عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 20-12-2009, 05:18 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحِجاب والاكتئاب

- قصة مُنَى :
لقد كنتُ – كما نصحَتني أمي جزاها الله عني خيراً- لا أصاحب إلا الفاضلات ، فلما كانت "منى" تحرص على مصاحبتي كنت أرحب بها لما لمستُه منها من طيب خُلُق ، وعِزة نَفس، وسلامة صدر. ولما تمت خطبتها ونحن في السنة الثالثة بالكلية كانت أحيانا تحكي لي عن مشكلاتها مع خطيبها ، ولكني كنت أكتفي بالاستماع ، فلم أكن قد نضجت وقتها بشكل كاف لأنصحها في مثل تلك الأمور، وقبل انتهاءنا من السنة الرابعة قامت منى بفسخ خطبتها... وكانت سعيدة بهذا القرار.
وبعد التخرج من الجامعة لم أرها لعدة سنوات ، ثم شاء الله أن أقابلها في مقر عملها ففرحتُ بها كثيرا، ولكني انزعجت لأنها لم تكن قد ارتدت الحجاب بعد، ففتشتُ في حقيبتي ، فوجدت شريط " التوبة " للأستاذ عمرو خالد ، فقلت لها : " تعرفين يا منى أني أحبك، وهذه الأشياء لا أعطيها إلا لمن أحبهم " ، فقالت لي:" لا ، أنا لا أريد ، إن معلوماتي الدينية غزيرة بما فيه الكفاية"، فقلت لها :" نعم ، ولكن لماذا لم ترتدي الحجاب حتى الآن ؟
قالت :" أنا محتشمة في لباسي كما ترين " ، قلت لها:" نعم ، وهذا خير كثير يا منى ، ولكن الحجاب فريضة"!!! "
فقالت : "بعد أن أتزوج إن شاء الله ، فمنذ تلك الخطبة لم تتم خطبتي حتى الآن"!!!
فقلتُ لها: "لا علاقة بين الموضوعين يا غاليتي ، فالحجاب فريضة كالصلاة ، أما الزواج فهو مقدَّر في عِلم الله ، وسيحدث في وقت معين لا يعلمه إلا الله ، سواء ارتديتِ الحجاب أم لم ترتديه،
كما أنني أرى أن مَن يتقدم للزواج منك من أجل جمالك الظاهري لا يستحق أن تتزوجيه ، لأنه بعد فترة قصيرة سيعتاد هذا الجما ل وسيصبح في حاجة لجمال آخر عند غيرك ، أما من يتزوجك من أجل أخلاقك ودينك وشخصيتك وطباعك ، فستزدادين جمالا في عينيه وقلبه كل يوم"
قالت : نعم أنت على حق .
وشعرتُ أنها بحاجة للاقتراب من الله تعالى بأي شكل، فقلت لها : هل استمعتِ إلى " مشاري راشد "؟ إن صوته نَدي في تلاوة القرآن" فقالت :لا ، أنا أشعر بضيق عند تلاوة القرآن أوالاستماع له"
فقلت لها: وبماذا تشعرين أيضا؟
قالت : أشعر بصداع شديد من وقت لآخر، كما أنني أعاني من الأرق!!.
فنصحتُها بالرُقية الشرعية ،ووعدتها بأن أحضر لها نسخة منها ...وبالفعل أكرمني الله بأن أهديتها نسخة من الرقية ، مع شريط لسورة البقرة ،
ونصحتُها بالاستماع إليها يوميا ، خاصة باستخدام سمَّاعات الأذن ؛ وقبل أن أودعها تبادلنا أرقام التليفونات ،ودعوت لها بأن يفرِّج الله كربها ..
وبعد فترة اتصلت بها للاطمئنان، فإذا بها تقول أن شريط سورة البقرة قد تمزق، فاشترت غيره ، فضاع منها ... فقلت لها إشتري غيره وداومي على سماعها مع الرقية ،
وبعد فترة إتصلت بي لتخبرني أن الله تعالى أكرمها بالشفاء من الصداع والأرق ....فحمد تُ الله كثيرا ، ووعدتها بالزيارة ، فلما ذهبتُ إليها سألتُها" ما رأيك يا منى لو تدخلين جنة الدنيا ؟" .


فتعجبَت قائلة : كيف؟
فقلتُ لها : بزيارة البيت الحرام والطواف به ، والصلاة في رحابه ، والدعاء في أماكن إجابة الدعاء، ثم الصلاة في المسجد النبوي ، وخاصة في الرَّوضة الشريفة التي هي روضة من رياض الجنة"
وظللتُ أحكي لها عن جمال وروعة المشاعر التي يشعر بها المؤمن هناك ،وعن عطايا الكريم لزوَّار بيته ، حتى اشتاقت إليها.....ولكنها قالت : إن أبي قد توفاه الله وإخوتي لن يوافقوا على السفر معي ، فقلت لها: إبحثي عن عم أو خال، فقالت لي:" لا أحب أن أُذل بسؤال أحد"
فقلت لها: " إنه ذُل في سبيل الله !!!! وما أحلاه من ذُل!!
وتركتُها لتفكر بهدوء.... فإذا بها تتصل بي لتقول لي أنها قد حجزت للسفر إلى عُمرة شهر رمضان وأنها ستسافر بصحبة عمِّها ، فحمدتُ الله على هذا الخبر السعيد،
وذهبتُ إليها ومعي مطويات عن " صِفة العُمرة" ، وحدَّثتها عن كيفية الفوز بأعلى قدر من الحسنات في هذه الزيارة المباركة ، وكيف يمكنها توزيع التمر والحلوى على الصائمين ،
وسُقيا الماء لكبار السن في الحرم ، وخدمة البيت الحرام بإعادة المصاحف إلى مكانها وغير ذلك
والإيثار في الأماكن المزدحمة ، وحُسن التعامل مع المصلين وعُمَّار الحرمين ...وغير ذلك، وكانت في قمة السعادة !!!
فلما عادت بسلامة الله ، وجدتُ " منى" قد ازدادت جمالاً ، وبهاءً ، وثِقة بالنفس، وتوكٌّلاً على الله ، ورغبة في عمل المزيد والمزيد من الطاعات ،
وكانت أجمل أخبارها أنها تمكنت من تقبيل الحجر الأسعدرغم الزحام !!!
وكانت هديتي لها هي مجموعة أشرطة الأستاذ عمرو خالد :" العبادات و" إصلاح القلوب" ،
ولكنها لم ترفض هذه المرة ، بل فرحت بها، وحرصت على أن تسمعها، ثم تُعيرها لكل زملائها في مقر عملها .
ومرت الأيام ولم يُرد الله لمنى الزواج ، وكنت دائما أدعو الله تعالى لها أن يرزقها زوجا صالحا .
ومنذ أسبوعين كنت أقضي بعض حاجياتي فأُذِّن لصلاة الظهر، فذهبت إلى أقرب مسجد لأداء الصلاة ، وقبل أن أصلي تحية المسجد ، إذا بمُنى تناديني وتحييني ، ففرحتُ بها كثيرا ، وعلمت أنها لم تتزوج بعد ...فلما طلبَت مني أن نصلي جماعة لأنها في عجلة من أمرها ولن تستطيع انتظار الإقامة ، صليتُ معها ، ودعوتُ الله تعالى لها في سجودي أن يرزقها زوجا ًصالحاً ، وأن يُصلح لها أحوالها .
وبعد الصلاة ودعتني " منى" بحرارة ؛ وقالت لي :"أتمنى أن أراك قريبا "، فقلت لها : "إن شاء الله " ، وكان بحقيبتي كتيب عن الحجاب ، فأهديتُه لها وطلبت منها أن تمرره على زميلاتها بالعمل ، ففرحَت به وشكرتني .
أما المؤلم في الأمر ، فهو انني علمتُ أن منى –ذات الإثنين والأربعين عاماً - توفيت صباح اليوم في حجرتها، وهي ترتدي ثيابها استعداداً للذهاب إلى عملها !!!!!!!
فصُعِقتُ لهذا الخبر ....وتذكرتُ صلاتنا معا منذ أسبوعين،

ثم سجدتُ لله شاكرة لأنه هداها لارتداء الحجاب، ثم منَّ عليها بعُمرة رمضان التي تساوي في الأجر حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حبَّب إليها طاعته فصارت حريصة على مختلف الطاعات .... وكل ذلك قبل فوات الأوان؛ فكم هو رحيم !!! وكم هو كريم !!! .

أسألُ الله العظيم ربَّ العرش الكريم أن يرحمها ويعفو عنها ويتجاوز عن سيئاتها ،وأن يرزقها زوجا في الجنة ، و أن يعفو عنا أجمعين ، وأن يليِّن قلوبنا وأبداننا لطاعته ، وأن يمُن علينا بحُسن الخاتمة ، إنه على كل شيء قدير.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.13 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.35%)]