و هنا إضافة أخرى ..
إن ترتيب السور على ورودها في المصحف مستحب داخل الصلاة وخارجها، هذا مذهب جمهور الفقهاء، وصرح بعضهم بالوجوب، وخلاف الترتيب يسمَّى التنكيس وهو مكروه عند الجمهور، لما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عمَّن يقرأ القرآن منكوسًا؟ فقال: ذلك منكوس القلب.
وقال القرطبي :[ وأما ما روي عن ابن مسعود وابن عمر أنهما كرها أن يقرأ القرآن منكوساً وقالا : ذلك منكوس القلب . فإنما عنيا بذلك من يقرأ السورة منكوسة ويبتدئ من آخرها إلى أولها لأن ذلك حرام محظور ومن الناس من يتعاطى هذا في القرآن والشعر ليذلل لسانه بذلك ويقدر على الحفظ وهذا حظره الله تعالى ومنعه في القرآن لأنه إفساد لسوره ومخالفة لما قصد بها ] تفسير القرطبي 1/61 .
قال القاضي عياض :[ وتأول نهي بعض السلف عن قراءة القرآن منكوساً على من يقرأ من آخر السورة إلى أولها ] شرح النووي على صحيح مسلم 2/395 .
وقال ابن مفلح :[ وتنكيس الكلمات محرم مُبْطِل ] أي مُبْطِل للصلاة. الفروع 1/422.
وقال الدسوقي :[ وحَرُمَ تنكيس الآيات المتلاصقة في ركعة واحدة وأبطل الصلاة لأنه ككلام أجنبي ] حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1/242 .
إلا أنه بعض الفقهاء أجازوا التنكيس خارج الصلاة إذا كان على وجه التعليم كتعليم الصبيان عند حفظهم القرآن.
أما تنكيس الآيات فقد صرَّح المالكية بحرمته وهو ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية، لأن ترتيب الآيات كان بالنص إجماعًا، بخلاف ترتيب السور، فإنه بالاجتهاد عند الجمهور .
وصرَّح الحنابلة أن تنكيس الآيات مكروه فقط .
وروى البخاري عن يوسف بن ماهك أن رجلاً عراقيًّا جاء عائشة فقال: أريني مصحفك، فقالت: لِمَ؟ فقال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، فقالت: وما يضرك أيَّهُ قرأت قبل، فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور.
أما تنكيس الكلمات فهو محرم تحريمًا شديدًا، بل لا يبعد أن يعد كفرًا، وتبطل الصلاة به قطعًا، وقد صرح بذلك جمع من الفقهاء.
والله أعلم.
الإجابة
مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه المفتي
المرجع : المكتبة الشاملة .
الكتاب: فتاوى يسألونك