رد: التلخيص العاشر
- يخبر به مما يحتاج إلى تثبيت خصوصاً إذا جاء من فاسق ومعناه أنه إذا كان غير فاسق فإن خبره يقبل وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكتفي بخبر الواحد ويأمر بالاكتفاء به حيث كان يرسل الشخص الواحد إلى مجموعة من الناس ويأمره بتبليغ ما يأمره به ويطلب إلى الناس قبول ما يأمرهم به والانتهاء عما ينهاهم عنه. وكان السلف من الصحابة فمن بعدهم لا يشترطون لقبول رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل به سوى عدالة الراوي وثقته وتقواه وكانوا إذا روى الثقة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم تلقوه بالقبول والعمل، ولم يخطر في أذهانهم أنه خبر آحاد.
- إن الهداية لم تأتنا إلا عن طريق الوحي وعلى أيدي رسل الله الكرام فبأي مسوغ نترك طريق الهداية ونرجع إلى تقديم العقل فلو كان العقل يكفى للوصول إلى الحق مجرداً عن النقل لما عاش هؤلاء المعرضون عن الله في متاهات الكفر والضلال ولما احتجنا إلى الأنبياء فمن الإجرام أن نترك طريق الهداية واضحاً مشرقاً ثم نتعلل بتقديس العقل في مقابل نصوص الكتاب والسنة فالعقل حد إذا تجاوزه صاحبه انقلب إلى الجهل والخزعبلات.
- زعمهم أن الدلالة النقلية ظنية بينما الدلالة العقلية قطعية هذا كلام اخترعوه وأرادوا أن يؤصلوه وإلا فإن السلف من الصحابة فمن بعدهم كانوا يعتبرونها من وساوس الشيطان ومن نقص الإيمان وزعمهم هذا هو مثل زعمهم أن صدق الأنبياء إنما يتوقف على العقل ولو كان هذا صحيحاً لآمن قوم نوح وسائر أمم الأنبياء إذ إن لهم عقولاً ولما احتاجوا إلى سماع النقل منهم عن الله تعالى والواقع خلاف ذلك فإن كلام الأنبياء وإخبارهم عن الله تعالى هو في حد ذاته الطريق إلى الإيمان بالأنبياء، فكل رسول كان يأتي لقومه ويقول لهم:" إني رسول الله إليكم " ثم يخبرهم عن الله تعالى ويقول لهم في أنفسهم قولاً بليغاً دون التركيز على الأدلة العقلية فهي تأتى عرضاً ويستفاد منها كثيراً لكن ليست هي الدليل الوحيد على صدق الأنبياء فدلائل صدقهم كثيرة جداً.
فقارن بين مواقف هؤلاء ومواقف أهل الحق أهل السنة والجماعة الذين يسيرون وراء النصوص مستعملين عقولهم إلى الحد الذي تنتهي عنده، وبالتالي فالقائد هو النص إلى أن يصلوا إلى غاية ما يريدون أو يطلب منهم.
2-التأويل في مفاهيم الفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة:
لقد جرت التأويلات الفاسدة فتناً عظيمة على الإسلام والمسلمين وأخرجت الكثير منهم عن عقيدتهم السليمة إلى عقائد ما أنزل الله بها من سلطان وهذا الذي أفسد الدنيا والدين وهكذا فعلت اليهود والنصارى في نصوص التوراة والإنجيل وحذرنا الله أن نفعل مثلهم وأبى المبطلون إلا سلوك سبيلهم وكم جنى التأويل الفاسد على الدين وأهله من جناية فهل قتل عثمان رضي الله عنه إلا بالتأويل الفاسد ولقد كثر الجدال والخصام بين أهل السنة من جانب وبين المخالفين لهم ممن تأثر بعلم الكلام والفلسفات من جانب آخر في قضية التأويل.
· ما المراد بالتأويل عند السلف وعند هؤلاء الفرق من الأشعرية والماتريدية والمعتزلة ؟
*عند السلف :
حقيقة التأويل في أساس إطلاقه يشمل أمرين:
- الأمر الأول: تطلق كلمة التأويل ويراد بها ما تؤول إليه حقيقة ذلك الشيء ومصيره وعاقبته.
- الأمر الثاني: تطلق هذه الكلمة ويراد بها معرفة ذلك الشيء ومفهم تفسيره وبيانه، سواء وافق ظاهره الصواب أو خالفه .
وقد ورد ذكر كلمة التأويل في القرآن الكريم في عدة آيات، قال تعالى:)ذلك خير وأحسن تأويلا ( (3) أي عاقبة التحاكم إلى الله ورسوله عند التنازع هو أحسن مآلاً وعاقبة وورد في السنة النبوية أيضاً استعمال التأويل بمعنى التفسير والمعرفة كما في دعائه صلى الله عليه وسلم لابن عباس بقوله: ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)) أي فهمه معرفة الدين.
وهذه المعاني للتأويل هي التي كانت معروفة عند السلف قبل ظهور أهل الكلام والفلسفات العقيمة وقبل ظهور الخصام والجدال في معاني التأويل.
*عند المعتزلة والجهمية وغيرهم من فرق المتكلمين :
صرف اللفظ عن ظاهره وحقيقته إلى مجازه وما يخالف ظاهره وهذا هو الشائع في عرف المتأخرين من أهل الأصول والفقه ولهذا يقولون التأويل على خلاف الأصل والتأويل إلى دليل.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله انقسام التأويل إلى صحيح وباطل وأنه ينحصر في هذين القسمين وذكر أيضاً أن كل ما ورد من الروايات عن الصحابة وفيها ذكر التأويل أن المراد به حقيقة المعنى وما يئول إليه في الخارج أو المراد به وأن تأويلهم من جنس التأويل الذي يوافق الكتاب والسنة أو أن لهم وجهة نظر قوية لا تخرج عن الحق.
· اذكر أنواع التأويل الباطل ؟
1- ما لم يحتمله اللفظ بوضعه كتأويل قوله صلى الله عليه وسلم: ((حتى يضع رب العزة عليها رجله)) بأن الرجل جماعة من الناس فإن هذا لا يعرف في شيء من لغة العرب ألبته.
2- ما لم يحتمله اللفظ ببنيته الخاصة من تثنية أو جمع، وإن احتمله مفرداً كتأويل قول
)لما خلقت بيدي ( بالقدرة.
3- ما لم يحتمله سياقه وتركيبة وإن احتمله في غير ذلك السياق كتأويل قوله: )هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك ( بأن إتيان بعض آياته التي هي أمره وهذا يأباه السياق كل الإباء.
4- ما لم يؤلف استعماله في ذلك المعنى في لغة المخاطب وإن ألف في الاصطلاح الحادث وذكر أن هذا النوع لم يؤلف استعماله في لغة العرب ومثل لهذا بتأويل الجهمية والفلاسفة والمعتزلة لقول الله تعالى: )ثم استوى على العرش ( بأن المعنى أقبل على خلق العرش فإن هذا لا يعرف في لغة العرب بل ولا غيرها من الأمم أن من أقبل على الشيء يقال قد استوى عليه
5- ما ألف استعماله في ذلك المعنى لكن في غير التركيب الذي ورد به النص وهذا من أقبح الغلط والتلبيس ومثل لهذا بتأويل اليد بالنعمة والنظر إلى الله بانتظار الثواب.
6- كل تأويل يعود على أصل النص بالإبطال فهو باطل، كتأويل قوله صلى الله عليه وسلم: ((أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل)) بحمله على الأمة فإن هذا التأويل مع شدة مخالفته لظاهر اللفظ يرجع على أصل النص بالإبطال وهو قولة: ((فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها)) ومهر الأمة إنما هو للسيد فقالوا نحمله على المكاتبة وهذا يرجع على أصل النص بالإبطال .
· ما هو التأويل في عرف المتأخرين ؟
صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن بذلك فلا يكون معنى اللفظ الموافق لدلالة ظاهرة تأويلاً على اصطلاح هؤلاء فهم يريدون بالتأويل عدم إجراء النص على ظاهره والإتيان له بمعنى يحتمله ليتوافق مع تأويلهم الذي حرفوه عن معناه الصحيح وهذا هو التأويل الباطل. وقد رفض السلف تأويل الخلف بالمعنى الذي قرره هؤلاء لأنه تحريف للنصوص وإبعاد للمراد منها خصوصاً وأن تلك النصوص ظاهرة الدلالة لا خفاء فيها ولا احتمال فإن كل ما جاء في القرآن والسنة من الوضوح وتحديد المراد ما لا يحتمل التلاعب به ولا بمعاينة لأنه نزل على قوم أدركوا المراد به وآمنوا به وأطمأنت قلوبهم ولم يحتاجوا إلى التأويلات التي اخترعها زعماء التعطيل. فإنه على حسب مفهومهم ما من نص إلا وهو يحتمل التأويل وبالتالي فلا تتم الثقة بأي نص على ظاهره فإذا ورد النص بقول: )وجاء ربك (
قالوا جاء أمره إلى غير ذلك من تلك التأويلات استناداً إلى أن العقل هو الفاصل والمقدم على النقل، فلا حرج بعد ذلك أن تؤول نصوص الكتاب والسنة وأقوال السلف الذين يقتدي بهم على حسب ما تراه العقول.
3 – جهل أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة والأشعرية والماتريدية بمعنى توحيد الألوهية:
التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات هذا هو تقسيم أهل السنة والجماعة لأنواع التوحيد وهذه الأنواع كانت معروفة بالبداهة عند السلف الصالح من الصحابة ومن تبعهم بإحسان حتى ولو لم يفصلوا هذا التفصيل في وقتهم. فتوحيد الألوهية يتعلق بإفراد الله عز وجل بالعبادة والخضوع والإنابة وحده جل وعلا والابتعاد عن الاشتراك مع الله آلهة أخرى وأما توحيد الربوبية فهم يعلمون أن الله هو رب كل شيء وملكية وهو خالق الخلق ورازقهم ومدبر أمورهم كلها. وأما توحيد الأسماء والصفات فلقد كانوا على معرفة بأن الله عز وجل من الصفات ما أخبر به عز وجل في كتابه الكريم وما أخبر به نبيه العظيم يؤمنون أن الله تعالى له ذات لا تشبه الذوات وله صفات الخلق إلا مجرد الاشتراك في التسمية.
وأما عند المتكلمون يقسمون التوحيد إلى ثلاثة أقسام أولاً:هو واحد في ذاته لا قسيم له ثانياً:واحد في صفاته لا شبيه له ثالثاً:واحد في أفعاله لا شريك له وأشهر هذه الأنواع عندهم هو الثالث وهو توحيد الفعال وهو أن خالق العالم واحد وهم يحتجون على ذلك بما يذكرونه من دلالة التمانع وغيرها ويظنون أن هذا هو معنى قولنا لا إله إلا الله حتى يجعلوا معنى الإلهية القدرة على الاختراع.فهؤلاء المتكلمون يجعلون أهم أنواع التوحيد هو توحيد الربوبية الذي لم يوجد فيه نزاع بين الأنبياء والأمم وأوجبهما معرفة وكانوا يعرفون أن معنى لا إله إلا الله نفى ألوهية أي كائن كان لا أصنامهم ولا غيرها مع الله تعالى ولهذا وقفوا في وجوه رسلهم شعارهم: )أجعل الآلهة إلها واحداً ( فكانوا في فهمهم وهم على شركهم أحسن من فهم علماء الكلام وهم يدعون الإسلام حينما قرروا أن معنى لا إله إلا الله لا قادر على الاختراع والخلق والإيجاد إلا الله وهو معنى باطل يرده كتاب الله وما جاء في سنة رسول الله عليه عامة أهل الحق فإن معنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله وحده. وهذه هي دعوة الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم كما قال تعالى: "وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " فالإله هو الذي يستحق العبادة والخضوع له وهذا التفسير الحق وأما تفسير الإله بأنه القادر على الخلق فهو تفسير باطل.
4 – تعطيل النصوص عن مدلولاتها:
كل الطوائف المخالفة لأهل السنة والجماعة لم يلتزموا بالمفاهيم الواضحة للنصوص وكان حالهم فيها مثل حال من يفسر الواضح حتى يجعله غامضاً فهؤلاء تعمقوا في استخراج الحق الكامن خلف النصوص ثم خرجوا بعلم غزير لم يهتد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا من جاء بعدهم ولم يصرحوا بذلك لكن عباراتهم ومواقفهم تدل على هذا وقد كانوا أذكياء في عرض شبهاتهم وتأويلاتهم حيث جاءوا بزخرف من القول والدعاية واختيار الأسماء المنفرة لما لا يريدونه وإلقاء الأسماء التي ظاهرها يخدمهم فانخدع بذلك كثير من عوام المسلمين بل من طلاب العلم وسموا أنفسهم بأحسن الأسماء مثل أهل التوحيد وأهل العدل وأهل الاستقامة والفرقة الناجية وأهل السنة ومحققين وحكماء.وأيضاً أطلقوا على أهل السنة ألقاب منها أهل التشبيه والتجسيم والحشوية وخوارج ونوابت.
والله عز وجل يعلم أن أهل السنة براء من تلك الألقاب الظالمة فإن الذي يثبت لله ما أثبته لنفسه لا يجوز أن يسمي مشبها أو مجسما والذي يقول الله في السماء أي في جهة العلو المطلق وأن السماء ليست ظرفا له عز وجل وإنما المقصود جهة العلو بغير تحديد مكان لا يصح أن يسمى حشويا. والذي يأخذ بظواهر النصوص ويفهم معانيها فهما جيدا ويقول عن الكيفية لا علم بها لأن الله لم يخبرنا بذلك لا يصح أن يسمي خارجيا يقف على ظواهر النصوص دون فهم لمعانيها. والذي نبت على معرفة الحق وما جاء في كتاب الله وسنة نبيه لا يصح أن يسمي نابتا جديدا خارجا عن الحق إلى غير ذلك من الألقاب التي أطلقوها وهي لا تصح إلا فيهم.
إن تسلط علماء الخلف على النصوص وتحريفها عن معانيها الصحيحة لتوافق ما جاءوا به من عقائد ما أنزل الله بها من سلطان أمر معلوم لطلاب العلم فهؤلاء لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه من تخبطات في فهم النصوص وبناء عقائدهم إلا على لوي أعناق النصوص وزخرف الأقاويل في تأويلها وإيراد الشبهات الكثيرة تحت اسم الأدلة القاطعة والبراهين الواضحة .
· ما هو اعتقاد السلف في الأسماء والصفات ؟
1- نثبت لله تعالى كل الأسماء الحسنى كما قال عز وجل:" ولله الأسماء الحسنى فادعوه وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون " .
2- نثبت له كل الصفات الواردة في القرآن الكريم.
3- نثبت أن لله في كل صفة المثل الأعلى والأكمل.
4- الإيمان بكل ما جاء من صفات الله تعالى إلى التفصيل الذي ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية.
|