
29-10-2009, 03:57 PM
|
 |
مشرفة الملتقى الاسلامي
|
|
تاريخ التسجيل: Nov 2008
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 6,045
الدولة :
|
|
رد: الإيمان الذي يدخل الجنة
ثانيًا: معنى العبادة وأنواعها:
العبادة في اللُّغة: الخضوع والطاعة، والذُّل والاستكانة.
وفي الشَّرْع: اسم جامع لكلِّ ما يحبُّه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، ويُعرِّفها بعضُ أهل العلم من المعاصرين: "مفهوم العبادة الأساسي أن يُذعِن المرء لعلو أحدٍ وغلبته، ثم ينزل له عن حريته واستقلاله، ويترك إزاءَه كلَّ مقاومة وعصيان، وينقاد له انقيادًا"[1]،
وهي في حقيقتها: خضوع وحب، فكمالُ الخضوع مع كمال الحبِّ هو العبادة.
فللعبادة المشروعة إذًا أمران، لا بدَّ منهما:
الأمر الأول: هو الالْتزام بما شَرَعه الله، ودعا إليه رسلُه، أمرًا ونهيًا، وتحليلاً وتحريمًا، وهذا هو الذي يُمثِّل عنصرَ الطاعة والخضوع لله - جلَّ وعلا.
الأمر الثاني: أن يصدرَ هذا الالْتزام عن قَلْب مُحبٍّ، يعرف لله الفضلَ والإحسان، ويعرف لله ما أسبغَه على خَلْقه من النِّعم ظاهرة وباطنة، وخَلَقه في أحسن صورة، وفضَّله على كثير ممَّن خلق، ورَزَقه من الطيبات، فالخضوع والحبُّ هما جناحَا العبودية، ولا عبودية بدونهما معًا.
والعبادة لا تقف عندَ حدود الشعائر التعبديَّة، بل إنَّ الصلاة والصيام والزكاة والحج، وصِدْق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصِلة الأرحام، والوفاء بالعهد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل، والدعاء والذِّكر وقراءة القرآن، والالْتزام بأحكام الإسلام في المعاملات مِن بَيْع وشراء، وخِطبة وزواج وطلاق، وهبة ورهن وإعارة، وغير ذلك من أنواع المعاملات يَدخُل في العبادة بمعناها الواسع الذي جاء به الإسلامُ، إذا الْتزم الإنسانُ حدودَ الحلال والحرام.
أمَّا العبادة بمعناها الخاص، فتُطلق على الصلاة والصيام والزكاة والحج، والذِّكْر والدعاء، وما يلحق بها، وهو اصطلاح الفقهاء للتمييز بين نَوعين من العبادة، نوعٌ مداره على التوقيف، ونوع آخر هو المعاملات، ومدارها على الْتزام الأحكام الشرعية فيما ورَدَ بشأنه حُكم، وما لم يَرِدْ بشأنه حُكم فهو على أصل الحِل.
ومِن هنا، فمَن انقاد لمنهج الله وشَرْعه، فهو عابدٌ لله - تعالى - ومَن اتَّبع غيرَ منهج الله - تعالى - فقد أشرَكَ في عبادته، ينطبق ذلك على الأعمال كلِّها.
والعبادة مُوزَّعة على القلْب واللِّسان والجوارح، فللقلْب عبودية، وللسان عبودية، وللجوارح عبودية.
يقول ابن القيم: "ورَحَى العبودية تدور على خَمسَ عشرة قاعدة، مَن كمَّلها كمَّل مراتب العبودية، وبيانها: أنَّ العبودية منقسمة على القلْب واللِّسان والجوارح، وعلى كلٍّ منها عبودية تخصُّه.
والأحكام للعبودية خمسة: واجب، ومستحب، وحرام، ومكروه، ومباح، وهي لكلِّ واحد من القلْب واللِّسان والجوارح"[2]، ثم فصَّل ابن القيم عبوديةَ كلٍّ من القلب واللسان والجوارح تفصيلاً ذَكَر فيه عبوديةَ كلٍّ بحسب الأحكام الشرعية الخمسة، فليرجع إليه مَن شاء.
|