عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 01-11-2009, 11:27 PM
الصورة الرمزية غفساوية
غفساوية غفساوية غير متصل
أستغفر الله
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: بين الأبيض المتوسط والأطلسي
الجنس :
المشاركات: 11,032
افتراضي رد: خلق النبي صلى الله عليه وسلم

تتمة

أما بقية أهله وأقاربه فانه قد اهتدى منهم كثير كعمه حمزة رضي الله عنه وكذلك ابن عمه علي بن أبي طالب وكان صغيرا في حجره، وكذلك ابن عمه جعفر وغيرهم

هكذا كانت معاملته وكانت دعوته لهم ثم أذن الله تعالى له بالهجرة إلى المدينة وذلك بعد أن عرض دعوته على حجاج أهل المدينة ولما عرضها عليهم عرفوا صدقه، وكانوا يسمعون من اليهود أن هذا زمن نبي سوف يخرج قريبًا، وأنه يدعو إلى التوحيد، وأن من علاماته كذا وكذا، فأسرعوا إلى قبوله وإلى قبول دعوته، فبايعوه والتزموا أنه إذا هاجر إليهم ينصرونه مما ينصرون منه آبائهم وأبنائهم وأقاربهم، وتمت دعوته إلى الهجرة

هكذا كانت مبادئ دعوته ومبادئ أخلاقه حيث كانوا يتخلقون بالأخلاق الحسنة التي تدل على ما كان عليه النبي صلى الله عيه وسلم، ولما قدم المدينة كان بها ثلاث قبائل من اليهود، ولم يسلموا فدعاهم وبين لهم، ولكن لم يسلموا حسدًا وبغيًا كما ذكر الله تعالى بقوله: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه) النساء:54 ومع ذلك عاهدهم وأكد معهم العهد على ألا ينقضوا العهد، فنقضوا العهد كان أول من نقض بنو قينقاع ثم بنو النضير ثم بنو قريظة فأجلى بني قينقاع والنضير وقتل بني قريظة ، ثم كان أيضا أهل خيبر على عهد ولما نقضوا العهد أو انتهت مدته غزاهم ، وفتح خيبر وأبقاهم فيها كعمال ولهم شطر ما يخرج منها من ثمر وزرع، وكذلك أيضا عاهد قريش في الحديبية وأوفى لهم بعهدهم مع كراهة المسلمين لبعض فقرات تلك المعاهدة التي جاء فيها أن من جاء مسلما فإنه يرد عليهم وان كان مسلما ومع ذلك أوفى لهم بهذا العهد وهذا دليل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الوفاء بالعهود وقد جعل إخلاف الوعد ونقض العهد من سمات المنافقين هذه حالته مع الكفار من المشركين واليهود

أما حالته مع المسلمين فإنه كان رفيقا بهم كما وصفه الله بقوله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) يونس:128 هذه صفته أنه منهم من أنفسهم وأنه يشق عليه الشيء الذي يعنتهم ويكلفهم وأنه حريص على هدايتهم وأنه رؤوف بهم ورحيم بهم لا يحب شيئا يشق عليهم بل يرفق بهم مهما استطاع فمن ذلك أنه رفق بأصحابه كثيرًا، فلما سافروا لغزوة الفتح وصاموا في رمضان شكي إليه لما قرب من مكة أن الناس قد شق عليهم الصيام فأفطر وأمرهم بالفطر وأكد ذلك عليهم ليكون ذلك علامة على أنه رفق بهم وكذلك أيضا كان يرفق بهم في أسفاره بحيث أنه لا يكلفهم الشيء الذي يشق عليهم، والشيء الذي يطيقونه كأن يسري بهم إلى نصف الليل أو نحو ذلك، فإن هذا مما يطيقونه وهو قدوتهم فيصبرون على ما يصبر عليه

وكان أيضا ينبسط مع أصحابه رضي لله عنهم يقول جرير رضي الله عنه: "ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت وما رآني إلا تبسم" يدل على محبته له وأنه لم يحجبه عن الدخول عليه هذا أيضا من رفقه بأصحابه رضي الله عنهم، كذلك كان يجلس معهم بعد صلاة الصبح إلى أن تشرق الشمس يحضرون معه يتناشدون الشعر ويذكرون حالاتهم في الجاهلية قبل الإسلام ويقرهم على ذلك ويضحكون، ولكنه يتبسم – كان أكثر ضحكه تبسمًا – وإن كان قد روي عنه في بعض الأحيان أنه يضحك إذا رأى شيئًا يعجبه يقولون فيه : "ضحك حتى بدت نواجذه"

كذلك من رفقه ما حصل لذلك الأعرابي الذي بال في المسجد ولما أنكر عليه الصحابة منعهم وقال: "دعوه فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" ثم دعاه وعلمه أن هذه المساجد لا يصلح فيها شي من هذا البول ونحوه إنها للصلاة والذكر وقراءة القران وأمر أن يطهر بوله كما هو معروف ، وكذلك كان أيضا يتوسع مع بعض أصحابه وبالأخص مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فكان يخرج معهما ويدخل معهما كما شهد بذلك علي رضي الله عنه يقول: "إني كثيرا ما كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول خرجت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وجلست أنا وأبو بكر وعمر" كان مرة جالسًا في بيته وقد توسع فأخرج بعض فخذيه دخل عليه أبو بكر فبقي كذلك ثم عمر ولما دخل عليه عثمان رضي الله عنه ستر فخذيه وركبتيه فقال: "ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة"، هكذا يحب أن يتوسع مع بعض أصحابه.

ونقل أبو موسى رضي الله عنه قصة دخوله ذلك الحش، ثم لما دخل وقضى حاجته جلس على شفير البئر وأدلى رجليه وقام أبو موسى كبواب له ، فاستأذن أبو بكر ثم عمر فأمره أن يأذن لهما وجلسا إلى جانبيه ثم استأذن عثمان رضي الله عنه وجلس مقابلا لهم في الجانب الثاني يقول الراوي فأولت ذلك قبورهم، هذا أيضًا من توسعه مع أصحابه

وكان إذا بعثهم للدعوة يوصيهم فيقول لأبي موسى ومن معه كعمار وسلمان ومن معهم: "يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا" لأن في ذلك ما يبين خصال الإسلام وما عليه المسلمون لتكون هذه المعاملة داعية للناس إلى اعتناق دين الإسلام وعدم الخروج منه هكذا كان يوصيهم بهذه المعاملة

وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه مما علمه الله فكان يجلس في المسجد في الضحى في ظل مسجده أو بيته ولا يزال كذلك يتوافد إليه صحابته ويتحلقون عنده يحدثهم ويقرأ عليهم القران ويخبرهم بما نزل ويعلمهم، وهم كذلك يتلقون ما يأخذون عنه ويصبر على ذلك ولو طال المجلس كساعتين أو خمس ساعات أو نحو ذلك حتى تدركهم الشمس، وكل ذلك من حرصه على معاملته لأصحابه بما يكون سببًا في تقبلهم وثباتهم على الإسلام
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.71 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.17%)]