عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 15-12-2009, 03:53 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب « كيف تطلب العلم »


« القراءة » :
* كيف يقرأ طالب العلم ؟
* كتب ينصح بقراءتها ؟
* القراءة أولى أم الحفظ ؟
* من كان شيخه كتابه !

27- لا شك أن القراءة مهمة لطالب العلم، لكن السؤال المتكرر هو: كيف يقرأ طالب العلم ولمن يقرأ ؟
طلب العلم يحصل بحضور حلقات العلماء التي يقيمونها في المساجد والمساكن ونحوها، ويحصل أيضا بقراءة كتب أهل العلم للاستفادة منها، ويحصل أيضا بسماع النصائح والمواعظ والإرشادات، والمحاضرات والندوات والخطب، والأشرطة الإسلامية، وقد يسر الله -تعالى- الكتب الإسلامية القديمة والجديدة، فطبعت ونشرت مع التنسيق، والتحقيق، والفهارس التي تقرها لمن أراد الاستفادة منها، ثم إن الحاجة قد تعرض للطالب إلى البحث عن موضوع خاص هو موجود عنده في الكتب التي بحوزته، كصلة الرحم مثلا فطريقة العثور عليه أن يقرأ في الفهارس، أو يكرر قراءة الكتب، والنظر فيها، فيعرف موضع البحث، أو يقرأ بعض الأحاديث المتعلقة بالموضوع في أحد كتب التخريج، ويعرف موضع ذلك الحديث، فيجد إلى جانبه ما يتعلق هذا البحث، وكذا لو احتاج إلى معرفة حكم زكاة الحلي أو زكاة الفطر، أو الحجامة للصائم، ونحو ذلك فيبحث عن الحديث الذي يستدل به على ذلك فمتى وجده عثر على البحث في أغلب الكتب التي تناولت هذا الموضوع، سواء ببسط أو اختصار، لذلك طريقة يمكن تعلمها مع أحد الموجهين.

28- ما أفضل الكتب التي قرأتموها؟
أفضل الكتب على الإطلاق القرآن الكريم، ثم ما خدم به القرآن، وهي كتب التفسير، مثل تفسير ابن جرير وابن أبى حاتم والبغوي وابن كثير والشوكاني وابن سعدي ونحوها من تفاسير أهل السنة، وسلف الأمة، ثم كتب الحديث كالصحيحين، والسنن، والمسانيد، وكذا كتب علوم الحديث المختصرة والمبسوطة، كالنخبة، والبيقونية، ومقدمة ابن الصلاح والتقريب، والتدريب، ثم علوم التوحيد، كالسنة للإمام أحمد ولابنه عبد الله والنحل أو التوحيد لابن خزيمة وابن منده ونحوها، ثم كتب الفقه وما يتصل بها.
وقد بدأت بقراءة آداب المشي إلى الصلاة، للشيخ محمد بن عبد الوهاب وبعده كتاب زاد المستقنع، وشرحه الروض المربع، وبلوغ المرام، وشرحه سبل السلام، والآداب الشرعية، وشرح ابن رجب للأربعين ونحوها.

29- ما الكتب التي تنصحون طلاب العلم بقراءتها؟
الكتب كثيرة، والغالب أن بعضها يكفي عن بعض، لكن أكثر العلماء على أنه لا يغني كتاب عن كتاب.
فننصح في التوحيد: بكتاب السنة للإمام أحمد والرد على الجهمية له، وكتاب الإيمان لابن أبي شيبة واللمعة لابن قدامة والواسطية لابن تيمية وكتاب التوحيد لابن عبد الوهاب وسلم الوصول للحافظ الحكمي ثم بشروحها المختصرة للمبتدئ.
وننصح في الحديث: بعمدة الأحكام، والأربعين النووية، والمحرر لابن عبد الهادي والبلوغ لابن حجر ثم بشروحها المختصرة.
ونوصي في التفسير: بالجلالين، ومختصر تفسير ابن كثير للرفاعي وتفسير أبي سعدي والجزائري وغيرها.
ونوصي في الفقه: بآداب المشي إلى الصلاة لابن عبد الوهاب وعمدة الفقه لابن قدامة ومختصر الخرقي والمقنع، لابن قدامة وزاد المستقنع للحجاوي ثم بشروحها المختصرة التي تناسب المبتدئ.
ونوصي في النحو: بالآجرومية، وملحة الإعراب، وقطر الندى، ثم بشروحها المختصرة.
وفي الفرائض: بنظم الرحبية، ثم بشروحه المختصرة.
وفي كتب التاريخ: مختصر السيرة لمحمد بن عبد الوهاب ولابنه عبد الله والبداية والنهاية لابن كثير
وفي المصطلح: نخبة الفكر، والبيقونية، و(غرامي صحيح)، وألفية العراقي
وفي الأدب الديني: الأدب المفرد للبخاري وروضة العقلاء لابن حبان ورياض الصالحين، وأدب الدنيا والدين، وعدة الصابرين، وروضة المحبين، وتنبيه الغافلين للنحاس، والرياض الناضرة.

30- ذكرتم جملة من الكتب القيمة، غير أن بعض الطلاب في بداية طلبهم للعلم ربما استشكلوا صعوبة مصطلحات كتب المتقدمين وقوة لغتهم.. فآثروا القراءة في الكتب المعاصرة والرسائل والمصنفات الصغيرة.. ما رأيكم في ذلك؟ وهل من سبيل لتجاوز هذه المشكلة؟
هذا ليس على إطلاقه، فإن الطلاب في جميع المراحل يبدؤون بقراءة كتب قديمة، وتشرح لهم، ويفهمون ما فيها، بل نعتقد أنها أقرب إلى الفهم من كتب المتأخرين، وقد أوضحوا مصطلحاتهم في مقدمات كتبهم أو في شروحها، واستعمل المتأخرون تلك المصطلحات، لمعرفتهم بما يراد بها، فإن قرأت في كتب العقائد وجدتها واضحة الأسلوب، جلية المعاني، مثل كتب السلف التي سموها باسم السنة، أو باسم التوحيد، أو باسم الإيمان، أو الشريعة أو الاعتقاد، فالغالب أنها أخبار وآثار، وأحاديث جلية ظاهرة، وإن قرأت ما كتبوه في الحديث كالصحيحين، والسنن، والمسانيد، فقد رتبوها على الأبواب الظاهرة، أو جمعوا أحاديث كل صحابي جميعا، وبقراءة الحديث يفهم معناه، وقد شرحت الكتب ووضحت معانيها، فنوصي بقراءة كتب اللغة، والنحو، والأصول، والمصطلح، وبتعلم ما اصطلحوا عليه من التعاريف التي بينوها في كتب الأصول، كالواجب، والمسنون، والمندوب، والمحظور، والمباح، والسنة، والرخصة، والعزيمة، ونحوها، حتى يستفاد من كتب المتقدمين بسهولة.

31- هل ترون أن يشتغل الطالب المبتدئ بالقراءة وجرد الكتب، أم بالحفظ ومدارسة المتون، ويترك القراءة إلى أن يتقدم في السن وتتسع مداركه؟
ننصح من كان جيد القريحة ذكي القلب أن يهتم بالحفظ وإتقان المتون المهمة في الفقه، والحديث، والنحو، والصرف، والتوحيد، ونحوها، فإن الحفظ الجيد القوي يبقى مع صاحبه في الحال والمآل، فإن صعب عليه فهم بعض العبارات فعليه بقراءة شرحها، حتى تتضح، فإن الحفظ مع عدم الفهم قليل البقاء، فبعد حفظ المهم من المتون يشتغل بالشروح والكتب الموسعة، أما من كان ضعيف الحفظ سريع النسيان، فننصحه بكثرة القراءة، والانكباب على المطالعة، وكثرة المذاكرة، والنظر في الكتب وتأمل ما فيها، وتكرار قراءتها، حتى تحصل الفائدة منها.

32- بعض الشباب يتردد في شراء الكتب التي يبدو له نفعها بحجة وجود جملة من الكتب في مكتبته، ولم يفرغ منها بعد، فما رأيكم؟
إذا كانت هذه الكتب التي عنده كافية في جمع العلوم المفيدة في الأحكام، والآداب، والشرع، والعلم الصحيح، فننصحه بعدم شراء سواها حتى يتقنها، ففيها الكفاية، وحتى لا ينشغل بالكتب الجديدة التي لا يحتاج إليها وبالأخص كتب المتأخرين من الأدباء، والشعراء، وأهل النظر والفكر، وكذا الكثير من الكتب التجارية التي قصد من طبعها من ورائها تحصيل المال، والثروة، مع قلة الحاجة إليها، أما إذا تجدد كتب مفيدة في العقائد، والعلوم النافعة، فعلى الطالب الحرص على اقتناء ما تيسر منها، سواء من كتب المتقدمين أو المتأخرين.

33- هناك مقولة يرددها البعض وهي قولهم: (من كان شيخه كتابه فخطأه أكثر من صوابه) هل هذه المقولة بإطلاقها؟ وما صحة كونها أطلقت على زمان كانت الكتب مليئة بالتصحيف والأخطاء بخلاف ما هي عليه اليوم من وضوح وتحقيق؟
أعتقد أنها ليست على إطلاقها، ولكنها واقعية في بعض الأشخاص، وفي بعض العلوم، فإن هناك مواد وفنون لا بد من قراءتها على عالم يوضح معانيها بالأمثلة، والأدلة، والشواهد، فإن علم النحو يصعب أخذه من الكتب على الإطلاق، وكذا علم التجويد، لا يفهم إلا بالتمثيل المسموع، وكذا الكتب المختصرة التي تحتاج إلى تحليل معانيها، وإيضاح جملها، فإن المدرس الذي تلقى العلم عن مشايخ وعلماء عارفين، يكون شرحه وتقريره أوضح وأظهر، من الذي تلقى ذلك من الكتب والرسائل.
وأما إن كان عنده فهم وإلمام باللغة، ومعرفة بالنحو، ومصطلحات العلماء والأصوليين، فإن الكتب المحققة تفيدهم، وذلك أن علماء الأمة -رحمهم الله- قد اجتهدوا في نفع من بعدهم، وألفوا من الكتب ما يمكن أن يحتاج إليه مع الاستيفاء، والإيضاح والبيان، ثم يسر الله -تعالى- المطابع وآلات التصوير، فنشرت تلك المؤلفات، وحققت، وفهرست، وقربت، فأصبح فهمها سهلا، والاستفادة منها متيسرة لمن كان عنده معرفة بمبادئ العلوم، ومقدمات الفنون، وقد حصل من الكتب نفع كثير، واستفاد منها وتعلم بواسطتها جم غفير، أناروا وألفوا وعلموا وعملوا.

34- أي الخيارين ترى: أن يعيد الطالب قراءه كتاب سبق له الفراغ منه طمعا في مزيد من التثبيت للعلم، أم قراءه كتاب آخر لم يسبق له قراءته؟
المختار أن يبدأ في كل فن بأحد المختصرات، ويهتم به حتى يفهمه، ويستحضر محتواه حفظا وفهما، ثم ينتقل إلى ما هو أوسع منه في موضوعه، ولا يمنعه ذلك عن القراءة في كتب أخرى تتعلق بذلك الفن أو غيره من الفنون، فمثلا إذا اشتغل في الفقه بزاد المستقنع، حرص على حفظه أو فهم جمله، وطالع أصله الذي هو المقنع، وشروح المقنع، وشروح الزاد، حتى يعرف محتواه، ولا يقرأ فيه مرة، وفي المحرر مرة أخرى، وفي كتب المذاهب الأخرى مرارا، فإن ذلك يفرق معلوماته، فمتى أتقن ذلك الفن تمكن بعد ذلك من التوسع وقراءة بقية الكتب.

35- كتب الأدب والشعر والسير والتراجم والتاريخ، هل ترون أن يصرف الطالب بعض وقته وقراءاته فيها؟ وبم توصون؟
لا بأس بذلك، فإن المؤلفين لتلك الكتب قد بذلوا فيها جهدا كبيرا، ووقتا ثمينا ولقوا في تأليفها عرق الجبين، وكد اليمين، ولا نشك في حسن مقاصدهم ونياتهم، وأن تلك المؤلفات مما يستفاد منها في هذه الحياة، فإن علم السيرة والتأريخ يحتوي على ذكر آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- ومبدأ نبوته، ومعجزاته، وتفاصيل غزواته، وما حدث له في حياته، مما فيه عبرة وموعظة وذكرى للمؤمنين، فلذلك نوصي بقراءة كتب السيرة، وتعقل محتوياتها، وذلك مما يكسب المؤمن طمأنينة قلب وقوة إيمان، وهكذا سيرة الخلفاء الراشدين، وما بذلوه لنشر الدين، ونصرة الإسلام، وما حصل في خلافتهم من النصر والتمكين، وتأييد رب العالمين، وهكذا ما جرى بعدهم على الأمة من المصائب والمحن، وما ذكر في تراجم العلماء والملوك، وحوادث الزمان، ففي قراءة ذلك عبرة وموعظة وذكرى، لمن تأمل وتفكر.
وأما كتب الأدب والشعر، وتراجم الشعراء العرب، وذكر شيء من بلاغتهم، ومحتويات أشعارهم، فمتى كان المؤلف من أهل العلم، والنصح، والدين، فإنه يضمنها مواعظ، وإرشادات، وفوائد نافعة فقراءتها أحيانا مفيدة للتزود من تلك العلوم، والاطلاع على ما فيها من العبر والعظات، أما بعض المؤلفات في هذا الفن، فإنها تحتوي على أكاذيب، وعلى عيب وثلب لأهل الصلاح، وتعظيم للمبتدعة، وتعداد لفضائلهم فنوصي بالبعد عن تلك الكتب، ولا شك أن الاشتغال بهذه الفنون دائما مما يفوت على الطالب طلب العلم الصحيح، فتعتبر هذه الكتب تسلية، يشغل بها وقت الفراغ للترفيه عن النفس.

« الدعوة » :
* الدعوة ليست مضيعة للوقت.
* تعارض العمل الدعوي مع الطلب.
* واجب طلاب العلم في هذا الزمان .
* إدراك طالب العلم للواقع .
36- بعض الشباب يفترض أن هناك تعارضا بين العلم والدعوة ، فما قولكم رعاكم الله؟
لا تعارض بينهما، فإن مجال الدعوة واسع، يستطيع الطالب أن يزاوله ويقوم به في كل حين وفي كل مكان، فيمكنه أن يتعلم في المدرسة ويقوم بالدعوة هناك مع زملائه ومعلميه، حيث قد يوجد فيها من يخطئ أو يقترف منكرا أو يترك واجبا، فيحتاج إلى من يدعوه إلى الخير، ويحذره عن السوء والمنكر، وهكذا يقدر الطالب أن يقوم بالدعوة في طريقه إلى مدرسته ذهابا أو إيابا، فقد يلاقي من يحتاج إلى نصيحة أو إرشاد، فيدعوه وينبهه على ما وقع فيه من الخطأ، ويقوم بالدعوة في منزل أهله، ومع جيرانه، وفي المسجد، والسوق، والطريق، ولا يصده شيء من ذلك عن طلب العلم في مدرسة أو جامعة، أو حلقة علم، أو استفادة من كتاب، أو سماع طلبة، أو حضور ندوة علمية أو نحو ذلك، وهكذا من يعمل في وظيفة الدعوة إلى الله لا يشغله ذلك عن تعلمه واستفادته، وحضوره لمجالس العلماء، وبحثه عن المسائل المفيدة، وسؤاله طلبه العلم عما أشكل عليه، وطلب العلم حال الدعوة ممكن، فإن الداعية بحاجة إلى التعلم كل حين، لما قد يلاقيه من أسئلة واستفسارات يحتاج إلى تصحيح الجواب فيها.

37- بعض من ينصب جميع اهتمامه لطلب العلم إذا رأى من يهتم بالأمور الدعوية سفه من شأنه، ورماه بتضييع الأوقات فما رأي فضيلة الشيخ؟
لا يجوز مثل هذا، بل عليه أن يشجعه ويسدد رأيه، حيث إن طالب العلم يلزمه العمل بعلمه كل وقت، ويلزمه مع العمل الدعوة إليه، ثم الصبر على الأذى فيه، فكل من حصل على فائدة وتحقق صحتها فعليه أن يطبقها في نفسه، وعليه أن يدعو إخوانه المسلمين إلى العمل بها، ولو لم يتعلم بقية المسائل والأحكام، وليس من شرط الداعية أن يكون قد أحاط بكل العلوم، وأدرك كل الفنون، بل كل من علم حكما عمل به، ودعا إلى تعلمه والعمل به، ولا ترده الدعوة إليه عن مواصلة التعلم، وليست الدعوة خاصة بالأسفار وقطع المسافات إلى البلاد النائية لأجل دعوتهم، حيث يقدر على الدعوة وهو مقيم، لوجود من يحتاج إلى نصحه وتوجيهه، وكذا قد تحصل الدعوة بالمكاتبة، وإرسال النصائح التي يحصل بها نفع للمدعوين، وكذا تحصل الدعوة بالمكالمات الهاتفية ونحوها عند الحاجة إلى ذلك، ولا ينشغل بشيء من ذلك عن طلب العلم.

38- عند تعارض عمل دعوي محدد مع وقت كان الطالب خصصه لطلب العلم فأيهما يقدم؟
أرى أن يقدم العمل الدعوي؛ لأنه قد يفوت فيندم على عدم تداركه، ومثل ذلك: إذا كنت قد خصصت بعد صلاة العصر لقراءة في كتاب، ومطالعة لبعض الفوائد، وعملت بذلك أياما، واستفدت من هذا الوقت الذي لا يفرط فيه، ثم عرض منكر أو فحش، أو حدوث بدعة لبعض الجاهلين، وعرفت أنه بحاجة إلى نصيحة ومجادلة، وإطالة كلام يفوت معه الوقت الذي حددته للقراءة، فإنك تقدم نصيحة هذا الجاهل وإرشاده، لإمكان تدارك طلب العلم في وقت آخر.

39- إذا كان الشاب في مدرسته، ويستطيع العمل فيها بالدعوة والمشاركة في أعمال الخير، فهل يحث على ذلك أم لا؟ وبخاصة أن بعض الشباب يعرض عن المشاركة متذرعا بالانكباب على طلب العلم، وأنه لا يزال في مرحلة التلقي والطلب لا مرحلة الإلقاء والدعوة؟
مشاركته في أعمال الخير أولى به، وشغل وقته بالدعوة لا يعوق عن الدرس والتلقي الذي له أكثر الوقت، سيما والمدارس غالبا يلاحظ عليها الكثير من الخلل والنقص والمخالفات، فيوجد من بينهم من يحلق لحيته أو يقص منها، ومن يسبل في اللباس، ومن يشرب الدخان أو النارجيلة، ومن يتكاسل عن الصلاة، أو يتخلف عن الجماعة، ومن يلغو ويسخر ويهزأ بالآخرين، ويسب ويشتم، ويغتاب، ويلعن، ويعيب، ومن يزن بالهنات، أو يميل إلى الفواحش، ويسمع الأغاني، ويقتني آلات اللهو والباطل، يكثر مثل هذا في الطلاب أو المدرسين، والمدراء، والخدم، والموظفين، فلا يحتقر الطالب نفسه أن يلقي كلمة بعد الصلاة أو قبلها، ويضمنها النصح والتوجيه العام، ويفند بعض المعاصي التي يتصور وجودها قي ذلك المجتمع، ويورد الأدلة، ويبين وجه الصواب، وهكذا يدعو الأفراد وينبه الفرد سرا بما يلاحظه عليه، ولا يذكره علنا فالمؤمن يستر وينصح، والمنافق يهتك ويفضح.
وهكذا له أن يشتغل في نشاط المدرسة، ويشارك في إعداد الصحف الحائطية، وكتابة المقالات المفيدة، وتصوير وطبع الكلمات القيمة، والنشرات الدينية والأدبية، مما يكون له وقع وتأثير في النفوس، وفائدة محسوسة بإذن الله -تعالى- في تحسين الأحوال والأخلاق، وأعتقد أن ذلك لا يعوق عن طلب العلم، ومذاكرة الدروس، والتلقي عن المعلمين، أما إن كان قليل الفهم، أو ضعيف الذاكرة، متى اشتغل بالنشاط والدعوة قل حفظه من العلم، فإن الأولى له الانكباب على طلب العلم والمذاكرة، وكذا من كان منهمكا في المعاصي فإصلاح نفسه أولى به، والله أعلم.

40- ما واجب طلاب العلم في هذا الزمان الذي اشتدت فيه غربة الدين، وتكاثرت فيه الفتن على المسلمين؟ وهل ترون أن إقامتهم للدروس العلمية وتأليفهم للرسائل والكتب كاف في أداء الواجب؟
واجب طلبة العلم كبير، وحملهم ثقيل، فإن الله -تعالى- حملهم العلم الذي هو شرعه، وكلفهم بالعمل به، وبالبيان والبلاغ، فأولا: يلزمهم العمل بالعلم، فإنه ثمرة ما تعلموه، فالعلم بلا عمل، كالشجر بلا ثمر، ومن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم، وهذا أمر مشاهد محسوس، فمن لم يعمل بعلمه لم يبارك له فيه، ولم ينتفع به، حيث إن جمهور الناس يقتدون به في عمله أكثر من اتباعهم لأقواله، ولهذا قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- ما معناه: علماء السوء جلسوا على أبواب النار يدعون إليها بأفعالهم، ويدعون إلى الجنة بأقوالهم، فإذا قالت أقوالهم هلموا، قالت أفعالهم لا تسمعوا، فلو كان ما يقولون حقا لكانوا أول العاملين به... اهـ.
قال الشاعر:
يـا أيها الرجل المعلم غيره * * * هلا لنفســك كـان ذا التعليم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها * * * فـإذا انتهت عنـه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما تقول ويقتدى * * * بـالقول منـك وينفع التعليـم
لا تنـه عن خلق وتأتي مثله * * * عـار عليـك إذا فعلـت عظيم


41- ما مدى حاجة طلاب العلم إلى معرفة وإدارك واقعه الذي يعيشه؟
الحاجة ماسة بأهل العلم إلى معرفة واقع الأمة الحالي، ثم القيام بما يلزم حامل العلم من معالجة ما يحتاج إلى علاج، فمتى انتشر الجهل بالدين، وانشغل الجمهور بالمصالح الدنيوية، وأكبوا على الدنيا، وعظموا أهلها، وتخبطوا في ظلمات الجهل والهوى، لزم العلماء الانتباه لذلك، والسعي في تعليم أفراد الأمة ما يلزمهم في دين الله، سواء عن طريق الإذاعة، أو الخطب، أو الحلقات، أو المجالس، أو الأسواق، أو في المجتمعات والمراكب البرية والجوية، سواء بإلقاء أسئلة يطلب الجواب عليها، أو إقامة مؤتمرات ودورات علمية يجمع إليها أهل الرغبة من المسنين الجهلة، ويبذل ما يرغبهم من أعطية، وهدايا، وجوائز لمن واظب وحفظ، ومتى أعرض الجمهور عن العمل بالعلم وعاندوا الحق، وركبوا أهواءهم، وتمادوا في غيهم، واستمروا في المعاصي، وترك الطاعات بدون عذر الجهل، كان لزاما على حملة العلم السعي في علاج ذلك بتقوية جانب أهل الحسبة، وبالأخذ على يد الظالم، والحرص على إقامة الحدود، وعقوبة العصاة والمعاندين، ومنعهم من مزاولة الأعمال التي يتعدى ضررها، وتعزير من يعاند ويخالف بجلد، أو سجن، أو طرد عن وظيفة، أو تنكيل، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
ومتى تمكن دعاة الكفر والمبتدعة من نشر أديانهم ومعتقداتهم، واهتبلوا غفلة الناس، وبنوا الكنائس والحسينيات، وفتحوا مدارس يعلمون فيها الكفر والانحراف، لم يسع العلماء السكوت، بل تحتم عليهم أن يقوموا بدورهم للأخذ على أيدي أهل الضلال، وطردهم وإبعادهم عن بلاد الإسلام، وتأييد دعاة التوحيد، وتمكين المخلصين من طرد أولئك، وإقامة الحق مكان الباطل، وبناء المساجد والمدارس الإسلامية.


رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.31 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.85%)]