الموضوع: الأخوة في الله
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 09-11-2009, 02:53 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأخوة في الله

وما أجمل أن يقول الأخ لأخـيه : أسأل الله أن يجعلك مفتـاح خير ، وهذه حاجتى إليك ، فإن قضيتها حمدت الله ،ثم شكرتك ، وإن لم تقضها لى حمدت الله ثم عذرتك ، ها هى الأخوة .
الحق الخامس : بذل النصيحة بصدق وأمانة .
ففى صحيح مسلم من حديث تميم الدارى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( الدين النصيحة )) قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : (( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ))([1]).
لكن أتمن من الله أن يع إخوانى الضوابط الشرعية للنصيحة .
قال الشافعى : من نصح أخـاه بين الناس فقد شانه ، ومن نصح أخاه فيما بينه وبينه فقد ستره وزانه .
والناصح الصـادق : رقيق القلب ، نقى السريرة ، مخلص النية ، يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، فإن رأى أخاه فى عيب دنى منه بحنان ، وتمـنى أن لو ستره بجـوارحه لا بملابسه ، ثم قال له حبيبى فى الله . ثم يبـين له النصيحة بأدب ورحمة ،وتواضع ،فلتُشْعِر أخاك وأنت تنصحه : بحبك له ، وبتواضعك وخفض جناحك له ، فقد سطر الله فى كتابه ] مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [ [ الفتح : 29 ] .
جلس رجل فى مجلس عبد الله بن المبارك فاغتاب أحد المسلمين ، فقال له عبد الله بن المبارك : يا أخى هل غزوت الروم ؟! قال : لا . قال : هل غزوت فارس ؟! قال : لا . فقال عبد الله بن المبارك : سلم منك الروم وسلم منك فارس ، ولم يسلم منك أخوك !!
والذى بُذِلَ له النصيحة عليه أن يحسن الظن بأخيه الناصـح ولا تأخذه العزة بالإثم ، وأن يتقبلها منه بلطف ، وأدب ، وتواضع ، وحب ، ويشكره عليها ويدعو له بظاهر الغيب .
ورحم الله من قال : رحم الله من أهدى إليَّ عيوبى .
الحق السادس : التناصر
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، فقال رجل : يا رسول الله أنصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : (( تأخذ فوق يديه ))([2]) .
انصر أخاك فى كل الحوال، إن كان ظالماً خذ بيده عن الظلم، وإن كان مظلوماً وأنت تملك أن تنصره انصره ، ولو بكلمة وإن عجزت فبقلبك وهذا أضعف الإيمان .
الحق السابع : أن تستر عيب أخيك المسلم وتغفر له ذلاته :
وهذا من أعظم الحقوق : فالأخ ليس مَلَكاً مقرباً ، ولا نبياً مرسلاً ، فإن ذل الأخ فى هفوة فهو بشر ، استر عليه .
قال العلماء : الناس صنفان . صنف اشتهر بين الناس بالصلاح والبعد عن المعاصـى ، فإن ذل ووقع وسقط فى هفوة من الهفـوات على المسلمين أن
يستروا عليه ، ولا يتبعوا عوراته .
ففى الحديث الصحيح الذى رواه أحمد وأبو داود من حديث أبى برزة الأسلمى رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : (( يا معشر من آمن بلسانه ، ولما يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من تتبع عوراتهم ، تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته ، يفضحه فى بيته ))([3]) .
نسأل الله أن يسترنا وأياكم بستره الجميل .
والصنف الثانى من الناس : يبارز الله بالمعاصى ويجهر بها ، ولا يستحى من الخالق ، ولا من الخلق ، فهذا فاجر ، فاسق ، لا غيبة له .
وأخيراً : الطريق إلى الإخوة .
وأنا أعتقد اعتقاداً جازماً أن الطريق قد وضع فى ثنايا المحاضرة ولكننى أجمل هذا الطريق فى خطوتين اثنتين لا ثالث لهما .
أما الخطوة الأولى : العودة الصادقة إلى أخلاق هذا الدين .
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا
فلنعد إلى هذه الأخلاق السامية التى ينفرد بها الدين الإسلامى لتعود لنا الأخوة الصادقة فى الله ، تعود الأخوة الحقيقة .. فلتلتئم الصفوف ، وتضمد الجراح ، وتلتقى الأمة على قلب رجل واحد .
فوالله ثم والله لا ألفة ، ولا عزة ، ولا نصرة ، ولا تمكـين ، إلا بالعودة الصادقة إلى أخلاق هذا الدين وإن شئت فقل العودة الصادقة إلى أخلاق سيد المرسلين ، فلقد لخصت عائشة رضى الله عنها أخلاق النبى فى كلمات قليلة ولكنها عظيمة فقالت (( كان خلقه القـرآن ))([4]) نعم والله إنه صلى الله عليه وسلم كان قرآن يمشى على الأرض فى دنيا الناس .
أيها الأحبة : قد يكون من اليسير جداً كما أقرر دائماً تقديم منهج نظرى فى التربية والأخلاق ، بل إن المنهج هذا موجود بالفعل وسُطِّر فى بطون الكتب والمجلات ولكن هذا المنهج لا يساوى قيمة الحبر الذى كتب به إن لم يتحول فى حياة الأمة مرة أخرى إلى واقع عملى وإلى منهج حياة فإن البون شاسعاً بين منهجنا المنير المضىء ووقعنا المر المرير الأليم .
الخطوة الثانية : نتحرك لدعوة المسلمين إلى هذه الأخلاق بالحكمة والموعظة الحسنة .
بعد أن نحوِّل هذه الأخلاق النظرية إلى واقع عملى منير مضىء فى حياتنا يجب علينا بعد ذلك أن نتحرك لدعوة المسلمين إلى هذه الأخـلاق بالحكمة البالغة والموعظة الحسنة ، والكلمة الرقيقة الرقراقة ، والرفق والحلم ، فهذا هو مقام دعوة الناس إلى الله فى كل زمان ومكان قال الله تعالى :
]ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[ [ النحل : 125 ] .
وقال تعالى : ] وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ[ [ آل عمران : 159 ]
أسأل الله أن يربط قلوبنا برباط وثيق رباط الحب فى الله ، حتى نعود مرة أخرى إلى عزتنا وكرامتنا وسيادتنا وتتحقق السنن الربانية فينا بحوله ومدده إنه ولى ذلك والقادر عليه .

([1]) رواه مسلم رقم ( 55 ) فى الإيمـان ، باب بيـان أن الدين النصيحة ، والترمـذى رقم
( 1927 ) فى البر والصلة من حديث أبى هريرة t .

([2]) رواه البخارى رقم ( 2444 ) فى المظالم ، باب أعن أخاك ظالماً أو مظلوماً ، والترمـذى
رقم ( 2256 ) فى الفتن .

([3]) رواه أبو رقم ( 4880 ) فى الأدب ، باب فى الغيبة ، ورواه أيضاً أحمد فى المسند ( 4/ 421 ) وصححه الألبانى فى صحيح سنن أبى داود ( 4083 ) .

([4]) رواه مسلم رقم ( 746 ) فى صلاة المسافرين ، باب جامع صلاة الليل ، ومن نام عنه أو
مرض .


رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.20 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.75%)]