أحسن الله اليك أختي الكريمة على نقلك المبارك
جعله الله في ميزان حسناتك
وأود أن أضيف تلخيصي لشرح الحديث من خلال دراستي
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له، واشهد ان لااله الا الله وان محمدا عبده ورسوله بلغ الامانة وادى الرسالة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده ، اللهم صلى وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين
أما بعد : فإن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وإن شر ألامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
الحديث الحاديوالعشرين
الاستقامة لب الإسلام
عَنِ أَبيْ عَمْرٍو،وَقِيْلَ،أَبيْ عمْرَةَ سُفْيَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُيَارَسُوْلَ اللهِ قُلْ لِيْ فِي الإِسْلامِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدَاًغَيْرَكَ؟ قَالَ: "قُلْ آمَنْتُ باللهِ ثُمَّاستَقِمْ"[152].
الشرح
هذا الحديث على قلة ألفاظه ، حديث جامع، من أجمع الأحاديث يضع منهجا متكاملا للمؤمنين ، وتتضح معالم هذا المنهج ببيان قاعدته التي يرتكز عليها ، وهي الإيمان بالله.
تخريج الحديثأخرجه الإمام مسلم رحمه الله ,صحيح .
قوله: "قل لي فيالإسلام " أي في الشريعة. في شرائع الإسلام، وأحكامه.
قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك يعني قولاً جامعاً لمعاني الدين يكونحداً فاصلاً مانعاً واضحاً بيّناً إذا عملت به كفاني في ديني ودنياي وآخرتي ولا أسأل أحداً غيرك فيه.
فقال له صلى الله عليه وسلم وهو الذي أوتي جوامع الكلم : "قُل آمَنْتُ بِاللهِ"أي الإيمان الكامل وهذا في القلب ويشملقول اللسان وقول القلب وعمل الجوارح.
قال أهل العلم:قول القلب:هو إقرارهواعترافه.
"ثُمَّ استَقِم" على طاعته، وهذا في الجوارح.
فأعطاه النبي صلى الله عليهوسلم كلمتين : "آمَنْتُ بِاللهِ" محل الإيمان القلب "ثُمَّ استَقِم" وهذا في عملالجوارح.
هاتان الكلمتان أو هذه الجملة البليغة العظيمة التي تحوي معاني كثيرة جمعت الدين كله. فآمنت بالله يشمل إيماناً بكل ما أخبر الله به عزوجل عن نفسه وعن اليوم الآخر وعنرسله وعن كل ما أرسل به، فيكونالحديثجامعاً لشرطي العبادة وهما: الإخلاص والمتابعة.
آمَنْتُ بِاللهِ" أي أقررت به على حسب ما يجب علي من الإيمانبوحدانيته في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
الإيمان باللهيتضمن الإخلاص له في العبادة فقوله صلى الله عليه وسلم "قُلْ آمَنْتُ باللهِ "أي جدد إيمانك بالله متذكراً بقلبك ذاكراً بلسانك لتستحضرَ جميع تفاصيل أركان الإيمان.
ثم بعد الإيمان "اِستَقِم" فرتّب الاستقامة على الإيمان ، فالاستقامة ثمرة ضرورية للإيمان الصادق . فحقيقة الاستقامة ، أن يحافظ العبد على الفطرة التي فطره الله عليها ، فلا يحجب نورها بالمعاصي والشهوات ، مستمسكا بحبل الله ، كما قال ابن رجب رحمه الله : " والاستقامة في سلوك الصراط المستقيم ، وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة ، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها : الظاهرة والباطنة ، وترك المنهيات كلها.
" اِستَقِم" أي سر على صراط مستقيم، داومْ واثبت على عمل الطاعات، وانتهي عن جميع المخالفات فلا تخرج عن الشريعة لا يميناً ولاشمالاً.
وهو بذلك يشير إلى قوله تعالى : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ( الروم : 30 ).
وقد أمر الله تعالى بالاستقامة في مواضع عدة من كتابه ، منها قوله تعالى ، قال الله تعالى :{فاستقم كما أمرت ومن تاب معك }[هود:112].وقال الله تعالى :{إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة }[فصلت:30]. أي عند الموت تبشرهم بقوله تعالى: {لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنت توعدون }[فصلت:30].
وفي التفسير أنهم إذا بشروا بالجنة قالوا: وأولادنا ما يأكلون وما حالهم بعدنا؟ فيقال لهم : {نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة }.[فصلت:31]أي نتولى أمرهم بعدكم، فتقر بذلك أعينهم
وقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌعَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأحقاف
وبيّن سبحانه هدايته لعباده المؤمنين إلى طريق الاستقامة ، كما قال عزوجل : { وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم } ( الحج : 54 ) ، وجعل القرآن الكريم كتاب هداية للناس ، يقول الله تعالى في ذلك : { كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد } ( إبراهيم : 1 ).
ولما كانت الاستقامة تستدعي من العبد اجتهاداً في الطاعة ، فلا يعني ذلك أنه لا يقع منه تقصير أو خلل أو زلل ، بل لا بد أن يحصل له بعض ذلك ، بدليل أن الله تعالى قد جمع بين الأمر بالاستقامة وبين الاستغفار في قوله : { فاستقيموا إليه واستغفروه } ( فصلت : 6 ) ، قال ابن رجب : ” فيه إشـــارة إلى أنه لا بد من التقصير في الاستقامــة المأمور بها ، فيجبر ذلك الاستغفار المقتضي للتوبـــة والرجـــوع إلى الاستقامة ،وذلك يستدعي من العبد أن يجبر نقصه وخلله بالتوبة إلى الله عزوجل ، والاستغفار من هذا التقصير فهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها ) ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس لن يستطيعوا الاستقامة حق الاستقامــة ،فقال صلى الله عليه وسلم : ( استقيموا ولن تحصوا ) رواه أحمد وفي الصحيحين عن أبي هريرة . عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( سددوا وقاربــــوا ) رواه البخاري .
فالسداد هو حقيقة الاستقامــة ، وهو الإصابة في جميع الأقوال والأعمال والمقاصـــد ، والمقاربة أن يصيب ما قرب من الغرض إذا لم يصب الغرض نفسه ، ولكن بشرط أن يكون مصمماً على قصد السداد وإصابة الغرض ، فتكون مقاربته عن عمد “ .
وإذا أردنا أن تتحقق الاستقامة في البدن فلابد من استقامة القلب أولا ، لأن أصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد، ومتى استقام القلب على معرفة الله وعلىخشيته، وإجلاله ومهابته ومحبته، وإرادته ورجائه ودعائه، والتوكل عليه والإعراض عماسواه، لأن القلب هو ملك الأعضاء ، وهي جنوده،فإذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه، فمتى استقام القلب على معاني الخوف من الله ، ومحبته وتعظيمه ، استقامت الجوارح على طاعة الله ، قال رسول الله: " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلحالجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" رواه البخاري ومسلم.و قال صلى الله عليه وسلم ( إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان ، تقول : إن استقمت استقمنا ، وإن اعوججت اعوججنا ) رواه الترمذي .
ثم يليه في الأهمية : استقامة اللسان ، وأعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسان لأنه الناطق بما في القلب والمعبّر عنه فهو ترجمانالقلب والمعبِّر عنه، عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قلت يا رسول الله حدثني بأمر اعتصم به قَالَ قُلْ رَبِّيَاللَّهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَخْوَفُ مَا تَخَافُعَلَيَّ فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ هَذَا.وقد جاء في مسند الإمام أحمد عن أنس . أن النبي قال " لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانــه ) .
" ماهي مجالات الاستقامة؟
1-أمور العبودية يجب أن تكون لله - سبحانه وتعالى-ولذلك قال تعالى﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ قبل قوله ﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾ . إذاً لابد أن تتوجه العبادة لله - سبحانه وتعالى .
2- الاستقامة فى التشريع معناه الرضي و القبول بحكم الله - سبحانه وتعالى –﴿ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ﴾ولذلك نفى الإيمان عمن يطلب التحاكم إلى غير - سبحانه وتعالى – من المؤمنين ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ﴾.
إذاً لابد من القبول بحكم الله - جل وعلا –فى النفس فى المال فى جميع الأمور وفى جميع أمور الحياة كلها لأن هذا الدين مبناه على الاستسلام لله - سبحانه وتعالى – فلا يكون مستقيماً إذا لم يرضى بحكم الله - جل وعلا - .
4- الأستقامة على الأخلاق فعلى العبد أن يكون مستقيما في أخلاقه سواء كانت الأخلاق فيما بين الإنسان وبين أسرته أو بينه وبين الناس حتى الأخلاق فى التعامل مع الكفار قال في مسألة القول ﴿ وقولوا للناس حسنا ﴾ . و قال النبى - صلى الله عليه وسلم – ( وخالق الناس بخلق حسن ) . ولأهمية الأخلاق نص عليها فى الاقتداء بالنبى - صلى الله عليه وسلم – فقال الله - سبحانه وتعالى - ﴿ وإنك لعلي خلق عظيم ﴾﴿ لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة ﴾ .
- فى الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وفى العمل لهذا الدين" يجب أن يكون المرء مستقيماً على منهاج رسول الله - صلى الله عليه وسلم-, وقد أعطانا الله سبحانه وتعالى المنهاج ﴿ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ﴾ فى الآية الأخرى ﴿ ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ﴾ .
6- الاستقامة في الحياة عموماً، بمعنى التكامل في مجالات الحياة، في التعامل مع الله , مع الأسرة . مع الناس مع الجيران هذه نقطة مهمة نأخذها من قوله - صلى الله عليه وسلم – ( ثم استقم ).