عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 28-10-2009, 02:45 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: البعد الديني للقضية الفلسطينية

بسم الله الرحمن الرحيم





البعد الديني القضية الفلسطينية




المقدمة:
لقد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن تكون أرض فلسطين أرضا مباركة، كيف لا؟! وهي مبعث الأنبياء والمرسلين.. ومهبط الملائكة.. وملتقى الرسالات.. ومنطلق الدعوات. من أجل ذلك اكتسبت فلسطين صفة البركة والطهارة والقداسة. ففلسطين آية في كتاب الله تعالى، من يتهاون فيها يتهاون في كتاب الله تعالى.. وهناك العديد من المواضع والآيات في القرآن الكريم التي تؤكد على بركة أرض فلسطين.
فلسطين في آيات القرآن:
vقال تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الإسراء1
vقال تعالى:{وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ }الأنبياء71، أي أن الله تعالى نجّى إبراهيم ولوطا وابن أخيه "هاران" من بلاد العراق إلى بلاد الشام المعروفة بكثرة أشجارها وأنهارها، حيث أقام إبراهيم عليه السلام في "فلسطين"، ولوطا عليه السلام في "المؤتفكة"، وبينهما مسيرة يوم.
vقال تعالى:{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ }الأنبياء81، أي أن الله تعالى سخر الريح لسليمان عليه السلام تجري بسرعة شديدة إلى الأرض المباركة (بلاد الشام)، ومنها فلسطين.
vقال تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ }سبأ18. قال ابن عباسا: القرى الظاهرة هي: بيت المقدس.
vقال تعالى على لسان موسى عليه السلام:{يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ }المائدة21، الأرض المقدسة: بيت المقدس.
vقال تعالى{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ }البقرة58، القرية هي: بيت المقدس.
والملاحِظ لمواضع الآيات الست يجد أنها كلها أجمعت على "بركة" بلاد الشام، ومنها فلسطين. وقد ميز العلماء بين نوعين من البركة، (البركة الحسية، والبركة المعنوية).
معنى البركة:
* المعنى في اللغة/ الزيادة في الخير والنمو، وهي مشتقة من بارك الله في الشيء، وبارك عليه، وبارك له.
* المعنى في الشرع/ ثبوت الخير الإلهي.
أولا/ البركة الحسية لفلسطين:
لقد أجمع أغلب المفسرين في تفسير قول الله تعالى:{بَارَكْنَا حَوْلَهُ}،أن الله تبارك وتعالى بارك حول المسجد الأقصى بالخصب والنماء والزروع والأشجار والثمار وجريان الأنهار والسهول والجبال والوديان والمرتفعات والمنخفضات. قال القرطبي: باركنا حوله بالثمار ومجاري الأنهار. وقيل: بمن دفن حوله من الأنبياء والصالحين؛ وبهذا جعله مقدسا. ـ والحديث موصولا للقرطبي ـ وروى معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقول الله تعالى يا شام أنت صفوتي من بلادي وأنا سائق إليك صفوتي من عبادي". وقال الطبري: جعلنا حوله البركة لسكانه فـي معايشهم وأقواتهم وحروثهم وغروسهم. وجاء في تفسير أضواء البيان: {بَارَكْنَا حَوْلَهُ}،أكثرنا حوله الخير والبركة بالأشجار والثمار والأنهار. وقد وردت آيات تدل على هذا. كقوله تعالى: {وَنَجَّيْنَـٰهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلاٌّرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَـٰلَمِينَ}، وقوله: {وَلِسُلَيْمَـٰنَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِى بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلاٌّرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَىْءٍ عَـٰلِمِينَ} فإن المراد بتلك الأرض: الشام. والمراد بأنه بارك فيها: أنه أكثر فيها البركة والخير بالخصب والأشجار والثمار والمياه. كما عليه جمهور العلماء. وقال بعض العلماء: المراد بأنه بارك فيها أنه بعث الأنبياء منها. وقيل غير ذلك.
وقد أكد الرحالة أمثال: (المقدسي في أحسن التقاسيم، ابن بطوطة، الدمشقي في نجفة الدهر وعجائب البر والبحر، والوردي في فريدة العجائب وفريدة الغرائب، ياقوت الحموي في معجم البلدان)، على أن أرض فلسطين هي من أخصب بلاد الشام، حيث يكثر فيها: الكروم وأشجار التين والعنب والفاكهة والزيتون.
ثانيا/ البركة المعنوية لفلسطين:
لقد خص الله تعالى فلسطين ببركة معنوية لا تقل شأنا عن البركة الحسية، وترجع هذه البركة إلى أسباب كثيرة، منها:
1.فلسطين مبعث ومرقد الأنبياء: حيث يرقد فيها من الأنبياء (إبراهيم، إسحاق، يعقوب، يوسف) عليهم السلام.
2.مهبط الملائكة: حيث هبطت الملائكة في فلسطين على عدد من النبيين مثل (داوود، سليمان، عيسى، موسى، لوط) عليهم السلام.
3.فلسطين أرض المحشر والمنشر.
4.في بيت المقدس تنصب الموازين للحساب والفصل بين الناس.
5.من على صخرة بيت المقدس المشرفة ينفخ إسرافيل في الصور.
6.من بيت المقدس يتفرق الناس إما إلى جنة وإما إلى نار.
7.لا تقوم الساعة حتى يبعث الله خيار الناس إلى بيت المقدس.
8.قال تعالى مخاطبا بيت المقدس: "أنت جنتي وقدسي وصفوتي من بلادي، من سكنك فبرحمة مني، ومن خرج منك فبسخط مني عليه".
9.الملائكة تبسط أجنحتها على بلاد الشام: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "يا طوبى للشام.. يا طوبى للشام، قالوا يا رسول الله: بم ذلك؟، قال: تلك ملائكة الله باسطة أجنحتها على الشام".
10.في بيت المقدس الصخرة المشرفة، وهي لا تقل قداسة عن الحجر الأسود في البيت الحرام، لأنه:
أ‌-من على صخرة بيت المقدس المشرفة تصعد الملائكة إلى السماء.
ب‌-من على صخرة بيت المقدس عرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلى في رحلة المعراج.
ت‌-من على صخرة بيت المقدس ينفخ إسرافيل عليه السلام في الصور.
ث‌-صخرة بيت المقدس من صخور الجنة، قال في ذلك أنس بن مالك: "إن الجنة لتحن شوقا إلى بيت المقدس، وصخرة بيت المقدس من جنة الفردوس".
ما نزل من القرآن في فلسطين:
يقول الحسن بن محمد بن حبيب المفسر، وأنزل في القدس على رسول الله صلى الله عليه وسلم : {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ }الزخرف45. ويؤيد هذا القول ما رواه أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنزلت علي النبوة في ثلاثة أمكنة: بمكة والمدينة والشام.



فلسطين في الحديث النبوي:
سأل أبو ذر الغفاري الرسول صلى الله عليه وسلمعن أول مسجد وضع في الأرض، فقال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟، قال: المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟، قال: أربعون عاما"[1]. [ذكره مسلم في صحيحه].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا". [رواه الشيخان].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في المسجد الحرام بمئة ألف صلاة، وصلاة في مسجدي بألف صلاة، وصلاة في بيت المقدس بخمس مئة صلاة". [رواه البيهقي].
عن ميمونة مولاة الرسول صلى الله عليه وسلم، قالت: "أفتنا في بيت المقدس، قال: أرض المحشر والمنشر، ائتوه وصلوا فيه، فإن صلاة فيه بألف صلاة". وفي رواية "بخمسين ألف صلاة".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستجدون أجنادا، جندا بالشام، وجندا بالعراق، وجندا باليمن. فقال الحوالي: يا رسول الله اختر لي، قال: عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده... فإن الله تكفل لي بالشام وأهله". [رواه أحمد].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من متى ظاهرين على الحق، لعدوهم قاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قيل يا رسول الله: أين هم؟، قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس". وفي رواية: "لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك". [رواه الترمذي وأحمد]
قال رسول الله ص: "عقر دار الإسلام بالشام". [رواه الطبراني]
قال رسول الله ص: "إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي، فنظرت فإذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام إلا أن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام". [أخرجه الحاكم].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستخرج نار في آخر الزمان من حضرموت تحشر الناس. قلنا فبما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: عليكم بالشام". [أخرجه الترمذي]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أهل الشام وأزواجهم وذرياتهم وعبيدهم وإماؤهم إلى منتهى الجزيرة مرابطون في سبيل الله، فمن احتل منها مدينة من المدائن فهو في رباط، ومن احتل منها ثغرا من الثغور فهو في جهاد". [رواه الطبراني].




العلاقة بين الحرمين الشريفين (المكي والأقصى)




أولا/ ارتبطت مكة بالقدس مذ وجدت:
مكة أول بيت وضع في الأرض، قال تعالى:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ }آل عمران96. إن اختيار مكان بناء المسجد الحرام هو من اختيار الله تعالى لا من اختيار البشر، وقد أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام بأن يرفع قواعد المسجد الحرام، قال تعالى:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }البقرة127.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن حرمة مكة: "إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد بها شجرا". أما المدينة المنورة فقد حرمها الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: "اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حراما، وإني حرمت المدينة، لا يراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح قتال". [متفق عليه].
إذا كان المسجد الحرام هو أول مسجد وضع في الأرض بنص الآية القرآنية، فإن المسجد الأقصى هو ثاني مسجد وضع في الأرض، بنص حديث أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولا؟، قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟، قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟، قال: أربعون سنة".
وأن سليمان عليه السلام لما جدد بناء المسجد الأقصى، سأل الله تعالى ثلاثا:
سأل الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، (وقد أعطيها).
سأل الله حكما يواطئ حكمه، (وقد أعطيها).
سأل الله أن من أتى بيت المقدس لا يريد إلا الصلاة فيه، أن يخرج من الذنوب كيوم ولدته أمه. (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرجو أن يكون أعطاه الثالثة). [روي عند الحاكم وابن حبان وابن خزيمة].
ومن صور الارتباط بين المسجدين (المكي والأقصى): لما ضاق إبراهيم عليه السلام ذرعا بعبادة الأصنام في بلاد العراق، هاجر إلى بلاد الشام، وأقام فترة قصيرة في دمشق، ثم تنقل بين (نابلس، غزة، يافا، حيفا، بيت المقدس، الخليل)، ثم انتقل إلى مصر، وهناك أهداه ملكها جارية اسمها "هاجر"، وقد تزوجها إبراهيم عليه السلام وأنجبت له "إسماعيل" عليه السلام. وقد أوحى الله تعالى لإبراهيم أن يترك إسماعيل وأمه عند البيت الحرام، وهو يتنقل بين المسجدين (الحرام والأقصى).



ثانيا/ المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى:
قال ابن عباس رضي الله عنه: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه". وقد صلى المسلمون تجاه بيت المقدس، وبعد الهجرة حولوا القبلة تجاه الكعبة، ومكان التحويل مسجد قباء في صلاة الصبح.
وتحويل القبلة أمر رباني، قال تعالى:{وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }البقرة143.
وقد صلى المسلمون تجاه الأقصى (16 أو 17) شهرا. فعن البراء، أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده، أو قال أخواله من الأنصار، وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا، أو سبعة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه، فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكة، فداروا كما هم قبل البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس، وأهل الكتاب، فلما ولى وجهه قبل البيت، أنكروا ذلك. [رواه البخاري]

[1] الذي بنى المسجد الأقصى يعقوب عليه السلام، والذي جدده سليمان عليه السلام.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.20 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.11%)]