ضاع درع من الصحابي الجليل علي -رضي الله عنه- ورآه مع يهودي وهو آن ذاك خليفة المسلمين ، فلم يشأ أن يستخدم الخلافة في القبض على الرجل رغم أنه متأكد بأن الدرع له ، ولجأ إلى القضاء.
ويقف الخصمان أمام القاضي شريح ، فيقول القاضي مخاطبا أمير المؤمنين ومكرما إياه : اجلس يا أبا الحسن ، فقال له علي - رضي الله عنه- إنما أنا هنا لأمر فيه خصمان وأنا أحدهما ، فلا فرق بيننا الآن ، إما أن تنادينا بالكنية معا أو بإسمينا معا .
تبسم القاضي وسأل أمير المؤمنين عن دعواه ، كونه صاحب الدعوى فقال علي -رضي الله عنه - : الدرع درعي ، ولم أبع ولم أهب .
أي ما بعتُ الدرع لأحد ، ولا أعطيتها كهدية لأحد (والمقصود السرقة)
فيقول القاضي لليهودي: ما قولك فيما يقول أمير المؤمنين؟
فقال في إلتواء وكذب واضح : الدرع درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب.
فيلتفت القاضي لأمير المؤمنين ويقول: يا أمير المؤمنين هل من بينة ؟
فهناك شرط إسلامي في القضاء ينص بـ (البينة على من ادعى ) ، الشاهد والدليل على صِدق قول من يرفع القضية.
فيبتسم أمير المؤمنين ويقول: صدق شريح مالي من بينة .
فيحكم القاضي بأن الدرع لليهودي ، رغم معرفته التامة بصدق أمير المؤمنين ، ولكنه شرط الشرع العادل في القضاء ، وعليه التنفيذ بالنص دون تحيز.
أخذ اليهودي الدرع وخرج من دار القضاء ، وما إن سار بضع خطوات حتى عاد وهو يقول: أمير المؤمنين ، يقاضيني عند قاضيه ، فيحكم قاضيه عليه !!
هذه ليست إلا أخلاق أنبياء
أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله
خذ يا أمير المؤمنين الدرع درعك ، خرجت من بعيرك الأورق ، فتتبعتها وأخذتها لي .
فقال أمير المؤمنين - رضي الله عنه - : أما إذا أسلمت فهي لك.
هؤلاء هم المسلمون
وهذا هو دينهم
.