عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 06-11-2009, 12:12 AM
الصورة الرمزية غفساوية
غفساوية غفساوية غير متصل
أستغفر الله
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: بين الأبيض المتوسط والأطلسي
الجنس :
المشاركات: 11,032
59 59 رد: سبحان من أضحك وأبكى



وأما أهل الكفر والمعصية فإنهم أيضا يضحكون ويبكون , ولكن شتان بين ضحك وضحك وبكاء وبكاء , فأهل الكفر والمعصية يضكحون غفلة عن الله تعالى وعن غضبه ونقمته , ويضحكون استهزاء وسخرية بأهل الإيمان والطاعة , قال تعالى : إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111)سورة المؤمنون .
قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)} [المطففين/29-36].
ويضحكون سخرية واستهزاء بآيات الله تعالى , قال تعالى : أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) سورة النجم.
ويضحكون فرحا بالنعيم الزائل , قال تعالى : \" إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) سورة القصص.
ويضحكون ويفرحون بمخالفتهم لأمر الله وأمر رسوله , قال تعالى : \" فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)سورة التوبة .
وهذا الضحك الذي يضحكه أهل الفجور والمعاصي ليس ضحكا حقيقيا , لا ينبع من القلب ولا يرضى عنه الرب , بل إنهم يضحكون وقلوبهم تبكي , كان الحسن البصرى يقول : وإن هَمْلَجَت بهم البراذين وطقطقت بهم البغال فإن ذل المعصية في رقابهم، يأبى الله إلا أن يذل من عصاه . ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه فيه، ومن عصاه ففيه قسط من فعل من عاداه بمعاصيه .. إغاثة اللهفان \" 2/188 \" ، ومجموع الفتاوى \" 15/426 \".
وكان الإمام أحمد يدعو : اللهم أعزنا بالطاعة ولا تذلنا بالمعصية .
قال بعض السلف في قوله تعالى: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون قال الحسن: هو الذنب على الذنب، حتى يعمى القلب، لأن القلب يصدأ من المعصية، فإذا زاد غلب الصدأ حتى يصير راناً ثم يغلب حتى يصير طبعاً وقفلاً وختماً، فحينئذ يتولاه عدوه ويسوقه حيث أراد.
قال بعض السلف: «الناس يطلبون العز بأبواب الملوك ولا يجدونه إلا في طاعة الله».
وفي دعاء القنوت : إنه لا يذلّ من واليت ، ولا يعزّ من عاديت .
وقال عبد الله بن المبارك :

رأيت الذنوب تميت القلوب * * * وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب * * * وخير لنفسك عصيانها
وهل افسد الدين إلا الملوك * * * وأحبار سوء ورهبانها
وأهل المعاصي كما يضحكون فهم أيضا يبكيون , فهم يبكيون كذبا ونفاقا ,قال تعالى وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18) سورة يوسف.
ويبكون أسفا وندما على ما قدموا , قال تعالى : { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً{27} يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً{28} لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً{29} ( الفرقان 27 :29 ).
وكان سبب نزول الآية ما أورده السيوطي في الدر المنثور عن ابن عباس رضي الله عنه أن أبا معيط ( عقبة ابن أبي معيط ) كان يجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة لا يؤذيه وكان رجلاً حليماً وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه ، وكان لأبي معيط خليل غائب عنه بالشام فقالت قريش : صبأ أبو معيط وقدم خليله من الشام ليلاً، فقال لامرأته: ما فعل محمد مما كان عليه ؟ فقالت : أشد مما كان أمراً ، فقال : ما فعل خليلي أبو معيط ؟ فقالت : صبأ ، فبات بليله سوء فلما أصبح أتاه أبو معيط فحيّاه فلم يرد عليه التحية فقال : مالك لا ترد علىّ تحيتي ؟ فقال : كيف أرد عليك تحيتك وقد صبوت ؟ فقال : أو قد فعلتها قريش !! قال : فما يبري صدورهم إن أنا فعلت ؟ قال : تأتيه في مجلسه وتبزق في وجهه وتشتمه بأخبث ما تعلمه من الشتم ففعل فلم يزد النبي أن مسح وجهه من البزاق ثم التفت إليه فقال :إن وجدتك خارجاً من جبال مكة أضربُ عنقك صبْراً ، فلما كان يوم بدر وخرج أصحابه أبَى أن يخرج فقال له أصحابه : أُخرج معنا فقال : وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجاً من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا فقالوا : لك جمل أحمر لا يُدْرَك فلو كانت الهزيمة طِر ْتَ عليه فخرج معهم ، فلما انهزم المشركون وحَلَ به جمله في جُدَد من الأرض فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيراً في سبعين من قريش وقدم إليه أبو معيط فقال : تقتلني من بين هؤلاء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم بما بزقتَ في وجهي فأنزل الله في أبي معيط : { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ...إلى قوله تعالى: وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً} ( الفرقان :27ـ 29 ) .
ويبكون على المعاصي التي سودوا بها صحائفهم , قال تعالى : \" أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (15) سورة الانشقاق .
قال ابن عباس رضي الله عنه : \" \"إن للحسنة لنورًا في القلب، وضياء في الوجه، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة لسوادًا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبغضًا في قلوب الخلق\" . ابن تيمية، منهاج السُّنة 1/ 269.
قال تعالى : \" أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) سورة الزمر .
ويبكون حينما يرون عذاب الله ويغمسون فيه , قال تعالى : \" فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60) سورة الذاريات .
وقال : \" فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44) سورة المعارج .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنَ الْكُفَّارِ ، فَيُقَالُ : اغْمِسُوهُ فِي النَّارِ غَمْسَةً ، فَيُغْمَسُ فِيهَا ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : أَيْ فُلاَنُ ، هَلْ أَصَابَكَ نَعِيمٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لاَ ، مَا أَصَابَنِي نَعِيمٌ قَطُّ ، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ الْمُؤْمِنِينَ ضُرًّا وَبَلاَءً ، فَيُقَالُ : اغْمِسُوهُ غَمْسَةً فِي الْجَنَّةِ ، فَيُغْمَسُ فِيهَا غَمْسَةً ، فَيُقَالُ لَهُ : أَيْ فُلاَنُ ، هَلْ أَصَابَكَ ضُرٌّ قَطُّ ؟ أَوْ بَلاَءٌ ؟ فَيَقُولُ : مَا أَصَابَنِي قَطُّ ضُرٌّ وَلاَ بَلاَءٌ.أخرجه ابن ماجة (4321) .



صيد الفوائد


رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.06 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.28%)]