السؤال السادس :
ما حكم من ترك جميع العمل الظاهر بالكلية وهو يقر بالشهادتين ويقر بالفرائض ولكنه لا يعمل شيئاً ألبته فهل هذا مسلم أم لا ؟ علماً بأنه ليس له عذر شرعي يمنعه من القيام بتلك الفرائض ؟
الجواب :
هذا لا يكون مؤمناً ، فالذي يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا يقر بلسانه ولا يعمل ؛ لا يتحقق إيمانه ؛ لأن هذا إيمان كإيمان إبليس وكإيمان فرعون ؛ لأن إبليس أيضاً مصدِّق بقلبه ، قال الله تعالى ( قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) وفرعون وآل فرعون قال الله تعالى عنهم : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً ) فهذا الإيمان والتصديق الذي في القلب لابد له من عمل يتحقق به فلابد أن يتحقق بالنطق باللسان ولابد أن يتحقق بالعمل ؛ فلابد من تصديق وانقياد ، وإذا انقاد قلبه بالإيمان فلابد أن تعمل الجوارح ، أما أن يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا ينطق بلسانه ولا يعمل بجوارحه وهو قادر فأين الإيمان ؟!!
فلو كان التصديق تصديقاً تاماً وعنده إخلاص لأتى بالعمل ، فلابد من عمل يتحقق به هذا التصديق وهذا الإيمان ؛ والنصوص جاءت بهذا .
كما أن الذي يعمل بجوارحه ويصلي ويصوم ويحج لابد لأعماله هذه من إيمان في الباطن وتصديق يصححها وإلا صارت كإسلام المنافقين ؛ فإن المنافقين يعملون ؛ يصلون مع النبي r ويجاهدون ومع ذلك لم يكونوا مؤمنين ؛ لأنه ليس عندهم إيمان وتصديق يصحح هذا العمل ، فلابد من أمرين لصحة الإيمان :
- تصديق في الباطن يتحقق بالعمل .
- وعمل في الظاهر يصح بالتصديق .
أما تصديق في الباطن دون عمل فأين الدليل عليه ؟ أين الذي يصححه ؟ أين الانقياد ؟ .
لا يمكن أن يكون هناك تصديق صحيح لا يصلي صاحبه ولا ينطق بالشهادتين وهو يعلم ما أعد الله لمن نطق بالشهادتين ولمن تكلّم بكلمة التوحيد من الثواب ، ولما أعدّ الله للمصلين من الثواب ولمن ترك الصلاة من العقاب
، فلو كان عنده تصديق صحيح وإيمان صحيح لبعثه على العمل ،
فلو كان عنده تصديق صحيح وإيمان صحيح لأحرق الشبهات والشهوات ؛ فترك الصلاة إنما يكون عن شبهة والمعاصي إنما تكون عن شهوة والإيمان الصادق يحرق هذه الشهوات والشبهات .
وهذا يدل على أن قلبه خالٍ من الإيمان الصحيح وإنما هو لفظ باللسان نطق به ولم يتجاوزه ، وإلا لو كان عنده تصديق بقلبه أو إقرار بقلبه فقط ولم يتلفظ ؛ فقول القلب لم يتجاوز إلى أعمال القلوب وإلى الانقياد فالمقصود أن الذي يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا يعمل بجوارحه هذا هو مذهب الجهمية .
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
يعسر التفريق بين المعرفة والتصديق المجرد .
فيعسر التفريق بين المعرفة بالقلب والتصديق الذي ليس معه شيء من أعمال الجوارح ؛ ويقول هذا هو إيمان الجهمية – نسأل الله العافية - .
فالذي يزعم أنه مؤمن ولا ينطق بلسانه ولا يعمل بجوارحه مع قدرته هذا هو مذهب الجهمية ، فلابد من عمل يتحقق به هذا التصديق كما أن الذي يعمل لابد له من تصديق في الباطن يصححه .