء في التعامل مع الخلاف.
"فإرادة الحق لا تحتاج لكثير كلام، وعمق ذكاء، بقدر ما تحتاج لصفاء نفس، وسلامة صدر"[22].
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|