عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 29-10-2009, 04:04 PM
الصورة الرمزية اخت الاسلام
اخت الاسلام اخت الاسلام غير متصل
مشرفة الملتقى الاسلامي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 6,045
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الإيمان الذي يدخل الجنة

رابعًا: صلة الرحم:
ذَكَر النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ صلة الرحم من الأعمال التي تُدخِل صاحبَها الجنة، وصلةُ الرحم من الأمور التي اعتنَى بها الإسلام، وشدَّد عليها القرآن، وأوصتْ بها السنة المطهَّرة.

قال – تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

فذَكَر الحقُّ - جلَّ وعلا - الأرحامَ - وهي منصوبةٌ على الاختصاص - أي: وأخصُّ الأرحامَ بالوصية.

والقول الآخر في تفسير الآية: واتقوا الأرحامَ أن تقطعوها، فتَهلِكوا بسبب قطعكم لها، ويقول - جلَّ وعلا -: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]، فقَطْع الأرحام جاء مقرونًا في الآية بالإفساد في الأرْض للدلالة على شناعته عندَ الله - تعالى - كما جاء نتيجةً لهذا الإفساد، وللتولِّي عن الحقِّ وتركه قولاً أو عملاً.

وكذلك بيَّنت السُّنَّة عِظمَ حقِّ الرحم؛ روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله - تعالى - خَلَق الخَلْق، حتى إذا فرغَ منهم، قامتِ الرَّحم فقالت: هذا مقامُ العائذ بك مِن القطيعة؟ قال: نعم، أَمَا تَرْضَينَ أن أَصِلَ مَن وصلك، وأقطعَ مَن قَطعَك، قالت: بَلى))؛ رواه الشيخان.

وأخرج الإمام أحمد بإسناد صحيح: ((إنَّ مِن أَرْبَى الرِّبا الاستطالةَ بغير حق، وإنَّ هذه الرَّحِم شجنةٌ من الرحمن، فمَن قَطعَها حَرَّم الله عليه الجَنَّة))؛ رواه أحمد بإسناد صحيح.

والشِّجْنة - بكسر الشين وضمها - القَرابة المشتبكة اشتباكَ العُروق.

روى البزَّار: ((الرَّحِمُ حَجَنة متسكة بالعَرْش، تَكلَّم بلسان ذَلْق: اللهمَّ صِلْ مَن وصلني، واقطع مَن قطعني، فيقول الله – تعالى -: أنا الرحمن، أنا الرحيم، فإنِّي شققتُ الرحم مِنَ اسمي، فمَن وصَلَها وصلتُه، ومَن بَتَكَها بتَكْتُه))؛ رواه البزار بإسناد حسن.

والحَجَنة - بفتح الحاء والجيم - صنارة المغزل التي يُعلَّق بها الخيط، ثم يفتل الغزل، والرَّحِم يُراد بها الأقارب، وكلُّ مَن بينه وبين الإنسان نَسَبٌ، وخصوصًا من جهة الأم.

وصِلة الرَّحِم سبب من أسباب سَعَة الرِّزْق وبسطته، ومِن أسباب حُسْن الذِّكْر والأحدوثة بعدَ الموت؛ روى البخاري عن أبي هريرة: ((مَن سرَّه أن يُبسطَ في رِزْقه، وأن يُنسأَ له في أثره، فلْيَصلْ رَحِمَه))؛ رواه البخاري.

وتوعَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - قاطِعَ الرحم بعدم دخول الجنَّة؛ فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يَدخلُ الجنةَ قاطعٌ))؛ أي: قاطع رحم؛ رواه الشيخان.

وليس مَن يَصِل الرحم هو من يَردُّ على الصِّلة بمثلها، فذلك من المعروف بين الناس، إنَّما واصل الرَّحِم هو مَن يصل رحمه، حتى وإن كانوا له من القاطعين؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((ليس الواصلُ بالمكافئ، ولكن الواصل مَن إذا قُطِعت رَحِمُه وَصَلَها))؛ رواه البخاري، ويروي أبو هريرة أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله: إنَّ لي قرابةً أَصِلُهم ويقطعونني، وأُحسِن إليهم ويُسيئون إليَّ، وأحْلُم عنهم ويجهلون عليَّ، قال: ((لئن كنتَ كما قلتَ فكأنَّما تسفهم الملَّ، ولن يزالَ معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دُمتَ على ذلك))؛ رواه مسلم.

وفي مجال المعاملات يجعل الإسلامُ الأرحامَ أَوْلَى بالبرِّ والصِّلة والصدقة؛ قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((الصدقةُ على المسكين صدقةٌ، وعلى الرَّحِم ثِنتان: صَدقةٌ، وصِلة))؛ أخرجه النسائي.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.25 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.82%)]