عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-11-2009, 09:50 AM
الصورة الرمزية hamamzajil
hamamzajil hamamzajil غير متصل
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: algeria
الجنس :
المشاركات: 665
الدولة : Algeria
افتراضي المحافظون الجدد ..عقيدة وفلسفة سياسية

إن دراسة مشروع الهيمنة الأمريكي ـ الصهيوني على منطقتنا



العربية؛ لا يمكن فهمه دون معرفة الأسس الثقافية



والإيديولوجية التي قامت عليها الفلسفة السياسية لما أصبح



يعرف اليوم بالمحافظين الجدد . هذه الفلسفة التي جعلت طلائع



القوات الأمريكية تبدأ عملها خارج أراضي الولايات المتحدة منذ



القرن السابع عشر ؛ هي ذاتها التي تمارسها اليوم الإدارة



الأمريكية ؛ بعد أن غدت القطب الواحد الذي يريد تقرير مصير



المجتمع البشري وفق فلسفته السياسية التي أسسها متشددون



من أصول بروتستانتية أُطلق عليهم ( الآباء المؤسسون )



للهيمنة على المنظمات



والهيئات الدولية لفرض فلسفتها السياسية ذات البعد



الإيديولوجي . ومن خلال دراستنا لهذه الفلسفة سنجد أنها تقوم



على عاملين أساسيين ؛ وضعهما الآباء المؤسسون ؛ ولو



حللناهما سيتبين لنا أنها ذاتها التي تسير وفقها سياسة الإدارة



الأمريكية الحالية ولكن الشكل يختلف من حين إلى آخر وهذان



العاملان هما :



أولاً : الأصول البروتستانتية :



تشكلت عقلية الجماعة الأولى التي جاءت إلى أمريكا الشمالية



دينياً من خلال المفهوم البروتستانتي للمسيحية ؛ الذي يرى أنه



لا يمكن فهم المسيحية إلا بالعودة إلى التوراة ؛ سواء في العلاقة



مع الكنيسة ، أو فهم الدور اليهودي عالمياً ؛ بعكس الكاثوليكية



التي ترى أن الكنيسة هي القناة التي تصل الإنسان بالرب ؛ وأن



الأمة اليهودية انتهى دورها الديني إلهياً بمجيء المسيح ؛ وأن



الله عاقبهم على نكثهم بالمواثيق التي أخذها عليهم ؛ وعلى



دورهم في صلب المسيح . أما الفهم البروتستانتي الذي أسسه



(مارتن لوثر) فيقوم على إلغاء دور الكنيسة في علاقة الإنسان



بربه ، وبالتالي إلغاء صكوك الغفران التي شبهها ( مارتن لوثر )



بصك العبودية ، وأنه لا يمكن فهم المسيحية إلا بالعودة إلى



التوراة ؛ وهذا يعني أن الفكر الديني البروتستانتي قائم على



الإيمان العميق بنبوءات التوراة ( رؤيا يوحنا اللاهوتي ) التي من



ضمنها أن اليهود هم شعب الله المختار ، وأن المسيح سيعود إلى



الأرض ، وإلى فلسطين تحديداً ، ليحكم العالم مدة ألف عام تقوم



بعدها القيامة ، وهذه العودة لن تتم إلا إذا تحققت ثلاث نبوءات



توراتية :



الأولى : قيام دولة لبني إسرائيل في فلسطين وقد قامت عام



1948 .



الثانية : احتلال القدس . وقد احتلت عام 1967 .



الثالثة : بناء الهيكل مكان المسجد الأقصى . وهم يعملون مع



الصهاينة على تحقيق تلك النبوءة . من خلال هذا الاعتقاد



التوراتي في فهم العقيدة المسيحية البروتستانتية ؛ تشكلت



العقلية الدينية الأمريكية على اعتبار اليهود شعب الله المختار ،



وبالتالي تغيرت النظرة إلى فلسطين ، وأصبح دعم اليهود لتحقيق



هذه النبوءة واجباً دينياً ؛ يجب أن يعمل الأمريكيون البروتستانت



من أجله . وعندما نفهم البعد الديني لهذه الفلسفة ؛ تصبح صورة



علاقة الولايات المتحدة بالكيان الصهيوني أكثر وضوحاً .



ثانياً :البراغماتية العمياء :



إن مَنْ أسَّسَ الولايات المتحدة ينظر إلى



مصلحته الشخصية ومصلحة الجماعة التي خرجت مضطهدة من



أوروبا على أنها شيء مقدس ؛ وبالتالي يجب أن تكون مصلحة



هذه الجماعة وأمنها وأهدافها مأخوذة بعين الاعتبار لدى كل من



يقودها ؛ ويعد الخطاب الذي ألقاه السيناتور ألبرت بفريدج عام



1898 أحد المبادئ الأساسية التي يجب أن توضع بعين الاعتبار



في الفلسفة السياسة الأمريكية ، وأطلق على هذا الخطاب اسم



(مسيرة الراية) ويتلخص هذا الخطاب الشهير بأن التوسع



الاقتصادي هو إستراتيجية أمريكية ، لذلك يجب فتح أسواق جديدة



للتجارة الأمريكية في العالم ؛ لتنشيط الاقتصاد الأمريكي ،



وهيمنته على الاقتصاد العالمي ويجب على القوة العسكرية أن



تخدم هذا المبدأ . واليوم نشاهد القوة العسكرية الأمريكية تقوم



بهدم البنية التحتية للبلاد التي تحتلها الولايات المتحدة ، وبعد



الاحتلال تدخل الشركات الأمريكية لتبنيها ؛ فتحقق أرباحاً كبيرة



تنعش من خلالها الاقتصاد الأمريكي ، وتجعل عجلته تدور ؛ ومن



ثم تصبح هذه البلاد المحتلة سوقاً جديدة لمنتجات الشركات



الأمريكية ؛ وقد أكد على هذا المبدأ البراغماتي (جورج واشنطن)



الأب الأكبر للفلسفة السياسية الأمريكية عندما قال : يجب أن



نعتبر أي تحالف مع أية دولة مؤقتاً إلا إذا كان هذا التحالف مفيداً



لمصالحنا ، وإذا أصبح هذا التحالف عبئاً علينا فمن الواجب تركه



وإحلال تحالف جديد مكانه ؛ حتى ولو كان صاحبه عدو الأمس .



والعاملان الديني والبراغماتي لهما دور كبير في الفلسفة



السياسية الأمريكية منذ نشأتها إلى يومنا هذا ، وبحسب المصالح



الشخصية لقادة البيت الأبيض نرى أحياناً العامل الديني يتقدم



على البراغماتي ؛ وأحياناً البراغماتي يتقدم على الديني . المبادئ



التي تقوم عليها الفلسفة السياسية للمحافظين الجدد . هناك



مجموعة مبادئ تتحكم وتوجه القرار السياسي الأمريكي ، هما



نتاج للعاملين المذكورين آنفاً ؛ وتعد من الثوابت التي تقوم عليها



الإستراتيجية الأمريكية وهي :



1ـ القـــــــــــــــوة :



القوة في الفلسفة السياسية الأمريكية هي أقصر الطرق لتحقيق



الأهداف الأمريكية ؛ فأية مشكلة تواجه السياسة الخارجية



الأمريكية تفكرفوراً بالقوة لحلها ، وازدادت القناعة في هذا المبدأ



بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، وتفردها كقوة عظمى بالعالم ، ولا



أعتقد أن هناك دولة في العالم خاضت حروباً لتحقيق فلسفتها



كالولايات المتحدة ، ولو تدبرنا التاريخ الأمريكي لوجدنا أن كل



رئيس لا بد أن يخوض في ولاياته الرئاسية حرباً أو أكثر ؛



وأصبح لهذا المبدأ فلاسفته ومشرعوه ؛ ويعتبر (هنري ويجر)



أحد المنظرين الأوائل لهذا المبدأ ، وكان يعد من أشهر منتقدي



دعاة اللاعنف في السياسة الأمريكية ؛ كما كان يسبغ على فلسفة



القوة لبوساً دينياً فيقول : الكتاب المقدس لم يمنع الحرب بل إننا



نجد في التوراة أن الحرب مأمور بها والمسيح عاش في عصر



الحرب ولم يمنعها .



وأكد على ذلك المبدأ إمام المحافظين ( ألكسندر هاملتون )



عندما قال : إن القوة هي التي تملي شروط العلاقة بين أمريكا



والعالم .



وتحت مسميات مختلفة وذرائع شتى تستخدم الإدارة



الأمريكية القوة لتحقيق فلسفتها السياسية ، فباسم الإرهاب التي



لم تحدد له تعريفاً تحتل بلاداً ، وباسم الديمقراطية تطيح بأنظمة ؛



وباسم حقوق الإنسان والأقليات تعتقل دولاً !؟.




2 . الجمهورية الإلهية :



المجموعة التي انتصرت في حرب الاستقلال والحرب



الأهلية الأمريكية ، قامت فلسفتها السياسية على عقيدة دينية



بروتستانتية هذه العقيدة شكلت شيئاً فشيئاً أهدافاً محددة ؛ عَمِلتْ



على تحقيقها الإستراتيجية الأمريكية فيما بعد ؛ منها الاعتقاد بأن



المجتمع الأمريكي مجتمع متفوق ومتميز على كل مجتمعات العالم



، ويحق له ما لا يحق لغيره لأنه تم اختياره إلهياً ؛ لتشكيل



جمهورية إلهية على غرار دولة إسرائيل ، وبالتالي أعطتهم هذه



العقيدة وصايا إلهية على الشعوب الأخرى ، ولقد مارس



الأمريكيون الأوائل هذه الوصاية في أمريكا الوسطى والجنوبية ،



ثم توسعوا فيها بعد الحرب العالمية الثانية في آسيا ، وعادوا



لممارستها عالمياً بشكل سافر بعد انفراد إمبراطوريتهم بالعالم



إثر انهيار الاتحاد السوفيتي . وهذه الفلسفة تقوم على ضرورة



توسيع حدود الولايات المتحدة ، حتى لو اضطرت لسلب أراضي



جيرانها ؛ لتصبح الجمهورية الإلهية قادرة على استيعاب صفوة



العقول البشرية التي تهاجر إليها ؛ لتقدم خدماتها لشعب الله



المختار الجديد ، فتم شراء مقاطعة ( لويزيانا ) من نابليون



فرنسا عام 1803 ثم ( ألاسكا ) واستعمروا نصف المكسيك ؛



وضموها إليهم. وما كادت الولايات المتحدة الأمريكية تستقل عن



بريطانيا حتى كانت فكرة الجمهورية الإلهية ؛ قد أخذت تتبلور



وتتطور ، لتشكل الاعتقاد السائد والمسيطر على صانع القرار



الأمريكي ، وأنه أصبح شعب الله المختار الجديد ، وقد تم اختياره



إلهياً ليقود العالم ، وقد تحدث الصحفي الفرنسي( بيار سالينجر )



عن ذلك في تقديمه لكتاب أمريكا التوتاليتارية للكاتب الفرنسي



ميشيل موردان قائلاً : إن الأمريكي مفعم بالعقيدة الكالفينية التي



تقرر بأن الله قد جمع شعباً من رجال ونساء مميزين ؛ ليمنحه



قيادة العالم .



يتبع...
__________________

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.10 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.76%)]