عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-11-2009, 03:00 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التحفة العراقية في الأعمال القلبية شيخ الإسلام بن تيمية

وكذلك وصف الصادقين في دعوى البر الذي هو جماع الدين في قوله تعالى ليس البر أنتولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم اللآخر والملائكةوالكتاب والنبيين الي قوله اولئك الذين صدقوا وأؤلئك هم المتقون وأما المنافقون فوصفهم سبحانه بالكذب في آيات متعددة كقوله تعالى في قولبهم مرض فزادهم الله مرضاولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون وقوله تعالى اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد أنك لرسول الله والله يعلم أنكلرسوله والله يشهد أن المنافقين لكاذبون وقوله تعالى : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ) ونحو ذلك في القرآن كثير ومما ينبغي ان يعرف ان الصدق والتصديق يكون فيالاقوال وفى الاعمال كقول النبى صلى الله عليه وسلم وآله وسلم فى الحديث الصحيح كتبعلى ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة فالعينان تزنيان وزناهما النظر والاذنان تزنيان وزناهما السمع واليدان تزنيان وزناهما البطش والرجلان تزنيانوزناهما المشي والقلب يتمنى ويشتهي والفرج يصدق ذلك او يكذبه ويقال حملوا على العدو حملة صادقة اذا كانت ارادتهم للقتال ثابتة جازمة ويقال فلان صادق الحب والمودة ونحو ذلك ولهذا يريدون بالصادق الصادق فى ارادته وقصده وطلبه وهو الصادق فى عملهويريدون الصادق في خبره وكلامه والمنافق ضد المؤمن الصادق وهو الذي يكون كاذبا فىخبره او كاذباً فى عمله كالمرائي فى عمله قال الله تعالى : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً) الآيتين .
واما الاخلاص فهو حقيقة الاسلام اذ الإسلام هو الإستسلام لله لا لغيره كما قال تعالى : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ .....الآية) فمن لم يستسلم لله فقد استكبر ومن استسلم لله ولغيره فقد اشرك وكل من الكبر والشرك ضدالإسلام والإسلام ضد الشرك والكبر ويستعمل لازما ومتعديا كما قال تعالى اذ قال لـه ربه إسلم قال أسلمت لرب العالمين وقال تعالى : (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) وامثال ذلك فى القرآن كثير .
ولهذا كان كان رأس الإسلام شهادة أن لا اله إلا الله وهى متضمنة عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه وهو الإسلام العام الذي لا يقبل الله من الأولين والآخرين دينا سواه كما قال تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وقال تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) إن الدين عند الله الإسلام وهذا الذي ذكرناه مما يبين ان اصل الدين فى الحقيقة هو الامور الباطنة من العلوم والاعمال وان الأعمال الظاهرة لا تنفع بدونها كما قال النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذي رواه احمد فى مسنده الاسلام علانية والايمان فى القلب ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث المتفق عليه عن النعمان بن بشير عن النبى صلى الله عليه وسلم الحلالبين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمهن كثيرمن الناس فمن إتقى الشبهاتفقد استبرأ لعرضه ودينه ومن وقع فى الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمىيوشك ان يقع فيه ألا وان لكل ملك حمى ألا وان حمى الله محارمه ألا وان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد واذا فسدت فسد لها سائر الجسد الا وهي القلب وعن أبى هريرة قال القلب ملك والأعضاء جنوده فإذا طاب الملك طابت جنوده وإذا خبث الملك خبثتجنوده .
فصل وهذه الأعمال الباطنة كمحبة الله والإخلاص لـه والتوكل عليه والرضا عنه ونحوذلك كلها مأمور بها فى حق الخاصة والعامة لا يمكن تركها محمودا فى حال أحد وانارتقى مقامه
واما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله بل قد نهى عنه في مواضع وان تعلق بأمر الدين كقوله تعالى : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) وقوله تعالى : (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) وقوله تعالى : (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) وامثالذلك كثير .
وذلك لأنه لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة فلا فائدة فيه ومالا فائدة فيه لا يأمر الله بــه نعم لا يأثم صاحبه إذا لم يقترن بحزنه محرم كما يحزن على المصائب كما قال النبى صلى الله عليه وسلم ان الله لا يؤاخذ على دمع العين ولا على حزن القلب ولكن يؤاخذ على هذا أو يرحم واشار بيده الى لسانه وقال صلى الله عليه وسلم تدمع العينويحزن القلب .
ولا نقول الا ما يرضي الرب ومنه قوله تعالى : (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) وقد تبين بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه فيكون محموداً من تلك الجهة لا منجهة الحزن كالحزين على مصيبة فى دينه وعلى مصائب المسلمين عموما فهذا يثاب على ما فى قلبه من حب الخير وبغض الشر وتوابع ذلك ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى الى تركمأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة ودفع مضرة نهى عنه وإلا كان حسب صاحبه رفع الإثمعنه من جهة الحزن .
وأما أن أفضى الى ضعف القلب واشتغاله به عن فعل ما أمر الله ورسوله به كان مذموماً عليه من تلك الجهة وان كان محمودا من جهة اخرى وأمـا المحبة لله والتوكل عليه والإخلاص له ونحو ذلك فهذه كلها خير محض وهى حسنة محبوبة فى حق كل أحد من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ومن قال أن هذه المقامات تكون للعامةدون الخاصة فقد غلط فى ذلك إن أراد خروج الخاصة عنها فان هذه لا يخرج عنها مؤمن قطوانما يخرج عنها كافر أو منافق وقد تكلم بعضهم فى ذلك بكلام بينا غلطه فيه وانهتقصير في تحقيق هذه المقامات بكلام مبسوط وليس هذا موضعه ، ولكن هذه المقامات ينقسم الناس فيها الى خصوص وعموم فللخاصة خاصها وللعامة عامهامثال ذلك أن هؤلاء قالوا أن التوكل مناضلة عن النفس فى طلب القوت والخاص لا يناضلعن نفسه وقالوا المتوكل يطلب بتوكله أمراً من الأمور والعارف يشهد الأمور بفروعهامنها فلا يطلب شيئا فيقال أما الأول فان التوكل أعم من التوكل في مصالح الدنيا فإن المتوكل يتوكل على الله فى صلاح قلبه ودينه وحفظ لسانه وارادته وهذا اهم الأمور اليه ولهذا يناجي ربه فى كل صلاة بقوله إياك نعبد وإياك نستعين كما فى قوله تعالى : (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ) وقوله تعالى : (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) وقوله تعالى : (قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ) فهو قد جمع بين العبادة والتوكل فى عدة مواضع لان هذين يجمعان الدين كله ولهذاقال من قال من السلف ان الله جمع الكتب المنزلة فى القرآن وجمع علم القرآن فىالمفصل وجمع علم المفصل فى فاتحة الكتاب وجمع علم فاتحة الكتاب فى قوله إياك نعبدوإياك نستعين ، وهاتان الكلمتان هما الجامعتان اللتان للرب والعبد كما فى الحديث الذي في صحيحمسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه : عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال يقول الله سبحانه قسمتالصلاة بيني وبين عبدى نصفين نصفها لي ونصفها لعبدى ولعبدى ما سأل قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدنى عبدي يقولالعبد الرحمن الرحيم يقول الله اثنى علي عبدي يقول العبد مالك يوم الدين يقول الله مجدني عبدى يقول العبد إياك نعبد وإياك نستعين يقول الله فهذه الآية بينى وبين عبدى نصفين ولعبدى ما سأل يقول العبد إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين يقول الله فهؤلاء لعبدى ولعبدى ما سأل فالرب سبحانه له نصف الثناء والخير والعبد له نصف الدعاء والطلــب وهاتـان جامعتان ما للرب سبحانه وماللعبد فاياك نعبد واياك نستعين للعبد ، وفي الصحيحين عن معاذ رضي الله عنه قال كنت رديفا للنبى صلى الله عليه وسلم علىحمار فقال يا معاذ اتدري ما حق الله على العباد قلت الله ورسوله ما حق العباد علىالله إذا فعلوا ذلك قلت الله ورسوله أعلم قال حقهم عليه أن لا يعذبهم والعبادة هيالغاية التى خلق الله لها العباد من جهة أمر الله ومحبته ورضاه كما قال تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وبها أرسل الرسل وأنزل الكتب وهي إسم يجمع كمال الحب لله ونهايته وكمال الذل لله ونهايته فالحب الخلي عن ذل والذل الخلي عن حب لا يكون عبادة وانما العبادة ما يجمع كمال إلا مرين ولهذا كانت العبادة لا تصلح إلا اللهوهي وإن كانت منفعتها للعبد والله غني عن العالمين فهي له من جهة محبته لها ورضاهبها ولهذا كان الله اشد فرحا بتوبة العبد من الفاقد لراحلته عليها طعامه وشرابه فى أرض دوية مهلكة إذا نام آيسا منها ثماستيقظ فوجدها فالله أشد فرحا بتوبة عبده من هذا براحلته وهذا يتعلق به أمور جليلةقد بسطناها وشرحناها في غير هذا الموضع .
والتوكل والإستعانة للعبد لأنه هو الوسيلة والطريق الذي ينال به مقصوده ومطلوبه من العبادة فالاستعانة كالدعاء والمسئلة وقد روى الطبراني فى كتاب الدعاء عن النبىصلى الله عليه وسلم قال يقول الله عز وجل يا ابن آدم إنما هي أربع واحدة لي وواحدة لك وواحدة بيني وبينك وواحدة بينك وبين خلقى فأما التى لي فتعبدنى لا تشرك بي شيئاوأما التى هي لك فعملك أجازيك به أحوج ما تكون إليه وأما التى بينى وبينك فمنكالدعاء وعلى الإجابة وأما التى بينك وبين خلقى فأت للناس ما تحب ان يأتوا اليك .
وكون هذا لله وهذا للعبد هو باعتبار تعلق المحبة والرضا إبتداء فان العبد إبتداءيحب ويريد ما يراه ملائما له والله تعالى يحب ويرضى ما هو الغاية المقصودة فى رضاهويحب الوسيلة تبعاً لذلك وإلا فكل مأمور به فمنفعته عائدة على العبد وكل ذلك يحبهالله ويرضاه وعلى هذا فالذي ظن أن التوكل من المقامات العامة ظن أن التوكل لا يطلببه إلا حظوظ الدنيا وهو غلط بل التوكل فى الامور الدينية اعظم .
وأيضاً التوكل من الأمور الدينية التى لا تتم الواجبات والمستحبات إلا بهاوالزاهد فيها زاهد فيما يحبه الله ويأمر به ويرضاه ، والزهد المشروع هو ترك الرغبة فيما لا ينفع فى الدار الآخرة وهو فضول المباحالتى لا يستعان بها على طاعة الله كما أن الورع المشروع هو ترك ما قد يضر فى الدارالآخرة وهو ترك المحرمات والشبهات التى لا تستلزم تركها ترك ما فعله أرجح منها كالواجبات فأما ما ينفع في الدار الآخرة بنفسه أو يعين على ما ينفع فى الدار الآخرة فالزهد فيه ليس من الدين بل صاحبه داخل فى قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) كما أن الإشتغال بفضول المباحات هو ضد الزهد المشروع فان اشتغل بها عن فعل واجب او فعل محرم كان عاصياً وإلا كان منقوصا عن درجة المقربين الى درجة المقتصدين ، وأيضا فان التوكل هو محبوب لله مرضي لـه مأمور به دائماً وما كان محبوبا للهمرضياً لـه مأموراً به دائما لا يكون من فعل المقتصدين دون المقربين فهذه ثلاثة أجوبةعن قولهم المتوكل يطلب حظوظه .
وأما قولهم أن الأمور قد فرغ منها فهذا نظير ما قاله بعضهم فى الدعاء أنه لاحاجة اليه لأن المطلوب أن كان مقدرا فلا حاجة إليه وإن لم يكن مقدراً لم ينفع الدعاء وهذا القول من أفسد الأقوال شرعاً وعقلاً .
وكذلك قول من قال التوكل والدعاء لا يجلب به منفعة ولا يدفع به مضرة وانما هوعبادة محضة وان حقيقة التوكل بمنزلة حقيقة التفويض المحض وهذا وان كان قاله طائفة من المشائخ فهو غلط أيضاً وكذلك قول من قال إن الدعاء انما هو عبادة محضة .
فهذه الأقوال وما أشبهها يجمعها أصل واحد وهو ان هؤلاء ظنوا ان كون الأمور مقدرةقضية يمنع ان تتوقف على اسباب مقدرة ايضا تكون من العبد ولم يعلموا ان الله سبحانه يقدر الأمور ويقضيها بالأسباب التى جعلها معلقة بها من أفعال العباد وغير أفعالهمولهذا كان طرد قولهم يوجب تعطيل الاعمال بالكلية .
وقد سئل النبى صلى الله عليه وسلم وآله وسلم عن هذا الأصل مرات فأجاب عنه كماأخرجا فى الصحيحين عن عمـران بن حصين قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآلهوسلم يا رسول الله أعلم أهل الجنة من أهل النار قال نعم قالوا ففيم العمل قال كلميسر لما خلق له وفى الصحيحين عن علي بن أبي طالب قال كنا في جنازة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس ومعه مخصرة فجعل ينكت بالمخصرة فى الأرض ثم رفع رأسه وقالما من نفس منفوسة الا وقد كتب مكانها من النار أو الجنة إلا وقد كتبت شقية او سعيدةقال : فقال رجل من القوم يا نبى الله أفلا يمكث على كتابنا وندع العمل فمن كان من أهل السعادة ليكونن الى السعادة ومن كان من أهل الشقاوة ليكونن الى الشقاوة قال أعملوافكل ميسر لما خلق له اما أهل السعادة فييسرون للسعادة وأما أهل الشقاوة فييسرون للشقاوة ثم قال نبى الله صلى الله عليه وسلم فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنىفسنيسره لليسرى واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى أخرجه الجماعة فيالصحاح والسنن والمسانيد .
وروى الترمذى ان النبى صلى الله عليه وآله وسلم سئل فقيل يا رسول الله أرأيت أدوية نتداوى بها ورقى نسترقة بها وتقى نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا فقال هي منقدر الله وقد جاء هذا المعنى عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى عدة احاديث .
فبين صلى الله عليه وسلم وآله وسلم أن تقدم العلم والكتاب بالسعيد والشقي لا ينافى أن تكون سعادة هذا بالأعمال الصالحة وشقاوة هذا بالأعمال السيئة فانه سبحانهيعلم الأمور على ما هي عليه وكذلك يكتبها فهو يعلم أن السعيد يسعد بالأعمال الصالحة والشقي يشقى بالأعمال السيئة فمن كان سعيدا ييسر للأعمال الصالحة التى تقتضي السعادة ومن كان شقياً ييسر للأعمال السيئة التى تقضي الشقاوة وكلاهما ميسر لما خلق له وهو ما يصير اليه منمشيئـة اللهالعامة الكونية التى ذكرها الله سبحانه فى كتابه فى قوله تعالـى : (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُم) ، واما ما خلقوا له من محبة الله ورضاه وهو إرادته الدينية التى امروا بموجبهافذلك مذكور فى قوله وما خلقت الجن والأنس الا ليعبدون والله سبحانه قد بين في كتابه فى كل واحدة من الكلمات والأمر والإرادة و الأذن و الكتاب والحكم و القضاء والتحريم ونحو ذلك ما هو ديني موافق لمحبة الله ورضاهوامره الشرعى وما هو كوني موافق لمشيئته الكونية .
مثاـل ذلك انه قال فى الأمر الدينى إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذيالقربى وقال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) ونحو ذلك وقال فى الكونى إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون وكذلك قوله تعالى : (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) على احدى الاقوال فى هذه الاية
وقال فى الإرادة الدينية يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم ما يريد اللهليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وقال فى الإرادة الكونية ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد وقال فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للإسلام ومنيردان يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد فى السماء وقال نوح عليه السلام ولاينفعكم نصحي ان أردت ان انصح لكم ان كان الله يريد أن يغويكم وقال تعالى : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وقال تعالى فى الاذن الديني : (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ) وقال تعالى في الكونى : (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) وقال تعالى فى القضاء الدينى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) أي أمر وقال تعالى فى الكونى : (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ) وقال تعالى فى الحكم الدينى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) وقال تعالى : (ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) وقال تعالى في الكونى عن ابن يعقوب : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ) وقال تعالى : قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) .
وقال تعالى فى التحريم الدينى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ .....الآية) وقال تعالى فى التحريم الكونى : (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) وقال تعالى : ()وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) (المعارج:24)
)لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (المعارج:25)
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.38 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.65%)]