ماذا وراء الكمامة؟
الكمامة تُضلّل عن الفاعل الحقيقي..
وراء الكمامة كذلك أنّها تُضلّل عن مراد الله من الوباء..
فما إن تلبسها ينتهي الموضوع.. يُحلّ!!
حينها لنا أن نلبس الكمامة، وندخل السينما.. نلبس الكمامة، ونجلس في المُدرّج.. نلبس الكمامة، ونجلس في المقهى، تنتهي القضيّة عند حد استعمال الكمامة، ولا يعلم النّاس أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم - قال: "لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم" صحيح الترغيب والترهيب.
ما "أنفلونزا" الخنازير هذه؟ إذا كان الطّاعون معروفا، فما "أنفلونزا" الخنازير؟ ما هو h1n1؟ من أين جاء؟ متى خلق؟
لقد خُلِقَ من أجل أهل هذا العصر، وما فشت الفاحشة في قوم.. وما فشت القنوات في قوم.. وما فشت المصائب في قوم.. وما فشا التّبرّج في قوم.. وما فشت الصور الخليعة على التّليفونات في قوم.. وما فشا العقوق في البيوت في قوم.. إلّا فشت فيهم الأوجاع والأسقام التي لم تكن في أسلافهم.
انتبه!
الله يهدّدك.. الله يخوّفك، لا تشمّ المخدّر..لا تزغ، الله يقول لك: تُبّ، ما نزل بلاء إلّا بذنب: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} آل عمران_الآية :165. {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} الشورى_الآية :30.
ذنوبي وسيّئاتي هي السبب.. فتعالوا كي نتوب.
كان طلق بن حبيب - رضي الله عنه - يقول في الفتن: "اتّقوها بالتّقوى" -هذه هي الكمامة المطلوبة.. التّقوى- قالوا: "صف لنا التّقوى"، قال: "العمل بطاعة الله على نور من الله؛ رجاء ثواب الله، وترك معصية الله بنور من الله؛ خوفا من بأس الله".
قال الإمام الذّهبي معلقا على ذلك: "أبدع طلق وأوجز".
إخوتي،،،
يقال - وليس لنا علاقة بهذا الكلام –: إنّ الفيروسات كفيروسات الكمبيوتر مثلا، تنشرها شركات مضادات الفيروسات؛ ثمّ تروّج لأدويتها.. إنها سياسات و"استراتيجيات" ومضلّلات وملهيات.
ودعنا من كلّ هذا، ودعني أخبرك بأنّ الشّيطان فعلًا يُضلّك أنت أيضًا عن مراد الله، لمّا سمعت عن قرب الطّاعون وأنه على بعد خمسين كيلومترًا من بلادنا، بماذا نطقت؟ ماذا قلت؟ ماذا تغيّر في حياتك؟ لماذا اختار الله هذا المكان؟
قُل: أستغفر الله وأتوب إليه. هذا هو مراد الله جلّ جلاله: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا} الكهف_الآية :55. إنّه الاستغفار..
فإذن؛ لكي يحجب الله عنّا هذا الوباء ويصرفه جلّ جلاله: "اتّقوها بالتّقوى"..
اتّق الله في الصيف يا أخي.. اتّق الله في أولادك يا أخي.. اتّق الله في مالك يا أخي.. اتق الله في أمانتك ورَحِمِك يا أخي.. اتّق الله في عينيك يا أخي.. اتّق الله في لسانك.. اتّق الله في سمعك يا أخي.. اتّق الله في قلبك يا أخي.. "اتّقوها بالتّقوى"
ماذا وراء الكمامة؟
الكمامة تضلّل عن حُبّ الموت
أيّها المتوكّلون على الله.. الرّاضون بما يُقدّر الله.. المشتاقون إلى النّظر إلى وجه الله.. المؤمنون بالقدر.. المستغفرون.. وحّدوا الله..
وحّدوه فاعلا.. إنّه هو الفّعال سبحانه لما يريد، فهو سبحانه أهل الخوف الذي يستحقّ أن نلبس له وأن نخلع له، ينبغي أن نشتاق إليه، وأن نتمنّى لقاءه، وأن نعمل لذلك.
لمّا أقبل عمر -رضي الله عنه- على أرض وفيها الطّاعون، وبلغه ذلك؛ توقّف وعاد أدراجه؛ فعوتب على ذلك، وقيل له: "تفرّ من قدر الله يا أمير المؤمنين؟" فقال: "أفرّ من قدر الله إلى قدر الله".
ووافق أمر عمر - رضي الله عنه- أمر النّبيّ - صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم - "إذا سمعتم بالطّاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها" رواه البخاري_الجامع الصحيح.
هنا تُحسم القضيّة: "لا عدوى" قلْها معي بقلبك: "لا عدوى".
إذا كنت فيها فلا تخرج؛ لماذا؟ لأنّه لا عدوى، وإذا كنت خارجها فلا تدخلها؛ لماذا؟ لأنّ قلبي ضعيف إن دخلت وأصبت؛ فسأقول إنّها العدوى، فجاء الشّرع يحيط قلوب المؤمنين التي هي أغلى من أبدانهم.
ولذا؛ فقد ثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم -في حديث جابر المشهور- أنّه أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة فقال: "كل بسم الله ثقة بالله، وتوكّلًا عليه"أوقفه التّرمذي وقال: "هو غريب من هذا الوجه، وعندي أنّه موقوف على ابن عمر".
أحبتي،،،
إنني لا أريد أن ننهي قراءة المقال، فيخرج بعضنا ليتجوّل بين المرضى!!
لا، فقد نهى رسول الله -صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم- أن يرد المريضُ الصّحيحَ، وإنما ذكرت لك ما ذكرت لأصون قلبي وقلبك.. لأنبهك.. لأسألك:
- ممّ تخاف؟
- من الموت.
- لماذا تخاف الموت؟ فكّر معي لحظة.. لماذا تريد أن تعيش؟
- قالت أمُّنا عائشة - رضي الله عنها وأرضاها -: "يا رسول الله كلّنا يكره الموت". فقال رسول الله -صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم- لها: (وهذا الحديث "ترمومتر" افتح قلبك وضعه فيه الآن): "من أحبّ لقاء الله، أحبّ الله لقاءه، ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه" رواه البخاري_الجامع الصحيح.
هل تحبّ أن ترى الله؟
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} القيامة_الآيتان
23،22). إنك لن تراه إلّا إذا مت؛ وهنا ستتمنّى الموت. قال رسول الله -صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم-: "ولا ترون ربّكم حتّى تموتوا" صحيح الجامع الصغير.
لن ترى الله إلّا إذا مت؛ فلا تخش الموت.. لا تخفه.. واطمئنّ أنّك لن تموت بعمر ناقص.
واسمحوا لي الآن بسؤال يا إخواني أراه سؤالًا ظريفًا: هل الذي يتمنّى الموت يموت مبكّرًا؟ هل الذي يتعجّل الموت في قلبه فقط ويريد أن يرى الله - جلّ جلاله - يموت مبكّرًا؟
لا، وإنّما الحقيقة أنّه يعيش بقلب آمن وإن نزل الوباء والبلاء.
انظر إلى معاذ بن جبل.. كان يتمنّى الشّهادة، وكان على ذلك مصرّا، وكان كبار الصحابة يحجبونه عن القتال لعلمه وفقهه.
فلمّا نزل الطّاعون؛ استبشر وفرح، وقال: "اللهمّ اقسم لآل معاذ من هذا الخير".
فــالمطعون شهيد، وقد قال العلماء -وهو من أرجح الأقوال إن شاء الله-: إنّ الأوبئة كلّها تُقاس على الطّاعون، وما يرجى لأهل الطّاعون يرجى لأهل كلّ الأوبئة.
لما دعا سيدنا معاذ وسأل الشهادة بصدق، أصبح أولاده يُطعَنون واحدًا بعد الآخر، وكانت له زوجتان طعنتا فدفنهما، ثمّ أصيب بطعنة صغيرة في يده؛ فكان النّاس يعزونه ويقولون له: "هي صغيرة إن شاء الله..أبشر". فكان يقبّلها -لا يلمسها فقط بل كان يقبّلها- ويقول: "عسى الله أن يبارك في القليل؛ فيصبح بإذن الله كثيرًا". فأصبح مطعونًا، ومات -رضي الله عنه وأرضاه-.